ليبيا: لماذا خرج أسامة الجويلي من المولد بلا حمص؟

ليبيا: لماذا خرج أسامة الجويلي من المولد بلا حمص؟


15/10/2020

يقول ليبيون، عبر صفحاتهم على تويتر: "خرج أسامة الجويلي من المولد بلا حمص"، وذلك بعد استبعاد السراج له من التعيينات الجديدة في منصبَي: وزارة الدفاع، ورئاسة الأركان، وهما المنصبان اللذان طمح إلى تولي أحدهما، الرجل الذي يشغل منصب، آمر غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية، وقائد القوة المشتركة، والموالي لفايز السراج، رئيس حكومة الوفاق.

يبدو موقف الجويلي ضعيفاً في الصراع على السلطة في طرابلس، فلا تقدر قواته أن تخوض قتالاً ضدّ ميليشيات مصراته، كما أنّه لا يحظى بالرضى التركي الذي تحوزه مصراتة

ويبدو أنّ حاجة السراج إلى قوة الجويلي العسكرية أشرفت على الأفول، بعد إعلانه عزمه على التخلي عن منصبه، بعد إخفاقه في  تنحية وزير الداخلية المفوض، المصراتي القوي، فتحي باشاغا، وجمود آفق الحسم العسكري، والمفاوضات العسكرية والسياسية التي تشهدها العواصم الإقليمية والدولية.

ويقود أسامة الجويلي، عدّة ميليشيات من مدن في المنطقة الغربية، ويُتهم من قبل أطراف عديدة بالانخراط في تجارة تهريب الوقود والمخدرات عبر الحدود مع تونس والجزائر، وينتمي إلى مدينة الزنتان، التي انقسمت حول موقفها من دعم الجيش الوطني، بعد أن انضم الجويلي إلى السراج.

الجويلي: خيبة أمل من السراج

وشعر الجويلي بخيبة أمل كبيرة، حين استنثاه السراج من المنصبين اللذين طمع في أحدهما؛ وزارة الدفاع أو رئاسة الأركان، في التعيينات التي جرت في شهر آب (أغسطس) الماضي، وذهب منصب وزير الدفاع إلى صلاح الدين علي النمروش، ابن مدينة الزاوية، ومنصب رئاسة الأركان العامة للجيس، إلى الفريق أول محمد علي أحمد الحداد، ابن مدينة مصراتة، ما يعني سيطرة مصراتة والزاوية على أهم مناصب الدولة، وإسقاط الزنتان من حسابات الوفاق.

السراج والجويلي

وقدّم الجويلي خدمات كبيرة للسراج، يقول عنها الناشط السياسي الليبي، المقيم في واشنطن، مفتاح فرج ياسين: "قدّم الجويلي خدمات ثمنية للسراج؛ فهو من قام بشقّ صفّ الزنتان، بإعلان ولائه للسراج، بعد أن كانت معقلاً قوياً للجيش الوطني في الغرب، وحارب ضدّ الجيش الوطني، ودعم السراج ضدّ المظاهرات وباشاغا، إلى جانب أنّه من أمر بانسحاب قوات الزنتان التي كانت تقاتل فجر ليبيا، عام 2014، في معركة المطار، وترتب على ذلك سقوط طرابلس بيد ميليشيات فجر ليبيا".

اقرأ أيضاً: على غرار قاعدة إنجرليك.. تركيا تجهز "بؤرة ساخنة" في ليبيا

ويضيف ياسين، لـ "حفريات"، عن شخصية الجويلي: "هو شخصية مضطربة، فاسدة بطبعها، ويقوم بتهريب الوقود المدعم إلى تونس، القريبة من الزنتان، وأيضاً تهريب المخدرات إلى الداخل، عبر الحدود الجزائرية، مروراً بصحراء الحمادة".

ورغم الخدمات الكبيرة التي قدمها الجويلي للسراج، إلا أنّ ذلك لا يغير من طبيعة المعادلة في ليبيا، وهي حاجة السراج لحلّ مشكلتَي قوة مدينة مصراتة، الأقوى في الغرب، التي يمثّلها سياسياً؛ فتحي باشاغا، ونائب السراج، أحمد معيتيق، الذي لعب دوراً محورياً في اتفاق استئناف إنتاج وتصدير النفط، واللقاءات العسكرية بين الشرق والغرب في مصر، ومدينة الزاوية، المقربة من تركيا، والتي تتبع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، والذي يترأس وفد الغرب في حوار بوزنيقة الليبي، في المغرب. وعلى خلاف السراج، يمتلك المشري شرعية البقاء في منصبه دون مدة محددة، وفق اتفاق الصخيرات، بينما انتهت ولاية السراج منذ عام 2018، وفق الاتفاق.

اقرأ أيضاً: هل يعزز زخم الحوارات الليبية احتمالات حل الأزمة؟

بينما فقدت مدينة الزنتان حاضنتها السياسية، في حكومة الوفاق والمجلس الأعلى، بعد استقالة ممثليها، وانضمامهم إلى الجيش الوطني والبرلمان في طبرق.

وحول ذلك، يقول المحلل السياسي الليبي، عبد الله بن صالح: "لا يوجد صوت يمثّل الزنتان داخل المجلس الرئاسي، بعد انسحاب ممثلهم، عمر الأسود، الذي شغل منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي، وأصبحت مليشيات الزنتان التابعة لأسامة جويلي تبحث عن نفود سياسي وعسكري، الأمر الذي أجبرهم على دعم مليشيات الوفاق في حربها ضدّ الجيش، لعل وعسى أن يتحصلوا على حقيبة سيادية، ولم تأتي الرياح بما تشتهي الزنتان بل أتت بما تشتهي باقي المليشيات".

السراج مع الفريق أول رئيس الأركان الجديد

ويتابع بن صالح، لـ "حفريات": "يدرك السراج أنّه لا يستطيع تجاهل قوة مصراتة والزاوية، لذلك لجأ إلى تصعيد جيل جديد من القادة من هاتين المدينتين، يتسم بعدم الأدلجة، أو الانتماء للإخوان المسلمين، كي لا يكون لهم أطماع في رأس السلطة، ويرضوا بجزء منها، تحت غطاء السراج، فرئيس الأركان، الحداد، خلفيته جهوية، ووزير الدفاع، النمروش، من المرجح كذلك أنّه جهوي".

هل انتهى دور الجويلي؟

وتتوقف حاجة السراج إلى دعم اللواء الجويلي على صدق إعلانه بترك السلطة؛ فحال صدق لن يكون بحاجة إلى الجويلي، مما يضعه في مأزق كبير؛ نتيجة كراهية كلّ الميليشيات للزنتان، وعدم وجود غطاء تركي للجويلي، أما إذا استمر السراج في المشهد، وهو غير مرجح، فربما يكون للجويلي دور أكبر.

اقرأ أيضاً: أردوغان يواصل إرسال مرتزقته إلى ليبيا وأذربيجان.. تعنت واستخفاف بالقرارات الدولية

 وتوجد ميليشيات من الزنتان في العاصمة طرابلس، وهي ميليشيا عماد الطرابلسي، في حي الأندلس، وقرقارش، في طرابلس، ولكنّها تلقى معارضة من ميليشيات طرابلس، على خلفية جهوية، وانتهت أحداث القتال الأخيرة بين الزنتان والزاوية، بداية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بإخراج الزنتان من محور جنوب العاصمة.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين حوارات الليبيين في المغرب ومصر وتونس؟

وعن علاقة ميليشيات الوفاق بالزنتان، يقول المحلل السياسي، عبد الله بن صالح: "الأمر الآن اختلف كثيراً عن السابق، حين كان المجلس الرئاسي يمنح الأدوار، ويعطي لأسامة جويلي مميزات ويشاركونه الاجتماعات، بغرض زيادة شقّ صفوف الزنتان، إبان وجود الجيش الوطني على تخوم طرابلس، أما الآن فالوضع اختلف، وقوات الجيش تتفاوض مع قيادات مصراتة، وزار وفد من المنطقة الشرقية مصراتة، للتفاوض حول إطلاق سراح الأسرى، لذلك لم يعد للزنتان أي دور سياسي أو عسكري".

المحلل عبد الله بن صالح لـ"حفريات":  باشاغا وجّه ضربة سابقة للجويلي، حين أقال رجله عماد الطرابلسي، قائد ميليشيا جهاز الأمن العام من منصبه في وزارة الداخلية

ويردف بن صالح، لـ "حفريات": "أسلوب مليشيات الزنتان إبان ثورة 17 فبراير لم يلق إعجاب ورضى باقي المليشيات، حيث قامت الزنتان بالسيطرة على مطار طرابلس الدولي، بقيادة المختار الأخضر، وهو مهرب سابق وخبير فالصحراء، وارتكبوا العديد من التجاوزات والخروقات، منها التهريب والفوضى ومضايقة العاملين بالمطار، الأمر الذي جعلهم محل سخرية وتهكم من الناس".

باشاغا: عدو الجويلي

ويبدو موقف الجويلي ضعيفاً في الصراع على السلطة في طرابلس، فلا تقدر قواته أن تخوض قتالاً ضدّ ميليشيات مصراته، كما أنّه لا يحظى بالرضى التركي الذي تحوزه مصراتة، ويناصبه وزير الداخلية، فتحي باشاغا، العداء، ويضع ميليشيات الزنتان ضمن مخططات تصفية الميليشيات.

باشاغا مع عبد الرؤوف كاره، قائد ميليشيا قوة الردع الموالية له

وأشار عبد الله بن صالح إلى؛ أنّ باشاغا وجّه ضربة سابقة للجويلي، حين أقال رجله عماد الطرابلسي، قائد ميليشيا جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية، من منصبه في وزارة الداخلية، وهو الأمر الذي سكت عنه الجويلي والطرابلسي، ربما لقاء ترضية مالية.

ومما له دلالة على رفض ميليشيات الوفاق، عدا السراج، لأي دور للزنتان، قيام عضو المجلس الرئاسي،  عبد السلام كاجمان، المحسوب على تيار الإخوان المسلمين، بإلغاء قرار السراج لتكليف عماد الطرابلسي بمنصب نائب رئيس جهاز المخابرات العامة.

اقرأ أيضاً: ليبيا: التنافس على تهريب الوقود يشعل القتال بين الزنتان والزاوية

ووفق الناشط السياسي، مفتاح فرج ياسين؛ فإنّ الجويلي أوقع نفسه في مأزق، بسبب لعبه من تحت الطاولة مع أعداء الزنتان، ما تسبّب في انشقاق القوة المنظمة من الزنتان، وانضمامها إلى الجيش الوطني، بقيادة المشير حفتر.

وبسبب ذلك؛ أصبح الجويلي معتمداً بشكل كبير على السراج، وحتى إن شعر بالغضب فلن يجد أمامه الكثير ليفعله، فمن الصعب الاتفاق مع عدوه باشاغا، أو التنسيق مع خالد المشري، ابن مدينة الزاوية، لأن ميليشيات المدينة في خلاف مع الجويلي، حول نشاط التهريب عبر الحدود، فكلاهما يتصارعان على هذا النشاط المدرّ للربح.

وشغل الجويلي منصب وزير الدفاع في حكومة عبد الرحيم الكيب، مكافأة له على أسر كتيبة الزنتان التي يقودها سيف الإسلام القذافي، ومن قبل كان رئيس المجلس العسكري للزنتان، إبان ثورة شباط (فبراير) 2011.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية