ما تداعيات اعتقال راشد الغنوشي على مستقبل حركة النهضة الإخوانية؟

تداعيات اعتقال راشد الغنوشي على مستقبل حركة النهضة التونسية

ما تداعيات اعتقال راشد الغنوشي على مستقبل حركة النهضة الإخوانية؟


20/04/2023

في 17 نيسان (أبريل) الجاري اعتقلت السلطات التونسية زعيم حركة النهضة الإسلامية، الذراع السياسية للإخوان، وقالت "النهضة" في بيان لها: إنّ الشرطة ألقت القبض على زعيمها من منزله بتونس العاصمة، ونددت بـ "هذا التطور الخطير للغاية"، ودعت إلى "الإفراج الفوري عنه".

نائب رئيس حركة النهضة منذر الونيسي زعم أنّ الغنوشي نُقل إلى ثكنة للشرطة في العوينة لاستجوابه، ولم يُسمح لمحاميه بالحضور. الونيسي حاول استخدام الابتزاز الديني  قائلاً: إنّ عملية الاعتقال جرت خلال شهر رمضان، وفي الليلة الـ (27) (ليلة القدر)، حيث ظهرت قوة شرطة كبيرة من ثكنات العوينة، وأخذت راشد الغنوشي، كما جرى تفتيش في منزله.

ملاحقات متواصلة

يأتي اعتقال الغنوشي بعد تصريحات أوردتها وسائل الإعلام، قال فيها: إنّ تونس ستتعرض للتهديد بـ "حرب أهلية"، إذا تمّ القضاء على الإسلام السياسي. هذا وأكد مصدر بوزارة الداخلية التونسية أنّ اعتقال راشد الغنوشي مرتبط بهذه التصريحات.

وكان راشد الغنوشي قد مثل بالفعل في شباط (فبراير) الماضي أمام المركز القضائي لمكافحة الإرهاب، عقب شكوى تتهمه بتسمية الشرطة بـ "الطغاة". وقبل ذلك، في تموز (يوليو) من العام الماضي تمّ استجوابه للاشتباه في فساد وغسيل أموال، مرتبطين بتحويل أموال من الخارج إلى منظمة خيرية تابعة لحركة النهضة، وبعدها استمع إليه قاضٍ من المركز القضائي لمكافحة الإرهاب في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، في قضية تتعلق بإرسال جهاديين إلى سوريا والعراق.

نزار الجليدي: الغنوشي اعتقل في حالة تلبس

ومنذ مطلع شباط (فبراير) الماضي اعتقلت السلطات أكثر من (20) معارضاً وشخصية، من بينهم وزراء سابقون ورجال أعمال، وصاحب أكبر محطة إذاعية في البلاد، (موزاييك إف إم)، واستهدفت هذه الاعتقالات شخصيات سياسية بارزة في حركة النهضة، وذراعها السياسية المتمثلة في جبهة الإنقاذ الوطني، وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي الذي تنتمي إليه النهضة حالياً.

من جهته، علّق رئيس جبهة الإنقاذ أحمد نجيب الشابي على اعتقال الغنوشي، زاعماً أنّ اعتقال زعيم أهم حزب سياسي في البلاد، والذي أظهر دائماً تمسكه بالعمل السياسي السلمي، يمثل مرحلة جديدة في الأزمة، وأضاف: "هذا انتقام أعمى من المعارضين".

هل انتهى زمن النهضة؟

الكاتب السياسي التونسي نزار الجليدي خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ الغنوشي اعتقل في حالة تلبس، حيث كان يدعو ضمناً إلى الإرهاب والحرب الأهلية، وهو ما يتفق مع التركة السياسية لحركة النهضة على مدار تاريخها، مؤكداً أنّ قرار اعتقال الغنوشي، وما صاحبه من ملابسات وأدلة أثبتت علاقة حركة النهضة بالإرهاب، بما لا يدع مجالاً للشك.

نزار الجليدي: حركة النهضة فقدت بريقها تماماً في الشارع التونسي، وهي ترتكز فقط الآن على خزان إعلامي كبير يعتمد على أموال الحركة، بالإضافة إلى حلفاء النهضة في الخارج

وعن تداعيات ذلك على المشهد السياسي التونسي، قال الجليدي: إنّ اعتقال الغنوشي هو إنهاء لمرحلة كاملة في تونس، ولا بدّ أن تحاسب حركة النهضة على كل الملفات الشائكة، وكذلك ارتباطها بحركة الإخوان المسلمين، وكل هذا في رأيه سوف يؤدي إلى حدوث توازن في إدارة الدولة من قبل الحكومة، بعد تخلصها من رأس الأفعى، فقد أصبح طريق الإصلاح الاقتصادي مفتوحاً، وكذلك تتبع ملفات الفساد والتحقيق فيها.

حركة النهضة، بحسب الجليدي، فقدت بريقها تماماً في الشارع التونسي، وهي ترتكز فقط الآن على خزان إعلامي كبير يعتمد على أموال الحركة، بالإضافة إلى حلفاء النهضة في الخارج، لكن كل ذلك لن يؤثر على إجراءات الدولة التونسية، خاصّة مع قرار وزير الداخلية، الصادر منذ ساعات، بمنع الحركة من ترتيب أو عقد أيّ اجتماعات. ويختتم الجليدي تصريحاته لـ "حفريات" قائلاً: "الإخوان انتهى زمانهم في تونس".

اعتقال متوقع

صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية لفتت في تقرير لها إلى أنّ اعتقال الغنوشي كان متوقعاً، حتى أنّ شنطة الأخير كانت مُعدّة، وأنّ الحركة كانت متأهبة لتلقي ذلك، خاصّة بعد انتشار مقطع الفيديو الأخير. مؤكدة أنّ قانون مكافحة الإرهاب يسمح للأجهزة الأمنية باحتجاز شخص لمدة (48) ساعة، دون الاتصال بمحاميه، وعليه انتظر محامو الغنوشي أمام ثكنة العوينات، ولم يسمح لهم بالدخول وفقاً للقانون.

"لوفيجارو" قالت: إنّ الغنوشي يواجه تهماً تتعلق بالإرهاب، عقب إدلائه بتصريحات من شأنها زعزعة استقرار الدولة، خلال اجتماع للمعارضة السبت الماضي، قال فيه: "تخيل تونس من دون هذا الحزب أو ذاك، من دون النهضة، بدون الإسلام السياسي... هي مشروع حرب أهلية".

ربما ينعكس هذا كلّه على مستقبل الحركة

ولفتت "لوفيجارو" إلى أنّ راشد الغنوشي كان تحت مراقبة الشرطة منذ أحداث 25 تمّوز (يوليو) 2021، وكل تحركاته معروفة للأجهزة الأمنية، كما أشارت إلى وجود احتفالات بالحدث (اعتقال الغنوشي) على الصعيد الشعبي؛ لأنّ حركة النهضة تُعتبر في نظر كثيرين  مسؤولة عن الوضع الحالي في البلاد، وأنّها أصبحت مكروهة من قبل قسم كبير من الشعب، إضافة إلى مسؤولية الحزب الإخواني عن الاغتيالات السياسية في العام 2013.

إغلاق مقر النهضة

عقدت حركة النهضة عقب اعتقال زعيمها مؤتمراً صحفياً، حمّلت فيه السلطة المسؤولية عن صحة راشد الغنوشي، الذي "يعاني من عدة أمراض، مع مراعاة سنّه". ووفقاً لأحد المصادر الخاصّة بصحيفة لوفيجارو الفرنسية، فقد تم نقل الغنوشي إلى المستشفى يوم الثلاثاء.

وبمجرد انتهاء المؤتمر الصحفي، اقتحمت الشرطة مقر النهضة، واعتقلت محمد القوماني، وبلقاسم حسن، وهما من نوّاب وأعضاء المكتب التنفيذي للحركة، كما جرى تفتيش المقر، في وجود ممثلين قانونيين للحزب.

صحيفة لو فيجارو الفرنسية لفتت في تقرير لها إلى أنّ اعتقال الغنوشي كان متوقعاً، حتى أنّ شنطة الأخير كانت مُعدّة، وأنّ الحركة كانت متأهبة لتلقي ذلك

بدورها، قالت سيدة الونيسي، عضو المكتب التنفيذي للحزب، والنائبة والوزيرة السابقة: إنّه خلال الليل، وصباح الثلاثاء، أغلقت (12) سيارة تابعة للشرطة التونسية مدخل مقر حركة النهضة، كما تم إغلاق الفيلا التي كانت بمثابة مكتب لجبهة الإنقاذ الوطني، ومنعت وزارة الداخلية هاتين الجهتين من عقد أيّ اجتماعات؛ بناءً على مرسوم يتعلق بحالة الطوارئ.

وربما ينعكس هذا كلّه على مستقبل الحركة، التي باتت في مهب الريح بعد اعتقال زعيمها التاريخي، وإغلاق مقرها للمرة الأولى منذ ثورة 2010، ممّا يعني أنّ مستقبل الإخوان في تونس أصبح على المحك، وأنّ كل الملفات المؤجلة يجري فتحها الآن في توقيت واحد.

مواضيع ذات صلة:

اعتقال الغنوشي وإغلاق مقر النهضة.. هل طويت صفحة الإخوان في تونس إلى الأبد؟

لماذا يسعى الاتحاد التونسي للشغل لفتح قنوات حوار مع الحكومة؟

إيقاف الغنوشي.. للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة في تونس




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية