ما موقف إيران من التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل؟

ما موقف إيران من التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل؟

ما موقف إيران من التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل؟


05/10/2023

في تعبيرات تؤكد مخاوف وهواجس القيادة الإيرانية العميقة تجاه التطبيع المتسارع بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، خاصة بعد أن  خرجت التسريبات "من الغرف السرّية" إلى العلن، تتوالى تصريحات صادرة من القيادات الإيرانية؛ "علي خامنئي المرشد الأعلى، وإبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية، وحسين عبد اللهيان وزير الخارجية، بالإضافة إلى تصريحات بعض وكلاء إيران في الإقليم".

فقد شنّ المرشد الأعلى خلال لقائه مع سفراء الدول الإسلامية وشخصيات إسلامية أجنبية في طهران في ذكرى المولد النبوي هجوماً على سياسات التطبيع مع إسرائيل، قائلاً: "إنّ الكيان ليس اليوم في وضع يشجع على التقارب معه، ويجب أن يعلموا ذلك، وإنّ الدول التي تراهن على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ستتضرر، فالخسارة تنتظر هؤلاء، وهم يخطئون ويراهنون على الحصان الخاسر، فالكيان الصهيوني يمضي إلى الزوال، والمقاومة الفلسطينية اليوم أنشط وأكثر قوة من قبل في مواجهة الصهيونية والكيان"، أمّا رئيس الجمهورية، فقد أكد في تصريحات على هامش مشاركته في اجتماعات الأمم المتحدة بـ (نيويورك)، قائلاً: "إنّ تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية هو أكبر جائزة للكيان المحتل، ويغير جيوبوليتيك الشرق الأوسط، وإنّ الجهود الأمريكية لتطبيع العلاقات بين الكيان الإسرائيلي ودول الخليج "لن تنجح أبداً"، وفيما بعد ذهب وزير الخارجية إلى تصريحات أكثر حدة بالقول: "إنّ بلاده تهدف إلى قطع الطريق أمام تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، عبر تطوير علاقات إيران مع الدول الإسلامية والعربية"، ومن جانبه حذّر أقرب حلفاء إيران في الإقليم، وهو حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، من التطبيع مع إسرائيل، قائلاً: "توقيع أيّ اتفاق تطبيع مع الاحتلال يجب أن يُدان، وأن يتم استنكاره بعيداً عن العلاقات السياسية والمجاملات، لأنّه طعن بالشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية".

وبالاستناد للعلاقات الدبلوماسية بين إيران والدول العربية التي طبعت مع إسرائيل، من غير المتوقع أن يؤثر التطبيع السعودي- الإسرائيلي سلباً على العلاقات المستقبلية بين طهران والرياض

 التطبيع السعودي الإسرائيلي غير مؤكد بشكل قاطع، لارتباطه باشتراطات سعودية تتفاوض عليها مع أمريكا؛ وهي: "تزويد السعودية بالسلاح الأمريكي، واتفاقية دفاعية ترتقي إلى الاتفاق بين واشنطن وكل من اليابان وكوريا الجنوبية، وإقامة مفاعلات نووية داخل السعودية قابلة لإنتاج أسلحة نووية، وحلّ القضية الفلسطينية"، وهي قضايا موضع نقاشات عميقة بين واشنطن وتل أبيب، ومن غير المعروف حجم ومستوى المقايضات التي ستُجرى والتنازلات التي ستقدّم تجاه هذه المطالب، رغم أنّ مجمل اتفاق بهذا المستوى سيحقق مصلحة للسعودية، ولأمريكا وإسرائيل، ضمن حسابات كلّ طرف.

ردود فعل القيادة الإيرانية لا شكّ تعكس عمق هواجسها، باعتبار أنّ اتفاقاً بهذا المستوى سيجعل إيران معزولة، خاصة أنّ دولاً إسلامية أخرى ستحذو حذو السعودية بالتطبيع، ومع ذلك فإنّ ردّ القيادة الإيرانية ما زال حذراً، إذ لم يتم تسمية السعودية بالاسم في نقد التطبيع، بل إنّ القيادات الإيرانية، بعد التداول الواسع لأخبار التطبيع، ما زالت تؤكد عمق مصالحتها مع الرياض، وأنّ الأمور تجري "على ما يرام بين طهران والرياض"، وهو ما يعني أنّ سيناريو مواصلة إيران توجيه نقد للتطبيع مع إسرائيل في إطار خطاب إعلامي ثوري، سيكون السيناريو الأكثر واقعية، والخيار الأنسب لإيران، ويرجح على نطاق واسع أن تركز إيران على ضمانات سعودية بألّا تقدّم أيّ مساعدة لإسرائيل في الحرب السرّية المستمرة بين وكالات الاستخبارات الإسرائيلية والإيرانية، وأن تبقى محايدة في حال نشوب صراع مسلح بين إسرائيل وإيران، وتدرك إيران جيداً أنّها هي المستهدفة بالاتفاقية الدفاعية المحتملة بين الرياض وواشنطن، والتي عززت هجمات على منشآت (أرامكو) عام 2019، يرجح أن إيران تقف خلفها، إصرار السعودية على إنجازها.

القيادة الإيرانية ستتابع تطورات التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي، لكنّها ستحتفظ فقط بخطاب إعلامي يدافع "إلكترونيّاً" عن المقدّسات والأقصى وحقوق الشعب الفلسطيني إلى حين

وبالاستناد للعلاقات الدبلوماسية بين إيران والدول العربية التي طبعت مع إسرائيل، من غير المتوقع أن يؤثر التطبيع السعودي- الإسرائيلي سلباً على العلاقات المستقبلية بين طهران والرياض، فإيران تربطها، منذ أعوام، علاقات جيدة مع العديد من الدول العربية التي أبرمت اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، فعلاقاتها مع الأردن توصف بالجيدة، وتشهد علاقاتها الدبلوماسية مع مصر تقدماً ملحوظاً، رغم أنّها أول دولة عربية طبعت علاقاتها مع إسرائيل، والعلاقات الإيرانية مع دولة الإمارات العربية المتحدة تبدو وثيقة، خاصة في الجوانب الاقتصادية، رغم أنّ الإمارات طبعت علاقاتها مع إسرائيل، وهو ما يؤكد حقيقة أنّ طهران لديها استعداد لرفع العلم الإيراني على سفاراتها في الدول العربية والإسلامية إلى جانب العلم الإسرائيلي على سفارات تل أبيب في الدول المطبعة مع إسرائيل.

وبالخلاصة؛ فإنّ القيادة الإيرانية التي أنجزت صفقات سرّية مع أمريكا بعنوان تبادل السجناء، والتي وجهت حزب الله لإنجاز اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، والتي تستوعب الضربات المتتالية لميليشياتها في سوريا دون أيّ رد منها، ستتابع تطورات التطبيع السعودي ـ الإسرائيلي كما تابعت اتفاقيات السلام الإبراهيمي، والتطبيع بين إسرائيل وكل من المغرب واستئناف العلاقات بين تركيا وإسرائيل، لكنّها ستحتفظ فقط بخطاب إعلامي يدافع "إلكترونيّاً" عن المقدّسات والأقصى وحقوق الشعب الفلسطيني إلى حين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية