محللون لـ "حفريات": هذه شروط عودة سوريا إلى الجامعة العربية

محللون لـ "حفريات": هذه شروط عودة سوريا إلى الجامعة العربية


28/02/2022

يقول الباحث الأردني المتخصص في الشأن السوري، صلاح ملكاوي، لـ "حفريات" إن "مشاركة النظام السوري في هذا الوقت في اجتماع القمة العربية القادمة في الجزائر يصبّ في صالح المشروع الإيراني؛ لأنّ بشار الأسد قادم لإعلان الانتصار أمام الزعماء والقادة العرب، انتصاره على شعبه وعلى الدول العربية التي شاركت فيما يسميها المؤامرة الدولية لإسقاط نظام حكمه".

اقرأ أيضاً: غارات إسرائيل تفضح الارتباك السياسي لإخوان سوريا

وربما لم يُسهم قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية بشكل إيجابي في الدفع نحو حلّ سياسي للأزمة التي يزيد عمرها عن عشرة أعوام، وتسببت في تشريد ملايين السوريين في الداخل والخارج، واستباحة البلاد من قبل النفوذ الأجنبي، سواء المعادي لنظام بشار الأسد والموالي، لكن في الوقت ذاته لن يكون قرار عودة سوريا إلى الجامعة دافعاً إيجابياً نحو الحلّ، ما لم يكن مشروطاً.

ورقة الجامعة العربية

وتبقى ورقة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية ودمشق مهمة في التفاوض مع النظام السوري الحاكم من أجل الدفع نحو حلّ سياسي في البلاد. ويتطلب ذلك مقاربة واقعية من الدول العربية في تعاطيها مع نظام الأسد، نظراً للتحوّلات الميدانية الكبيرة التي حدثت خلال الأعوام الماضية، وحاجة الدول العربية لدور أكبر في سوريا لمواجهة النفوذ التركي والإيراني في البلاد، والذي تعدى خطره سوريا ولبنان إلى الأردن، عبر حرب المخدرات التي تخوضها إيران وميليشيا حزب الله ضدّ الأردن والخليج العربي من بوابة الحدود السورية الأردنية.

لقاء الرئيسَين السيسي وتبون في القاهرة

ومن جانب آخر؛ فإنّ نظام الأسد في أمسّ الحاجة لاستعادة مقعده في الجامعة العربية، وذلك بمثابة جائزة لا يجب أن يحصل عليها دون الالتزام ببرنامج عربي شامل للحلّ السياسي من جانب، وتحجيم النفوذ الإيراني في بلاده، وعلى الأقل ضمان ألا تكون الأرض السورية منصة عدوان على الأمن العربي.

وبحسب تصريحات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، فمن المرتقب عقد القمة العربية في العاصمة الجزائر، في الثلث الأخير من العام الجاري، في موعد وصفه بأنّه يوم يحمل دلالة رمزية للجزائر والبُعد القومي العربي.

نظام الأسد في أمسّ الحاجة لاستعادة مقعده في الجامعة العربية، وذلك بمثابة جائزة لا يجب أن يحصل عليها دون الالتزام ببرنامج عربي شامل للحلّ السياسي

وسيحدد اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة في آذار (مارس) المقبل، موعد القمة، وبرنامج عملها، بحسب تصريحات وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج الجزائري، رمضان لعمامرة.

المواقف العربية من عودة سوريا

ولا يوجد اتفاق عربي حول عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ويقول الباحث ملكاوي: "هناك انقسام؛ دول تؤيد بشدة عودة سوريا، مثل العراق ولبنان والجزائر، ودول تعارض بشدة، مثل السعودية وقطر، وأخرى تبحث عن حلّ وسط، مثل الأردن والإمارات ومصر".

اقرأ أيضاً: "حيلة الربيع العربي".. كيف خدع الإخوان واشنطن في ليبيا وسوريا؟

واستضافت الكويت اجتماعاً تشاورياً لوزراء الخارجية العرب، في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، غاب عنه وزير الخارجية المغربي. وبحث اللقاء عدداً من الملفات العربية، من بينها: العدوان الحوثي على الإمارات والسعودية، والأزمة اللبنانية، والوضع في سوريا واليمن والصومال والقضية الفلسطينية. ولم يبحث الاجتماع ملفّ عودة دمشق إلى الجامعة العربية. وسبق أن طالبت الكويت بعودة سوريا إلى محيطها العربي.

نادور: عودة دمشق ستحدّ من التدخلات الأجنبية

وحول الموقف الجزائري، يقول الصحفي من الجزائر، عبد الله نادور: "طرحت الجزائر، في العديد من المحافل العربية، ضرورة عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وترى أنّ الجامعة هي المكان الأمثل لمناقشة القضية السورية، مثلما يُناقش أي خلاف عربي داخلها".

وتابع نادور لـ "حفريات": "عودة دمشق ستحدّ من التدخلات الأجنبية، وتساعد في إيجاد حلّ عربي لأزمتها".

اقرأ أيضاً: خطة عون للتخلص من اللاجئين في لبنان: سوريا آمنة

ويتفق ساسة وباحثون عرب كثيرون في أهمية عودة سوريا للجامعة العربية، على أمل أن يدفع ذلك دمشق نحو التعاطي إيجاباً في سبيل إيجاد حلّ سياسي وحلّ لأزمة اللاجئين، والحدّ من الدور الإيراني والتركي على أراضيها.

ولا يتفق الباحث الأردني ملكاوي مع ذلك، ويقول: "مع إيماني بأهمية العمل العربي المشترك، وأهمية التضامن العربي، وأخذ العبرة من النموذج العراقي الذي تخلّى عنه العرب، وتُرك بيد الولايات المتحدة وإيران، وصار بيد الأخيرة، إلا أنّ عودة سوريا غير المشروطة لن تكون حلاً".

وتابع: "يجب أن نوازن بين فكرة عدم إعطاء الأسد منبراً وعدم ترك الساحة كاملة لإيران للاستفراد بمن تبقى من الشعب وسوريا".

العودة المشروطة

وفي اجتماع وزراء الخارجية العرب بالكويت، قال الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط: "مسألة عودة أيّة دولة للمشاركة في الجامعة تسبقها مشاورات وأفكار وطرح مشروع قرار والنظر لما هو مطلوب من الجانب السوري، وهذا لم يتم التوصل إليه بعد".

اقرأ أيضاً: هل نشهد فصولاً جديدة لمسلسل "داعش" في سوريا؟

ويمكن للجزائر، بدلاً من السعي لإقناع الدول العربية بقبول حضور الأسد القمة العربية، أو ممثل عن دمشق، أن تسعى لأن تخرج القمة بمشروع قرار عربي، يحمل برنامجاً واضحاً لعودة سوريا إلى الجامعة، واستئناف الدول العربية علاقاتها معها، وذلك بعد نقاش جادّ مع دمشق، وغير ذلك لن يكون حضور دمشق سوى انتصار للأسد.

ملكاوي: لا مشكلة في إقامة بعض الدول العربية علاقات مع النظام السوري

وفي هذا السياق، يقول الباحث ملكاوي: "يمكن أن توجَّه دعوة لسوريا لحضور القمة العربية التالية لقمة الجزائر، وفق مبادرة متدرجة؛ فيحضر ممثل عن دمشق وليس الأسد، وذلك بحسب التقدم الذي سيحرزه نظام الأسد في الالتزام بالشروط العربية".

ومع ذلك، والحديث لملكاوي: "لا مشكلة في إقامة بعض الدول العربية علاقات مع النظام السوري، لإدارة مصالحها، ولمنع ترك الساحة كاملةً للإيرانيين"، ولفت إلى أنّ "إيران تستخدم ملف تهريب المخدرات إلى الأردن والخليج لقطع الطريق على التقارب الأردني السوري، وإبعاد العرب عن دمشق".

اقرأ أيضاً: ما الذي اختلف في أجندة واشنطن حيال سوريا؟

ويرتبط بنقاش القضية السورية في قمة الجزائر، مناقشة قانون قيصر، ويقول ملكاوي: "لا ترغب واشنطن في عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بينما لا تمانع في إصدار تأشيرات لمسؤوليها لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، ولهذا تجب مناقشة جدوى قانون قيصر على الشعب السوري، وانغماس أكبر للعرب في القضية السورية، وألا يكون القانون سيفاً مسلطاً على العرب فقط".

خلافات أخرى

ولا يعدّ ملف عودة سوريا القضية الخلافية الوحيدة أمام القمة العربية، فهناك خلافات تنبع من هوية البلد المستضيف للقمة، وسياساته الخارجية؛ فلدى الجزائر مطالب بعرض ملف التطبيع وربما قضية الصحراء الغربية، وكذلك لديها تحفظات حول إدانة إيران والحوثيين، نظراً لعلاقاتها الوطيدة بإيران، وذلك بحسب متابعين.

وأجرى لعمامرة جولة عربية واسعة في إطار التمهيد للقمة العربية، وكذلك أجرى الرئيس تبون جولة عربية استهلها بمصر، ثم قطر ومنها إلى الكويت، وعلى رأس أجندته القمة العربية.

الباحث الأردني صلاح ملكاوي لـ "حفريات": يجب أن نوازن بين فكرة عدم إعطاء الأسد منبراً وعدم ترك الساحة كاملةً لإيران للاستفراد بمن تبقى بالشعب وسوريا

ويقول الصحفي نادور: "الجزائر ليس لها أيةً مشكلة مع المغرب، وسبق أن أكد تبون ذلك، لكنّ الإشكال الذي حصل مؤخراً بسبب زيادة حدة الهجوم المغربي على الجزائر، وما تبعه من التطبيع مع إسرائيل، والاستعانة بها ضدّ الجزائر". ونفى نادور أن "يؤثر الخلاف المغربي الجزائري على عقد القمة العربية".

وخلافاً للصحفي نادور، لا يتفق المغاربة مع ذلك، ويتهمون الجزائر بالتصعيد. وتضع هذه الخلافات الجزائر في أزمة؛ فإذا كانت ترغب بعمل عربي حقيقي، وإعادة مناقشة آليات عمل الجامعة العربية فعليها أولاً تهدئة الخلافات مع المغرب، لتكون مثالاً على إمكانية العمل العربي، وهو أمر يبدو مستحيلاً، بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في الكويت

وإلى جانب ذلك، تحدثت وسائل إعلام عن خلافات مصرية مع الجزائر حول تدخّل الأخيرة في ملفّ المصالحة الفلسطينية، ومطالبها بإصلاح الجامعة العربية، لكن ذلك يبدو من ضرب الشطط والخيال؛ فالقاهرة لا تخشى على دورها في الملف الفلسطيني، ولا يمكن لأحد أن يحلّ محلّها لأسباب عديدة، وكذلك لا تعارض إصلاح الجامعة العربية.

ومن جانب آخر، تخطو العلاقات المصرية الجزائرية نحو الدفء منذ ما يقرب من عام، خصوصاً بعد التوافق التامّ على دعم الرئيس التونسي، قيس سعيّد، والتفاهم فيما يخص الأزمة الليبية، والتعاون الثنائي.

اقرأ أيضاً: زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق: عودة سوريا إلى فضائها العربي

وتبدو الجزائر وحيدةً في طرحها للعمل العربي المشترك، ولا يعتبر ذلك اتّهاماً لبقية الدول العربية؛ إذ إنّ العمل العربي المشترك لم يكن يوماً فاعلاً، إلا في أوقات محدودة، ومن عقود مضت، كما كان الحال وقت الصراع العربي الإسرائيلي حتى توقيع مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979.

وعلاوةً على ما سبق، لا يبدو الدور العربي فاعلاً في الأزمات العربية بالشكل الكافي، فضلاً عن وجود اصطفاف متباين لدول عربية مع مختلف الفاعلين الدوليين والإقليميين في أزمات المنطقة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية