مراقبون سياسيون يقدمون لـ"حفريات": سيناريوهات حل الفراغ الدستوري في العراق

مراقبون سياسيون يقدمون لـ"حفريات": سيناريوهات حل الفراغ الدستوري في العراق


10/04/2022

إثر فشل اكتمال النصاب القانوني في البرلمان العراقي، للمرة الثانية، في غضون أسبوع، بهدف انتخاب رئيس الجمهورية، والذي يحتاج إلى تصويت ثلثي أعداد النواب، فإنّ الانسداد السياسي الذي دفعت به الكتل المهزومة انتخابياً، والمتمثلة في تحالف الفتح، الذراع السياسية للحشد الشعبي المدعوم من إيران، يضع البلاد أمام فراغ دستوري، بينما من المتوقع أن تقوم المحكمة الاتحادية بإقرار قانون جديد، لجهة إيجاد مخرج بخصوص انتهاء السقف الزمني لاختيار الرئيس، المحدد وفق دستور عام 2005.

أبعد من مجرد تنافس على منصب الرئيس

منصب الرئيس الذي تنافس عليه 40 مرشحاً، منهم مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، رئيس الجمهورية الحالي، برهم صالح، وكذا مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبر أحمد، ما يزال يقع تحت وطأة ضغوط متباينة، بعضها سياسي والبعض الآخر مرتبط بالمحاصصة الطائفية منذ عام 2003، وقد بلغت درجاتها القصوى في النزاع القائم بين تحالف إنقاذ العراق (التيار الصدري والكتل السنية والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني)، والتيار التنسيقي (يضم الكتل السياسية الخاسرة في الانتخابات).

فشل اكتمال النصاب القانوني في البرلمان العراقي، للمرة الثانية، في غضون أسبوع

ومن ثم، انتهت المهلة الدستورية لاختيار رئيس الجمهورية التي حددتها المحكمة الاتحادية، في السادس من نيسان (أبريل)، بدون نتيجة.

 

اقرأ أيضاً: هل غيّرت إيران استراتيجيتها في العراق؟

واعتبر النائب المستقل محمد عنوز، أنّ مسألة تعيين موعد لجلسة في البرلمان العراقي لاختيار وانتخاب رئيس جمهورية، يحتاج إلى التوفق السياسي بين المجموعات التي تتسع بينها الخصومة، وإلا فإنّ الأزمة السياسية ستظل مستمرة، وقال: "لا أعتقد أن يحصل شيء سوى تأخر عملية الانتخاب في حال استمرار عدم التوافق".

منصب الرئيس الذي يتنافس عليه 40 مرشحاً، منهم مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، ما يزال يقع تحت وطأة ضغوط متباينة، بعضها سياسي والبعض الآخر مرتبط بالمحاصصة الطائفية

وتابع عنوز: "أن يتم خرق قاعدة أو مبدأ دستوري لبضعة أيام أو أسابيع أفضل من الذهاب لحرق البلاد أو أيّ توقعات سلبية"، وتابع: "نحن خرقنا الدستور منذ كتابته وحتى اليوم بأشكال متعددة، ولم يكن هذا الخرق الأول، لذا يجب توصل الفرقاء لاتفاق ينهي هذا الخلاف، وهو أمر ليس بالغريب على المشهد العراقي".

اقرأ أيضاً: فراغ دستوري في العراق بعد عجز الفرقاء عن اختيار الرئيس

ورجح النائب عن "الاتحاد الإسلامي الكردستاني" مثنى أمين، تدخل المحكمة الاتحادية وإصدارها قانون جديد يسمح بوضع مهلة زمنية أخرى لإنهاء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، ثم التصديق على استمرار رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بعملهما كتصريف أعمال لحين انتهاء المدة الجديدة، مستبعداً إمكانية الإقرار بـ"تشكيل حكومة طوارئ".

ووفق أمين، فإنّ "جميع القوى السياسية، وخاصة الكبيرة، تواجه إحراجاً كبيراً أمام الشارع العراقي، الذي لم ير انفراجة سياسية"، كما حذر من حدوث "موجة غضب شعبي في حال استمرار هذا الانسداد السياسي الخطير".

"الإطار" مناورات جديدة للفوز بأي سلطة

وفي حديثه لـ"حفريات" يوضح مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، الدكتور غازي فيصل حسين، أنّ الإطار التنسيقي الذي حاول إطلاق مبادرة لإنهاء عدم التوافق بين الفرقاء السياسيين، بينما يسعى للتفاوض مع القوى المختلفة بعدما أدرك أنّ الوصول لحكومة قوية لن يحدث دون وجود زعيم الكتلة الصدرية مقتدى الصدر، قد أهمل "الإستراتيجية الشاملة" التي دشنها التحالف الثلاثي لإنقاذ العراق، والتي عالجت جملة قضايا مصيرية، من بينها الفساد وتدمير الاقتصاد والسلاح المنفلت.

حسين: الإطار التنسيقي أضحى أمام حقيقة سياسية وواقعية مفادها أنّه لن يكون بمقدوره تفكيك الأغلبية في البرلمان

وشدد مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، على أنّ الإطار التنسيقي أضحى أمام حقيقة سياسية وواقعية مفادها أنّه لن يكون بمقدوره تفكيك الأغلبية في البرلمان، لافتاً إلى أنّ المناورات التكتيكية التي يحاول تنفيذها لكسب الوقت لن تنجح في تحقيق أيّ تقدم لصالحه لطالما يعتمد الأدوات القديمة نفسها، وفي النهاية لن يندمج الإطار في تحالف إستراتيجي وطني مع باقي القوى.

 

اقرأ أيضاً: تقرير أممي: ميليشيات منفلتة.. والعراقيون يدفعون الثمن

وإلى ذلك، طالب الرئيس العراقي برهم صالح، إيران بـ"لعب دور فاعل في إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة"، كما دعا الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أن يتم "التعاون المشترك بين البلدين للتغلب على التحديات الإقليمية"، وتابع: "إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة كأمر مهم للغاية، ونتطلع أن تلعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية دوراً فاعلاً في هذا الصدد".

فتش عن إيران

وشدد صالح على أنّ "طهران وبغداد لديهما عديد من الآراء والأهداف المشتركة على المستويين الإقليمي والدولي، ومن خلال تعزيز مستوى التعاون والتنسيق يمكننا إتخاذ خطوات مفيدة وفعالة، لضمان مصالح بلدينا ودول المنطقة".

ومن جهته، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم وحدة العراق واستقلاله وأمنه، وتعزيز مكانته الإقليمية والدولية".

 

اقر أ أيضاً: بعد استهداف أربيل.. هل تواصل إيران نشر الفوضى في العراق؟

ونقلت وكالة "مهر" الإيرانية عن رئيسي قوله إنّ "طهران وبغداد تربطهما علاقة أخوة وقرابة. ولقد تم اتخاذ خطوات جيدة لتنمية وتعميق العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، وإنّ رفع القدرات وتطوير العلاقات الثنائية والإقليمية بين طهران وبغداد سيؤدي إلى توثيق العلاقات على المستوى الدولي".

 الرئيس العراقي برهم صالح

وبسؤال الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور مصطفى صلاح، عن المسارات المتوقعة بعد الانتخابات، وما يتصل بها من أزمة انتخاب الرئيس، فيجيب: "شهد العراق إجراء خمس جولات انتخابية منذ الاحتلال الأمريكي له، في عام 2003، والتي كان آخر جولة لها في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) 2021؛ إذ انعقدت، هذه المرة، في ظل بيئة سياسية واقتصادية وأمنية معقدة ومتشابكة على المستويين الداخلي والخارجي، وهو ما ظهرت تداعياته على مستوى نتائجها، والوزن النسبي للتيارات الداخلية المشاركة بجانب تأثيرها على طبيعة النظام السياسي المحتمل تكوينه. ويضاف لذلك تأثيرها على خريطة التفاعلات الإقليمية والدولية المحيطة بمجريات الأوضاع الخاصة بمستقبل العراق".

مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية، غازي فيصل حسين لـ"حفريات": الإطار التنسيقي أضحى أمام حقيقة سياسية وواقعية مفادها أنّه لن يكون بمقدوره تفكيك الأغلبية في البرلمان

ولعل السمة الأساسية التي تميزت بها هذه الانتخابات عن مختلف الانتخابات السابقة، تتمثل في أنّها لم تنعقد فقط على أساس المحاصصة الطائفية والقبلية بين المكونات الثلاث الرئيسية وهم؛ التيار السني والتيار الشيعي والأكراد، إلا أنّها انعقدت في ظل متغيرات جديدة مثل تنامي الاحتجاجات الداخلية التي تشهدها الساحة العراقية اعتراضاً على نتائج الانتخابات المنعقدة عام 2018، وما بها من خروقات قانونية وسياسية، وفق ما صرح صلاح لـ"حفريات"، مضيفاً إلى ذلك فشل الحكومة في التعامل مع أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد وهو ما دفع مفوضية الانتخابات العراقية إلى الدعوة المبكرة لإجراء الانتخابات والتي كان مقرراً لها الانعقاد في أيار (مايو) 2022.

 

اقرأ أيضاً: العراق: الأتاوات والمخدرات وراء صِدام الجماعات الشيعية في ميسان

وفي ما يتصل بالصعوبات التي تحيط بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وذلك بعدما وصلت المباحثات حول تشكيل الحكومة إلى طريق مسدود، يشير صلاح إلى أنّ "الانتخابات العراقية أفرزت بعد إعلان نتائجها تيارين شيعيين، الأول بقيادة الصدر، والآخر يترأسه العامري والمالكي؛ إذ يهدف الصدر إلى تشكيل حكومة تستثني المالكي وبعض القوى الأخرى ضمن ما يُعرف بـ"الإطار التنسيقي". وعلى الرغم من هذه الصعوبات إلا أنّ الصدر يحاول تشكيل حكومة أغلبية وطنية عراقية تهدف إلى كسر العرف السياسي السائد والمتمثل في المحاصصة".

صلاح: شهد العراق إجراء خمس جولات انتخابية منذ الاحتلال الأمريكي له

ورغم حصول التيار الصدري على أكبر عدد من المقاعد مقارنة بالتيارات الأخرى، إلا أن هذا التغير، في نظر صلاح، "لا يمكن أن يتسم بمتغيرات جذرية في طبيعة التحالفات الداخلية وخريطة التوجهات للأحزاب العراقية؛ حيث إن سيطرة المال السياسي وانتشار السلاح وهيمنة الكتل السياسية التقليدية على المناصب العليا في الدولة، لا يمنح المجال أمام الأحزاب الجديدة أو التيارات المدنية للمنافسة العادلة، ومن ثم الاستمرار ولو بصورة مرحلية في تصدر هذه النخب للمشهد السياسي العراقي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية