لماذا يماطل الحوثيون في تمديد الهدنة باليمن؟

لماذا يماطل الحوثيون في تمديد الهدنة باليمن؟

لماذا يماطل الحوثيون في تمديد الهدنة باليمن؟


01/12/2022

يبدو أنّ المجتمع الدولي والوسطاء الإقليميين يشدون الرحال إلى الحوثيين لإقناعهم بالقبول بتمديد الهدنة التي انتهت في مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بينما يماطل الحوثيون الذين استغلوا انتهاء الهدنة لاستئناف العدوان على الموانئ في مناطق الشرعية، بهدف الضغط على الشرعية لتقديم تنازلات جديدة. وبحساب المكاسب والخسائر منذ بداية عمليات التحالف العربي "عاصفة الحزم" في 2015 لمساعدة الشرعية على التصدي للانقلاب الحوثي، يتبين أنّ الأخير حقق مكاسب ميدانية وسياسية كبيرة مقارنةً بخسارة الشرعية لمعظم المحافظات الشمالية، ذات الثقل السكاني والاقتصادي الكبير.

تعطيل الهدنة

منذ انتهاء الهدنة الأممية مطلع أكتوبر الفائت، صعدت ميليشيا الحوثي من هجماتها على موانئ النفط في محافظتي شبوة وحضرموت في الجنوب اليمني بثلاث غارات لطائرات مسيّرة. ويرى الحوثيون أنّ تصدير النفط هو نهب لثروات الشعب اليمني من قبل حكومة غير شرعية، وهي القناعة التي عززها تراجع الشرعية سواء على الأرض وفي التفاوض السياسي بعد تخليها عملياً عن الثوابت القانونية لتعريف الأزمة، التي تتمثّل في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وإعلان الرياض وقرارات مجلس الأمن لاسيما القرار (2216).

ويرى مدير مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي أنّ الأسباب غير المعلنة لعدم تمديد الهدنة يتوقع أن تكون أن "الإيرانيين قد طلبوا من الحوثيين بشكل مباشر المساعدة في تصعيد الأمور في المنطقة". وأضاف المذحجي لشبكة "CNN" إنّ "الإيرانيين والحوثيين في وضع سياسي صعب"، وتابع بالقول إنّ الإيرانيين يتعرضون لضغوط هائلة وسط احتجاجات محتدمة في الداخل وربما يحاولون إبعاد خصومهم في الخليج عن طريق إبقائهم منشغلين بالصراع اليمني.

الحصار الحوثي لمدينة تعز مستمر

وفي إحاطة أمام مجلس الأمن قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانس غرونبرغ إنّه يواصل التشاور مع الأطراف لبدء مناقشات تفضي لتسوية أكثر شمولية للصراع. وتابع بالإضافة إلى "الجهود المتعلقة بتجديد الهدنة أتواصل مع الأطراف ليس فقط بخصوص توسيع الهدنة، بل أيضاً للشروع في مناقشات حول مسار يفضي إلى تسوية أكثر شمولية للنزاع".

من جانبه قال رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء في حضرموت، سعيد بكران، إنّ الحوثيين يريدون شروطاً تجعل منهم القوة التي حسمت الصراع وتجعل من الطرف الآخر في الشرعية عبارة عن ديوان موظفين، يخضعون للجماعة أو يديرون شؤون الجماعة المالية ويرسلون المرتبات ويصدرون النفط.

تُصنف الأزمة الإنسانية في اليمن على أنّها الأسوأ في العالم، وفي قلبها تقع أزمة حصار مدينة وأرياف تعز، التي تعتبر أشد المناطق معاناةً في اليمن

وقال بكران لـ"حفريات" لدى الحوثيين شعور بأنّ "الحرب انتهت لصالحهم وبالتالي يضعون شروط المنتصر". وأضاف "أعتقد أنها قراءة خاطئة؛ فالحرب انتهت بهزيمة قاتلة للحوثيين في شبوة على الأقل وإخفاق في مأرب".

بدوره قال رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب فؤاد راشد، إنّ الحوثي لا يبالي ويرفض الهدنة ويحرك مسيرات إلى كل مكان، بينما الشرعية تعيش حالة خلل في بنيتها الهيكلية الإدارية بدءاً من المجلس الرئاسي حتى على مستوى التشكيلات الأمنية والعسكرية التي لا تجمعها إدارة واحدة، "الحوثي يعرف ويستغل هذا".

أطماع الحوثي

ووقع التحالف والشرعية هدنة لمدة شهرين على مستوى البلاد مع الحوثيين في نيسان (أبريل) الماضي كانت الأولى منذ عام 2016. وتم تجديد هدنة الشهرين مرتين لكنها انتهت دون تجديد بسبب مطالب الحوثيين فيما يتعلق بأجور موظفي القطاع العام. وصرح رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك بأنّ الحكومة حريصة على السلام وتقديم التنازلات لصالح الشعب اليمني، مشدداً على "عدم تقديم أي تنازلات غير مقبولة ولا منطقية". وأضاف: "هناك من يرفض كل مسارات السلام، ولن يكون هناك أي استقرار وتوجه جاد نحو السلام، ما لم يكن هناك تأمين كامل لمصادر النفط". بينما صرح ما يُعرف بنائب وزير الخارجية الحوثي حسين العزي بأنّ "المبعوث الأممي يعرف أنّ مفاوضات وقف الحرب وإنهاء التدخل الخارجي ليست ضمن صلاحياته"، ورفض العنزي تحميل المبعوث لصنعاء مسؤولية عدم تمديد الهدنة.

في تلك الأثناء تتواصل اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي لبحث إجراءات تنفيذ قرار مجلس الدفاع الوطني رقم (1) لسنة 2022 بتصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية، وهي الخطوة التي جاءت رداً على العدوان على الموانئ النفطية في حضرموت وشبوة.

فؤاد راشد: شروط الحوثي معروفة ولا تقتصر على دفع مرتبات الشماليين

وكانت مصادر يمنية غير رسمية ذكرت أنّ وفداً سعودياً عُمانياً زار صنعاء لبحث تجديد الهدنة ووقف شامل لإطلاق النار، بينما لم تذكر المصادر الرسمية في التحالف العربي أي شيء بخصوص ذلك.

وتعليقاً على ذلك قال السياسي الجنوبي سعيد بكران بأنّ تتبع المصادر التي تتحدث عن الزيارة ودعوة مهدي المشاط لزيارة الرياض يوضح أنّها مصادر حوثية. وأضاف "ليس لها رصيد من الصحة".

السياسي فؤاد راشد لـ"حفريات": يطالب الحوثيون بأن تلتزم الشرعية والتحالف بتسديد مرتبات القوات غير النظامية التي تقاتل التحالف والشرعية وهذا شرط "تعجيزي" وعقبة أمام تجديد الهدنة

وذكر بكران أنّ المستفيد الوحيد من تسريب هذه الأخبار هم الحوثيون الذين يريدون الإيحاء بأنّ المعركة حسمت لصالحهم وأنّ الأطراف الأخرى تتنازل من أجل أن تصل معهم إلى حلول.

وفي السياق ذاته ذكر رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب فؤاد راشد  لـ"حفريات" أنّ شروط الحوثي معروفة ولا تقتصر على دفع مرتبات الشماليين، كما أنّ الشرعية التزمت بفتح المطار وزيادة الرحلات لكن هناك مشكلة أساسية وتفاجئ بها العالم؛ يطالب الحوثيين بأن تلتزم الشرعية والتحالف بتسديد مرتبات القوات غير النظامية التي تقاتل التحالف والشرعية وهذا شرط "تعجيزي" وعقب أمام تجديد الهدنة.

مصير الهدنة

وما تزال الهدنة صامدة رغم الخروقات الحوثية بقصف الموانئ والقصف المدفعي في جبهة الضالع التي تتصدى فيها القوات الجنوبية للحوثيين، فضلاً عما شهدته مدينة تعز من قصف حوثي على المدنيين.

ولم يلتزم الحوثيون بشروط الهدن السابقة من حيث إعادة فتح الطرق في مدينة تعز مع المحافظات الجنوبية رغم الجهود الأممية والإقليمية لفك الحصار عن المدينة التي تعاني من أزمة إنسانية كبيرة.

ويحلل السياسي الجنوبي سعيد بكران موقف الحوثي من الهدنة، بأنّ الحوثيين حريصون على صورتهم أمام الرأي العام الدولي لهذا لا يستطيعون بدء هجوم واسع، فضلاً عن إخفاقهم في معركة مأرب التي استمرت لمدة عام ونصف. وأفاد بكران بأنّ الحوثيين يخشون وقف الحرب التي كانوا يبنون عليها صورتهم أمام المجتمع المحلي؛ عبر تحقيق انتصارات تمكنوا منها بسبب الخلافات داخل معسكر الشرعية.

سعيد بكران: بدأت الالتزامات داخل معسكر الحوثيين تعلو إلى السطح

وأضاف لم تعد هناك حرب ولا انتصارات، وبدأت الالتزامات داخل معسكر الحوثيين تعلو إلى السطح ومنها الرواتب والخدمات والحريات، وكلها تشكل عبء على الجماعة، وبالتالي تحاول رسم صورة المنتصر النهائي في الحرب، وتسعى لفرض شروط على الشرعية بهدف تخفيف الضغط الشعبي عليها. ونوه السياسي الجنوبي أنّ "الحوثيين غير قادرين على شنّ الحرب لأسباب ليس من بينها السعي للسلام".

ووفق الوضع الميداني لم يحقق أياً من الحوثيين والشرعية نصراً كاملاً، في الوقت الذي ترصّ فيه الشرعية صفوفها بإجراء سلسلة من التغييرات الهيكلية في بناء القوات العسكرية والأمنية المنضوية تحتها. ويعاني معسكر الشرعية من وجود الذراع السياسية للإخوان المسلمين، حزب التجمع الوطني للإصلاح الذي يوظف دعم الشرعية القادم لمواجهة الحوثي في تحقيق أطماعه في الجنوب.

بدوره قال رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري "الهدنة لم تجدد عملياً ورسمياً، هي صامدة إلى حد ما رغم الخروقات الحوثية بالعدوان على الموانئ". وشدد راشد على ضرورة "وقف الانتهاكات الحوثية وتوقيع هدنة رسمية تدفع المفاوضات التي تُجرى في عمان نحو وقف شامل للحرب".

ومن جانبه لا يستبعد السياسي الجنوبي سعيد بكران، أنّ تتجدد الحرب لكن هذه المرة ستكون على نطاق أوسع، مشدداً على أنّ "الحوثيين لا نية لديهم للسلام، بل يريدون إخضاع الطرف الآخر واعتبار أنفسهم منتصرين، بينما الطرف الآخر عليه الإقرار بذلك وتقديم التنازلات، وهذه معادلة لن تحدث".

وتُصنف الأزمة الإنسانية في اليمن على أنّها الأسوأ في العالم، وفي قلبها تقع أزمة حصار مدينة وأرياف تعز، التي تعتبر أشد المناطق معاناةً في اليمن، بسبب الحصار الذي فرضته ميليشيات جماعة الحوثيين على المدينة وأريافها منذ العام 2015، بعد إخفاقها في السيطرة عليها.

وبحسب مركز تعز الحقوقي؛ فإنّ 3590 مدنياً قتلوا، منهم 761 طفلاً و347 امرأةً و 289 مسناً، وأصيب 13736 آخرون، منهم 3155 طفلاً و1180 امرأةً و 764 مسناً خلال الأعوام من 2015 إلى 2020، جراء أعمال القصف والقنص التي تنفذها الميليشيا الحوثية على المدينة.

مواضيع ذات صلة:

اليمن بين تلغيم الأرض وتفخيخ العقل... ونيران الحوثي تمتد إلى المساجد

صراع الهوية في اليمن.. الحوثيون أسرى المشروع الإيراني

اليمن: كيف سيتعامل مجلس القيادة الرئاسي مع الحوثيين؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية