محلل سياسي لـ"حفريات": 3 سيناريوهات وُضعت لاغتيال قاسم سليماني

محلل سياسي لـ"حفريات": 3 سيناريوهات وُضعت لاغتيال قاسم سليماني

محلل سياسي لـ"حفريات": 3 سيناريوهات وُضعت لاغتيال قاسم سليماني


16/01/2023

تحدث محلل سياسي مقيم في برلين لـ"حفريات" عن 3 سيناريوهات وُضعت لاغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وذلك عشية الذكرى الثالثة الزعيم العسكري الإيراني البارز.

وبعثت ذكرى الاغتيال الثالثة جدلاً محتدماً في العراق، خاصة في ظل ضغوط النظام الإيراني على الحكومة العراقية لانتزاع اعتراف مفاده أنّ الجنرال السابق بالحرس الثوري كان ضيفاً رسمياً على بغداد فجر يوم اغتياله.

منذ اغتيال سليماني، عام 2020، بطائرة مسيّرة أمريكية، في مطار بغداد، مع رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبي مهدي المهندس، والاتهامات الإيرانية تطاول عدة أطراف رسمية بالعراق، منهم رئيس الحكومة السابق، مصطفى الكاظمي، الذي كان على قمة جهاز الاستخبارات. غير أنّ رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، القيادي في "الإطار التنسيقي"، المقرب من طهران، يواجه تحديات تتصل بمحاولات الأخيرة جعل زيارة سليماني للعراق، قبل ثلاثة أعوام، رسمية.

وفي ما يبدو أنّ عملية إحياء ذكرى سليماني، في العراق، تقع تحت وطأة اعتبارات، سياسية وإقليمية، عديدة، وكشفت عن تناقضات جمّة، منها حدوث انقسامات واستقطابات عنيفة بين المكونات السياسية الشيعية المقربة من إيران بخصوص هذا الأمر، والخشية من تأثير ملف سليماني على علاقة بغداد بالولايات المتحدة، واستقرار الحكومة الجديدة من الناحية السياسية.

الباحث ميار شحادة: سليماني كان يخطط للاستيلاء على لبنان وفتح جبهة على إسرائيل

وبالتزامن مع هذه الذكرى الثالثة، لم تنجح طهران في تحقيق أيّ زخم سياسي أو تعبئة حواضنها، لا سيّما مع الاحتجاجات المستمرة في إيران، منذ أيلول (سبتمبر) العام الماضي، وكذا الرفض الشعبي لسياسات الملالي في العواصم التي تهمين عليها. لكن ثمّة محاولات أخرى تقوم بها النخبة السياسية الإيرانية من خلال الضغط الهائل على حكومة السوداني لجهة إصدار وثيقة رسمية تعترف بأنّ سليماني كان ضيفاً رسمياً للعراق، لدى اغتياله فجر يوم 3 يناير (كانون الثاني) 2020.

وتنقل صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عن مصادر عراقية، قولها إنّ دبلوماسيين وقانونيين من طهران، بتكليف من وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، قاموا بزيارة العراق لهذا السبب، ما دفع الحكومة ببغداد إلى دراسة طلب إيران بغية معرفة كيفية إصدار الوثيقة، من دون إغضاب واشنطن.

منذ اغتيال سليماني، عام 2020، بطائرة مسيّرة أمريكية، والاتهامات الإيرانية تطاول عدة أطراف رسمية بالعراق، منهم رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي

ووفق المصادر المقربة من السوداني، فإنّ رئيس الحكومة ينأى بنفسه عن أيّ مشاكل تؤدي إلى إثارة غضب الولايات المتحدة وكذا النظام بإيران، الأمر الذي "يدفعه إلى البحث عن حل وسط في ملف الجنرال الإيراني".

مخاوف تواجه مستقبل الحكومة العراقية

ولمّحت صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أنّ المسؤولين في بغداد "تفاجأوا من الاندفاع الإيراني بشأن الاعتراف، لا سيّما توقيته السياسي". وتردف: "الأحزاب الشيعية الموالية لإيران ليست متحمسة للطلب الإيراني، حتى إنّ زعيم حركة "عصائب أهل الحق"، لا يريد الآن مواجهة مع واشنطن".

يتعين علينا مراجعة سبب زيارة سليماني، بالأساس، للعراق، وذلك من خلال الإحاطة بشخصيته ونفوذه وارتباطاته، حسبما يوضح الباحث والمحلل السياسي، المقيم في برلين، ميار شحادة، لافتاً إلى أنّ "سليماني لم يكن مجرد جنرال في الحرس الثوري وقيادي عادي بفيلق القدس، بل كان الرجل الثاني في الدولة من حيث التسمية طبعاً بعد المرشد الإيراني علي خامنئي".

وميدانياً، منح المرشد الإيراني الجنرال سليماني "صلاحيات" عديدة للتحكم بالقرارات الخارجية بصورة مطلقة. كما أنّ مثل هذه الصلاحيات توافرت للشخص ذاته لإدارة الأمور الداخلية بالتعاون مع القضاء وشخصيات كبرى نافذة في مؤسسات وأجهزة الدولة، يقول شحادة لـ"حفريات".

ويردف: "هذا، ربما، يتجاوز التحليل. وقد سبق لوزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، أن صرح بأنّه كان ينسق مع قاسم سليماني بخصوص عدة ملفات خارجية، منها الملف السوري".

وفق المصادر المقربة من السوداني، فإنّ رئيس الحكومة ينأى بنفسه عن أيّ مشاكل تؤدي إلى إثارة غضب أمريكا وكذا النظام بإيران

ووفق المحلل والباحث السياسي المقيم في برلين، فإنّ سليماني كان يخطط للاستيلاء تماماً على لبنان، وفتح جبهة على إسرائيل من جهة غزة من خلال حركتي حماس والجهاد، من ناحية، بالإضافة إلى جبهة أخرى بالشمال عبر حزب الله اللبناني، من ناحية أخرى.

ويشرح المصدر دوافع الجنرال الإيراني لذلك؛ حيث إنّ تحقيق مخططاته الإقليمية، سيسهل عليه "كبح جماح الضربات الإسرائيلية الموجهة ضد قوافل السلاح التي كان يرسلها حزب الله لسوريا من خلال لبنان".

الباحث ميار شحادة لـ"حفريات": كان سليماني يخطط لضرب القواعد الأمريكية في العراق، ثم تعميق وجود الحرس الثوري ببغداد، وتشكيل هلال شيعي من إيران وحتى لبنان

وبالتالي، فمن وجهة نظر سليماني، يستطيع ضرب القواعد الأمريكية في العراق، ثم يقوم بتعميق وجود الحرس الثوري ببغداد، وتشكيل "هلال شيعي متكامل الأركان من إيران وحتى لبنان"، وفق شحادة.

ويتابع: "توصلت الولايات المتحدة لمعلومات مهمة حول مخططات سليماني بواسطة إسرائيل والقواعد الامريكية في سوريا والأردن والعراق، الأمر الذي سرع من قرار اغتياله. الطرف الإسرائيلي كانت لديه أدلة ووثائق تؤكد الحقائق بشأن مخططات سليماني، وذلك من خلال عمليات الجهاز الإسرائيلي الاستخباراتية والتي نجم عنها استهداف محسن فخري زاده (المهندس النووي الأبرز في إيران)".

ثلاثة سيناريوهات

ويرى شحادة أنه لم يكن لدى الولايات المتحدة سوى ثلاثة سيناريوهات لاغتيال سليماني، أولها لبنان، لكنني أرجح أنّه قد تم استبعاد ذلك، حتى لا تشرعن لميليشيات حزب الله استخدام سلاح الاغتيالات في الصراعات السياسية، فضلاً عن التوازنات الجيوسياسية المرتبطة بالحدود المتاخمة لإسرائيل مع لبنان,

والسيناريو الثاني هو تنفيذ العملية في سوريا، لكن ثمة عقبة قد ظهرت هي الأخرى، وممثلة في احتمالية الصدام مع روسيا، حتى لو بشكل غير مباشر، لا سيما أنّ إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كانت تسعى للتهدئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

والسيناريو الثالث هو الذي تحقق، حيث جرى استهداف سليماني وآخرين في العراق.

 إيران تريد إنشاء حرس ثوري في العراق على غرار الجهاز الأمني الإيراني

وبسؤال شحادة عن رغبة طهران في جعل زيارة سليماني زيارة رسمية، يجيب: "لأنّ إيران تريد إنشاء حرس ثوري في العراق على غرار الجهاز الأمني الإيراني، خصوصاً بعد حديث الكاظمي المهم بشأن تمسكه بجهاز المخابرات العراقية. وهناك العديد من الملفات اللافتة التي جعلت العراق يصطف مع محيطه الإقليمي الحيوي، مثل مصر، الأردن، السعودية، الإمارات، ومنها الطاقة، الأمر الذي جعل القلق يتسلل لأطراف النظام في إيران؛ حيث إنّ ذلك التوجه سيولد جماعات ضغط تعيد كفة التوازن في الأراضي العراقية لمصلحة جيرانه العرب".

ويختم: "استطاعت الولايات المتحدة اختراق قلب الدولة في إيران أكثر من أي وقت مضى من خلال كردستان، وبالتالي فإنّ طهران فقدت السيطرة على العراق. وخلال السنوات الثلاث الماضية لم يستطع القيادي الحالي بفيلق القدس، إسماعيل قاآني، أنّ يملأ فراغ سليماني". ورجح شحادة أنّ "السوداني في موقف محرج، وربما، سيصعب عليه، الآن، فعل ما تسعى إليه إيران".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية