كيف تعمل لوبيّات "الإخوان" على دعم التطرف وشيطنة الخصوم؟

كيف تعمل لوبيّات "الإخوان" على دعم التطرف وشيطنة الخصوم؟

كيف تعمل لوبيّات "الإخوان" على دعم التطرف وشيطنة الخصوم؟


29/02/2024

لا تتوانى جماعة الإخوان المسلمين، المصنّفة على قوائم الإرهاب في عدد من البلدان العربية، عن صناعة خطابات معادية لأفراد ومؤسسات وأنظمة، تقف على النقيض من سياساتها وأهدافها؛ فتؤسس دعايتها البراغماتية على أساس الخصومة السياسية والأيديولوجية، مما يجعلها تقع في فخّ التناقضات والسيولة، إثر تفاوت الاصطفافات الحزبية، وتغيّر التكتيكات.

هناك نحو 11 منظمة، تابعة لجماعة الإخوان، أو قريبة من أفكارها، في العواصم الأوروبية، تحصل على تمويل قطري، مثل مؤسسة "الكرامة"

الحمولة الأيديولوجية للخطاب الإخوانيّ، الذي يقوم على تعبئة عناصرهم، ضدّ فئة أو جهة محددة، تنتقل بخفة إلى النقيض، وذلك بحسب مقاييس الربح والخسارة السياسية، المؤقتة والعرضية، ولا تعتمد مواقف مبدئية ثابتة، ومن ثمّ فإنّ سردياتها المراوغة حول جملة من القضايا، الحقوقية والاجتماعية والتاريخية، تكون، أحياناً، وسيلة للدعم والشرعية، وفي أحيان أخرى، تؤدّي دورها الوظيفي المغاير في التشويه والتخوين.

اقرأ أيضاً: الإخوان وباء العصر

عمدت الجماعة إلى التغوّل في ثلاث عواصم أوروبية، بين عقدَي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وهي: لندن وبرلين وباريس، كما شكّلت من خلال الجاليات الإسلاميّة والعربيّة حضوراً مكثفاً، بواسطة عدة آليات، من بينها المراكز الثقافية والدعوية، ثمّ الجمعيات الحقوقية التي قاموا بتدشينها؛ إذ لعبت دوراً مؤثراً في الترويج لأدبيات الإخوان وأفكارهم، من ناحية، وتحقيق أهدافهم السياسية، من ناحية أخرى؛ وقد ساعدت وفرة التمويل في نجاحهم المرحليّ والجزئيّ، إلى جانب الاتصال مع جهات حقوقيّة ورسميّة، في أوروبا والغرب.

 مؤسّسات الجماعة في الغرب: لعبة الشيطان 

وفي دراسة الدكتور فيصل النقبي، المعنونة بـ "إستراتيجية تغلغل الإخوان المسلمين في الغرب"؛ فإنّ الجماعة قد وظّفت وجودها المؤسّسي في البلدان الأوروبية، من خلال  بناء شبكة من التحالفات، والاعتماد المتبادل على الكيانات الممثلة للكتل الإسلامية الرئيسة في العالم، بواسطة الانفتاح على الإسلام التركيّ الموجود بكثافة في ألمانيا، وحين تمّ تأسيس التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، عام 1982، واصل التنظيم مساعيه الرامية إلى تعزيز تغلغله في الولايات المتحدة وأوروبا، ونجح في ترسيخ نفوذه في العديد من الدول الأوروبية، حتى أنّ 95% تقريباً من أنشطة التنظيم الدولي وهيكلته باتت متمركزة في أوروبا، خاصّة في المربع الكلاسيكي للتحرك الإخواني (بريطانيا - ألمانيا - سويسرا - بلجيكا)، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

ويتابع: "انتشرت جماعات الإخوان في ألمانيا، انطلاقاً من مسجد ميونيخ، واعتمدت على ثلاث أدوات أساسية؛ المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، والمؤسسة الإسلامية الألمانية، وصوت المسلمين الألمان، والأخيرة تسيطر على ستين مركزاً إسلامياً في عموم البلاد، تحت قيادة الإخوانيّ المصريّ، إبراهيم الزيات، وصهر صبري أربكان، زعيم جماعة  "Milli Gorus"، والتي بدورها تملك نفوذاً في شرائح واسعة من المجتمع التركيّ في ألمانيا".

اقرأ أيضاً: الإخوان وأكذوبة حقوق الإنسان: كيف ابتلع الغرب الطُعم؟

وتعدّ الأيديولوجيا الإسلامية للجماعة ذائعة الصيت في أنقرة، بمثابة نسخة تركية للإسلام السياسي، حسبما يشير النقبي في دراسته، والتي تحظى بعلاقات وثيقة مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ويردف: "كما تأسّست، مؤخراً، جمعية جديدة يطلق عليها اسم "المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا"، تمثّل اتحاداً بين "Milli Gorus"، والمؤسسة الإسلامية الألمانية المرتبطة، بجماعة الإخوان".

اقرأ أيضاً: ازدواجية الإخوان واعتلال الميزان في قضايا حقوق الإنسان

يتّفق والرأي ذاته، الدكتور إبراهيم مسلم، الباحث المتخصص في قضايا الإسلام السياسي، والمقيم في باريس؛ إذ يرى أنّ جماعة الإخوان المسلمين "تعتمد المبدأ الميكافيللي؛ حيث إنّ بإمكانهم وضع يدهم مع من يعادي قيمهم ومبادئهم، في سبيل تحقيق مصالحهم، بصورة انتهازية، لذلك نراهم مجرد أوراق ضغط، تستخدمها القوى الكبرى، وفي الوقت نفسه، هم يجدون هذه العلاقة جيدة لهم، لجهة تحقيق أغراضهم السياسية والأيديولوجية".

الباحث المتخصّص في الإسلام السياسيّ وقضايا الإرهاب د. إبراهيم مسلم

ويضيف مسلم لـ "حفريات": "لدى جماعة الإخوان في الغرب، العديد من المؤسسات والمعاهد التعليمية، وكذا المراكز الدعوية والثقافية والحقوقية، التي تتصل بهم تنظيمياً، أو تتوافق وأيديولوجياتهم؛ ومن بينها مركز بحوث ودراسات الإسلام، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانيّة، والأخير يعدّ المسؤول عن تدريب الأئمة والدعاة في العواصم الأوروبية، ومعهد الدراسات الإسلامية العالمية، الموجود منه عدة فروع بالغرب، من بينها فرنسا، بينما المقرّ الرئيس في لندن، ومعهد ابن سينا، المسؤول عن تدريب الأئمة في شمال فرنسا، الذي جرى تأسيسه بتمويل قطري، عام 2006".

إستراتيجية التغلغل

ويلفت الباحث المتخصّص في الإسلام السياسيّ، إلى أنّ "الجماعة تعتمد في دعايتها على تقديم نفسها باعتبارها كياناً يمثل الإسلام، ويشكل حاضنة مجتمعية وسياسية للمسلمين في الغرب"، مضيفاً: "لذا، نراهم يحاربون البلدان التي تعيش فيها الجالية الإسلامية في سلام، وعلى أسس مواطنية، وحقوق مدنية وقانونية، في حين يغضّون الطرف عن بلدان أخرى، تبدو فيها الأوضاع الحقوقية متدنية، وهنا تلعب المصالح دورها، وكونهم يتخذون من تركيا ملاذاً آمناً، ويرون في رئيسها حليفاً سياسياً وإقليمياً لهم، فلا نجد لهم انتقادات واضحة حول الوضع الحقوقي والسياسي بتركيا، أو الاعتداءات بحقّ اللاجئين السوريين مثلاً، بل العكس هو ما يحدث، كما تتركز حملاتهم ضدّ الدول المعادية لتركيا، بناء على هذا الأساس المصالحي".

الباحث إبراهيم مسلم لـ "حفريات": لدى جماعة الإخوان في الغرب، العديد من المؤسسات والمعاهد التعليمية، وكذا المراكز الدعوية والثقافية والحقوقية التي تتصل بهم تنظيمياً

ويختتم: "الإخوان المسلمون لديهم لوبيات في معظم الدول الأوروبية، وهم يعتمدون على رجال الأعمال كمصدر للتمويل، إضافة إلى الحروب والصراعات التي تحدث في الشرق الأوسط؛ فالمال السياسي واقتصاديات الحرب، يلعب كلّ منهما أدواراً مختلفة في إدارة أنشطتهم، لكنّهم، في تقديري، فشلوا في صناعة دولة، ولن ينجحوا؛ لأنّ شعوب المنطقة الإسلامية أدركوا خبيئة أهدافهم غير الوطنية، وأيضاً الدول الأوربية أدركت ذلك، لكنّ هذا لا يمنع الأخيرة من استخدامهم الوظيفي، في ضرب وإضعاف أيّة دولة تعرقل المصالح الأوروبية في المنطقة العربية والإسلامية".

وفي حديثه لـ "حفريات"، يشير الدكتور، عبد السلام القصاص، الباحث في العلوم السياسية، إلى أنّ تنظيم الإخوان يشكل حلقات عديدة ومعقدة في الغرب؛ إذ تمكّن من تسجيل العديد من المنظمات الحقوقية، مستفيدين من الأوضاع القانونية والحقوقية التي تتّسم بدرجة كبيرة من الحرية في هذا الشأن، خاصة، في عاصمة ومركز النشاط الحقوقي، في جنيف بسويسرا، والتي هي مقرّ المجلس الدولي لحقوق الإنسان.

صناعة صورة موازية

ويضيف القصاص: "تستهدف الجماعة من خلال هذه المنصات والمراكز الحقوقية، التي تعقد أنشطتها داخل مقرّ الأمم المتحدة إدارة دعايتها السلبية والمعارضة، والهجوم على الدول التي تحمل لها خصومة سياسية وإقليمية، كما أنّها تسعى إلى بناء صورة عن الجماعة مختلفة عن حقيقتها، وذلك باعتبارها منظمة سياسية، لا تتبنى العنف، وتعتمد على الأطر السلمية والقانونية لنشر أفكارها، وهو ما يخالف نشاطها الحركي، وحتى أدبياتها النظرية، التي تتبنى الدين لأغراض سياسية، ولأهداف الحكم، وتعمد إلى تكفير الآخرين".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية