لماذا سرب كوهين اللقاء السري مع نجلاء المنقوش؟

لماذا سرب كوهين اللقاء السري مع نجلاء المنقوش؟

لماذا سرب كوهين اللقاء السري مع نجلاء المنقوش؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
16/09/2023

ترجمة: إسماعيل حسن
أبدى مسؤولون إسرائيليون كبار انزعاجهم، وهاجموا وزير الخارجية إيلي كوهين لما تسبب به من أضرار كبيرة على الدولة، بعد الكشف عن اللقاء السّري الذي عقد مع نظيرته الليبيّة نجلاء المنقوش في إيطاليا.
ولا زال هذا الضرر يلقي بتبعاته السلبية على الساحة السّياسية، ويهدد بتراجع ثقة العرب بالمستوى السّياسي، كما اعتبرت الخطوة بأنّها مسألة حساسة وخطيرة، لأنّ الأمر يتعلق بالعلاقات مع الدول العربية التي لا تربطها علاقات رسمية مع إسرائيل.
 فبعد أن تحوّلت إسرائيل إلى قوة إقليميّة عظمى يدق الجميع بابها، كونها دولة تثق بنفسها وقويّة ومزدهرة ولها علاقات متينة مع معظم دول العالم، إلا أنّ كل من يقيم معها علاقات يخجل بها وينفي أمر وجودها، ينبغي لإسرائيل أن تقيم علاقات سرية بما في ذلك مع دول معادية، شريطة أن تخدم مصالحها السّياسية والأمنيّة، أما الاتصالات الدبلوماسية الرسمية والملزمة فهي موضوع آخر.
 عندما سارع وزير الخارجية ليتحدث عن لقائه مع نظيرته الليبيّة المنقوش، لم يتخيّل أن تكون النتيجة إقالة المنقوش واضطرارها للهرب إلى تركيا، في هذه الأثناء يبدو أنّ ليبيا ما زالت بعيدة عن السلام مع إسرائيل بفضل احتفال كوهين. 
كوهين غير مقبول دولياً
المهزلة التي يصنعها وزراء حكومة نتنياهو الفاشلة لإسرائيل يجب أن تنتهي، فهذا التسريب شكل خرقاً للقواعد الدبلوماسيّة وتسبب في مصير سيء للوزيرة المنقوش، شهوة كوهين للدعاية تسببت في إلحاق الأذى بإسرائيل.

في هذه الأثناء يبدو أنّ ليبيا ما زالت بعيدة عن السلام مع إسرائيل بفضل احتفال كوهين
 ورغم أنّ لقاءه بنظيرته الليبيّة لا قيمة له، فإنّ نشر الخبر أدى لإبعاد احتمال إعلان رسمي للعلاقات، صحيح أنّ بنيامين نتنياهو عرف أنّ كوهين غير مناسب لمنصب وزير الخارجية، وتلقت إسرائيل عشرات الردود من كبار الدبلوماسيين الذين غضبوا من أسلوبه، وكذلك يرى نتنياهو ويسمع عن فضائح كوهين في دول حساسة ومهمة مثل أذربيجان والسودان وغيرهما، لكن هذه الحادثة أكدت أنّ الوقت قد حان لمنعه من الرحلات الجوية التي لا نهاية لها حول العالم، لأنّه أينما توجه يترك مزيداً من الدمار والخراب، وأنّ رغبته في الشهرة وميله للتسريب دفعاه لتفضيل مصلحته الشخصية على مصلحة الدولة.

ليبيا ليست بحاجة إلى إسرائيل كي تشكل لها جسراً إلى واشنطن، بل إنّ واشنطن تعمل منذ سنوات لإيجاد حل ينقذ ليبيا من متاهتها
 


 الإنجاز الذي حققه كوهين أنّه تمكن من إقالة وزيرة خارجية عربية فقط عقب خداعه لها، واتهامها له بكسر جميع قواعد التقدير المتوقعة منه، وقد فات كوهين أنّ ليبيا تسيطر فيها الميليشيات المسلحة فعلياً على مواقع تصدير النفط، والحكومتان المنفصلتان في بنغازي وطرابلس ليستا في وضع يسمح لهما بالنظر في أي تقدم نحو السلام مع إسرائيل، كما سيترتب ضرر إضافي على ما فعله كوهين، إذا تجنبت دول أخرى لا تقيم معها إسرائيل علاقات دبلوماسيّة المبادرة لمثل هذه اللقاءات، خوفاً من نشرها سواء عن طريق تسريب أو منشور رسمي كما حدث في الحالة الليبيّة، لأنّ مثل هذه اللقاءات تتطلب أولاً الثقة المتبادلة بين الطرفين، إضافة إلى التنسيق الدقيق الذي لا يترك مجالاً لسوء الفهم.
اللقاء غير مهم لإسرائيل
بالعودة إلى حالة الغضب الكبيرة التي شاهدناها في الشارع الليبي، فإنّ الحكومة الليبيّة نفسها لا تسيطر في بلادها، ولا تتمتع بالاعتراف والشرعية في أرجاء العالم، ولا تريد العلاقات معنا أو تخجل بها، لذلك تتفضل لتبحث عن أصدقاء لها في مكان آخر.
 ما كسبه الليبيون بعلاقاتهم معنا أكثر من مصلحة إسرائيل في ربط نفسها بليبيا، الدولة الممزقة والمدمرة والتي لا تزال غارقة في حرب أهلية مضرجة بالدماء، حان الوقت الآن للكف عن الركض وراء آخرين، بل علينا أن نتعاطى مع أنفسنا بقدر أكبر من الاحترام، ونطالب من يتحدث معنا أن يحترمنا، وبخاصة في ضوء حقيقة أنّ مسيرة السلام في علاقاتنا مع العالم العربي اجتازت نقطة اللاعودة بعد كل شيء.

يرى نتنياهو ويسمع عن فضائح كوهين في دول حساسة ومهمة مثل أذربيجان والسودان وغيرهما
معظم الدول العربية وبالتأكيد تلك الجديرة بلقب الدولة بمعنى دولة تؤدي مهامها تسيطر فيها أنظمة مستقرة، معظم هذه الدول تقيم علاقات مع إسرائيل الآن، فضيحة المنقوش التي اضطرت إلى الفرار للنجاة بروحها عقب اللقاء والبحث عن مأوى خارج بلادها ستنسى في الأيام القريبة، فبعد كل شيء لنا أمور أهم وأكثر حقيقية لننشغل بها من التبليغ عن لقاء عديم الأهمية، تسرب أو سربه أحد ما كان يمكنه أن يضبط نفسه، ثمة سبب وجيه يجعل إدارة العلاقات السّرية بين دولة إسرائيل ودول عربية تؤتمن في أيدي رجال الموساد، الذين هم موجودون ضمن مسؤولية ديوان رئيس الوزراء، يمكن التعويل على هؤلاء بأنّ يضبطوا أنفسهم ويحفظوا السر، لولا التسريب وما عقبه لشككنا بأنّ هناك دولة تسمى ليبيا وأنّ لها حكومة، حتى وإن تفتقد السيطرة على معظم أراضي الدولة.

إعلان اللقاء متفق عليه
بالنسبة للوزيرة المنقوش ليست المرة الأولى التي تجد فيها نفسها على الشواية الدبلوماسية الليبيّة، قبل عامين علق المجلس الرئاسي المنقوش من منصبها، بسبب ما اعتبره تنفيذ سياسة خارجية مستقلة بدون تنسيق مع المجلس، الآن تقول عدة مصادر بأنّ للوزيرة دلائل على أنّ الرئيس هو من أرسلها للقاء كوهين، في حين أنّ آخرين ينسبون اللقاء إلى رغبة ليبيا في استغلال إسرائيل كرافعة من أجل تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة، وهنا من الأفضل التعامل مع هذه التقارير بالقدر المناسب من التشكك.

الإنجاز الذي حققه كوهين أنّه تمكن من إقالة وزيرة خارجية عربية فقط عقب خداعه لها، واتهامها له بكسر جميع قواعد التقدير المتوقعة منه


 صرح أحد المقربين من كوهين بأنّ كل الخطوات كانت منسقة مع الليبيين بما في ذلك نشر اللقاء، فعندما تم اللقاء مع الوزيرة الليبيّة كان التفاهم بينهما أنّه سيتم الإعلان عنّه في وقت ما، لم تخرق الخارجيّة أي اتفاق مع الليبيين، لكن الفجوة الوحيدة هي التبكير لبضع ساعات في الإعلان، فضلاً عن ذلك تم كل شيء حسب الكتاب والقواعد المهنية، وبمراعاة الأبعاد التاريخية للقاء، لكن العداوات السّياسية في ليبيا تسببت بعدد غير قليل من التقارير الخاطئة والكاذبة، لاسيما أنّ ليبيا ليست بحاجة إلى إسرائيل كي تشكل لها جسراً إلى واشنطن، بل إنّ واشنطن تعمل منذ سنوات لإيجاد حل ينقذ ليبيا من متاهتها السّياسية والعسكرية.
مصدر الترجمة عن العبرية:
https://www.israelhayom.co.il/opinions/article/14564979 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية