لماذا يبدل الإخوان المسلمون شعاراتهم السياسية باستمرار؟

لماذا يبدل الإخوان المسلمون شعاراتهم السياسية باستمرار؟


02/05/2018

برغم سلبيات الربيع العربي، واستباحة دم مئات الألوف من المواطنين العرب، وتعريض وحدة وسلامة الكثير من الدول العربية للخطر، إلّا أن الربيع يصلح ليكون درسًا لا ينسى، وعبرة يعتبر بها العرب في حاضرهم ومستقبلهم، إذا ما راجعوا هذه المرحلة الدموية من تاريخهم.

لأن ما سميّ بالربيع، الذي بدأ شعبيًا، ثم ركبته حركات الإسلام السياسي، كان اختبارًا لا غنى عنه لتجربة تلك الحركات التي تتخذ من الدين ستارًا لتنفيذ طموحاتها السلطوية، وأجندات الدول التي تدعم الإخوان لمصالحها التوسعية، تارة تحت مسمى الدين والخلافة، وتارة أخرى تحت مسميات لا تقل تضليلًا؛ مثل المدنية والسلمية والوطنية والديمقراطية والشراكة.

والإخوان الذين كان شعارهم الدائم “الإسلام هو الحل”، استطاعوا بذكاء منقطع النظير، تضليل الشعوب بشعارات أكثر بريقًا، لكي يستحوذوا على ميول جميع أصناف وأهواء الجماهير من معتقداتهم وأفكارهم المختلفة كافة، وتسييرهم للانقضاض على الأنظمة، وهدم مشروع الدولة الوطنية، ثم القفز عنهم وركوب موجة تلك الثورات، والاستفراد بها حتى الوصول للحكم، حتى لو كان الثمن التضحية بحلفائهم في الثورة وقمعهم من أجل الوصول لكرسي الحكم.

وحدث ذلك في مصر إبان فترة حكم المجلس العسكري، عندما تحالف الإخوان مع المجلس وتركوا حلفاءهم الثوريين من التيارات المدنية والعلمانية عرضة للقمع، فيما انحازوا هم لشريكهم الجديد “المجلس العسكري”. وتستذكر تلك التيارات إلى اليوم كيف باعهم الإخوان في أحداث شارع محمد محمود.

ويجعل ذلك فكرة رفع الإخوان لشعار “الشراكة الوطنية” مجرد مرحلة، يستفيد بها الإخوان من شركائهم، ثم يقومون بتجاوزهم لمصلحة الجماعة، وامتثالًا لأوامر وخطط المرشد العام، ليحل مكان شعار الشراكة، شعار “التضحية”، أي تضحية الجماعة بكل شركائهم السابقين، حتى لو كانت الكلفة هي تحالف الجماعة مع عدو مشترك.

كما تحالف الإخوان قبل غيرهم مع الناتو، واستدعوا الجيوش الأجنبية لمساعدتهم في ثورتهم ضد النظام الليبي، على الرغم من معرفة الإخوان بأن الناتو لا يريد صالح ليبيا، وأطماعه بثرواتها وموقعها الإستراتيجي معروفة. ولكن وبرغم كل تلك التأكيدات والشكوك، تجاهل الإخوان كل التحذيرات، وانخرطوا في حلف مقدس مع العدو التاريخي للأمة، فقط من أجل الوصول للكرسي، بما يكذّب شعارات “السلمية” التي رفعوها.

والأمر ذاته ينطبق على إخوان سوريا، الذين قاتلوا علانية تحت إمرة جيش أجنبي، وتحولوا إلى ميليشيا تتبع الجيش التركي الذي احتل بمساعدتهم مدينة عفرين السورية، بعد أن عجزوا عن الاستعانة بالناتو لظروف السياسة الدولية!

وهو ما يجعل أيضًا “الوطنية” في فكر الإخوان مجرد مرحلة، سرعان ما تتجاوزها الجماعة للتحالف مع عدو الوطن.

والمتابع لبدايات الربيع العربي، يلاحظ كيف رفع الإخوان جميع تلك الشعارات عن الوطنية والمدنية والديمقراطية، ثم خانوها عند أول منعطف، خصوصًا عندما اقتربوا من الكرسي.

فالديمقراطية في عرف الإخوان، هي سُلّم للاستخدام مرّة واحدة، وبعد الصعود وتحقيق مآربهم، يقومون بسحب السلّم، أي تجميد العمل بالديمقراطية، من أجل ضمان عدم وصول منافسيهم، وهو ما فعلته حركة حماس (فرع الإخوان في فلسطين) عندما فازت بالانتخابات في 2006، وقادت انقلابًا دمويًا، وظلت تستأثر بالحكم إلى وقتنا الحالي، متجاهلة أي نداءات للمصالحة أو الانتخابات.

ففكرة الديمقراطية بالنسبة للإخوان، تقتصر على الفوز بنسبة مئوية تؤهلهم للحكم، ثم يقومون بإعدام البيئة الديمقراطية، وإضعاف المنافسين، حتى لو تطلب الأمر القضاء عليهم، وسحب السلّم من تحت أرجلهم.

وهو ما يجعل جميع الشعارات التي استبدلها الإخوان بشعارهم الأصلي “الإسلام هو الحل”، مضللة، وأثبت الإخوان أنفسهم من خلال عدم صدقيتها، فهل سيعود الإخوان لشعارهم الأصلي، ليظهروا كما كانوا على حقيقتهم، جماعة دينية مغلقة، ولا علاقة لها بجميع الشعارات البرّاقة التي رفعوها في السنوات الأخيرة؟!

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية