لماذا انتفضت لجان "الإخوان" الإعلامية؟

لماذا انتفضت لجان "الإخوان" الإعلامية؟


06/04/2022

اشتعل الجدل في أغلب الأوساط المصرية فور الإعلان عن الجزء الثالث من مسلسل الاختيار، والذي يعتبر ممثل الرواية الرسمية للدولة حول الأحداث الواقعة بعد كانون الثاني (يناير) 2011. ومع تعدد الحلقات التي تضمنت تسجيلات أفرجت عنها المؤسسة الأمنية في القاهرة، والتي تكشف حقيقة الأوضاع، زادت حدة الجدل، بين مؤيد ومعارض، خاصة مع تأكد تقديم شخصية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كأحد أبطال المسلسل، والتي جسدها الفنان المصري ياسر جلال.

الجدل الذي وضع حلقات المسلسل في قائمة الأكثر مشاهدة على محركات البحث، أعاد للأذهان مرة أخرى الحديث عن اللجان الإلكترونية والآلة الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تم تحفيزها بالكامل ضد المسلسل فور عرض الحلقة الأولى منه، في محاولة للسخرية من الشخصيات المقدمة، ما تسبب في عدم انتباه المشاهدين للتسجيل الأمني المسرب في الحلقة الأولى، والتي يتحدث فيها القيادي الإخواني خيرت الشاطر عن استعداد جماعة الإخوان لحرق مقرات جهاز أمن الدولة المصري، الجهاز الأمني المسؤول عن متابعة ومراقبة الجماعات الأصولية في مصر، علما بأنّ حادثة حرق مقرات أمن الدولة وقعت بالفعل بعد تاريخ التسجيل المسرب،  في 5 آذار (مارس) 2011.

محاولة التشتيت التي قادتها الآلة الإعلامية للجماعة قابلها مواجهات مضادة من الرافضين للإخوان في العموم، ما أحدث تلك الحالة من الجدل التي لم تشهدها مصر منذ هدوء الوضع العام قبل سنوات؛ مع تراجع حدة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، وخفوت صوت الخلايا الإرهابية التابعة لتنظيم داعش في المحافظات المصرية.

اقرأ أيضاً: أول ظهور لوالدة السيسي في "الاختيار 3"... ماذا تعرف عنها؟

ما سبق يطرح العديد من الأسئلة، أبرزها عن حقيقة اللجان الإعلامية في الجماعة، وطريقة توظيف وسائل إعلام الجماعة لتغييب الرأي العام وتزييف الحقائق، وثانياً تحليل العمل فنياً ومحاولة معرفة السبب الفني خلف ذلك الجدل.

حرب منصات التواصل الإجتماعي

الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، وعضو لجنة التربية السابق في جماعة الإخوان، عماد علي عبد الحافظ، يرى أنّ الجماعة استغلت الآلة الإعلامية لديها بشكل كبير في الأحداث، خصوصاً بعد عام 2017، مع تراجع خطاب العنف تحت وطأة الضربات الأمنية، في محاولة منها لنشر أفكارها، وخلق وعي عام من التعاطف لدى شرائح المجتمع.

انتشار الصفحات الإلكترونية التي تنشر العديد من الأخبار بنفس الطريقة، وأحياناً نفس المتن المنسوخ، يتضح أنها ليست مجرد تعليقات لأشخاص مختلفين؛ لكن يقف خلفها منظومة ما

يوضح عبد الحافظ لـ "حفريات":" الجماعة تستعد بتلك الآلية لاكتساب أفراد من خلال نشر رؤية معينة تستطيع من خلالهم بعد سنوات من الآن، ومع أي خلخلة محتملة في المجتمع، أن يكون لها مؤيدون على الأرض مقتنعين برؤية التنظيم، ويمكن استغلالهم من جانب الجماعة في نفس الوقت في مسعى للعودة للمشهد من جديد".

اقرأ أيضاً: قوة مصر الناعمة وصناعة الوعى.. "الاختيار 3" نموذجاً

تمارس الجماعة تلك الآلية بنجاح طبقاً للباحث عن طريق الاستعانة بالعديد من الصفحات والمجموعات على منصات التواصل الإجتماعي، ومراكز الأبحاث والدوريات التابعة لهم، وهي منطقة يركز عليها الإخوان بشدة.

عماد علي عبد الحافظ: الجماعة تملك العديد من المراكز البحثية، والإصدارات، من كتب أو مجلات أو مواقع الكترونية

يضيف عبد الحافظ:"الجماعة تملك العديد من المراكز البحثية، والإصدارات، من كتب أو مجلات أو مواقع الكترونية، تمثل المواد المنشورة عليها الرؤية الإخوانية للأحداث التي وقعت أو القضية بشكل عام"، موضحاً: "بعض الممارسات الإعلامية أو انتشار الصفحات الإلكترونية التي تنشر العديد من الأخبار بنفس الطريقة، وأحياناً نفس المتن المنسوخ، يتضح أنها ليست مجرد تعليقات لأشخاص مختلفين؛ لكن يقف خلفها منظومة ما، والجماعة عرفت في هيكلها التنظيمي اللجان الإعلامية بشكلها التقليدي؛ مثل إخوان أون لاين والمواقع الاخبارية التي تمثل المكاتب الإدارية بالمحافظات، وزاد الاهتمام بالإعلام بشكل أكبر بعد 2011".

مجتمع الإخوان المغلق

يشير عبد الحافظ إلى أن اللجنة الإعلامية لجنة مهمة تقف على نفس الصف مع لجان الطلبة ولجان مكتب الإرشاد وغيرها، لافتاً إلى أنّ المسألة زادت بعد 2011، بسبب "إدراك الإخوان بعد خروجهم من السجون لمسألة الصورة الذهنية وأهمية مخاطبة الجمهور بشكل معين، بعيدا عن الوسائل التقليدية التي اتبعتها الجماعة سابقا".

اقرأ أيضاً: "الاختيار3" يوثق بالصوت والصورة أنشطة الإخوان التجسسية... ما علاقة السلفيين؟

يفسر عبد الحافظ الصخب الكبير من جانب الإخوان ضد تلك النوعية من الأعمال الدرامية عموماً إلى أنّ أغلب أعضاء الجماعة يعيشون داخل مجتمع الإخوان المغلق؛ فهم غير قادرين على التفكير، إلى جانب رؤية الأحداث من زاوية مختلفة، وتلك الشريحة تملك توصيفها الخاص للأعمال الدرامية من خارج الجماعة؛ فهي مؤامرة على الجماعة والإسلام من أعداء الجماعة ".

الناقد رامي المتولي لـ "حفريات": للجماعات الإرهابية بكل تفريعاتها جهاز إعلامي، له شكل واضح وملامح في الطريقة التي يتعامل بها؛ سواء المواد الفيلمية أو التسجيلية التي أنتجوها

يقسم عبد الحافظ الشرائح المستهدفة من خارج الجماعة إلى: "الشرائح المؤيدة والمتعاطفة لكنها ليست تنظيمية في الجماعة، وأخرى ضدها، وشريحة ثالثة ليس لها موقف محدد، وأعتقد أنهم المستهدفين بشكل أكبر، وهو المطلوب من وجهة نظري في مثل تلك الأعمال، وفي نفس الوقت تكشف تلك الأعمال للشريحة المتعاطفة مع الإخوان دون الانتماء التنظيمي أنهم واقعون تحت تأثير الآلة الإعلامية الضخمة للإخوان، سواء قنوات فضائية أو صفحات شخصية أو عامة على منصات الاجتماعي تمثل الإخوان".

هجمة مرتدة

الناقد الفني رامي المتولي يرى أنّ الجدل المشتعل حول نوعية الدراما التي تقدم رواية الدولة الرسمية عن جماعة الإخوان منذ الجزء الأول لمسلسل الاختيار، ثم مسلسل هجمة مرتدة، عن دور المخابرات العامة المصرية، نابع من فكرة أنه لم يكن هناك سابقاً إعلام وإعلام ومضاد. يوضح رامي المتولي لـ "حفريات": "الجماعات الإرهابية بكل تفريعاتها كان لديها جهاز إعلامي، له شكل واضح وملامح في الطريقة التي يتعامل بها؛ سواء المواد الفيلمية أو التسجيلية التي أنتجوها، أو سيطرتهم على بعض الوسائل الاعلامية والقنوات التي يبثون من خلالها أخبارهم بالشكل الذي يريدونه، لسنوات طويلة ظل ذلك هو المعتاد، لكن مع ظهور مسلسلات تعبر عن وجهة نظر الدولة أخذت الأمور في نصاب مختلف، وهو ما حدث مع مسلسل الاختيار، نستطيع أن نقول إنه قد حدثت حالة عدم اتزان".

رامي المتولي: المسلسلات أثارت جدلاً كبيراً لدرجة أنّ البعض بدأ في إلقاء التهم على الآخرين بعد أن كشف المسلسل العديد من الحقائق

يضيف المتولي: "المسلسلات أثارت جدلاً كبيراً لدرجة أنّ البعض بدأ في إلقاء التهم على الآخرين بعد أن كشف المسلسل العديد من الحقائق؛ رغم أن مسلسل الاختيار في الجزء الأول لم يكن يبلور ذلك الشكل الإعلامي المضاد بطريقة واسعة، لكن في الجزء الثاني، ومع حدوث نوع من التكامل بين الاختيار، الذي قدم رؤية مؤسسة أمن الدولة أو الأمن الوطني، ومسلسل هجمة مرتدة، والذي عرض العام الماضي، وقدم رؤية جهاز المخابرات العامة المصرية، ثم ظهور المؤسسات الأمنية المصرية مكتملة في الجزء الثالث من الاختيار، بدأت الصورة تكتمل وتتضح بشكل أوسع، بالتالي بدأت حالة الصياح تعلو وتيرتها نتيجة ظهور العديد من الحقائق الصادمة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية