خطة عون للتخلص من اللاجئين في لبنان: سوريا آمنة

خطة عون للتخلص من اللاجئين في لبنان: سوريا آمنة


16/12/2021

في اللقاء الأخير، قبل ثلاثة أيام، الذي جمع الرئيس اللبناني ميشال عون مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، لمناقشة أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، أكد عون أنّ "على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في تسهيل عودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم، لا سيما وأنّ معظم المناطق السورية أصبحت آمنة، وفي إمكان هؤلاء النازحين العودة إلى أراضيهم ومنازلهم، والعيش فيها بدلاً من الاتكال على المساعدات التي تصلهم من المنظمات الدولية، علماً أنّ علامات استفهام كثيرة تدور حول طرق توزيع هذه المساعدات، ومدى وصولها إلى المستفيدين الفعليين منها".

وتعكس تصريحات عون ضيقاً متصاعداً لدى الساسة اللبنانيين والمجتمع بشكل عام من الوجود السوري، ويحمّل كثير من اللبنانيين اللاجئين السوريين مسؤولية انحدار الأوضاع في بلادهم.

عون لبيدرسن: معظم المناطق السورية أصبحت آمنة

وفي هذا السياق، عرض عون للسفير بيدرسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها اللبنانيون، لافتاً إلى أنّ "عبء النزوح السوري أضيف إلى هذه الصعوبات، إضافة إلى ما أصاب البنى التحتية في لبنان من أضرار، تعمل الدولة اللبنانية على إيجاد الحلول المناسبة لها، من خلال خطة التعافي التي تضعها الحكومة لمناقشتها مع صندوق النقد الدولي، ليصار بعد إقرارها إلى البدء بمسيرة إعادة تأهيل القطاعات المتضررة".

هل أوضاع سوريا مستقرة؟

ويجادل كثيرون في مدى استقرار الأوضاع في سوريا الآن لعودة محتملة للاجئين والنازحين، وهو ما يراه مسؤولون سياسيون وأمميون أمراً يحتاج إلى مزيد من الصبر قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة الحرجة.

وفي أواسط الشهر الماضي، اعتبرت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، أنّ البيئة الحالية في سوريا غير ملائمة لعودة اللاجئين.

يجادل كثيرون في مدى استقرار الأوضاع في سوريا لعودة اللاجئين، وهو ما يراه مراقبون أمراً يحتاج إلى مزيد من الصبر قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة الحرجة

وقالت غرينفيلد للصحفيين، خلال جولة في مخيم الزعتري بالأردن، إنه "لا شك في أنّ البيئة الحالية في سوريا ليست مواتية للعودة".

وتابعت أنّ "هدف اللاجئين النهائي هو العودة إلى ديارهم... أعلم أنّ هذا هو هدفهم النهائي ما سمعته اليوم هو أنّ الناس لا يزالون خائفين من الأوضاع في سوريا وأنهم غير مستعدين للعودة".

وأضافت أنّ "أهم ما استخلصته من هذه الزيارة هو أنّ المجتمع الدولي يجب أن يكون يقظاً في ضمان عودة أي لاجئ بشكل آمن وطوعي وبما يحفظ كرامته".

اقرأ أيضاً: أزمة لاجئين جديدة تندلع في غابات أوروبا

وفي إطار التأكيد على عدم استقرار الأوضاع في سورية، قالت اللجنة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة، إنّ سوريا وبعد عشر سنوات من بدء الصراع، ما زالت غير آمنة لعودة اللاجئين.

العنف في سوريا يزداد

وذكرت اللجنة الأممية في تقرير لها منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي، أنّ العنف في سوريا ما زال يزداد، مشيرة إلى الأعمال القتالية في عدة مناطق سورية، مع انهيار واضح في الاقتصاد وجفاف في الأنهار، عدا عن هجمات تنظيم داعش.

الأمم المتحدة: اللاجئون السوريون في لبنان في وضع بائس يُرثى له

ولفتت إلى توثيق حالات وفاة أثناء الاحتجاز، وحالات اختفاء قسري، وحالات تعذيب وعنف جسدي.

وأوضح رئيس اللجنة باولو بينيرو أنه "بعد عشر سنوات، ما زالت أطراف الصراع ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتعدى على حقوق الإنسان الأساسية للسوريين".

اقرأ أيضاً: "أنتِ منيحة" مبادرة لدعم اللاجئات السوريات في تركيا

وأضاف أنّ "الحرب على المدنيين السوريين مستمرة، ومن الصعب عليهم إيجاد الأمن أو الملاذ الآمن في هذا البلد الذي مزقته الحرب".

وكانت منظمة العفو الدولية ندّدت، في تقرير أصدرته في السابع من أيلول (سبتمبر)، بتعرّض العشرات من اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا لأشكال عدة من الانتهاكات على أيدي قوات الأمن السوري، بينها الاعتقال التعسفي والتعذيب والاغتصاب، وسبقتها في ذلك مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا التي رصدت انتهاكات متعددة بحق اللاجئين الفلسطينيين العائدين إلى سوريا.

تقرير أممي: واصل غالبية اللاجئين، خلال 2021، الاعتماد على إستراتيجيات مواجهة سلبية للبقاء على قيد الحياة، مثل التسول أو اقتراض المال، أو التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة

فهل يستند الرئيس اللبناني إلى معلومات غير التي تعلنها المؤسسات الأممية، والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان؟ وهل يعني الضيق اللبناني باللاجئين السوريين التغاضي عن حقوقهم الإنسانية الأساسية، حتى وصل الأمر إلى مرحلة أنّ جميع اللاجئين السوريين باتوا عاجزين تقريباً عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة؟
هذا ما تساءلت عنه وكالات أممية أعلنت عن قلق بالغ إزاء التدهور السريع في الظروف المعيشية للاجئين السوريين في لبنان؛ حيث أشار بيان صادر عن مفوضية اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف إلى تأثير الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي يشهدها لبنان بشكل خاص على العائلات اللبنانية واللاجئة الأكثر فقراً.

وكشفت النتائج الأولية لتقييم جوانب الضعف لدى اللاجئين السوريين في لبنان لعام 2021، الصادرة أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، عن وضع بائس يُرثى له، إذ إنّ تسعة من أصل كل 10 لاجئين سوريين لا يزالون يعيشون اليوم في فقر مدقع".

ووفقاً للتقييم، الذي نشر نتائجه الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فقد "واصل غالبية اللاجئين، خلال العام الحالي، الاعتماد على إستراتيجيات مواجهة سلبية للبقاء على قيد الحياة، مثل التسول أو اقتراض المال، أو التوقف عن إرسال أطفالهم إلى المدرسة، أو تقليص النفقات الصحية أو عدم تسديد الإيجار".

اقرأ أيضاً: هل سيستخدم أردوغان اللاجئين الأفغان كمرتزقة؟

ويشير التقييم إلى أنّ عام 2021 شهد ازدياد عدد أفراد الأسر الذين اضطروا إلى قبول وظائف زهيدة الأجر أو شديدة الخطورة، أو نوبات عمل إضافية لتأمين الدخل نفسه الذي كانت الأسرة قادرة على توفيره في العام 2020.

وتؤثر إستراتيجيات المواجهة هذه بشكل سلبي على القدرة على التأقلم وعلى توليد الدخل في المستقبل، مما يجعل أسر اللاجئين أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي وأكثر اعتماداً على المساعدات الإنسانية.

البقاء على قيد الحياة أمر بعيد المنال

وقال ممثل مفوضية اللاجئين في لبنان، أياكي إيتو، إنّ العملة اللبنانية فقدت أكثر من 85 في المائة من قيمتها، على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، "فارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبح مجرد البقاء على قيد الحياة بعيداً عن متناول عائلات اللاجئين السوريين".

وأكد أنّ هذه الأزمة سيكون لها تأثير طويل الأمد على رفاه اللاجئين ومستقبل أطفالهم، "كما أنها تهدد المكاسب التي تم تحقيقها في السابق مثل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية".

 كما أشار إيتو إلى أنّ "العائلات اللبنانية تكافح هي أيضاً. فثمة حاجة ماسة إلى تعزيز الدعم المقدّم إلى السكان اللبنانيين واللاجئين والفئات الأخرى المهمشة في هذه الفترة العصيبة. لا يمكننا أن نخذلهم الآن".

ولا يزال اللاجئون يعانون في سبيل العثور على مأوى لائق وآمن؛ وفقاً للتقييم، الذي أشار إلى أنّ حوالي 60 في المائة من عائلات اللاجئين السوريين يعيشون في مساكن معرّضة للخطر أو مكتظة، أو دون المعايير المطلوبة.

كما أظهر التقييم زيادة في متوسط بدلات الإيجار لجميع أنواع المساكن وفي جميع المحافظات، فضلاً عن زيادة في احتمالية الإخلاء.

الأطفال أكثر عرضة للخطر

ومن جانب آخر، تقول ممثلة اليونيسف في لبنان، يوكي موكو، إنّ الأزمة المتفاقمة في لبنان تجعل من الأطفال الذين ينتمون إلى الفئات الأكثر ضعفاً عرضة للخطر، بما في ذلك الأطفال اللاجئون، إذ تضطر المزيد والمزيد من الأسر إلى اللجوء إلى تدابير تكيّف سلبية، مثل إرسال أطفالها للعمل في ظروف خطرة في كثير من الأحيان، فضلاً عن تزويج الفتيات الصغيرات، أو اللجوء إلى التأديب القائم على العنف، على حد تعبير المسؤولة الأممية.

وأوضحت اليونيسف أنها تعمل على توسيع نطاق برنامجها لدعم المزيد من الأطفال والأسر "إذ لا بد من وضع رفاه الأطفال وحمايتهم في أعلى سلم الأولويات لضمان إنفاذ حقوقهم تحت أي ظرف من الظروف."

وأشار البيان إلى أنّ وكالات الأمم المتحدة الثلاث تواصل العمل مع الحكومة اللبنانية والجهات الشريكة لتقديم الدعم الحيوي والضروري إلى جميع المجتمعات التي تحتاج إلى المساعدة، بما في ذلك السكان اللبنانيون واللاجئون.

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية وسياسية خانقة، ما أدى إلى تصاعد الخطاب المتبرّم الموجه ضد اللاجئين السوريين في لبنان.

وسبق لرئيس حركة التغيير، إيلي محفوض، أن طالب بإعادة السوريين إلى بلادهم، وقال، كما ذكر تقرير لموقع "الحرة" مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إنّ "كل عائلة سورية تقبض شهرياً عن الجانب الصحي والمعيشي والتربوي في لبنان مبلغاً مالياً يصل إلى نحو ألف دولار أمريكي، وطالب بإيقاف المساعدات الموجّهة للاجئين السوريين، معتبراً أنهم يأخذون لقمة عيش المواطن اللبناني، لترد عليه مذيعة كانت تستضيفه، بأنّ "المجتمع الدولي من يقدّم المساعدات لهم وليس لبنان".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية