لماذا لم ينضم حزب الله للمقاومة خلال العدوان على غزّة؟

لماذا لم ينضم حزب الله للمقاومة خلال العدوان على غزّة؟


25/05/2021

بعد أن كانت الأنظار في غزة مشدودة إلى جبهة جنوب لبنان، ليتدخل حزب الله عسكرياً في المعركة التي كانت على أشدّها بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، إلا أنّ الحزب خالف التوقعات بعدم إظهاره أيّ تحرّك ملموس على الأرض، وبقي على موقف الحياد منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب التي استمرت 11 يوماً، فيما بدا واضحاً أنّ حزب الله لا يريد أن يتورّط في هذه المعركة، والتي قد تهدّد مصالحه الإقليمية في المنطقة.

وكانت وسائل إعلام إيرانية محسوبة على "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، نقلت عن مصادر خاصة، في 12 أيار (مايو)، إنّ "حزب الله" اللبناني على أهبة الاستعداد، وأنّه جاهز لتنفيذ عمليات عسكرية ضدّ إسرائيل في حال طلبت منه فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.

وفي حديثه في تجمُّعٍ حاشد في جنوب بيروت، في 17 أيار (مايو)، تفاخَرَ هاشم صفي الدين، المسؤول الكبير في حزب الله، بقوة الجماعة، والتي قال إنّها تضاعفت عدة مرات منذ حرب 2006، لكنّه أشار إلى أنّ الوقت لم يحن لتدخُّل حزب الله. 

وقال مخاطباً الفلسطينيين، في إشارةٍ إلى وجود إسرائيل في العالم العربي: "نحن، في حزب الله، نتطلّع إلى اليوم الذي سنقاتل فيه معاً، جنباً إلى جنبٍ، وكتفاً بكتف، على جميع الجبهات لاستئصال هذه الخلية السرطانية".

قرار السلم والحرب ليس من السهل اتخاذه في أيّة مواجهة عسكرية لحزب الله مع إسرائيل، وهو يخضع لمعايير وحسابات ودراسات دقيقة، على المستوى الإقليمي والمحلي

وفي تقرير لوكالة "أسوشيتد برس الأمريكية"، في 21 أيار (مايو), فإنّ تل أبيب ترقبت موقف حزب الله من حرب غزة باهتمام، إذ كان احتمال دخول الحزب في الحرب بمثابة مصدر قلق كبيرٍ بالنسبة لإسرائيل، مع احتمال أن يطلق العنان لترسانته من الصواريخ، الأقوى بكثير من ترسانة حماس، لدعم الفلسطينيين".

وبينت الصحيفة أنّ "موقف حزب الله من حرب غزة، التي قصفت فيها إسرائيل على مدار 11 يوماً القطاع مخلفة الموت والدمار، صامتاً نسبياً، إلا أنّه لم يمنع إطلاق الصواريخ على إسرائيل من قبل فصائل فلسطينية متمركزة في جنوب لبنان، تمّ بمباركةٍ من الحزب".

اقرأ أيضاً: استراتيجية "حزب الله" لمواجهة العقوبات التي تستهدفه

وقال عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، الذي يترأس الآن معهد دراسات الأمن القومي: "تحتاج إسرائيل إلى إدارة الصراع في غزة بعيونٍ مفتوحة للغاية تجاه ما يحدث في الشمال، لأن الشمال يمثِّل ساحةً أهم بكثيرٍ من غزة"، وقال عاموس هذا قبل أن تسري الهدنة في الثانية من صباح أمس الجمعة. 

ومع ذلك، قال يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، إن جميع التقييمات الاستخباراتية بشأن موقف حزب الله من حرب غزة تشير إلى أنّ الحزب لا يريد صراعاً كاملاً مع إسرائيل، موضحاً أنّ "نصر الله في موقفٍ لا يريد فيه تكرار خطأ عام 2006، إنّه يعلم أنّه لن يكون مدافعاً عن لبنان، بل سيكون مُدمِّراً له"، وهذا كان العامل الرئيسي وراء موقف حزب الله من حرب غزة الأخيرة".

ومنذ 13 نيسان (أبريل) الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، جراء اعتداءات "وحشية" ارتكبتها الشرطة الإسرائيلية ومستوطنون في القدس والمسجد الأقصى ومحيطه وحي "الشيخ جراح"، إثر مساعٍ لإخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية، وتسليمها لمستوطنين.

اقرأ أيضاً: لماذا وُصف شربل وهبة بـ"وزير خارجية حزب الله"؟

وتسببت انتهاكات إسرائيل في القدس باندلاع جولة قتال مع الفصائل في القطاع، في 10 أيار (مايو) 2021، وأسفر العدوان الإسرائيلي وفق وزارة الصحة الفلسطينية بغزة إلى استشهاد 248 شخصاً، بينهم 66 طفلاً و39 سيدة و17 مسناً، بالإضافة إلى 1948 إصابة بجراح مختلفة.

وفي 20 أيار (مايو)، وافق مجلس الوزراء الأمني لنتنياهو على وقف إطلاق النار من جانبٍ واحد لوقف عملية غزة، وهو القرار الذي جاء بعد ضغوطٍ أمريكية شديدة لوقف الهجوم.

عدم الانجرار للحرب

بدوره، أكّد الخبير في الشؤون العسكرية، اللواء المتقاعد واصف عريقات، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "عدم انجرار حزب الله لخوض الحرب الأخيرة مع المقاومة في غزة، يرجع لعدم رغبة الحزب في الدخول بتحديات كبيرة مع الداخل اللبناني، والذي ما يزال يعاني أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة، حيث لم يفتأ اللبنانيون يحمّلون حزب الله تبعات الهجوم الإسرائيلي على لبنان إبان الحرب الإسرائيلية، خلال عام 2006، والتي استمرت ما يزيد عن 30 يوماً، وأسفرت عن سقوط العديد من القتلى وتدمير العديد من المنشآت الحيوية اللبنانية".

اللواء المتقاعد واصف عريقات

  وتابع بأنّ "قرار السلم والحرب ليس من السهل اتخاذه في أيّة مواجهة عسكرية لحزب الله مع إسرائيل، وهو يخضع لمعايير وحسابات ودراسات دقيقة، على المستوى الإقليمي والمحلي"، مبيناً أنّ "الطرفَين يحجمان عن أيّة مواجهة عسكرية خلال الوقت الحالي، في ظلّ حالة التوتر والظروف غير العادية، وعمليات القصف التي يقوم بها سلاح الجو الإسرائيلي لمواقع سورية وإيرانية، وحتى لحزب الله داخل الأراضي السورية، وفق ادّعاءات الجيش الإسرائيلي".

المقاومة لا تريد من يدافع عنها

وأكّد عريقات أنّ "دخول حزب الله في أيّة حرب مشتعلة، لن يكون قراراً فردياً بيد الحزب، ولا بدّ أن يتمّ  بالتنسيق مع محور طهران وسوريا والعراق، والتي تحاول خلال الفترة الراهنة إيجاد حلول لأزماتها المختلفة"، مشيراً بأنّ "إيران منخرطة في مباحثات ملفّها النووي ضمن مجموعة "5+1"، وسوريا تعاني من ويلات الحرب حتى هذه اللحظة، والعراق لديه من المشاكل السياسية والاقتصادية ما يكفيه كي يلتفت إليها ويتجاوزها في هذه المرحلة الصعبة التي يمرّ بها".

رئيس مركز مسار للدراسات نهاد أبو غوش لـ"حفريات": فصائل المقاومة لم تطلب مساندة حزب الله لها للتدخل في الحرب الأخيرة على غزة

وأوضح أنّ "المقاومة الفلسطينية ليست في حاجة إلى أيّة قوة إقليمية للدفاع عنها، بعد أن أدّت ما عليها خلال العدوان الأخير على غزة، إلا أنّها في حاجة إلى دعم معنوي ومادي وعسكري أيضاً، لتعويض النقص الحاصل في ترسانتها العسكرية، لأنّها أصبحت الآن تدافع عن الشعب الفلسطيني في غزة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، تحديداً بعد الهبات التي انطلقت في القدس والداخل الفلسطيني، والتي كادت أن تتحوّل إلى انتفاضة شعبية ثالثة".

اقرأ أيضاً: نموذج حزب الله يكشف السبب وراء عدم ازدهار الدول العربية.. ربما للأبد

وحول ما إذا كان قرار الحرب الذي اتخذته المقاومة مؤخراً هو قرار إيراني، يقول عريقات: "القرار كان فلسطينياً بحتاً، ولا علاقة لأيّ طرف إقليمي بالحرب الأخيرة على غزة، حيث ما جرى كان اعتداء سافر من قبل قوات الاحتلال لطرد عدة عائلات من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، إضافة إلى الاقتحامات المستمرة لجنود الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى، وهو دليل واضح على أنّ الاحتلال هو من بدأ بالعدوان، حيث تصدت له المقاومة التي كانت في موقف الدفاع عن نفسها وعن الشعب الفلسطيني".

قدرة كبيرة على الردع

ويرى رئيس مركز مسار للدراسات، نهاد أبو غوش؛ أنّ "فصائل المقاومة لم تطلب مساندة حزب الله لها للتدخل في الحرب الأخيرة على غزة؛ فقد كان لكلّ فصيل حساباته التي يجب أن تتفق مع المصلحة العليا للبلد الذي يعيش فيه وينتمي إليها، وهذا لا ينفي أنّ قوة الردع التي يمتلكها الحزب هي تشكل إسناداً حقيقياً للمقاومة، إلا أنّ ما حصل مؤخراً في غزة هي موجة من التصعيد لا أكثر، ولم تصل إلى حرب شاملة ليتدخل بها حزب الله أو محور المقاومة".

رئيس مركز مسار للدراسات، نهاد أبو غوش

ويضيف أبو غوش، في حديثه لـ "حفريات": "المقاومة الفلسطينية باتت جزءاً لا يتجزأ من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأثبتت أنّها مقاومة غير عبثية، ولديها قدرة كبيرة على الردع، وتستطيع الدفاع عن أبناء شعبها"، موضحاً أنّ "إسرائيل فشلت فشلاً ذريعاً في عزل غزة وجعلها مشغولة بهمومها  الداخلية في القضايا التي تتعلق بالكهرباء والمعابر وإقامة المطار والميناء وغيرها، بعد أن استطاعت المقاومة تعطيل قدرات الاحتلال ومصالحه دون أن تتلقى مساندة عسكرية من أيّ فصيل بعينه".

وأكد أنّ "إسرائيل تعيش أزمة سياسية حادة في ظلّ وجود حكومة تصريف أعمال يترأسها زعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، والذي يعد من أقوى الشخصيات السياسية الصهيونية، والمتهم من قبل عدة أوساط إسرائيلية بمحاولة تأجيج المنطقة، وزجّ إسرائيل في حرب مدمرة خدمة لمصالحه الذاتية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية