لماذا اختار الرئيس الصومالي الإمارات وجهة له في أول زيارة خارجية؟

لماذا اختار الرئيس الصومالي الإمارات وجهة له في أول زيارة خارجية؟


20/06/2022

يزور الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود دولة الإمارات، في أول زيارة رسمية له للخارج منذ انتخابه رئيساً، وكان من أوائل قراراته إعادة (9.6) ملايين دولار إلى أبو ظبي صادرها نظام الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو عام 2018، وهذا يعكس الرغبة الكبيرة من قبل القيادات الصومالية الجديدة بتحسين العلاقات مع الإمارات وفتح صفحة جديدة قائمة على الأخوة والصداقة والمصالح المشتركة.

ووصل اليوم حسن شيخ محمود إلى أبوظبي وكان في استقباله لدى وصوله مطار الرئاسة الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة وعدد من المسؤولين، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.

وبحسب بيان مقتضب للرئاسة الصومالية، نشره موقع "الصومال الجديد"، فإنّ زيارة الرئيس الصومالي إلى دولة الإمارات تستغرق يومين، وتستهدف تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

ومن المقرر خلال الزيارة أن يلتقي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الرئيس الصومالي خلال تلك الزيارة، وفقاً للبيان.

ويبحث الجانبان تسهيل إجراءات السفر والتجارة وتعزيز التعاون في المجالات كافة.

ويرى مراقبون أنّ الزيارة تبدي اهتمام الرئيس الصومالي بتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات.

وصل اليوم حسن شيخ محمود إلى أبوظبي وكان في استقباله الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة وعدد من المسؤولين

ويشير المراقبون إلى أنّ فرماجو كان يراهن على دعم دول إقليمية للتجديد له، وهو ما جعله يواصل مسار استعداء الإمارات، لكن اليوم وبعد خسارته في أيار (مايو) الماضي، أصبحت الطريق معبدة من جديد أمام عودة العلاقات الإماراتية - الصومالية إلى طبيعتها.

ويلفت المراقبون إلى أنّ شيخ محمود الذي عُرف بهدوئه السياسي سيسعى جاهداً خلال هذه الزيارة الجارية إلى أبو ظبي لنزع شوائب الماضي القريب والتأسيس لعهد جديد.

تدشين صفحة جديدة في العلاقات الثنائية

وتشير أوساط سياسية نقلت عنها صحيفة "العرب" اللندنية إلى أنّ زيارة شيخ محمود إلى أبو ظبي من شأنها أن تدشن صفحة جديدة في العلاقات الثنائية التي تضررت بشكل كبير خلال عهد الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، فقد عمل الأخير على استعداء الدولة الخليجية متجاهلاً الدعم الكبير الذي أغدقته على البلد الأفريقي طوال أعوام طويلة.

وقد تراوح الدعم الإماراتي بين دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية من جهة، ومن جهة أخرى تعزيز القدرات الدفاعية للصومال من خلال العمل على رفع جاهزية الجيش والأجهزة الأمنية في مواجهة التحديات المرتبطة بالتنظيمات الجهادية، وخاصة حركة شباب الصومال.

 

زيارة شيخ محمود إلى الإمارات في أول زيارة رسمية له للخارج تعكس الرغبة الكبيرة من قبل القيادات الصومالية الجديدة بتحسين العلاقات مع أبو ظبي وفتح صفحة جديدة

 

وتوضح الأوساط السياسية الصومالية أنّ الرئيس الصومالي الجديد يرنو إلى استعادة دفء العلاقات مجدداً مع الإمارات، لدعمه في جهود استعادة استقرار البلاد التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة.

وكان شيخ محمود قد تعهد خلال حفل تنصيبه رسمياً رئيساً للبلاد، في 9 حزيران (يونيو) الجاري، بالعمل على تجسيد الشعار الذي رفعه أثناء حملته الانتخابية "صومال متصالح مع نفسه، ومتصالح مع العالم"، وهو شعار يحمل بين ثناياه رغبة في القطع مع سياسات الرئيس السابق القائمة على لعبة المحاور، التي كلفت الصومال الكثير في وقت هو أحوج ما يكون فيه إلى دعم الجميع.

وقد أوفد الرئيس الإماراتي وزير الدولة الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان لحضور مراسم تنصيب الرئيس شيخ محمود حينها.

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لدى مغادرته مقديشو

وانتخب البرلمان الصومالي في منتصف أيار (مايو) الماضي شيخ محمود بأغلبية (214) صوتاً، مقابل (110) أصوات لخصمه الرئيس المنتهية ولايته فرماجو، في جولة إعادة ثالثة.

وسبق أن تولى شيخ محمود رئاسة الصومال من أيلول (سبتمبر) 2012 إلى شباط (فبراير) 2017، واتّسمت سياسته الخارجية خلال تلك الفترة بالتوازن، مع الحرص على توثيق الروابط مع الدول الخليجية، وفي مقدمتها الإمارات التي كانت وما تزال مهتمة بتقديم الدعم للصومال في ظلّ ما يعانيه من أزمات أمنية وسياسية.

واتخذت العلاقة بين أبو ظبي ومقديشو منحى تصعيدياً في العام 2018، بعد إعلان وزارة الأمن الداخلي الصومالية في نيسان (أبريل) من ذلك العام ضبطها مبلغاً مالياً قدره (9) ملايين و(600) ألف دولار على متن طائرة بوينغ 737 في مطار مقديشو، بذريعة وجود شبهات حوله.

 

الزيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبحث تسهيل إجراءات السفر والتجارة وتعزيز التعاون في المجالات كافة

 

وفي وقت سابق من هذا العام، بعد انتخاب شيخ محمود، قدّم رئيس الوزراء حسن روبلي السابق اعتذاراً رسمياً للإمارات، وأعاد الأموال المصادرة.

اعتذار قابلته الإمارات بالترحيب، وفق ما جاء على لسان المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة أنور قرقاش.

وقال قرقاش في تغريدة له على "تويتر" نقلتها حينها صحيفة البيان: "تواصل الإمارات خطواتها نحو ترميم الجسور وإعادة التواصل مع مختلف الدول في سعيها لتعزيز الاستقرار الإقليمي ودفع عجلة الازدهار".

مضيفاً: "اعتذار رئيس الوزراء الصومالي يفتح صفحة جديدة، فلطالما كان دعم ومساندة الأشقاء في الصومال موقفاً تاريخياً تجسّد في أصعب الظروف، ويبقى محل اهتمام ورعاية الإمارات".

المساعدات الإماراتية للصومال

هذا، وكان رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد وجّه في 19 أيار (مايو) الماضي بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة (35) مليون درهم إلى دولة الصومال لدعم جهود التنمية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.

وتأتي توجيهات الشيخ محمد بن زايد بتقديم هذه المساعدات في إطار العلاقات الأخوية التي تربط البلدين الشقيقين، وتؤكد هذه المبادرة حرص دولة الإمارات على دعم الأشقاء ومساندتهم، وسعيها لتطوير علاقاتها الثنائية مع الصومال.

نفذت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي خلال انتشار جائحة كورونا برنامجاً إغاثياً لتعزيز استجابتها تجاه الأوضاع الإنسانية في الصومال

وتهدف مبادرة دولة الإمارات إلى المساهمة في تلبية احتياجات الشعب الصومالي في مجالات تنموية متعددة، سعياً لتحسين الظروف المعيشية للسكان وتعزيز قدرات الحكومة على التعامل مع التحديات الإنسانية التي تواجه الصومال.

وقد أرسلت الإمارات مطلع العام الجاري طائرة مساعدات إنسانية الى الصومال على متنها (26) طناً من المساعدات الطبية والغذائية العاجلة دعماً للشعب الصومالي.

كما نفذت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي خلال انتشار جائحة كورونا برنامجاً إغاثياً لتعزيز استجابتها تجاه الأوضاع الإنسانية في الصومال، امتداداً لمبادرات دولة الإمارات الإغاثية والتنموية على الساحة الصومالية، حسبما أوردت صحيفة الاتحاد الإماراتية.

وأرسلت دولة الإمارات أيضاً طائرات مساعدات تحتوي على آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية وأجهزة الفحص للصومال، ومساعدات لدعم جهود (7) آلاف من العاملين في القطاع الطبي، وتعزيز قدراتهم في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

 

أوساط سياسية: شيخ محمود يرنو إلى استعادة دفء العلاقات مجدداً مع الإمارات، لدعمه في جهود استعادة الاستقرار ومواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية

 

ومن جهتها "أشادت الأمم المتحدة على لسان العديد من المسؤولين فيها، وفق ما نقلت "فرانس برس"، بجهود دولة الإمارات المتواصلة في دعم مسيرة الأمن والاستقرار في الصومال، والمشاريع التنموية والإنسانية التي تنفذها في مختلف المناطق والأقاليم الصومالية".

واهتمام الإمارات بالأوضاع الإنسانية في الصومال ليس جديداً، بل هو مستمر منذ عقود من الزمان، ويأتي في إطار الدور الذي تضطلع به دولة الإمارات للحدّ من المعاناة الإنسانية حول العالم، من منظور إنساني بحت ولا يرتبط بجنس أو عرق أو طائفة، بل تحدد معالمه حاجة الإنسان أينما كان للدعم والمساندة.

ويؤكد استمرار المساعدات الإنسانية أنّ دعم الإمارات للصومال مستمر في وقت أحوج ما تكون له الساحة الصومالية من دعم ومساندة ومؤازرة للمتأثرين من الأوضاع الصعبة التي تشهدها بلادهم.

مواضيع ذات صلة:

الإمارات والصومال.. جهود محاربة القرصنة

الحكومة الصومالية الجديدة بين تربّص الإخوان وجدل التطبيع

المشهد السياسي في الصومال: سيناريوهات تنتظر الرئيس الجديد.. ماذا عن التحديات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية