لماذا تتعرض فرنسا للإرهاب؟

لماذا تتعرض فرنسا للإرهاب؟


01/11/2020

لقي 3 أشخاص حتفهم نتيجة لهجوم إرهابي باستخدام سكّين داخل كنيسة نوتردام في مدينة نيس صباح يوم الخميس (29-10-2020)، حيث ذبح الإرهابي إبراهيم العويساوي امرأة عمرها 60 عاماً، وفينسنت لوكيس (55 عاماً)، يعمل في الكنيسة، كما طعن سيمون باريتو سيلفا، وهي سيدة برازيلية تبلغ من العمر 44 عاماً تقيم في فرنسا، وقد تمكنت سيلفا من الفرار، ولكنها توفيت فيما بعد متأثرة بجراحها.

اقرأ أيضاً: هجوم يستهدف كاهناً في فرنسا... ما الدوافع؟

 وقال رئيس الادعاء الفرنسي لمكافحة الإرهاب جان فرانسوا ريكارد: إنه عثر على مصحف وهاتفين وسكّين مع المهاجم. وقال ريكارد: إنّ المشتبه به نقل إلى المستشفى وحالته حرجة.

 كنيسة نوتردام في مدينة نيس

وتشير المعلومات الأولية إلى أنّ منفذ الهجوم شاب تونسي يُدعى إبراهيم العويساوي، يبلغ من العمر 21 عاماً، وأنه وصل إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الشهر الماضي على متن قارب للمهاجرين، ويحمل وثيقة من الصليب الأحمر الإيطالي قبل أن يأتي إلى فرنسا.

 منفذ هجوم الخميس شاب تونسي وصل جزيرة لامبيدوسا الإيطالية الشهر الماضي بقارب للمهاجرين

وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانين (30-10-2020): إنّ "العويساوي لم يكن على أيٍّ من قوائم المراقبة الأمنية سواء كانت فرنسية أو أوروبية". وأضاف: "علينا أن نفهم أنه كانت هناك، وستكون هناك، أحداث أخرى مثل هذه الهجمات الرهيبة"، وأنّ ملف المخاطر تفاقم بسبب "دعوات قوية للغاية إلى الكراهية من بعض القادة الأجانب"، التي تستهدف كلاً من الرئيس إيمانويل ماكرون، وهو شخصياً.

اقرأ أيضاً: ورطة فرنسا: "إسلام سياسي" و"يمين راديكالي"

وعقب زيارة إلى مدينة نيس، جنوبي فرنسا، قال ماكرون: "إذا كنا تعرّضنا لهجوم مرّة أخرى، فهذا من أجل قيمنا: الحرّية، ومن أجل ما تتمتع به أرضنا من إمكانية الإيمان بحرّية، وعدم الخضوع لمشاعر الرعب". وأضاف: "أقولها بوضوح كبير مرّة أخرى اليوم: لن نتنازل عن أي شيء". وكان ماكرون قد وصف هجوم نيس بأنه "هجوم إرهابي إسلامي".

صورة من مكان الحادث في محيط كنيسة "نوتردام" وسط مدينة نيس الفرنسية

وقال ماكرون: إنّ عدد الجنود المقرر نشرهم لحماية الأماكن العامة مثل؛ الكنائس والمدارس، سيرتفع من 3000 إلى 7000.

أمّا وزير الداخلية جيرالد دارمانين، فقد قال في تصريح الجمعة (30-10-2020): إنّ فرنسا "في حالة حرب" مع الإيديولوجيا السياسية للإسلاميين المتشددين. وأضاف: "نحن في حالة حرب ضد عدو داخلي وخارجي في آنٍ واحد، ضد إيديولوجيا، لأننا لسنا في حالة حرب ضد دين"، وأردف": "نحن في حرب ضد إيديولوجيا إسلامية".

 العويساوي لم يكن على أيٍّ من قوائم المراقبة الأمنية سواء كانت فرنسية أو أوروبية

وقد حذّر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، الفرنسيين في الخارج، وأوصاهم بأخذ الحيطة والحذر أينما كانوا. وقال في تصريحات صحفية: إنّ فرنسا تكثف جهودها لحماية مصالحها ومواطنيها في الخارج، "لأنّ الخطر موجود في كل مكان".

وأضاف: "التهديد قوي أيضاً في الخارج، يمكننا الانتقال بسرعة من الكراهية الافتراضية إلى العنف الحقيقي، لذلك قرّرنا اتخاذ جميع الإجراءات لضمان أمن مصالحنا الوطنية. وصدرت تعليمات للسفراء لتعزيز الإجراءات الأمنية".

دورة الإرهاب في فرنسا

قال وزير الداخلية دارمانين يوم الجمعة (30-10-2020): إنّ أكثر من 250 شخصاً قُتلوا في هجمات إرهابية على الأراضي الفرنسية منذ كانون الثاني (يناير) 2015، عندما ذبح مسلحون، متهمون بالانتماء لتنظيم القاعدة، 12 شخصاً في مكاتب صحيفة شارلي إيبدو الساخرة، بسبب نشرها رسومات للنبي محمّد عليه السلام.

وزير الداخلية الفرنسي: بلادنا "في حالة حرب" مع الإيديولوجيا السياسية للإسلاميين المتشددين

وفي وقت سابق من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، قُطع رأس (صامويل باتي) مدرس تاريخ فرنسي، بعد أن عرض للطلاب رسوماً كاريكاتيرية كانت قد نشرتها صحيفة شارلي إبيدو، اعتبرها المسلمون مسيئة، كجزء من درس حول حرّية التعبير. 

وذكرت صحيفتان فرنسيتان مهمّتان هما لوفيجارو وليبراسيون بتاريخ (30-10-2020) أنّ وزير الداخلية أبلغ السلطات الإقليمية بأن تكون في حالة تأهب قصوى تحسباً لوقوع هجمات إرهابية "فردية"  .

أكثر من 250 شخصاً قُتلوا في هجمات إرهابية على الأراضي الفرنسية منذ كانون الثاني (يناير) 2015

وجاء هذا التحذير بعد أن دعت وكالة "ثابت" الإعلامية، التي قالت وزارة الداخلية الفرنسية إنها "مرتبطة بتنظيم القاعدة"، إلى الانتقام من فرنسا بعد نشر الرسوم الكاريكاتيرية من قبل الصحيفة الأسبوعية الساخرة شارلي إيبدو. وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ تنظيم القاعدة ما زال متهماً بالوقوف وراء هجمات تشارلي إبيدو 2015.

اقرأ أيضاً: كيف علقت الأمم المتحدة على أزمة الرسوم المسيئة بين فرنسا والمسلمين؟

وفي ملاحظاته، التي قد تجيب عن سؤال لماذا تتعرّض فرنسا للإرهاب؟ قال دارمانين: إنّ هناك سبباً جذرياً للهجمات، كان إيديولوجياً أساساً، ويشمل الرموز والسلوكيات الثقافية ونمط الحياة. ويمثل الإرهاب وسيلة لمحاولة فرض السيطرة، وليس تعبيراً عن الانقسامات بين الأديان.

 

دعت وكالة "ثابت" الإعلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة إلى الانتقام من فرنسا بعد نشر الرسوم الكاريكاتيرية

واحتفالاً ببدء محاكمة 14 من المشتبه في أنهم شركاء للمهاجمين، أعادت صحيفة تشارلي إبيدو نشر الرسوم الكاريكاتيرية المثيرة للجدل الشهر الماضي. وبعد أيام فقط، أصاب رجل من باكستان يبلغ من العمر 18 عاماً شخصين بجروح خطيرة بساطور لحوم خارج مكاتب شارلي إيبدو في باريس. 

اقرأ أيضاً: جريمة عنصرية: تعرض أردني وشقيقته للاعتداء في فرنسا... ما القصة؟

وبعد وقت قصير من خطاب إيمانويل ماكرون، المثير للجدل بشأن مكافحة "الانفصالية الإسلامية"، الذي ألقاه في 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2020 في بلدية ليه مورو الفرنسية، وعرض فيه إجراءات لتعزيز العلمانية، وأشار إلى أنّ "الإسلام في أزمة"، أقدم الإرهابي المدعو عبد الله أنزروف، عمره 18 عاماً، لاجئ شيشاني، وغير معروف للأجهزة الاستخبارية، في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2020 على قتل وقطع عنق معلم التاريخ والجغرافيا صامويل باتي، الذي كان قد عرض على تلامذته صوراً كاريكاتيرية للنبي محمّد في درس حول حرّية التعبير. وقامت الشرطة الفرنسية بقتل الإرهابي أثناء عملية القبض عليه. وأوقف 9 أشخاص على علاقة بالعملية.

وتُعتبر عملية نيس الأخيرة ثالث عملية قطع رأس تُرتكب في فرنسا وأوروبا منذ هجوم سانت كانتان فالافييه في عام 2015، والهجوم السادس المنسوب إلى مسلمين في فرنسا منذ بداية عام 2020. ومنذ كانون الثاني (يناير) 2015 تواجه فرنسا موجة غير مسبوقة من الهجمات الإرهابية، وقد وصل العدد الإجمالي للضحايا بعد عملية نيس إلى 263 ضحية قُتلت في هجوم على الأراضي الفرنسية.

 ومنذ ذلك الحين، اندلعت دورة جديدة ومثيرة للجدل من الإرهاب في فرنسا، تحت عنوان: قطع الرؤوس، لم تُعلن تبنّيه أيّ جماعة إرهابية، من خلال أسلوب استخدام السكّين وقطع الرؤوس، وتنفذه "ذئاب منفردة" في جميع أنحاء فرنسا.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية