لماذا يصمت أردوغان أمام معاناة المسلمين الأويغور؟

لماذا يصمت أردوغان أمام معاناة المسلمين الأويغور؟


19/08/2020

في وقت تقود فيه دول عديدة حملة تنديد بالانتهاكات الصينية في حق المسلمين الأويغور وصلت إلى حد التهديد بفرض عقوبات على بكين التي تحبس الأقلية التركية في معسكرات اعتقال، لازم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي دائما ما يقدم نفسه على أنه حامي المسلمين حول العالم، الصمت المطبق وكأن شيئا لم يحدث.

 فالدفاع عن الأقليات التركية حول العالم تضبطه نواميس السياسة وحسابات الاقتصاد بامتياز، فما الداعي من إثارة غضب بكين التي يعول عليها الرئيس التركي لإنعاش اقتصاد بلاده المتعثر ومواجهة الضغوط الأميركية المتصاعدة.

وتحدث تقرير موسع نشرته صحيفة العرب اللندنية عن دبلوماسية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا والتي تخضع بصرامة إلى مقاييس الربح والخسارة حتى وإن تعلق الأمر بحقوق الإنسان الكونية والانتصار للمضطهدين حول العالم على اختلاف دينهم وعرقهم ولغتهم فكيف إن كان الأمر يتعلق ببني جلدته، المسلمين الأويغور.

وفي وقت شنت فيه عدة دول حملات تنديد واسعة النطاق ضد انتهاكات الصين لحقوق أقلية الأويغور التركية في إقليم شينغيانغ ، نأى أردوغان بنفسه عن حملات التنديد، ما يفضح متاجرته بقضايا المسلمين.

ويرى مراقبون أن قضية الأويغور بالنسبة إلى أردوغان ورقة للتسويق السياسي لنظامه، إذ سعى لتقديم نفسه في المنطقة خليفة للمسلمين، مدافعا عنهم أينما كانوا، إلا أن هذه الصورة هدمت مع أول ضغط صيني.

ففي 2009 وصف أردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء آنذاك، وضع الأويغور بأنه “نوع من الإبادة الجماعية”، لكنه في 2019 عاد ليقول إن الأويغور يعيشون بـ”سعادة” وذلك في ذروة الانتقادات الدولية لانتهاكات الحزب الشيوعي الصيني.

ونقلت وكالة أنباء شينخوا عن أردوغان بعد لقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ آنذاك قوله "المقيمون من مختلف الإثنيات في الصين يعيشون بسعادة في منطقة شينغيانغ بمن فيهم الأويغور"، ما مثل انقلابا في المواقف بـ360 درجة.

والأويغور الذين تحتجزهم الصين في معسكرات مسلمون تعود أصولهم إلى الشعوب التركية (التركستان)، ويعدون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا إلى أمم آسيا الوسطى، كما يشكلون نحو 45 في المئة من سكان شينغيانغ.

ويتهم الغرب الصين باحتجاز نحو مليون شخص في شينغيانغ في معسكرات إعادة تأهيل، فيما تنفي بكين هذا الرقم، وتقول إن هذه المعسكرات هي “مراكز للتأهيل المهني” لمكافحة التطرف الإسلامي.

وقبل أيام أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على مسؤولين صينيين تتهمهم بالمسؤولية عن انتهاكات لحقوق الإنسان بحق المسلمين الأويغور في إقليم شينغيانغ، حيث استهدفت العقوبات مصالح اقتصادية صينية في الولايات المتحدة يمتلكها الحزب الشيوعي الصيني.

كما طالب 44 نائبا في بريطانيا وزارة الداخلية بمنح صفة لاجئ تلقائي لأتراك الأويغور الذين يتقدمون بطلب استنادا إلى أدلة حول تعرضهم لإبادة جماعية على يد الصين، فيما نددت فرنسا إضافة إلى 27 دولة أخرى بالممارسات الصينية.

ينظر القوميون الأتراك، حلفاء أردوغان في الحكم، إلى الأويغور على أنهم إخوانهم المسلمون الترك بسبب الروابط اللغوية والدينية. ومنذ أن شنت بكين حملتها القمعية في شينغيانغ في 2019، استقبلت تركيا حوالي 20 ألفا من الأويغور اللاجئين، أكثر من أي دولة أخرى. ومع ذلك أعربت حكومة أردوغان عن دعم ضئيل لقضية الأويغور قبل أن تنقلب عليهم بشكل كامل.

ودفع اعتماد تركيا الاقتصادي المتزايد على بكين، لاسيما في ما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق، إلى تخليها عن حماية الأويغور.

وبدلا من ترحيل الأويغور إلى الصين، الأمر الذي ستواجه حكومة أردوغان بسببه انتقادات كبيرة من قاعدتها المحافظة، يبدو أن الحكومة التركية ترسلهم سرا إلى دول ثالثة.

وتعمد تركيا لترحيل الأويغور إلى التحايل عبر إصدار وثائق طاجيكية، فترحلهم إلى طاجكستان التي ترحلهم بدورها إلى الصين حتى لا يقال ان تركيا ترحل الأويغور إلى الصين.

ويرى متابعون أن تواطؤ الأتراك يرجع إلى أسباب اقتصادية، وحرص حكومة أردوغان على ضمان استمرار الاستثمار الصيني في تركيا.

ويشير هؤلاء إلى أن الأزمات الاقتصادية المتكررة والشقاق الأوروبي – التركي، بسبب سياسات أردوغان، دفعا تركيا إلى الاستثمار في صداقات أخرى وخاصة الصين، حيث استثمرت الشركات الصينية ، كجزء من استراتيجية بكين للحزام والطريق، المليارات في تطوير البنية التحتية التركية، فيما تهدف بكين إلى مضاعفة الاستثمارات إلى أكثر من 6 مليارات دولار على المدى القصير.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية