ما هدف التعزيزات العسكرية التركية في الشمال السوري؟

ما هدف التعزيزات العسكرية التركية في الشمال السوري؟


16/08/2020

في تاريخ 14 آب (أغسطس) من الشهر الجاري؛ رصد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" دخول رتل عسكري تركي من معبر كفرلوسين شمال إدلب.

وبحسب المرصد؛ "يتألف الرتل من نحو 20 عربة مصفّحة، وشاحنة تحمل مواد لوجستية، توجهت إلى النقاط التركية في منطقة "بوتين-أردوغان"".

ناشط السوري من إدلب لـ "حفريات": التعزيزات العسكرية التركية لم تتوقف خلال الستة أشهر الأخيرة، وأنقرة ترسل بشكل شبه يومي أرتالاً من كافة أنواع الأسلحة الثقيلة

كما وثق المرصد استمرارية تدفق الأرتال العسكرية منذ وقف إطلاق النار الجديد؛ إذ "بلغ عدد الآليات التي دخلت الأراضي السورية 5350 آلية، إضافة إلى آلاف الجنود".

كما أفاد المرصد أنّ "عدد الشاحنات والآليات العسكرية التي وصلت منطقة "خفض التصعيد"، خلال الفترة الممتدة من الثاني من شهر شباط (فبراير) 2020 وحتى الآن، ارتفع إلى أكثر من 8685 شاحنة وآلية عسكرية تركية دخلت الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات و"كبائن حراسة" متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك الذين انتشروا في إدلب وحلب خلال تلك الفترة أكثر 11500 ألف جندي تركي".

وقد تكون أحد أسباب هذه التعزيزات العسكرية التركية للمنطقة؛ تجدّد الاشتباكات بين قوات النظام السوري والميلشيات الموالية له من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة من جهة أخرى منذ مطلع الشهر الجاري.

 وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان؛ فقد دارت اشتباكات بين الطرفين على "محاور الحدادة في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، في هجوم عنيف نفذته قوات النظام السوري بغطاء صاروخي مكثف، إضافة إلى مشاركة الطائرات الحربية الروسية بالهجوم، عبر غارات مكثفة على محاور الاشتباك ومحاور أخرى في جبل الأكراد".

اقرأ أيضاً: الاستراتيجية التركية في تأسيس النفوذ بسوريا والعراق

كما قامت قوات النظام البرية بقصف صاروخي استهدف مناطق سفوهن وكنصفرة والفطيرة في "جبل الزاوية" بريف إدلب الجنوبي، تزامناً مع تحليق لطيران الاستطلاع الروسي في أجواء المنطقة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكانت صحيفة "عنب بلدي" السورية قد ذكرت، في تقرير لها عن قيام تركيا ب "إنشاء قيادة عسكرية مركزية تركية لتنسيق العمليات العسكرية في سوريا تحت اسم "القيادة العسكرية لعملية درع السلام، ومقرها مدينة أنطاكيا (جنوب تركيا) المحاذية للحدود السورية"، كما نقلت "عنب بلدي"، عن صحيفة  "يني شفق" التركية، في الثامن من آب (أغسطس)؛ أنّ "القيادة المركزية ستكون مسؤولة عن المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي إلى جانب فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا، خلال معاركها ضدّ تنظيم داعش و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، كما عيّن المجلس العسكري الأعلى التركي "YAŞ" اللواء هاكان أوزتكين رئيساً للقيادة المركزية".

اقرأ أيضاً: أردوغان ومشروع الجيب الإخواني شمال سوريا

وحول التعزيزات العسكرية التركية التي جرت مؤخراً، قال المحلل الاقتصادي السوري، يونس كريم، لـ "حفريات"؛ إنّ "هذه التعزيزات العسكرية تحمل عدة معان وإشارات؛ "أولاً: هو خوف تركيا من دعم روسيا للنظام السوري، واستخدام هذا الدعم كوسيلة للسيطرة على معبر باب الهوى، وتكون نتيجة ذلك خسارة المعارضة للدعم الأممي المالي من جهة، ومن جهة أخرى تضييق المساحات الجغرافية، والمناطق التي تخضع تحت سيطرة تركيا، وتحمّلها عبء الملايين من السوريين، ما قد يرغم تركيا على رفع يدها عن القضية السورية، وبالتالي خسارتها".

وأضاف: "ثانياً: خوف تركيا أيضاً من أن يكون هناك اتفاق بين روسيا والإدارة الذاتية الكردية على حسابها، خاصّة أنّ هناك ملامح كثيرة لهذا التقارب والتناغم، وهذا الأمر يخيف تركيا من أن تنحسر مساحات المعارضة السورية، وأن تقتصر سيطرتها على بعض الجزر الصغيرة، وبالتالي قد تضطر تركيا للتخلي عن المعارضة، وخاصة أنّ المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة بالشمال السوري تقلصت لأكثر من 40%".

اقرأ أيضاً: الذئاب الرمادية .. طليعة الغزو التركي لشمال سوريا

وتابع يونس كلامه: "ثالثاً: هو الخوف من أن تستفرد روسيا بطريق "M4"  و"M5"، وتضغط على تركيا فيما بعد في موضوع الشمال السوري وإعادة قراءة سيطرتها على الشمال السوري واعترافها بالنظام، وهنا تفقد تركيا شرعية تواجدها في الملف السوري، وهذا الأمر تعدّه تركيا خطيراً، كما أنّها تخاف من أن تستخدم روسيا الملف السوري بمقايضاتها، سواء بالملف الليبي أو حتى بالملف اللبناني، وهذا الأمر يشكّل أيضاً ضغطاً على النظام التركي".

اقرأ أيضاً: تركيا تحتل من سوريا أضعاف ما تحتله إسرائيل

وأضاف: "سيطرة روسيا والنظام السوري على جبل الزاوية يجعل روسيا توقع على حملة إعادة إعمار سوريا بمنأى عن تركيا وتواجدها، وهذا الأمر أيضاً خسارة للأمن القومي التركي والاقتصاد التركي الذي يعول كثيراً على أن يكون له دور فعّال في إعادة إعمار سوريا، والرسائل التي تلقتها تركيا بهذه الخصوص والتي تؤكد هذه النظرة كثيرة، مثل افتتاح طريق السكك الحديدية ما بين دمشق وميناء طرطوس، والدعوة إلى استخدام ميناء طرطوس كبديل عن بيروت، واستخدام طريق "M4" لنقل المساعدات، وهذا يعني نقل المساعدات من أماكن سيطرة تركيا إلى أماكن سيطرة "PYD"، وهذا مخالف للأمن القومي التركي ويضع حكومة أردوغان بموقف محرج جداً".

ويختم يونس حديثه بالقول: "الأتراك يخافون من أن يسيطر النظام السوري على تلك المناطق ويعلن سيطرته على كلّ سوريا، بالتالي؛ تفقد تركيا أيّة شرعية لتواجدها على الأراضي السورية، ويعود إلى تنفيذ الاتفاقيات التي وقعها مع النظام، وهذه خسارة للحزب الحاكم في تركيا".

الأتراك يخافون من أن يسيطر النظام السوري على تلك المناطق ويعلن سيطرته على كلّ سوريا، بالتالي؛ تفقد تركيا أيّة شرعية لتواجدها على الأراضي السورية

أما الناشط السوري، أبو هيثم، من إدلب فقال لـ "حفريات": "التعزيزات العسكرية التركية لم تتوقف خلال الستة أشهر الأخيرة، وتركيا ترسل بشكل شبه يومي أرتالاً من كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والهجومية والدفاعية للمنطقة، ويعود إرسال هذه الشحنات العسكرية إلى تعزيز التواجد التركي الموجود في المنطقة، وهو أيضاً تعزيز للقواعد العسكرية التركية الأساسية، التي يبلغ عددها 12 قاعدة، والتي وضعت في المنطقة بموجب اتفاق آستانة، لكن بعد نقض النظام السوري لاتفاقيَّتي أستانة وسوتشي، وتقدّمه لبعض النقاط التركية وسيطرته على مناطق كان من المفترض ألا يسيطر عليها، نتجت عن ذلك، حالة من عدم الثقة من قبل الأتراك في النظام السوري".

اقرأ أيضاً: ماذا قال أردوغان عن مغادرة القوات التركية سوريا؟

وأضاف: "لذلك استمرت التعزيزات العسكرية؛ من أجل ردع النظام السوري في حال أقدم على خروقات جديدة، أو سيطر على أماكن أخرى، ولوحظ في الآونة الأخيرة، رغم اتفاق التهدئة الذي وقَّع عليه كلا الطرفين (روسيا وتركيا)، أنّ النظام السوري مستمر في التقدم العسكري، سواء في منطقة جبل الزاوية أو مناطق في ريف حلب الغربي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية