لماذا لا يمكن الوثوق بإيران؟

لماذا لا يمكن الوثوق بإيران؟

لماذا لا يمكن الوثوق بإيران؟


03/11/2022

في ظل الضغوطات التي يقع تحت وطأتها نظام "الولي الفقيه"، سواء على خلفية التظاهرات المتواصلة لأكثر من شهر في غالبية مدن وأقاليم إيران، أو محاولات أوروبا والولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على النظام، وإدانة خروقاته الحقوقية، فإنّ الملف النووي الإيراني يبرز من جديد على تخوم هذه الأزمات المحتدمة، بينما يكشف عن زوايا جديدة.

فموقف النظام المتشدد إزاء المفاوضات في فيينا يبدو أمام رهانات أكثر تعقيداً عما كان في السابق.

عاودت أزمة الاتفاق النووي الظهور، مجدداً، في أعقاب زيارة الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، لواشنطن؛ إذ ما تزال إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تسعى إلى إحياء اتفاق عام 2015 بين الدول الكبرى وإيران، من خلال الطرق الدبلوماسية، الأمر الذي يجعل طهران تحت طائلة الرقابة الأممية في ما يتصل بضمان سلمية المشروع النووي.

وفي المقابل، ترفض تل أبيب عملية التسوية مع إيران وإحياء الاتفاق النووي. وقد صرح هرتسوغ بمخاوفه من حيازة النظام الإيراني للسلاح النووي، وبخاصة مع ما ظهر من دعم طهران لأوكرانيا في الحرب الروسية من خلال تقديم الطائرات المسيّرة.

منصور أبو سعد: إيران ليست الدولة التي يمكن للعالم أن يثق فيها

وقال هرتسوغ إنّ "إيران تمضي قدما نحو (حيازة) أسلحة نووية وتوفير أسلحة فتاكة يُقتل بها مواطنون أوكرانيون أبرياء، وأعتقد أنّ التحدي الإيراني سيكون من بين التحديات الكبرى التي سنناقشها".

وفي النصف الثاني من الشهر الماضي تشرين الأول (أكتوبر)، التقى الرئيس الإسرائيلي بوزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، وأوضح أنّه كشف للجانب الأمريكي عن "معلومات تثبت وفق المخابرات الاسرائيلية استخدام طائرات مسيّرة إيرانية في الحرب في أوكرانيا"، لافتاً إلى أنّ "الأسلحة الإيرانية تؤدي دوراً رئيسياً في عدم الاستقرار في عالمنا. وعلى المجتمع الدولي استخلاص العبر حالياً وفي المستقبل".

هناك تهديدات جيواستراتيجية جمّة بخصوص تدفق النفط للعالم على خلفية تهديد الملاحة الدولية المتسبب فيها الحوثي بالبحر الأحمر، فضلاً عن دعم إيران لروسيا بالمسيّرات في الحرب الروسية

ووفق الباحث المتخصص في العلوم السياسية، عبد السلام القصاص، فإنّ زيارة هرتسوغ لها أهمية قصوى تتمثل في تزامنها مع الانتخابات التشريعية بإسرائيل، فضلاً عن انتخابات منتصف الولاية في واشنطن، موضحاً لـ"حفريات" أنّ هذا الأمر يؤكد "الصلات المباشرة بين واشنطن وتل أبيب، وجوهر العلاقات الإستراتيجية بينهما القائم على ما هو أعمق من الأمن إلى التأثير في السياسات".

وقبل أيام، قال المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون إيران، روبرت مالي، إنّ واشنطن "لن تضيع الوقت" في محاولة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، موضحاً أنّه سيجري "مزيد من العقوبات" على النظام الإيراني.

وأوضح المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون إيران، في مقابلة مع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، الاثنين الماضي، أنّ إدارة بايدن تتابع حالياً عمليات قمع المتظاهرين في إيران، ودعم نظام طهران للحرب الروسية في أوكرانيا، ومواقف إيران بشأن برنامجها النووي، ولن تهدر الإدارة وقتها لإحياء الاتفاق النووي.

مالي، الذي أكد على أنّ الإدارة الأمريكية لم تتخل عن مبدأ الدبلوماسية لإنهاء معضلة إحياء الاتفاق النووي، عاود الإشارة إلى أنّ الخيار العسكري غير مستبعد في حال كان هو الحل الاضطراري والنهائي لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي.

القصاص: زيارة هرتسوغ لها أهمية قصوى

وقال مالي: "ما نراه اليوم في إيران هو حركة شعبية ملهمة للغاية من حيث الشجاعة والتصميم والصمود. ومن ناحية أخرى، نرى العنف والوحشية المقرفة للنظام الذي يطارد الناس في الشوارع خاصة النساء والفتيات اللواتي هن في طليعة هذه الحركة".

وأكد مالي أنّ بايدن "يفضل الدبلوماسية" مع إيران "لكنه سيبحث الخيار العسكري إذا فشلت الدبلوماسية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".

وتابع: "سياستنا ارتكزت على وقف نشاطات إيران ودورها في عدم الاستقرار".

وشدد على أنّ واشنطن "تدافع عن حقوق الإنسان في إيران"، مضيفاً: "نحمل النظام مسؤولية قتل المتظاهرين".

الناشط منصور أبو سعد لـ"حفريات": إيران ليست دولة يمكن للعالم أن يثق فيها، أو يتعامل معها كطرف اقتصادي وسياسي موثوق، بل هي دولة غير مستقرة، وقادتها إرهابيون

وعقّب الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، على الموقف الأمريكي بأنّ "المواقف السياسية التي تتخذها واشنطن تتباين عن الرسائل التي تبعث بها إلينا. لكنّ هناك نشاطاً فعالاً فيما يتعلق بالاتفاق النووي، ولا يوجد جمود سياسي في نقل الآراء".

وتابع كنعاني: "نعتقد أنّ الإرادة السياسية الأمريكية هي التي في إمكانها أن تساعد على توقيع الاتفاق"، مؤكداً "أنّنا لن ننتظر التوصل إلى اتفاق لتأمين مصالحنا، ولن نربط علاقاتنا وسياستنا الخارجية بالاتفاق النووي".

وفي ما يخص قضية تبادل السجناء مع واشنطن، وأزمة مزدوجي الجنسية، قال الناطق بلسان الخارجية الإيرانية: "لقد أكدنا أنّ المفاوضات جارية مع واشنطن بهذا الخصوص من خلال الوسطاء"، مشيراً إلى "التوصل إلى توافقات لم يتم تنفيذها بعدُ".

وأردف: "لقد أظهرنا حسن نيتنا في المفاوضات، واتخذنا خطوة بشأن هذه القضية من خلال النظر في القضايا الإنسانية، لكنّ الجانب الأمريكي لم يتخذ أيّ إجراء عملي إيجابي في هذا الصدد".

وفي حديثه لـ"حفريات" يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية الشعبية (الأحوازية)، منصور أبو سعد، إنّ إحياء الاتفاق النووي الايراني، الذي أبرم عام 2015، بين إيران ودول (5+1)، يشكل تهديداً على المنطقة والعالم بأسره، ويجب علي المجتمع الدولي النظر فيه بإمعان ودقة، فضلاً عن عدم التعامل مع دولة "إرهابية" و"منبوذة" بالمعايير التي لا تلتزم بها وتحترمها.

وتابع: "إيران ليست الدولة التي يمكن للعالم أن يثق فيها، أو يتعامل معها كطرف اقتصادي وسياسي موثوق في التزاماته، بل هي دولة غير مستقرة، وقادتها إرهابيون. بل إنّ النظام عادة ما يعتمد على مجموعات ميلشياوية لعسكرة سياساته مع القوى الإقليمية والدولية. ونحن نشاهد، الآن، ثورة شعبية كبيرة تستهدف إسقاط النطام".

الولايات المتحدة الأمريكية، التي هي حليف إستراتيجي بالنسبة للدول العربية، لا سيّما دول الخليج العربي، تدرك بصورة تامة أنّ هذه الدول متضررة من "إرهاب إيران، ووكلائها بالمنطقة"، يقول أبو سعد.

ويردف: "دول الخليج العربي ينبغي أن تكون طرفاً في المحادثات النووية؛ لأنّ الأمر يتصل بأمنهم السياسي والإستراتيجي. مع الأخذ في الاعتبار أنّ إحياء الاتفاق النووي سيعطي الحرس الثوري "الإرهابي" فرصة لمزيد من التخريب والممارسات العدوانية في دول المنطقة، كما هو الحال في اليمن وسوريا والعراق والبحرين ولبنان. كما أنّ هناك تهديدات جيوإستراتيجية جمّة بخصوص تدفق النفط للعالم على خلفية تهديد الملاحة الدولية المتسبب فيها الحوثي بالبحر الأحمر، فضلاً عن دعم إيران لروسيا بالمسيّرات في الحرب الروسية".

مواضيع ذات صلة:

إيران... النظام والثورة والمرأة

قتلى وجرحى... الاحتجاجات الإيرانية تتوسع والنظام يهدد ويواجه الشارع بهذه الطرق

استقبال الحوثيين في إيران.. ما الرسالة التي يريدون إيصالها؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية