ليبيا: ماذا تفعل حكومة باشاغا بأزمة نقص التمويل؟ وما أبرز التحديات الأخرى؟

ليبيا: ماذا تفعل حكومة باشاغا بأزمة نقص التمويل؟ وما أبرز التحديات الأخرى؟


22/06/2022

تواجه حكومة الاستقرار الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، حزمة من التحديات تتعلق بالوضع الأمني وحالة التجاذب السياسي في البلاد، والخلاف المستعر مع رئيس الحكومة السابق عبد الحميد الدبيبة والقوى الداعمة له، وكذلك الأزمة الاقتصادية المتفاقمة مع استمرار توقف معظم الموارد النفطية.

وتتعلق الأزمة الأخطر التي تشغل الشارع الليبي خلال الوقت الراهن في كيفية حصول حكومة باشاغا على الميزانية التي أقرها البرلمان بشكل رسمي، الأربعاء الماضي، بنحو(89.7) مليار دينار ليبي؛ أي ما يعادل (18.6) مليار دولار، فيما يبدو موقف المصرف المركزي الليبي المسؤول عن صرف هذه المخصصات حتى الآن غامضاً.

أكبر موازنة في تاريخ البلاد

وتعد الموازنة الحالية هى أكبر موازنة في تاريخ البلاد متأثرة بارتفاع معدلات التضخم التاريخية، وتم تقسيمها على عدة أبواب، الأول للرواتب وخصص له 41 ملياراً و778 مليوناً و145 ألفاً و200 دينار، وبلغت مخصصات النفقات التسييرية والتشغيلية 8 مليارات و677 مليوناً و370 ألفاً، أما مشروعات وبرامج التنمية وإعادة الإعمار فخصص لها 17 ملياراً و700 مليون، وحصلت نفقات الدعم على 26 ملياراً و675 مليوناً، بحسب شبكة "سكاي نيوز".

ويعد نقص التمويل من أبرز التحديات التي يفترض أن تتداركها حكومة باشاغا سريعاً، لا سيما أنّ محافظ المصرف المركزي بطرابلس، الصديق الكبير، لم يتعاط سلباً أو إيجاباً مع المتغيرات الجديدة.

الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق

فيما تحدث عبدالله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، عن وجود "إجراءات ستُتخذ خلال الأيام المقبلة لتوفير الميزانية للحكومة الشرعية"، بحسب ما أوردته صحيفة "الشرق الأوسط".

وفي تصريحات صحافية أعقبت تصديق البرلمان على الموازنة الجديدة للعام 2022، قال بليحق، إنه "سيجري تقديم كافة أشكال الدعم للحكومة الجديدة لمعالجة أزمة التمويل وتوفير مواردها، كما أكد أنه لا مجال للانسياق خلف رغبة البعض بالصدام المسلح، فهو أمر مرفوض تماماً".

عقبات الحصول على تمويل

ينعكس الصراع السياسي بين حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا، وعبد الحميد الدبيبة الذي مازال يعترف بشرعية حكومته ويرفض التنازل عن رئاسة الحكومة، على أزمة نقص التمويل الخاصة بالحكومة الجديدة إلى حد كبير. 

وتتلقى حكومة الدبيبة، الذي تم تعينه قبل نحو عام على رأس حكومة تصريف أعمال، من المفترض أن مهمتها قد انتهت، تتلقى دعماً من المصرف المركزي الليبي في طرابلس، وهو الجهة الوحيدة المعترف بها دولياً لتلقي عوائد النفط. 

 البرلماني الليبي محمد العباني: إقرار الموازنة من جانب البرلمان يعني البدء بعدد من الإجراءات القانونية لتوفير الموارد الخاصة بها

وفي السياق يعتمد مشروع الموازنة للحكومة الجديدة بشكل رئيسي على الموارد السيادية لتغطية نفقاتها، حيث من المتوقع أن تصل قيمة العوائد النفطية نحو (90) مليار دينار، بحسب "إندبندنت عربية".

وحتى الآن لم يعلن المركزي في طرابلس، موقفه عن قدرته على تمويل الموازنة وسط انقسام بين حكومتين واستمرار إغلاق النفط، بحسب صحيفة "العرب"، فيما يتوقع مراقبون أن يخاطب البرلمان البنك المركزي الليبي، خلال أيام، لتخصيص المبالغ الخاصة بموازنة حكومة باشاغا، للبدء في تنفيذ مهامها في أقرب وقت.

كيف ستتصرف حكومة باشاغا؟

النائب في البرلمان الليبي عبد المنعم العرفي، حذر من مغبة عدم مساعدة حكومة الاستقرار في تحقيق المهام المنوطة بها ودعا، بحسب ما أوردته "إندبندنت عربية"، "الأجهزة الرقابية والمالية في البلاد للانصياع والعمل مع الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وتسييل القيمة المالية المخصصة لها".

 حذر النائب في البرلمان الليبي عبد المنعم العرفي من مغبة عدم مساعدة حكومة الاستقرار في تحقيق المهام المنوطة بها

وطالب العرفي "محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، بالامتثال لقرار البرلمان وصرف الموازنة للحكومة حتى لا يخالف قانونياً".

من جانبه، قال البرلماني الليبي محمد العباني، إنّ إقرار الموازنة من جانب البرلمان يعني البدء بعدد من الإجراءات القانونية لتوفير الموارد الخاصة بها.

وأوضح العباني في حديث لموقع "سبوتنيك" أنّ "الحكومة الجديدة لا يمكنها أن تمارس مهامها دون ميزانية، في ظل تقاسم السلطة بينها وبين حكومة الدبيبة التي ترفض التسليم".

البرلماني الليبي عبدالمنعم العرفي: يتوجب على الأجهزة الرقابية والمالية في البلاد الانصياع والعمل مع الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وتسييل القيمة المالية المخصصة لها

وأضاف أنّ إقرار الميزانية يظل دون أي جدوى ما لم يلتزم المصرف المركزي بصرف الميزانية للحكومة المكلفة والتي أقرت لها الميزانية.

وفي الوقت ذاته استبعد البرلماني أن يتجه المصرف المركزي لصرف الميزانية لحكومة باشاغا في ظل سيطرة حكومة الدبيبة على العاصمة، وكذلك الكتائب المسلحة.

وبسؤاله عن الإجراءات التي يتوجب على الحكومة اتخاذها في حال امتناع المركزي الليبي عن توفير ميزانيتها، قال العباني إن "حكومة باشاغا يمكن أن تتجه لاقتراض من المصارف التجارية أو طباعة الأموال، لكن هذا الإجراء يؤثر بدرجة كبيرة على سعر العملة الليبية".

هل يستسلم الدبيبة؟ 

لا يبدو الأمر قريباً، فالبرغم من احتدام حالة الشقاق السياسي في البلاد وعودة خطر الميليشيات المسلحة، وتسارع الخطوات من جانب البرلمان الليبي لدعم حكومة الاستقرار للبدء بتنفيذ مهامها، إلا أنّ عبد الحميد الدبيبة لا يزال متمسكاً بمنصبه القديم، وفيما يبدو أنه بصدد تحركات جديدة في المستقبل القريب لمواجهة التحركات الخاصة بدعم باشاغا. 

هذا الطرح، يمكن الاستدلال عليه من تصريحات الدبيبة الأخيرة بشأن الأزمة والتي أكد من خلالها أنه قادر على الصمود مع حكومته حتى في ظل "إغلاق معظم حقول النفط وإيقاف الإنتاج لأجل غير معلوم".

وشهد الخميس الماضي، تحركاً جديداً للميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، بحسب ما رصدته "الشرق الأوسط"، ما ينذر بمواجهات وشيكة، بعد تصريحات توعد خلالها الدبيبة بمواجهة القوات التابعة لمسؤول عسكري سابق، موال لغريمه باشاغا. ورصد السكان تحرك رتل مسلح يتبع ميليشيات جهاز دعم الاستقرار باتجاه طريق مطار العاصمة، تزامناً مع تحشيدات عسكرية في منطقة الطويشة بطرابلس.

وإجمالاً، يخشى المراقبون  والقوى السياسية الليبية، من احتمالات الصدام المسلح بين الحكومتين خلال الفترة المقبلة، خاصة في ضوء التحشيد المستمر للقوات، واستمرار تمسك الدبيبة بمنصبه، وأيضاً احتمالات عدم توفير موارد الموازنة الخاصة بالحكومة وهو ما سيتسبب في إشعال الأزمة. 

مواضيع ذات صلة:

لماذا تخلى إخوان ليبيا عن فتحي باشاغا؟

مع اقتراب موعد انتهاء خريطة الطريق.. إلى أين تمضي ليبيا؟

مَن الأطراف التي تسعى إلى "لبْنَنة" ليبيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية