مصر تطلق خطة لترشيد استهلاك الطاقة.. كيف ستخفف من تأثيرات الأزمة الاقتصادية؟

مصر تطلق خطة لترشيد استهلاك الطاقة.. كيف ستخفف من تأثيرات الأزمة الاقتصادية؟


14/08/2022

أطلقت مصر مؤخراً، خطة اقتصادية جديدة لترشيد استهلاك الطاقة، تستهدف توفير نحو (450) مليون دولار شهرياً، وذلك في ضوء الإجراءات المكثفة من جانب الحكومة لتخفيف حدة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الأوكرانية وجائحة كورونا. 

وتستهدف الخطة، بحسب ما أعلن عنه رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، في 10 آب (أغسطس) الجاري، تخفيض الاعتماد على الغاز المستخدم في تشغيل الكهرباء بنسبة (15%)، وتعتمد على الإغلاق التام لكافة الأجهزة الكهربائية داخل المصالح الحكومية عقب انتهاء ساعات العمل المعتمدة، في كل مصلحة أو هيئة تابعة للدولة. 

وتستهدف الخطة الحكومية، بحسب بيان لمجلس الوزراء المصري، نقله موقع "العربية"، توفير كميات ضخمة من الغاز المستخدم في تشغيل عدد من محطات الكهرباء الرئيسية بنسبة تصل إلى (15%) أقل من الاستهلاك الطبيعي في السابق، وتسعى الحكومة المصرية لتصدير الفائض من الغاز إلى الدول، وتقدر القيمة الأولية لصادرات الغاز في تلك الحالة بنحو (450) مليون دولار. 

كيف تستفيد مصر؟ 

أستاذ الاقتصاد المصري كريم العمدة، قال في تصريح لـ"حفريات"، إنّ "التوقيت عامل مهم جداً فيما يتعلق بالطرح الحكومي لترشيد الاعتماد على الطاقة وتصدير الفائض للدول الأخرى، خاصة أنّ عدداً كبيراً من دول العالم، وتحديداً أوروبا، يعاني بشكل كبير من خفض واردات الغاز الروسي في ضوء الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي سيعزز فرص مصر بشكل كبير إذا نجحت الجهود في توفير تلك الكميات وتصديرها".

رئيس الوزراء المصري: تستهدف الخطة تخفيض الاعتماد على الغاز المستخدم في تشغيل الكهرباء بنسبة (15%)

وبحسب العمدة، ينعكس هذا الإجراء بشكل مباشر على تحسين منظومة الاقتصاد المصري، ومنحها فرصة أكبر لتجاوز العقبات الاقتصادية والتحديات المتفاقمة نتيجة الأزمة الأوكرانية وتبعاتها الحادة على الاقتصاد العالمي. 

ويشير العمدة إلى أنّ أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الراهن تتعلق بزيادة معدلات الناتج المحلي في مواجهة الدين الخارجي، وتوفير موارد بديلة لعجز الموازنة العامة للدولة، وتخفيف مستوى التضخم للحد الأدنى، وفق الظروف الراهنة، والحفاظ على مستويات متوازنة لقيمة العملة المحلية في مواجهة ارتفاع الدولار. 

 العمدة: الخطة المصرية تعمل بشكل مباشر على تحسين منظومة الاقتصاد المصري، ومنحها فرصة أكبر لتجاوز العقبات الاقتصادية والتحديات المتفاقمة نتيجة الأزمة الأوكرانية وتبعاتها الحادة على الاقتصاد العالمي

ووفق الخبير الاقتصادي، ستسهم زيادة الصادرات المصرية من الغاز ومشتقاته، في دعم الجهود الاقتصادية وتخفيف تداعيات الأزمة من جهة، ومن جهة أخرى ستعزز مكانة مصر الإستراتيجية باعتبارها سوقاً مصدرة للغاز، خاصة وأنّ موارد الغاز المصري تشهد وفرة كبيرة منذ اكتشاف وتشغيل حقل (ظهر)، أكبر حقول الغاز الطبيعي المصرية، في منطقة البحر المتوسط، ونجحت في تحقيق اكتفاء ذاتي في هذا الصدد ولديها اليوم فرصة ذهبية لزيادة صادرتها إلى الخارج وحجز مكانة متميزة في منظومة الدول المُصدرة للغاز.

عين على السوق الأوروبية

رئيس جمعية مستثمري الغاز المسال ونائب رئيس اتحاد المستثمرين في مصر الدكتور محمد سعد الدين، تحدث أيضاً عن أهمية تصدير الغاز المصري إلى السوق الأوروبية، مؤكداً على أهمية اقتناص الفرصة لزيادة الصادرات. 

وقال سعد الدين، خلال مقابلة تلفزيونية مع "العربية" إنّ "خطة الحكومة لخفض استهلاك الغاز سليمة وجيدة، وستسمح بالترشيد المطلوب، خاصة بعد ارتفاع الطلب على الغاز في أوروبا جراء تداعيات أزمة أوكرانيا، ووجود فرصة أمام مصر لتلبية هذا الطلب.

وأضاف أنّ "الكهرباء تستهلك (60%) من إنتاج الغاز المصري، ولو تم تخفيض استهلاك الكهرباء بنحو (10%)، في المتوسط، ستوفر البلاد (6%) من الإنتاج، بحيث يوجه للتصدير ليدر عائداً أعلى في ظل ارتفاع أسعار الطاقة".

هل توجد عقبات؟

لا يتوقع الخبير الاقتصادي العمدة أن تواجه الحكومة المصرية عقبات كبيرة لتنفيذ خطتها، خاصة أنّ الكهرباء المصرية لن تتأثر إذا تم تخفيض الإنتاج المعتمد على الغاز بنسبة (10-15%)، ولا يعني ذلك انقطاع الكهرباء عن المنازل في أسوأ الحالات، لكنّ عملية الترشيد تعتمد في الأساس على استهلاك المؤسسات الحكومية وهو استهلاك ضخم، يجب ترشيده، ويضيف: "لا يوجد أي داع لإنارة المباني الحكومية بعد انتهاء ساعات العمل أو خلال الإجازات، نريد من الحكومة سرعة تطبيق القرار". 

كريم العمدة: خطة ترشيد استهلاك الطاقة من جانب الحكومة المصرية تستهدف توفير كميات لصادرات الغاز إلى أوروبا في ضوء الأزمة الراهنة

ومع ذلك، يخشى بعض المراقبين أنْ تؤثر الخطة الحكومية بدورها على قطاع الصناعة، خاصة القطاع الخاص، الذي يمثل جزءاً لا يستهان به من منظومة الاقتصاد المصري، ويعتمد بشكل أساسي على تلك المحطات الكهربائية، وربما يجد عقبات في الخضوع للقرارات الحكومية نظراً لاختلاف توقيت التشغيل والعمل في بعض المصانع والشركات عنها في المصالح الحكومية.

ويرى كريم العمدة أنّ القرارات جاءت واضحة من جانب الحكومة المصرية، وتتعلق بالقطاع الحكومي، فيما تتعامل الحكومة مع القطاع الخاص وخاصة المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والمولات وغيرها وفق الإجراءات المُعلن عنها سابقاً إبان أزمة كورونا، والتي تلزمها بالإغلاق في حدود الساعة الـ (10) مساء.

القرار دخل حيّز التنفيذ

ومن جانبها، أوضحت الحكومة المصرية في بيانات لاحقة، عن تفاصيل جديدة حول القرار، جاءت على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة التنمية المحلية ومساعد الوزير للتطوير المؤسسي ودعم السياسات، خالد قاسم، الذي أكد أنّ "الدولة بدأت بالفعل في تنفيذ الخطة الحكومية لترشيد استهلاك الطاقة، خلال الأسبوع الماضي".

محمد سعد الدين: الكهرباء تستهلك (60%) من إنتاج الغاز المصري، ولو تم تخفيض الاستهلاك (10%) في المتوسط، ستوفر البلاد (6%) من الإنتاج، بحيث يوجه للتصدير ليدر عائداً أعلى في ظل ارتفاع أسعار الطاقة

وأوضح قاسم خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "مانشيت"، عبر فضائية "Cbc" المصرية أنه "من المقرر تنفيذ القرارات الحكومية أيضاً في الشوارع والميادين الرئيسية سيكون تخفيض الإضاءة بنسبة (40%) حتى لا يضر الأمر بالسلامة العامة، لافتاً إلى أنّ الإدارات المحلية ستلتزم أيضاً بتطبيق قرار إغلاق المحال التجارية والورش والمصانع بالمواعيد الصيفية المقررة والشروط الخاصة بالتنظيم وفقاً لقرارات مجلس الوزراء.

والأربعاء الماضي، ٩ آب (أغسطس) الجاري، عقدت الحكومة المصرية اجتماعها الأسبوعي على إنارة خافتة، واكتفت بالمصابيح المركزية في الغرفة فقط، دون إضاءة إضافية كما هو المعتاد، وذلك في إشارة لبدء تطبيق خطة ترشيد الطاقة، ودعت جميع المواطنين بالاقتداء بها، حسب ما نقلته الصحافة المحلية. 

 

مواضيع ذات صلة:

الاقتصاد المصري يتجاوز أخطر محطة في تاريخه... كيف؟

هكذا عالج طلعت حرب الاقتصاد المصري وألهب الروح الوطنية

هكذا يستهدف الإخوان المسلمون الاقتصاد المصري!



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية