ما هي المعايير التي تعتمدها أوروبا لتصنيف الجماعات الإرهابية وعملياتها؟

ما هي المعايير التي تعتمدها أوروبا لتصنيف الجماعات الإرهابية وعملياتها؟

ما هي المعايير التي تعتمدها أوروبا لتصنيف الجماعات الإرهابية وعملياتها؟


25/07/2024

شهدت الدول الأوروبية سلسلة من الهجمات الإرهابية خلال العقد الأخير، فيما كشفت استخبارات هذه الدول أن أغلب منفذي الهجمات الإرهابية لديهم سجل جنائي، وأن منهم من تطرف داخل السجون الأوروبية، وهو ما دفع الحكومات الأوروبية إلى اتخاذ إجراءات وتدابير، ربط كثير منها سجل الإرهاب بالسجل الجنائي.

ويأتي تعريف الاتحاد الأوروبي للإرهاب وفقا لقانون الاتحاد الأوروبي، إنه: الجرائم الإرهابية هي أفعال ترتكب بهدف ترهيب الأشخاص والمجتمعات بشكل خطير بهدف زعزعة الاستقرار أو تدمير الهياكل السياسية أو الدستورية أو الاقتصادية أو الاجتماعية الأساسية لبلد ما.

الإرهاب في أوروبا وتعريفه وتدابير مواجهته، تحدث عنها دراسة حديثة أصدرها المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، "بعنوان مكافحة الارهاب في أوروبا ـ معايير تصنيف الجماعات والعمليات الإرهابية".

تعريف الإرهاب

وأوردت الدراسة تعريفا للإرهاب قالت فيه إنه ترجمة إلى التطرف العنيف، ليتحول من أفكار إلى أفعال، الإرهاب هو أي عمل يهدف إلى ترهيب أفراد أو مجموعات بدوافع سياسية أو أيدلوجية أو عرقية.

وحول اختلاف الإرهاب عن التطرف، أشارت الدراسة إلى استراتيجية مكافحة التطرف البريطانية  لعام 2015، والتي تقول وفق موقع الثقافة ضد التطرف: “التطرف هو المعارضة الصريحة أو النشطة للقيم الأساسية، بما في ذلك الديمقراطية وسيادة القانون والحرية الفردية واحترام الأديان والمعتقدات المختلفة والتسامح معها”، وتعتبر الدعوات إلى قتل أفراد من قوات حكومية نوع من أنواع التطرف. وأن ارتكاب الأعمال، أو ترهيب مجموعة أو أفراد بدوافع ايدلوجية متطرفة، يعني “ترجمة” التطرف إلى أفعال.

أوردت الدراسة تعريفا للإرهاب قالت فيه إنه ترجمة إلى التطرف العنيف، ليتحول من أفكار إلى أفعال

وقالت الدراسة إن الإرهاب هو أي عمل مخطط مسبقًا أو محاولة فعل عنف كبير من قبل جهة فاعلة أو أكثر من غير الدول من أجل تعزيز قضية إيديولوجية أو اجتماعية أو دينية أو عرقية، أو إلحاق الضرر بالمعارضين المتصورين لهذه الأسباب. 

ويمكن أن تشمل أعمال العنف الجسيمة التفجيرات أو استخدام أسلحة الدمار الشامل الأخرى، والاغتيالات والقتل المستهدف، وإطلاق النار، وإشعال الحرائق والقنابل الحارقة، والاختطاف وحالات أخذ الرهائن، وفي بعض الحالات، السطو المسلح. 

ويتكون الإرهاب المحلي من أعمال أو محاولات لأعمال إرهابية يكون مرتكبوها مواطنين أو مقيمين دائمين في البلد الذي يقع فيه الفعل وليسوا أعضاء أو عملاء لمنظمات إرهابية أجنبية أو دولية. 

معايير تصنيف العمليات الإرهابية في أوروبا-مكافحة الإرهاب

هذا ويعتمد الاتحاد الأوروبي معايير لتصنيف الجماعات الإرهابية على مستوى الدول الأعضاء وفقا للموقف المشترك (CFSP) 2016/1693) ؛ يحدد الأعمال التي تشكل أعمالا إرهابية لهذه الأغراض، عبر الحصول على معلومات دقيقة تشير إلى أن قرارًا قد تم اتخاذه من قبل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أو القضائية مختصة لإدراج الأشخاص والجماعات والكيانات  كجماعة إرهابية.

كذلك الجماعات التي حدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أنها مرتبطة بالإرهاب والذين أمر بفرض عقوبات عليهم. فأي فرد أو جماعة تقوم بتنفيذ هجمات إرهابية داخل دول التكتل وتنتمي لجماعات تم إدراجها كتنظيم إرهابي يتم تصنيف العملية كعملية إرهابية.

أي فرد أو جماعة تقوم بتنفيذ هجمات إرهابية داخل دول التكتل وتنتمي لجماعات تم إدراجها كتنظيم إرهابي يتم تصنيف العملية كعملية إرهابية

ومن هذه المعايير تحدثت الدراسة عن "معيار الدوافع"؛ إذ تتردد الحكومات الأوروبية في تصنيف الاعتداءات على أنهها “إرهابية” وتنتظر إلى حين استكمال التحقيقات والحصول على بيانات ومعلومات والبحث في عدة معايير دفعت للاشتباه بوجود دوافع إرهابية، من بينها إفادات شهود العيان أثناء تنفيذ العملية  كذلك يبحث الإدعاء والمحققون على سجلات منفذ العملية الجنائية قبل التوصل إلى استنتاجات.

يرتكز تصنيف الهجمات في أوروبا ما إذا كانت إرهابية أم غير إرهابية على عدة معايير أبرزها؛ معيار الاعتراف، فقد تبنى  تنظيم “داعش” العديد من الهجمات الإرهابية خلال العقد الأخير منها  هجمات باريس 2016 وضاحيتها الشمالية سان دوني، التي  شملت إطلاق نار جماعي وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، وأيضا عملية دهس “يوم الباستيل”.. كذلك سلسلة تفجيرات في مطار بروكسل ومحطة القطارات “مالبيك” في عام 2016. 

وفي ألمانيا تبنى “داعش” الهجوم الدامي في سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين. وفي بريطانيا عام 2017أعلن داعش تبنيه علملية دهس على جسر وستمنستر في ساحة البرلمان و تفجير انتحاري في مدينة مانشستر البريطانية، ضرب إستاد “مانشيتر أرينا”، فضلا عن سلسلة هجمات في عاصمة إقليم كتالونيا الإسباني، مدينة برشلونة.

يُضاف على ذلك معيار "الانتماء لجماعات وتنظيمات إرهابية"، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2021  تمديده فرض العقوبات ضد تنظيمي داعش والقاعدة حتى 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، موضحاً أن “الإجراءات التقييدية الحالية تستهدف تنظيمي داعش و القاعدة والأشخاص والجماعات والشركات والكيانات المرتبطة بهما”. 

الدراسة تحدثت أيضا عن معايير تصنيف العناصر الخطرة-مكافحة الإرهاب، وقالت إن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في أوروبا تعد قوائم لأفراد وجماعات يفترض أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي؛ فعلى سبيل المثال في فرنسا تحتوي الـ”قائمة أس” أسماء أشخاص يشكلون خطرا على الأمن القومي الفرنسي يعود تاريخ إنشائها إلى العام 1969. 

طورت السلطات الألمانية نظام تصنيف معدل الخطر لدى المتطرفين أبرزها تطوير نظام (iTE) ـ رادار داعش 

وقد ضمت حوالي نحو (400) ألف اسم يتوزعون على فئات اجتماعية وتوجهات سياسية مختلفة. من جميع شرائح المجتمع المنتمون إلى اليمين المتطرف أو اليسار المتشدد وأضيف لهذه القائمة شريحة اجتماعية جديدة وهي المتطرفون دينيا وكل الذين يشكلون خطرا على الأمن الوطني، وإدراج شخص ما في هذه القائمة من قبل الأجهزة الأمنية لا يعني حتما وجوب توقيفه، بقدر ما يعني مراقبته بشكل مكثف للحيلولة دون تنفيذ أي هجمة أو اعتداء. 

يُذكر أن حوالي (26) ألف ممن يرجح أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي الفرنسي هم حاليا ضمن “قائمة أس”. (10) آلاف منهم لأسباب تتعلق بالتطرف الديني، سواء عن طريق بعض المساجد المتطرفة أو عن طريق الإنترنت، أو داخل السجون.

طورت السلطات الألمانية نظام تصنيف معدل الخطر لدى المتطرفين أبرزها تطوير نظام (iTE) ـ رادار داعش ـ ويقسم من خلاله الخطرين إلى (3) أقسام خطورة مرتفعة باللون الأحمر، خطورة معتدلة باللون الأصفر، خطورة ملحوظة باللون البرتقالي. يشمل المقياس (73) سؤالا  من خلاله يتم تحديد الخطورة، من بينها هل تلقى الشخص تدريبًا عسكريا؟ أو هل شارك في أنشطة جهادية بإحدى مناطق الصراع المختلفة؟ أو هل حاول الانتحار من قبل؟ وما هي درجة سلامة صحته العقلية؟..

ربط السجل الجنائي بسجل الإرهاب

وبحسب ما ورد في الدراسة، فقد أنشأت يوروجست سجلاً قضائيًا أوروبيًا لمكافحة الإرهاب لجمع المعلومات حول الإجراءات القضائية لمكافحة الإرهاب من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتحديد الروابط المحتملة. وتطوير استراتيجيات لمعالجة قضايا محددة، مثل عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى أوروبا. 

ومن خلال التعاون القضائي وبمساعدة يوروجست يمكن للسلطات الوطنية أيضًا ضمان دعم وحماية ضحايا الأعمال الإرهابية وضمان حقوقهم، إذ باتت دول الاتحاد الأوروبي ملزمة منذ عام 2018 بإدراج بلاغ في “نظام شنغن للبيانات” لكل القضايا المرتبطة بالإرهاب للسماح بتوقيف الأشخاص الذين يشكّلون تهديداً عند الحدود.

إلى ذلك، أجرى “إدوين باكر” بحثًا عن الإرهابيين الجهاديين في أوروبا ، خلص إلى أن حوالي (25%) من الإرهابيين الذين تم أخذ عيناتهم في دراسة عام 2006 لديهم سجل إجرامي. ارتكب العديد منهم جرائم لكنهم لم يقضوا عقوبة من أي نوع. 

وقد وجدت دراسة حديثة أجرتها جمعية “هنري جاكسون”، والتي ركزت بشكل صارم على تنظيم “داعش” ، أن (22%) من أولئك المرتبطين بأكثر من (30) عملية إرهابية في الغرب بين تموز/يوليو 2014 وآب/أغسطس 2015 لديهم سجل إجرامي سابق، حيث تورط العديد من الإرهابيين في أشكال مختلفة من الإجرام قبل أن يصبحوا جهاديين، بما في ذلك “عبد الحميد أباعود”، و”أحمد كوليبالي”، و”محمد لحويج بوهليل”.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية