
طرحت صورة ظهر فيها أحد أفراد كتائب الإخوان المسلمين في السودان وبحوزته قذيفة من نوع "الياسين 105" التي تصنعها كتائب (القسام)، الجناح العسكري لحركة حماس، طرحت الكثير من التساؤلات حول التنسيق بين الحركتين الإسلاميتين في السودان وفلسطين، ودور إيران، خاصة أنّها في الوقت الراهن أهم مصادر التسلح للجيش السوداني والكتائب الإخوانية فيه.
ووفق موقع (بوابة السودان)، فقد ظهرت صورة لأحد أفراد الكتائب الإسلامية التي تحارب بجانب الجيش السوداني، وهو يستند إلى عربة عسكرية بجانب مجموعة ترتدي الزي العسكري، وهو يحمل قذيفة غريبة الشكل في يده. وعند التدقيق في الصورة اتضح أنّها من نوع "الياسين 105" التي تصنعها كتائب (القسام)، الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية.
قذيفة "الياسين 105" هي نسخة معدلة من قذيفة "تاندوم 85" الروسية، وتتميز بأنّها سهلة الاستخدام وذات قدرة تدميرية عالية. ويتم إطلاقها بوساطة قاذف "آر بي جي" محمول على الكتف، وتستخدم ضد العربات العسكرية المدرعة والدبابات، وكذلك لاختراق المباني المحصنة وتدميرها.
ظهرت قذيفة "الياسين 105" على نطاق واسع في العدوان الأخير الذي تشنه إسرائيل ضد قطاع غزة، وأعلن عنها الناطق الرسمي باسمها (أبو عبيدة) في خطاب له في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
وبعد البحث والتقصي اتضح أنّ الشخص الذي يحمل القذيفة يُدعى (المظفر دقيل)، وهو عنصر من عناصر كتيبة (البراء بن مالك)، وهي كتيبة جهادية تتبع الإخوان المسلمين، وتقاتل بجانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، ويُعتقد على نطاق واسع أنّها الكتيبة التي أشعلت شرارة الحرب وأطلقت طلقتها الأولى في 15 نيسان (أبريل) 2023.
وكتب المظفر أول من أمس على موقع (X)، وذلك بعد الإعلان عن مقتل (يحيى السنوار)، زعيم حركة حماس الفلسطينية في غزة، أنّه سيغير اسمه من المظفر دقيل إلى مظفر السنوار.
وقالت الصحيفة ذاتها إنّ علاقة الحركة الإسلامية السودانية (الإخوان) بحركة حماس الفلسطينية قديمة، وتميزت بالتعاون العسكري والدعم اللوجستي في فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير. ولعب السودان في تلك الفترة دوراً رئيسياً في نقل الأسلحة السودانية والأسلحة القادمة من إيران إلى قطاع غزة، بتهريبها عبر الأراضي المصرية.
وكان هذا التعاون جزءاً من سياسة نظام (إخوان السودان) في دعم حركة (حماس)، التي تمثل الذراع العسكرية للإخوان المسلمين في فلسطين.
وقبل أيام من مقتل السنوار عن طريق المصادفة برصاص جنود إسرائيليين يوم الخميس الماضي، كان تقرير قد كشف أنّ مسؤولين في حكومة نتنياهو يدرسون إمكانية التوصل إلى صفقة تفضي لإطلاق سراح الرهائن، تشمل السماح بخروج زعيم حماس يحيى السنوار من قطاع غزة إلى السودان.
الاتحاد الأوروبي يعلن فرض عقوبات على (6) أفراد و(3) شركات يسيطر عليها رجل أعمال يقيم في السودان سبق أن عاقبه الاتحاد.
وقالت صحيفة (هآرتس) في تقرير يوم 6 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري: إنّ مسؤولين إسرائيليين يدرسون إمكانية موافقة السنوار ومسؤولين كبار آخرين في حماس، الذين ما زالوا في غزة، "على الخروج إلى السودان"، كجزء من خطوة ستجعل من الممكن إنهاء حكم حماس في غزة وتحرير الرهائن.
وعن علاقة حماس بإخوان السودان، أعلن الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) الماضي فرض عقوبات على (6) أفراد و(3) شركات متهمة بتمويل حركتي (حماس والجهاد الإسلامي)، أو بـ "تسهيل أفعالهما العنيفة".
وقال المجلس الأوروبي في بيان: إنّ هذه العقوبات تستهدف (3) شركات وصفت بأنّها "شركات وهمية غايتها تسهيل تدفق الأموال إلى حماس"، ويسيطر عليها رجل أعمال يقيم في السودان سبق أن عاقبه الاتحاد الأوروبي.
وفي سياق متصل كشف تقرير نشر يوم الخميس 17 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، أصدره (مرصد النزاعات)، وهو ائتلاف بحثي مدعوم من مكتب عمليات النزاع والاستقرار التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، عن عودة الدعم العسكري الإيراني للجيش السوداني.
ووفقاً للتقرير، أرسلت إيران ما لا يقل عن (9) رحلات شحن إلى السودان بين كانون الأول (ديسمبر) 2023 وتموز (يوليو) 2024، وجاء هذا الدعم وسط تقارب سياسي بين البلدين بعد اندلاع حرب 15 نيسان (أبريل) الماضي، فقد احتاج الجيش السوداني، المدعوم من الحركة الإسلامية السودانية (النظام القديم)، إلى الأسلحة، وظهرت الأسلحة الإيرانية على جبهات القتال لأول مرة.
وأكد التقرير أنّ إيران سهلت نقل الأسلحة إلى الجيش السوداني عبر رحلات شحن جوية، ويُعتقد أنّ طائرة الشحن EP-FAB، التابعة لشركة "قشم فارس للطيران"، كانت المسؤولة عن نقل هذه الأسلحة إلى مطار بورتسودان الدولي.
واستند التقرير إلى عدة أدلة قوية لدعم هذا الاستنتاج، بما في ذلك تتبع (9) رحلات جوية نفذتها طائرة الشحن EP-FAB من طهران إلى بورتسودان. وتوقفت أيضاً (4) من هذه الرحلات في منطقة خاصة بالقوات الجوية الإيرانية في مطار مهرآباد بطهران، ممّا يشير إلى احتمال نقل شحنات عسكرية. كما تم إيقاف نظام إرسال البيانات (ADS-B) في بعض الرحلات قبل الهبوط، وهي خطوة تُفسّر على أنّها محاولة متعمدة لإخفاء النشاط العسكري، حيث يُعد هذا التصرف غير شائع في الرحلات المدنية. وبدأ ظهور الأسلحة الإيرانية في ميادين القتال السودانية بعد انطلاق هذه الرحلات.
ووفق موقع (الراكوبة)، فقد شملت الأسلحة التي وفرتها إيران طائرات بدون طيار من نوع "مهاجر-6"، ومحطات التحكم الأرضي، إضافة إلى مدفعية ومعدات أخرى. وقد لعبت طائرة الشحن EP-FAB دوراً رئيسياً في تسهيل شحنات الأسلحة هذه. الجدير بالذكر أنّ شركة "قشم فارس للطيران"، المالكة للطائرة، تخضع لعقوبات أمريكية لدورها في نقل الأسلحة إلى الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
وقد اعتمد الباحثون في المرصد على صور فضائية تجارية عالية الدقة وبرامج تتبع الرحلات الجوية لتوثيق هذه الرحلات، ممّا أضفى مزيداً من المصداقية على التقرير. وأشار التقرير إلى مشاهد فيديو تُظهر قوات الدعم السريع وهي تعرض طائرة بدون طيار أسقطتها في تموز (يوليو) بمدينة أم درمان، وهي شبيهة بالطائرات الإيرانية المستخدمة في اليمن.
وتشير التقارير والوقائع على الأرض إلى أنّ إيران استأنفت دعمها العسكري القديم للجيش السوداني بقوة، ممّا يعيد إحياء شراكة قديمة بين البلدين، ويعكس طموحات إيرانية متجددة في منطقة البحر الأحمر، مع استمرار الحرب في السودان.
ويأتي الدعم العسكري الإيراني، مع محاولات عودة النظام السابق إلى السلطة مرة أخرى عبر بندقية الجيش، وظهور الأسلحة الإيرانية على جبهات القتال في يد ميليشيات وكتائب الحركة الإسلامية السودانية (النظام القديم) دليلاً على تلك الفرضية.