ما هي فرص نجاح الحوار الجنوبي الداخلي في اليمن؟

ما هي فرص نجاح الحوار الجنوبي الداخلي في اليمن؟

ما هي فرص نجاح الحوار الجنوبي الداخلي في اليمن؟


19/10/2022

كان لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي في اليمن تداعيات إيجابية على القضية الجنوبية، بعد تخليص الشرعية من هيمنة أعداء الجنوب من حزب الإصلاح الإخواني، ما عزز نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي، في محافظات شبوة وأبين، وأذكى شعلة القضية في حضرموت والمهرة.

ومنحت هذه الإنجازات الانتقالي الجنوبي فسحةً لمعالجة قضايا أساسية، كانت الأولوية الأمنية تبقيها في الخلف، وهو ما عُبر عنه من خلال الدعوة إلى حوار جنوبي داخلي، في الجمعية العامة للمجلس، وتكليف فريق من المجلس بمهمة التواصل مع المكونات الجنوبية كافة.

لقاءات تشاورية

وجاءت دعوة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، في شهر حزيران (يونيو) العام الجاري، وجرى تكليف فريق الحوار الخارجي بالعمل والتواصل مع مختلف القوى والمكونات والنخب والشخصيات الاعتبارية والمتخصصة، وإطلاق حوار موازٍ في الداخل، بهدف "التوصل إلى ميثاق شرف وطني يتم التوافق عليه مع سائر القوى والمكونات الجنوبية، ومشاركة كل شرائح شعبنا الجنوبي في صناعة ملامح مستقبل دولة الجنوب".

وفي كلمته أعلن الزبيدي تكليف وحدة شؤون المفاوضات للبدء في التواصل لتشكيل "وفد وطني جنوبي يقوده المجلس الانتقالي بمشاركة وحضور وتمثيل مختلف القوى والكفاءات الجنوبية لتمثيل قضية شعب الجنوب وتطلعاته المشروعة في العملية السياسية". ويهدف الانتقالي إلى تمثيل أوسع لشعب الجنوب وقواه ومكوناته الوطنية الحية في إطار "المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان وطني جامع، مع إطلاق إصلاح مؤسسي، وإعادة هيكلة وتوسعة هيئات المجلس".

فؤاد راشد: الحوار الجنوبي مطلب جماهيري

وعقدت اللجان المكلفة العديد من اللقاءات مع مكونات وقوى وتجمعات جنوبية في الداخل والخارج. وشملت اللقاءات الداخلية خلال الشهرين الماضيين عدداً من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الجنوبي، قيادة مجلس الحراك الثوري التحرري، الاتحادين التعاونيين الزراعي والسمكي، الشخصيات الاجتماعية والأكاديمية في المهرة، والسلطة المحلية ونخب محافظة شبوة، قيادة تاج الجنوب العربي، الملتقى الوطني لأبناء الجنوب في أبين.

وتزامنت مع انطلاق اللقاءات عودة رئيس المكتب السياسي للحراك الثوري الجنوبي، فادي حسن باعوم، إلى العاصمة عدن، وسط ترحيب من الانتقالي الجنوبي. واستأنف باعوم نشاطه السياسي بلقاءات المكتب السياسي للحراك، وغيرها من الأنشطة التي تعزز دعوة الحوار.

كانت دعوة الانتقالي بشراكة مع بقية المكونات الجنوبية، في إطار المجلس الانتقالي نفسه بعد إصلاحه وتطويره، استجابةً لما سينتج عن الحوار من مخرجات

ولم يُحدد بعد موعد انطلاق الحوار الجنوبي الداخلي في عدن، في انتظار الاتفاق مع المكونات الجنوبية على جدول أعمال وأهداف الحوار. ومن زاوية أخرى ترفض كيانات جنوبية توجد في محافظتي حضرموت والمهرة، وتدور في فلك حزب التجمع الوطني للإصلاح، دعوة الحوار.

ويعتبر الانتقالي الكيان الجنوبي الأكبر على المستويات كافة، ومن حيث المشاركة في الشرعية، ويمثّله اللواء عيدروس الزبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وشخصيات أخرى جنوبية قريبة منه. ولا تحظى معظم المكونات الجنوبية بتواجد عسكري مثل الانتقالي الذي يقود القوات المسلحة الجنوبية، وتتبعه قوات العمالقة، ولهذا كانت دعوة الانتقالي بشراكة مع بقية المكونات الجنوبية، في إطار المجلس الانتقالي نفسه بعد إصلاحه وتطويره، استجابةً لما سينتج عن الحوار من مخرجات.

مواقف القوى الجنوبية

وبينما أيدت أغلب المكونات دعوة الحوار، انقسم موقف الحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، على خلفية الانقسام بين فريق رئيس المكتب السياسي، فادي باعوم، وفريق آخر نصّب مدرم أبو سراج رئيساً بالإنابة للمكتب السياسي، وقام بفصل باعوم، ورفض حديثه باسم المجلس.

وقال رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب، فؤاد راشد، أنّهم انسحبوا من الحوار، وفي حديثه لـ"حفريات"، شدد على "أنّ الحوار الجنوبي مطلب جماهيري، وفي هذا التوقيت تحديداً تزداد قيمته والحاجة إليه". وأشار إلى خوض المكونات الجنوبية عدة لقاءات ولجان على مدار أعوام، دون أنّ يُكتب لها النجاح: "كل هذه اللجان الجنوبية كانت مستقلة أو لجاناً أنشأتها مكونات جنوبية تمضي في عدة لقاءات، ولكن في الأخير كل تجاربنا الداخلية والحوارات الجنوبية البينية تفشل، وآخرها هي دعوة رفاقنا في المجلس الانتقالي، والتي رحبنا بها حين إطلاقها".

أنيس الشرفي: في الساحة نوعان من القوى السياسية خارج الانتقالي

ومن جانبه، قال نائب رئيس الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي، عضو هيئة التشاور والمصالحة المساندة لمجلس القيادة الرئاسي، أنيس الشرفي: "شكّل تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017، لحظة فارقة في تاريخ النضال الجنوبي، يمكن تشبيهها بلحظة انطلاق الحراك السلمي الجنوبي عام 2007. وانخرطت فيه غالبية مكونات الحراك الجنوبي، وراعى في تكوينه شمول قوى الجنوب كافة بأبعادها السياسية والاجتماعية والجغرافية".

وأكد الشرفي على أنّ الانتقالي "استطاع بثبات وعزيمة قيادته وإسناد شعبي منقطع النظير، وقوة عسكرية وأمنية صلبة، أن يتجاوز كل التحديات والمخاطر، وأن يخرج من كل أزمة يخوضها وهو أقوى مما كان قبلها".

وحول دعوة الحوار، قال لـ"حفريات": "لا ننكر أنّ في الساحة نوعين من القوى السياسية خارج الانتقالي؛ الأولى جنوبية الهوى والهوية، تتفق مع الانتقالي في الهدف وتختلف في الآليات، ونتشارك الكثير من القواسم معهم، وعهدنا للعديد منهم مواقف مشرفة إلى جانب الانتقالي في الأزمات التي واجهها، ولا زال الحوار مستمراً معهم، وستشهد الأيام القادمة الكثير من الأخبار السارة في هذا الملف".

وعن القوى الأخرى، قال نائب رئيس الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي: "لا تتفق مع الانتقالي لا في الهدف ولا في الآليات، بل تتبنى مشروع صنعاء وتخضع لنفوذهم، وتتمثل في شخصيات، ولم يعد لهم كيان أو مكون وازن في الساحة الجنوبية".

ولفت إلى أنّ الحوار مع هذه القوى يقوم على "تجنب الاحتكاك العسكري، واحترام الرأي، مع ضرورة التزامهم بعدم تحويل الجنوب إلى ساحة لترويج أو ممارسة أنشطة سياسية أو عسكرية أو اجتماعية، تخدم توجهات قوى الشمال في أي موقع على أرض الجنوب".

فرص نجاح الحوار

ويسعى المجلس الانتقالي الجنوبي عبر الحوار مع المكونات الجنوبية إلى تنظيم مؤتمر حوار واسع للخروج برؤية جنوبية، تتمثل في "ميثاق شرف وطني"، واتخاذ الخطوات الفعلية والمبادرات الملموسة لتعزيز الاصطفاف الوطني الجنوبي كأساس متين لتحقيق استعادة وبناء دولة شعب الجنوب الفيدرالية المستقلة.

وقال رئيس المجلس الأعلى الثوري، فؤاد راشد، الذي حضر لقاءات القاهرة مع وفد الانتقالي: "جرت لقاءات كنا نراها إيجابية، وطرحنا ملاحظاتنا لوضع قاعدة سليمة لانطلاق حوار جنوبي، لكن تفاجأنا باستلام رسالة من الانتقالي لم تشر إلى ملاحظاتنا، وتلخصت في أنهم يستعدون لإطلاق الحوار الجنوبي، وطلبوا ملاحظات في ترتيب الملفات، ومنها الميثاق الوطني الذي نرى أنّ الحديث عنه الآن ليس سليماً منطقياً".

المحلل السياسي الجنوبي عبد الناصر الربيعي لـ"حفريات": القيادة والتمثيل لن تكون للجميع، وستكون لصاحب الأغلبية النسبية، بخلاف مستقبل الوطن الذي يتطلب توافق الجميع

وذكر بأنّ الميثاق يجب أن يأتي بعد حوار معمق في الملفات الرئيسة، مثل شكل دولة الجنوب والشراكة بين المكونات الجنوبية ومعالجة الأضرار التي جرت خلال الأعوام الماضية.

ومن جانبه، حذر الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي، عبد الناصر الربيعي، الجنوبيين من تكرار أخطاء ما قبل 1967، حيث "كان الصراع على الشراكة في القيادة والتمثيل مع الجبهة القومية، بعد أن رفض الجميع الكفاح المسلح الذي اختارته الجبهة في بداية الأمر، وبعد أن تأكدت بقية القوى بأنّ الجبهة ماضية إلى تحقيق نجاح بدونهم، حينها لم ينظر أحد منهم للوطن ومستقبله، بل كان هدفهم الشراكة في القيادة والتمثيل".

ودعا الكاتب الجنوبي جميع المكونات وعلى رأسها الانتقالي إلى "حوار وطني بناء، يتوافق فيه الجميع حول رؤية للمستقبل، نحدد فيها الخطوط العريضة التي نعمل عليها جميعاً، كل في موقعه، لأننا نعلم جميعا بأنّ القيادة والتمثيل لن تكون للجميع، وستكون لصاحب الأغلبية النسبية".

عبد الناصر الربيعي: الهدف دولة ديمقراطية وحرية ومساواة

وشدد على أنّ "التوافق حول مستقبل الوطن، وهو أمر لن يكون بيد صاحب الأغلبية لكي يقرره بنفسه، ما يعني أنّ القيادة الانتقالية ستكون مهامها محددة، وفترة قيادتها محددة أيضاً، لأنّ الهدف دولة ديمقراطية وحرية ومساواة، وسيكون الصندوق هو الفيصل بين الجميع".           

وبدوره طالب رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري، فؤاد راشد، بوجود "ميسر للحوار الجنوبي" سواء إقليمي أو دولي، وسواء منظمة دولية مستقلة أو جهة أو دولة. وأوضح أنّ "الانتقالي طرف ضمن الحوار، ورغم وجوده الأكبر إلا أنّه يحتاج للجميع، ولهذا يجب أن يكون طرف، لا مدير للحوار".

وفي خطابه إلى الشعب الجنوبي، بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر ضد الاحتلال البريطاني، قال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قاسم الزبيدي: "ها هم أبناء وأحفاد أبطال أكتوبر 1963، يخوضون اليوم ثورة متجددة أعادت لشعبنا حريته، وما زالت تخط طريقها بقوة وثبات وإصرار نحو استكمال أهداف هذه الثورة، حين تتوج باستعادة وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة، على حدود 21 مايو 1990 من المهرة إلى باب المندب".

وقال عن الحوار الجنوبي: "تُدرك قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي أنّ استعادة وبناء دولة الجنوب القوية والعادلة مرتبط بشكل أساسي بتعزيز وتقوية النسيج الداخلي، ولذلك حرصنا وبقوة على تحقيق التقارب الجنوبي من خلال إطلاق الحوار الوطني الجنوبي في الداخل والخارج، وحققنا نجاحات كبيرة وملموسة في هذا الشأن". وأكد الزبيدي على أنّ يد المجلس ممدودة دون استثناء ودون شروط باستثناء سقف الجنوب وشرط الحفاظ على  مصالح وتطلعات شعبه.

ويذكر أنّ القوات البريطانية انسحبت من عدن في 26 نوفمبر 1967، ورحل آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن في 30 من الشهر نفسه، وتم إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية