
في ظل تشجيع الحكومات وصُنّاع السياسات في العالم للاستثمار في تكنولوجيا الجيل الخامس (5G) على أمل تعزيز صناعات التكنولوجيا الفائقة، يتزايد انتشار هذه التكنولوجيا يوماً بعد يوم، إلا أنها لا تزال في مراحلها الأولى ولم تُصبح مُعتمدَة بشكل أساسي من جميع المستخدمين بعد.
وباتت تكنولوجيا الجيل الخامس للاتصالات تنتشر في حوالي 40 دولة من دول العالم، وسط تساؤلات حول تأثيرات هذا الجيل من الاتصالات على الكثير من القطاعات، والجدوى الاقتصادية له في ظل التكلفة الكبيرة التي يتم إنفاقها لإنشاء البنية التحتية اللازمة لهذه التكنولوجيا في الوقت الذي لم تجنِ فيه الشركات المسؤولة عن ذلك الأمر سوى القليل من الأرباح حتى الآن.
ما أهمية شبكات الجيل الخامس؟
ووفق دراسة لـ "مركز الإمارات للسياسات"، تكمن أهمية هذه الشبكات، التي بدأت بالانتشار لأول مرة عام 2018، في كونها أسرع بكثير من شبكات الجيل الرابع؛ إذ تقوم بتوصيل العديد من الأجهزة بدايةً من السيارات ذاتية القيادة إلى المدن الذكية، ومن الميتافيرس إلى الروبوتات المتقدمة.
ولا تقتصر ثورة الجيل الخامس على الأنشطة المدنية، ولكنها ستغير قواعد اللعبة في ساحة المعركة، حيث ستعمل على تحسين أنظمة وعمليات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وإحداث ثورة في القيادة والسيطرة.
ومن المنتظر أن تدعم شبكات الجيل الخامس النشاط الاقتصادي من خلال إتاحتها لما يصل إلى 13.1 تريليون دولار من السلع والخدمات، كما أنّها ستوفر ما يصل إلى 22.8 مليون وظيفة بحلول عام 2035، لكن من أجل الوصول إلى هذا المستوى على العالم أن يدفع فاتورة تتراوح بين 700-900 مليار دولار من أجل تجهيز البنية اللازمة لتوفير هذه التكنولوجيا.
من المنتظر أن تدعم شبكات الجيل الخامس النشاط الاقتصادي من خلال إتاحتها لما يصل إلى 13.1 تريليون دولار من السلع والخدمات، كما أنها ستوفر ما يصل إلى 22.8 مليون وظيفة بحلول عام 2035
وتهدف شبكات الجيل الخامس إلى رفع سرعات الإنترنت وتقليل زمن التحميل بشكل ملحوظ، كما أنها ستُقلل من الاعتماد على الكابلات من خلال العمل عبر الكلاود (الحوسبة السحابية)، ومن المتوقع أن تكون سعتها أكبر 100 مرة من شبكة الجيل الرابع، مما يُحسِّن سرعات الإنترنت بشكل كبير؛ إذ إنّ الوقت الذي تستغرقه المواقع للتحميل سيتقلص ليصل إلى 0.001 ثانية أو 400 مرة أسرع من غمضة العين، وستفيد هذه السرعات العالية السيارات ذاتية القيادة والأجهزة الطبية والمنازل الذكية والعمليات الصناعية والآلات الزراعية، وفق ما أودته الدراسة.
كما أنّ هذه تكنولوجيا ستوفر نطاقاً ترددياً أكبر، ما يعني أنّ المزيد من الأجهزة يمكنها استخدام الشبكة في الوقت نفسه، وهذا من شأنه أن يخفف المشاكل في أماكن مثل الملاعب الرياضية أو الحفلات الموسيقية، حيث قد يحاول آلاف الأشخاص إجراء مكالمة هاتفية أو تحميل صورة في نفس الوقت. ومن المتوقع أن تُسهم شبكات الجيل الخامس في تقليل الحوادث المرورية أيضاً بنحو 80% بحلول عام 2025، ويرجع ذلك إلى استخدامها في إنتاج السيارات الذكية.
اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب تأجل إطلاق شبكات الجيل الخامس قرب المطارات الأمريكية
وسيكون لتكنولوجيا الجيل الخامس دور أساسي في تحقيق هدف الحياد الكربوني والحفاظ على البيئة، وتكمُن الفكرة الأساسية هنا في أنّ تحسين الاتصالات سيسمح لمزيد من الخدمات والأنشطة بالانتقال عبر الإنترنت، ما يُقلل من استهلاك الطاقة من قطاعات النقل والصناعات الأخرى. وتشير التقديرات إلى أنّ شبكة الجيل الخامس ستسمح بتوفير الطاقة بنسبة 1/10؛ أي إنّ كل وحدة طاقة مستثمرة في شبكات الجيل الخامس ستوفر 10 وحدات أخرى.
كيف تعمل؟
وتعمل هذه التقنية التي ستضيف تحديثات جديدة إلى بنية الشبكة، عبر تغطية معيار (5G New Radio) وتوفر واجهة لاسلكية هوائية أعلى قدرةً، وأطيافاً لا تستخدم في شبكات 4G.
وستضم الهوائيات الجديدة تقنية تُعرف باسم تقنية MIMO (الدخل المتعدد، الخرج المتعدد) الضخمة، والتي تمكّن العديد من أجهزة الإرسال والاستقبال من نقل مزيد من البيانات في الوقت نفسه.
لكن تقنية الـ (5G) لا تقتصر فقط على الطيف اللاسلكي الجديد، بل إنها مصممة لدعم شبكة متقاربة وغير متجانسة تنطوي على تقنيات مرخصة وغير مرخصة، وسيزيد ذلك النطاق الترددي المتاح للمستخدمين.
اقرأ أيضاً: هل تُسبب اتصالات الجيل الخامس أضراراً صحيّة؟
ستكون بنى الـ (5G) عبارة عن واجهات محددة بالبرامج تُدار فيها وظيفة العمل بواسطة البرامج وليس الأجهزة، وستمكّن التطورات في الخدمات الافتراضية والتقنيات المستندة إلى السحابة الإلكترونية وأتمتة تكنولوجيا المعلومات والأعمال شبكة 5G من أن تصبح شبكة رشيقة ومرنة وتوفر إمكانية الوصول للمستخدمين في أي وقت ومن أي مكان.
اقرأ أيضاً: قريباً.. آيفون بتقنية الجيل الخامس (G5)
ويمكن أن تنشئ شبكات (5G) تركيبات شبكية فرعية محددة بالبرامج تُعرف باسم شرائح الشبكة، والتي تمكن مشرفي الشبكة من تحديد وظائف الشبكة استناداً إلى المستخدمين والخدمات، وفق ما أورده موقع "CISCO" المعني في التكنولوجيا.
في المنطقة العربية
وتوصلت دراسة "مركز الإمارات للسياسات" إلى أنّ المنطقة العربية تحتل مكانة مهمة في هذا التكنولوجيا، خصوصاً دول الخليج العربي، والتي تعد من الدول الرائدة في تبني تكنولوجيا الجيل الخامس، خاصةً السعودية والكويت وقطر والإمارات التي احتلت المرتبة الثالثة عالمياً في سرعة التحميل الخاصة بشبكات الجيل الخامس.
ومن المتوقع أن يصل عدد المشتركين في منطقة الخليج بشبكات الجيل الخامس من 60 إلى 65 مليون مشترك خلال الأعوام الـ 5 المقبلة.
من ناحية أخرى، تضع بعض الدول العربية خططاً للتحول لتكنولوجيا الجيل الخامس، ومنها مصر التي تخطط للتحول لهذه التكنولوجيا خلال 3 أعوام.
فيما ستستثمر السعودية والإمارات مستقبلاً في جهد جماعي لاعتماد تقنية شبكة النفاذ الراديوي المفتوحة في شبكاتهما الوطنية، بدعم من خمس شركات اتصالات من الدولتين، بهدف بناء شبكات مرنة للجيل الرابع والجيل الخامس من خلال اعتماد واجهة وبرامج وأجهزة مفتوحة تسمح لشركات الاتصالات بتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، بهدف تقليل تعرضها للتوترات الجيوسياسية الناجمة عن الحرب الباردة التكنولوجية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين.