اليمن بين تلغيم الأرض وتفخيخ العقل... ونيران الحوثي تمتد إلى المساجد

في حلقة من العنف، يعيش مئات الآلاف من أبناء الشعب اليمني بين ألغام زرعتها ميليشيا الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، ومسيّراتها المفخخة من جهة، وبين محاولات الحوثي لتطييف المجتمع اليمني وصبغه بالصبغة الشيعية من جهة أخرى، فقد أعلن مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية "مسام" لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام نزع (1201) لغم خلال الأسبوع الثاني من شهر أيار (مايو) الجاري، زرعتها الميليشيا الحوثية في مختلف محافظات اليمن.

ونقلت وكالة "سبأ" اليمنية عن بيان لـ"مسام" قوله: إنّ الألغام المنزوعة منها (35) لغماً مضاداً للأفراد، و(649) لغماً مضاداً للدبابات، و(507) ذخائر غير متفجرة، و(10) عبوات ناسفة، ليرتفع عدد الألغام التي نُزعت حتى الآن خلال شهر أيار (مايو) الجاري إلى (2199) لغماً.

 وكشف "مسام" أنّ عدد الألغام المنزوعة منذ بداية المشروع بلغ (338) ألفاً و(92) لغماً، زرعتها الميليشيا الحوثية بعشوائية في مختلف المحافظات لحصد المزيد من الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن.

انتفاضة على تويتر

فجّر تفخيخ الأراضي اليمنية وزرعها بالألغام انتفاضة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ضد ألغام الحوثي، ولا سيّما بعد مقتل الطفل عبد الله محمد طاهر (15 عاماً) الأسبوع الماضي، نتيجة انفجار لغم أرضي في قرية "ضحوة" بمديرية الزاهر في محافظة البيضاء، فقد أطلقت منظمات ونشطاء يمنيون حملة تطالب بإزالة الألغام والكشف عن خرائط الألغام التي زرعها الحوثيون وراح ضحيتها الأطفال والنساء والحيوانات دون تمييز.

وتفاعلاً مع هاشتاغ #سلموا_خرائط_الألغام، نشر مركز "الإعلام برؤية مغايرة" أنفوغراف لعدد ضحايا الألغام الحوثية، مشيراً إلى إحصائية نشرها مشروع "مسام" الذي تموّله المملكة العربية السعودية لنزع الألغام الحوثية من الأراضي اليمنية، فقد أعلن عن نحو (5812) ضحية منذ "انقلاب الحوثي"، ونشر الصحفي والمذيع اليمني محمد الضبياني العديد من صور ضحايا الألغام الحوثية ومعظمهم من النساء والأطفال اليمنيين.  

منظمات ونشطاء يمنيون أطلقوا حملة تطالب بإزالة الألغام والكشف عن خرائط الألغام التي زرعها الحوثيون وراح ضحيتها الأطفال والنساء والحيوانات دون تمييز

ومن أمام بوابة برلين، نظم حقوقيون وقفة في العاصمة الألمانية برلين تنديداً بتوسع رقعة زراعة الألغام من قبل ميليشيات الحوثي، والتي تسببت بسقوط مدني، على الأقل، كلّ يوم بين قتيل أو جريح، وفقاً للناشط اليمني زيد علي الشليف.  

إلى ذلك، نشر الكاتب اليمني مصطفى ناجي صوراً لعدد من المدنيين من النساء والأطفال الذين بترت أطرافهم جرّاء الألغام الحوثية المحظورة دولياً، وذكّر رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي بأنّ اليمن اقترب في 2007 من إعلانه خالياً من الألغام، قبل انقلاب الحوثي واحتدام الحرب في 2015.

ويوم السبت الماضي، أُصيب (4) أشخاص بجروح خطيرة في انفجار لغم زرعته ميليشيا الحوثي في شارع الـ50 أمام مستشفى 22 أيار (مايو)، في مديرية الحالي في مدينة الحديدة، وفقاً لمشروع "مسام". وفي محافظة تعز، أفاد ‏المرصد اليمني للألغام عن إصابة امرأة بجروح بليغة جرّاء انفجار لغم في منطقة "المجاعشة" بمديرية "مقبنة" غربي المحافظة.

جسور من أجل اليمن

بالتزامن مع الدعوة للتفاعل مع الهاشتاغ والوقفة في برلين، نظم عدد من النشطاء اليمنيين وغير اليمنيين وقفة مساء أمس أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، تلبية لدعوة المجموعة الحقوقية اليمنية الأمريكية "جسور من أجل اليمن" (Bridges for Yemen)، التي حثت على المشاركة في مسيرة تضامنية مع اليمن، متفاعلة على الهاشتاغ نفسه #سلموا_خرائط_الألغام.   

ومتفاعلاً على الهاشتاغ نفسه، استعرض وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني جرائم ميليشيا الحوثي الإرهابية، قائلاً في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر: "قامت ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران بزراعة مئات الآلاف من الألغام بشكل عشوائي في كافة المناطق التي وصلت إليها، أو اندحرت منها، وفي مناطق الاشتباكات، وتلك التي ما تزال تسيطر عليها، في أكبر عملية زراعة للألغام منذ الحرب العالمية الثانية".

من أمام بوابة برلين، نظم حقوقيون وقفة في برلين تنديداً بتوسع رقعة زراعة الألغام من قبل ميليشيات الحوثي

وأشار إلى أنّ ميليشيا الحوثي "زرعت الألغام في المنشآت العامة والخاصة والمنازل والأسواق والشوارع الرئيسية والفرعية والمزارع، دون تفريق بين هدف مدني وعسكري، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ فارقوا الحياة، أو نجوا بعد أن بترت أطرافهم"، مضيفاً: "يستمر تساقط الضحايا المدنيين بشكل شبه يومي نتيجة انفجار الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي عشوائياً في المناطق المأهولة بالسكان في مختلف المحافظات اليمنية، وتمنع الألغام الملايين من العودة إلى منازلهم وقراهم ومزارعهم لممارسة حياتهم بشكل طبيعي".

وأضاف: "قامت الحكومة عبر البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومشروع مسام، بجهود استثنائية لنزع الألغام في المناطق المحررة، وتقديم الدعم الطبي للمصابين، وتوعية المجتمعات المحلية بمخاطرها وكيفية التعامل معها."

تفخيخ العقول

في حين تحصد ألغام الحوثي الأرضية العديد من الأرواح البريئة في اليمن، تحاول الميليشيا الإرهابية تفخيخ العقول، والتي قد تؤدي إلى خسارة أمّة بأكملها، من خلال السيطرة على المساجد، وتطييف المجتمع اليمني وصبغه بالصبغة الطائفية الشيعية بالقوة، رغم عدم امتلاكها حاضنة شعبية داعمة لها.  

فقد اختطفت أول من أمس خطيب أحد مساجد محافظة إب جنوبي اليمن، وذلك في إطار "حربها على المساجد" في مناطق سيطرتها. ونقل موقع "يمن شباب نت" عن مصادر محلية قولها: إنّ ميليشيا الحوثي اختطفت ناصر محمد النقيلي، خطيب جامع الظهور بمنطقة الحميراء التابعة لمديرية السياني جنوبي محافظة إب، موضحة أنّ الاختطاف جاء بسبب محتوى الخطبة التي لم يلتزم فيها بموجهات الميليشيا الحوثية التي تسعى لفرض أفكارها ومعتقداتها ونشرها بالقوة في أوساط المواطنين.

وتأتي الحادثة بعد أيام من تغيير الميليشيا لعدد من أئمة وخطباء المساجد في مختلف مديريات المحافظة، ضمن مساعي الميليشيا لتطييف المجتمع وفرض لون واحد من الخطاب.

 وكانت ميليشيا الحوثي قد كثفت منذ بداية شهر رمضان الماضي من محاولات تطييف المجتمع وصبغه بالصبغة الطائفية الشيعية، غير أنّ تلك المحاولات قوبلت برفض شعبي كبير، فقد أجبرت أئمة ومؤذّني عدد من مساجد مدينة إب وسط اليمن على التوقيع بتأخير أذان المغرب تناغماً مع المذاهب الشيعية، بعد أيام من اختطاف الميليشيا لعدد من مؤذّني وأئمة مساجد مديرية القفر شمال اليمن، وتهديد أئمة مساجد مديرية المشنة بالسجن لإجبارهم على تأخير أذان المغرب في رمضان، تماشياً مع المذاهب الشيعية.

مواضيع ذات صلة:

- خطف وتعذيب واستدراج قُصر.. هكذا يستخدم الحوثيون "الزينبيات" لاستهداف النساء في اليمن

- تقرير يوثق إرهاب داعش والحوثيين في 2021.. هذا ما كشفته الأرقام

- اليمن: كيف سيتعامل مجلس القيادة الرئاسي مع الحوثيين؟