لماذا لا تعترف حماس بخطيئتها؟

لماذا لا تعترف حماس بخطيئتها؟

لماذا لا تعترف حماس بخطيئتها؟


13/05/2025

يمكن لحماس أن تسوق ألف حجة، إلا اعترافها بالخطأ. وأنا شخصياً لا أؤمن بأي أمل في مستقبل لا يبدأ بالاعتراف بأخطاء اللحظة المعاصرة، وإلا فما المانع من تكرارها مستقبلاً طالما أنها ليست خطأً؟

الاعتراف بالخطأ غير وارد في عرف الإسلاميين، ربما بسبب ظنّهم أن اجتهاداتهم مبنية على أساس ديني، ما يجعل القداسة لا تتوقف عند الدين فحسب، بل تتخطاه إلى الاجتهادات نفسها.

رغم أن الإسلاميين – نظرياً – كثيراً ما يحدثوننا عن النفس اللوامة، التي تبادر إلى معاتبة نفسها، إلا أنه عملياً، لم تعترف حماس بأي خطأ قط، ما يجعلها تضع نفسها في مصاف الآلهة؛ فالآلهة فقط هي التي لا تخطئ، أما البشر فخطّاؤون بطبيعتهم.

وحماس – تحديداً هذه المرة – ولأنها في قرارة نفسها تدرك أن قرارها المجنون أودى بحياة شعب كامل، وحطّم قضية بأكملها، لن توافق على الاعتراف بخطئها، لأن هذا يعني تلقائياً مسؤوليتها المباشرة عن كل ما حلّ بنا في غزة، وكل ما لحق بالقضية الفلسطينية من أضرار ونكبات.

إحدى أسوأ وسائلها، أن تبادر بالهجوم على منتقدي مقامرتها، فتصفهم بالجبناء، أو المتخاذلين، أو المنكسرين، أو القابلين بالحياة تحت بساطير الاحتلال.

وهي تدرك أكثر من أي جهة أخرى أننا في غزة الآن نعيش ليس فقط تحت بساطير الاحتلال، بل أدنى من ذلك بكثير.

نحن نتوسّل الطعام من بساطير الاحتلال، ونتوسّل الهواء الذي نتنفسه، ونحن الآن بلا كرامة... أذلاء في طوابير التكيات، فئرانٌ قبلت الحياة بين حطام بيوتنا – أو ما كانت يوماً بيوتنا – حشرات تتمرغ في مستنقعات الخراء، الذي لا يجري تحت الأرض كما هو الحال في كل العالم، بل فوقها، جنباً إلى جنب مع خطوات شيوخنا، وأطفالنا، ونسائنا.

والاحتلال يجوس في ديارنا كيف يشاء، وكل هذا لم يكن ليحدث لولا منحها له الذريعة على طبق من ذهب.

لكنها، ومن خلال ذبابها الإلكتروني، وجوقتها، وطباليها، ومرتزقتها، تبادر بالهجوم على منتقديها كي تُضطرهم إلى الدفاع عن أنفسهم، بدلاً من أن تفعل هي ذلك.

حماس تدرك أنها كانت آخر من حمل السلاح من بين كل مكونات شعبنا الفلسطيني، وأنها حينما كان الكل الفلسطيني يمارس المقاومة، كانت هي تنأى بنفسها. لكنها حين قررت الالتحاق بركب المقاومة، أرادت أن تختطف كل التاريخ الفلسطيني لصالحها، وأن تعتبر أن المقاومة بدأت معها، وهي وحدها من يملكها.

فهي المقاومة، والمقاومة هي... بل هي الدين، والدين هي! فالدين – على حد زعم بعض منظّريها – دخل غزة فقط مع دخولها!

أما كل مخالفيها فهم خصوم للمقاومة، حتى أولئك الذين لا تزال أيديهم على الزناد.

لقد شوّهت حماس مصطلح "المقاومة" ذاته، حتى أن كثيرين من منكوبي غزة يكادون يكفرون بها كمبدأ، خاصة بعد أن شوّهت حماس كل أفعال المقاومة الأخرى، واختزلتها في التجييش، والصواريخ، التي شاهد شعبنا – خاصة في غزة – آثارها الكارثية.

للمقاومة ألف وسيلة، مارسها شعبنا على مدار أكثر من مئة عام، قبل أن يُخلق حسن البنا ذاته، وليس فقط قبل نشوء حركة حماس.

لكن شعبنا كان يختار منها ما يستطيع تحمّل تبعاته، وما لا يشكل خطراً على بقائه، لأن جوهر مقاومته يتمثل في البقاء.

لكن حينما أُدخلت حماس إلى ميدان المقاومة، انتقلت بنا من جنون إلى جنون، حتى انتهت بنا إلى حيث موتنا جميعاً... كأحياء، وكأموات.

ستأتي حماس بكل حجج الأرض كي تتبرأ من المسؤولية، ونحن نقول لها:

لو أتيتِ بكل مياه بحار الأرض ومحيطاتها لتغسلي عنك آثار الكارثة التي ألحقتِها بشعبك، فلن تستطيعي...

أنتِ الآثمة، ودماؤنا في رقبتك، وضياع قضيتنا مسؤوليتك.

وليس أقل من أن تغادرينا.

أما الاحتلال، فهو مجرم بطبعه، ولسنا بحاجة لمن يقنعنا بأنه المسؤول الرئيس عن مآسينا...

لكن الغباء، يا سيدتي، أخطر علينا من الاحتلال ذاته.


عن صفحة الكاتب الشخصية في فيسبوك




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية