محاولة لاغتيال بوتين أم لاصطياد البجعة السوداء؟

محاولة لاغتيال بوتين أم لاصطياد البجعة السوداء؟

محاولة لاغتيال بوتين أم لاصطياد البجعة السوداء؟


07/05/2023

في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي توقع نائب وزير الدفاع الأوكراني الجنرال فولوديمير هافريلوف انتصار بلاده على روسيا، بحلول النصف الأول من العام الجاري، بل وصول قوات بلاده إلى شبه جزيرة القرم، بحلول نهاية العام. قبل أن يؤكد أنّه من الممكن للبجعة السوداء في روسيا أن تسرّع من وتيرة الأمر، وكان يقصد بذلك حدوث أمر مباغت، مثل: انقلاب عسكري في روسيا، أو عملية اغتيال للرئيس بوتين.

الأربعاء الماضي اتهمت السلطات الروسية أوكرانيا بمحاولة تنفيذ ضربات استهدفت الكرملين خلال الليل، عن طريق طائرات مسيّرة؛ بهدف اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين، محذّرة من مغبة الانتقام الروسي، فهل قررت كييف اصطياد البجعة السوداء بنفسها؟

هجوم ليلي

المكتب الصحفي للكرملين زعم الأربعاء الماضي أنّ الدفاعات الجوية الروسية أسقطت طائرتين بدون طيار، حاولتا مهاجمة مقر إقامة الرئيس بوتين داخل جدران الكرملين. مضيفاً: "نحن نعتبر هذه الأعمال بمثابة عمل إرهابي مخطط له لاغتيال الرئيس".

من جهته، قال ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للكرملين لوكالة الأنباء الروسية: إنّ الرئيس بوتين لم يكن في المبنى وقت الهجوم، ونفى أن يكون الهجوم قد تسبب في حدوث أيّ إصابات أو أضرار مادية.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

بدورها، نفت الحكومة الأوكرانية أيّ تورط لها في الأمر، واتهمت موسكو باستخدام الحادث كذريعة لتصعيد الهجمات ضدّ أوكرانيا.

هذا، وأظهرت مقاطع فيديو تمّ تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي انفجاراً مدوّياً فوق مبنى الكرملين، وظهر في اللقطات الليلية ما بدا أنّه كرات نارية تنفجر فوق سطح المجمع الحكومي.

هجمات في العمق الروسي

يأتي الحادث بالتزامن مع اتهامات وجهتها موسكو إلى كييف، بتنفيذ هجمات وأعمال تخريب في أجزاء أخرى من الأراضي الروسية؛ حيث أدت انفجارات، في وقت سابق، إلى خروج قطارين عن مسارهما في منطقة بريانسك، على الحدود مع أوكرانيا، كما دمرت طائرة أخرى بدون طيار مستودعاً للوقود في بلدة فولنا، بالقرب من مضيق كيرتش.

اتهمت السلطات الروسية أوكرانيا بمحاولة تنفيذ ضربات استهدفت الكرملين خلال الليل، عن طريق طائرات مسيّرة؛ بهدف اغتيال الرئيس فلاديمير بوتين، محذرة من مغبة الانتقام الروسي

وأثار الهجوم على فولنا، التي تقع على بعد (300) كيلومتر، (185) ميلاً، خلف الخطوط الأمامية، تساؤلات حول قدرات روسيا المضادة للطائرات. وبحسب وكالة الأنباء الحكومية تاس، تسبب الانفجار في حريق امتد على مسافة (1200) متر مربع. وهذه هي الضربة الثانية على هدف لوجستي داخل الأراضي الروسية، أو داخل الأراضي الأوكرانية المحتلة في غضون (4) أيام، بعد أن دمرت طائرة مسيّرة أخرى مستودع وقود في موقع تمركز الأسطول الروسي في سيفاستوبول، في شبه جزيرة القرم السبت الماضي، حيث تمّ تدمير (10) صهاريج تخزين، بسعة إجمالية (40) ألف طن من الوقود.

كلّ هذا ربما يعني أنّ كييف تمتلك قدرات هجومية، تمكنها من اختراق الدفاعات الروسية في العمق، لكنّ استهداف الكرملين يبدو أمراً معقداً، يحتاج إلى ذراع في الداخل، يمكن من خلالها تنفيذ الهجوم الصعب.

نفي أوكراني وتشكك غربي

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال في تصريحات صحفية، خلال زيارة لهلسنكي يوم الأربعاء الماضي: "نحن لا نهاجم بوتين أو موسكو، نحن نقاتل على أراضينا، وندافع عن قرانا ومدننا". وأضاف: "سوف يخترعون مخططات تصعيدية كل يوم".

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: واشنطن لا يمكنها تأكيد التقارير التي تتحدث عن هذا الهجوم

مستشار الرئس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، لم ينفِ الحادثة، مؤكداً أنّ ذلك قد يكون من عمل قوات المقاومة المحلية المعارضة لبوتين، وقال بودولاك: إنّ موسكو تستخدم هذا الحادث كذريعة لتبرير الهجمات واسعة النطاق، التي تستهدف المدنيين في أوكرانيا.

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وفقاً لصحيفة "الواشنطن بوست": إنّ واشنطن لا يمكنها تأكيد التقارير التي تتحدث عن هذا الهجوم، وإنّ أيّ روايات من هذا القبيل تصدر عن الكرملين، يجب أن يُنظر إليها بتشكك شديد.

خطاب الانتقام

الحكومة الروسية من جهتها هدّدت بالانتقام، رداً على ما سمّته المؤامرة، وأكد الكرملين أنّ "الجانب الروسي يحتفظ بالحق في اتخاذ إجراءات انتقامية، أينما ومتى يراها مناسبة".

الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، صعّد من خطاب التهديد، مطالباً "بقتل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقال: "بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع اليوم، لا توجد خيارات متروكة جانباً، ويجب القضاء المادي على زيلينسكي وعصابته".

أتى الحادث قبل أقل من أسبوع من العرض العسكري السنوي الضخم المخطط له في الميدان الأحمر، بمناسبة الانتصار على هتلر في الحرب العالمية الثانية

تحذير آخر مروّع صدر عن نائب رئيس الوزراء الروسي السابق، وعضو الدوما، فياتشيسلاف فولودين، الذي دعا موسكو إلى استخدام "أسلحة قادرة على وقف وتدمير نظام كييف"، الذي وصفه بالإرهابي. ولم يتضح أيّ أسلحة كان فولودين يشير إليها، لكنّ بوتين ومسؤولين كباراً آخرين هددوا في عدة مناسبات، من قبل، بنشر أسلحة نووية في أوكرانيا.

مراقبون أشاروا إلى أنّ العملية ربما تكون مقصودة من قبل روسيا، التي تسعى لتوحيد الشعب خلف الرئيس الواقع تحت الضغط، وسط انتكاسات وخسائر فادحة، ناجمة عن شن حرب كارثية على أوكرانيا.

يوم النصر بلا نصر

يأتي الحادث قبل أقل من أسبوع من العرض العسكري السنوي الضخم المخطط له في الميدان الأحمر، بمناسبة الانتصار على هتلر في الحرب العالمية الثانية. وفي الوقت الذي لم يحقق فيه بوتين أيّ انتصارات يتباهى بها، أكد السكرتير الصحفي للكرملين، ديمتري بيسكوف أنّ العرض سوف يتم رغم هجوم الطائرات المسيّرة المزعوم.

السلطات الروسية قامت بتكثيف الإجراءات الأمنية، حيث تمّ إغلاق الوصول إلى الميدان الأحمر قبل أسبوعين من الاحتفال، مع تواجد مكثف للشرطة في المناطق المحيطة، وإجراء عمليات تفتيش منتظمة وواسعة النطاق.

وفي السياق نفسه، قام العديد من المباني الحكومية الروسية بتركيب بطاريات مضادة للطائرات على أسطحها، وقد أوصى رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الروسي أندري كارتابوليف بأن تحصل الشركات الخاصّة على أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار؛ بهدف التصدي لهجمات محتملة في الداخل الروسي.

مواضيع ذات صلة:

من هو ألكسندر دوغين؟ وكيف أثر في عقلية بوتين؟

سياسيون لـ "حفريات": هل ينجح بوتين بإعادة كييف إلى "بيت الطاعة"؟

بوتين "الديكتاتور" الحالم بتضميد جروح الدبّ السوفييتي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية