معسكرات الإخوان والقاعدة وداعش في ليبيا: خزانات التوحش

الإرهاب

معسكرات الإخوان والقاعدة وداعش في ليبيا: خزانات التوحش


07/01/2020

عقب الانقلاب الإستراتيجيّ فى فكر القاعدة، وتحويلها إلى شبكةٍ لا مركزيّةٍ تضمّ تنظيماتٍ متعدّدةً ومتنوّعةً، بدأ تحالفٌ شيطانيّ- تحت مسمّى "العولمة الجهاديّة"- يخطّط أن يصبح له موضع قدمٍ فى المعادلة الليبيّة المتشرذمة، وحين قُتل معمر القذافي، عاد أبو أنس الليبي ونزيه رقيعي وابن الشيخ علي محمّد الفاخري وأبو الفرج اللّيبي. وكلّف الظواهري عبد الباسط عزوز ليقيم أوّل معسكرٍ في جنوب بني غازي للقاعدة، كما رجع سفيان بن قمو سائق بن لادن الخاصّ، الذي كان من قيادات أنصار الشّريعة، قبل أن تحلّ نفسها مؤخّراً، وبرزت أسماء في تلك المعادلة، مثل؛ أبو حبيب، وهو سعوديّ الجنسيّة يتولّى إدارة المحكمة الشرعيّة في سرت، وعبد الحكيم الحصاديّ الذي كان يترأّس كتيبة جيش شباب الإسلام.
تشرذم الإسلاميّون بعدما دان لهم الأمر، وأصبح مردّ التّنازع بينهم مرّةً إلى الإستراتيجيّات، وأخرى إلى الأيديولوجيّات؛ إذ إنّ ظهور الفكر الداعشيّ كان معناه التوسّع في التّكفير، والتوسّع في القتل، بناءً على التوسّع في إطلاق أحكام الكفر، وبرز- في المقابل- أكثر من أربعين ميليشيا مسلّحة، منها؛ كتيبة شهداء بن عاشور، شهداء أبو سليم، ميليشيا صلاح عمران البركي الترهوتي، ميليشيا وسام بن حميد قائد درع ليبيا وميليشيا الإخوانيّ فوزي أبو كتف، قائد كتيبة شهداء 17 فبراير، وكتيبة راف الله السحاتي، وغرفة عمليّات ثوّار ليبيا، وغيرهم.

الولاء لداعش
توسّعت التّنظيمات، وأرادت السّيطرة، حتّى إنّ أعضاء مجلس شورى شباب الإسلام نزلوا إلى شوارع مدينة درنة، وهم يرتدون زيّاً عسكريّاً حاملين أسلحةً آليّةً ومنصّات إطلاق قذائف صاروخيّة، وزعموا أنّهم سيشكّلون قوّات الأمن الجديدة في المدينة لتطبيق الشريعة الإسلاميّة، وبعدها في حزيران / يونيو 2015، أصدر مجلس شباب الإسلام بياناً أعلن فيه تأييده لتنظيم داعش وزعيمه أبي بكر البغدادي.
أنشأت هذه الميليشيات التكفيريّة - فيما بعد - معسكرات؛ منها ما كان يخضع لـ"كتيبة شهداء أبو سليم"، و"مجلس شورى شباب الإسلام بدرنة"، وهي خليطٌ من مجموعاتٍ عائدةٍ من ساحات القتال في سوريّة والعراق ومالي والجزائر.

في يونيو 2015، أصدر مجلس شباب الإسلام في درنة بياناً أعلن فيه تأييده لتنظيم داعش والبغدادي

وضمّت خريطة معسكرات هذه المجموعات معسكراً بالزنتان، خضع لإدارة تنظيم أنصار الشّريعة فى ليبيا، بقيادة القياديّ يوسف جهاني، ومعسكر أبو سلِيم الذي أشرف عليه جهاديّ يسمّى أبو دجانة، المخْتصّ في تحضِير الانتحاريّين، ومعسكر الجماعة الإسلاميّة المقاتلة، ومعسكر ثكنة الجبل الأخضر، ومعسكر جماعة الإخوان في منطقة بوفاخر في بني غازي، وقد خرجت منه طلائع غرفة عمليّات ثوّار ليبيا.
كما امتدّت المعسكرات التكفيريّة لتشمل مخيّماً يقع مقرّه في منطقة الليثي في بني غازي، إضافةً إلى معسكر في مدينة سرت، تحديداً فى منطقة الظهير، التي تبعد عن وسط المدينة مسافة 15 كيلومتراً، ومعسكر قاعدة "الوطية الجويّة" على الحدود التونسيّة.

توجيه مقاتلين إلى سوريا
المعسكر الأخطر؛ هو "الفزَان توهو"، الذي يضمّ آلاَف التكفيريّين من دول الـمغرب العربيّ وأقطار الصّحراء، حتّى من السنغال ونيجِيرِيا، وقد أسهـم في توجِيه مقاتلين إلَـى جـبـهة النّصرة في سورِيا، مثل "أبو إسحاق السرتاوي" و"أبو الأسود الدرناوي"، إضافةً إلى إعداد مقاتلي جبهة الدّعوة والتوحيد وتنظيم القاعدة في بِلاد الـمغرِب.
عقب عمليّة الكرامة التي قادها اللّواء (آنذاك) خليفة حفتر، تحالفت تلك المجموعات، وأصبحت المكوّنات الرّئيسة للحالة الليبيّة كالآتي: قوّات فجرليبيا القريبة من جماعة الإخوان التي شملت ميليشيا راف الله الساحاتي، وغرفة ثوّار ليبيا، وقوّات درع ليبيا في طرابلس، وقوّات مصراتة.
كان المكوّن الثّاني تابعاً للقاعدة، وهو مجلس ثوّار بني غازي؛ الذي شمل كتيبة شهداء 17 فبراير، وجماعة أنصار الشّريعة.
أمّا المكوّن الثّالث؛ فهو تنظيم داعش الذي بايعته كتيبة البتّار، وكتيبة جند الخلافة، وكتيبة أبو محجن الطائفيّ.
جماعة أنصار الشّريعة، حدثت فيها مشكلات متنوّعة حول بيعة البغدادي، انتهت بمعركةٍ ضخمةٍ بينهم، يقال إنّ محمّد الزهاوي، قائد الجماعة، أُصيب فيها، وقد قتل فيما بعد، وأرسل البغدادي وفداً، وأرسلت قاعدة المغرب وفداً آخر ليقنع أفرادها في عدم نقض بيعة الظواهري، وانتهوا إلى تأجيل البيعة، حتى إشعارٍ آخر، ثمّ قامت بحلّ نفسها.
بقيت المكوّنات الثّلاثة كما هي، ورأى مبايعو داعش أنّ أهمّ وسيلةٍ للتجنيد هي فرض الكيان بالقوّة، والظّهور إعلامياً، فكانت حادثة قتل واحدٍ وعشرين مصريّاً، وقد هدفت- في الأساس- لجرّ المصريّين إلى حربٍ بريّةٍ طويلة الأمد.
مجلس شورى الشّباب التّابع لداعش، أقام معسكراً في سرت، كما أقام معسكراً آخر في درنة، وقد قصفه الجيش المصريّ عقب قتل أقباط المنيا.

كتائب ثوّار مصراتة، هي من أكثر الكتائب عدداً وكفاءةً شكّلت بالأساس ما يُعرف بقوّة "درع ليبيا الوسط"

وظهر في هذا المعسكر أبو نبيل الأنباري، قائد التنظيم في ليبيا (قُتل منذ عدّة أشهر)، خلفه عبد القادر النجدي؛ الذي يُعرف- أيضاّ- بالجزراوي، ويساعده أبو البراء الأزدي، وأبو عبد الله الليبي الذي يتولّى منصب شرعيّ التّنظيم، عقب أن انشقّ عن أنصار الشّريعة.
أما مجلس شورى مجاهدي درنة؛ فهو تشكيلٌ مختلطٌ يضمّ في صفوفه الإخوان، وهو مقرّبٌ من المؤتمر الوطنيّ، تشكّل من عدّة تشكيلاتٍ، أهمّها؛ كتيبة أبو سليم، وجيش الإسلام، وبعض قيادات وعناصر الجماعة الليبية المُقاتلة، ومن أهم قياداته؛ سالم دربي رئيس المجلس، وناصر العكر، وفرج الحوتي، وقد قتلوا جميعاً، لكنّ معسكرهم ما زال موجوداً في درنة، ولهم تواجدٌ في طرابلس أيضاً.
وهناك مجلس شورى ثوّار بنغازي؛ وهو تشكيلٌ مختلطٌ يضمّ في صفوفه الإخوان، ويضمّ كتيبة 17 فبراير، وكتيبة راف الله السحاتي، وكتيبة درع ليبيا، وعناصر سابقين في الجماعة الليبيّة المُقاتلة، وعناصر من القاعدة، تحت قيادة إسماعيل الصلابي، ووسام بن حميد (القائد العسكريّ في المجلس)، وأحمد الجازوي، وعبد اللطيف محمد.

الإخوان في طرابلس
في طرابلس؛ يوجد أكثر من معسكر في جنوب العاصمة، يقود أحدها الآن خالد الشريف، وكيل وزارة الدّفاع وآمر الحرس الوطنيّ، ومعه عبد الوهاب حسن قايد.
ولعبد الحكيم بلحاج- الذي يشغل الآن دوراً كبيراً في قيادة المجلس العسكريّ في طرابلس، ويسيطر على مطار معيتيقة، معسكراً في غرب طرابلس، يضمّ أعضاء المقاتلة القدامى، وجماعة الإخوان، وفجر ليبيا.
ويعدّ بلحاج صلاح البركي رئيس المجلس االعسكريّ لمنطقة أبو سليم وضواحيها، وهو الحاكم الفعليّ لأغلب كتائب غنيوة الككلى، ومسؤول التّدريب في معسكر الإخوان في غرب طرابلس، ومعه سامي مصطفى خليفة الساعدي؛ عضو دار الإفتاء، وخطيب في عدّة مساجد في طرابلس، متهمٌ بالتورّط مع القاعدة، وقد سُجن في أبو سليم من عام 2004 حتى 2010، ويتولّى الآن منصب وزير رعاية أسر الشهداء.
كتائب ثوّار مصراتة، هي من أكثر الكتائب عدداً وكفاءةً قتاليّةً وتجهزاتٍ عسكريّةً؛ حيث يُقدّر عدد المقاتلين الفعليّين فيها حوالي خمسة وعشرين ألف مقاتلٍ، وقد شكّلت بالأساس ما يُعرف بقوّة "درع ليبيا الوسطى"، إلى جانب كتائب أخرى، مثل: "كتيبة الحلبوص"، و"كتيبة المرسي"، وتمتلك هذه الكتائب مجتمعة ما يزيد عن 3500 سيّارةً مجهّزةً بمضادات للطّائرات، وراجمات الصّواريخ، وما يزيد عن 200 دبابةٍ، ويتمركز معظمها في معسكراتٍ تابعةٍ للنّظام السّابق، كما تتمركز باقي الكتائب في ضواحي المدينة.
وفي المدينة نفسها يوجد معسكر "ثوار جبل نفوسة"؛ حيث إنّ بعض مدن جبل نفّوسة أعلنت تحالفها مع مصراتة في مواجهة أقوى قبائل الزنتان، مثل؛ مدن "ككلة ونالوت"، و"قبائل الجنوب الليبي"، حيث نجحت مصراتة في الدّخول في تحالفٍ مع قبائل أولاد سليمان القويّة في الجنوب الليبيّ، وتحالفت كذلك مع "الطوارق" لمواجهة "التبو" حلفاء قبيلة الزنتان، ونجحوا معاً في السّيطرة على أغلب حقول النّفط والغاز في المنطقة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية