كيف تعاملت بلجيكا مع خطر الإخوان؟ دراسة جديدة تجيب

كيف تعاملت بلجيكا مع خطر الإخوان؟ دراسة جديدة تجيب

كيف تعاملت بلجيكا مع خطر الإخوان؟ دراسة جديدة تجيب


20/11/2024

على نسخته الإنجليزية، نشر مركز (تريندز للأبحاث والاستشارات) دراسة بعنوان: التجربة البلجيكية في التعامل مع الإخوان المسلمين، لإبراهيم ليتوس، مدير الأكاديمية الأوروبية للتنمية والبحوث، الذي قدّم تحليلاً شاملاً للتطور التاريخي والهياكل التنظيمية، والتحديات التي تواجهها بلجيكا، من أجل السيطرة على نفوذ الجماعة، وكشف الأساليب التي تمول بها جماعة الإخوان المسلمين أنشطتها، وتتفاعل من خلالها مع مختلف المؤسسات والمجتمعات الإسلامية.

ومن خلال دراسة هذه الجوانب، سلّطت الدراسة الضوء على النهج الحالي والمستقبلي الذي تتبناه بلجيكا تجاه جماعة الإخوان المسلمين، في ظل التعقيدات التي تحيط بالإسلام السياسي في مجتمع متعدد الثقافات.

السياق والمفاهيم

تبدأ الدراسة باستعراض تاريخ الجماعة في بلجيكا، حين بدأت في ترسيخ موطئ قدم لها في أواخر القرن العشرين، مع توضيح المصطلحات الرئيسية مثل: الإسلام السياسي، والإسلاموية، وما بعد الإسلاموية، وهي مفاهيم يرى الكاتب أنّها تتسم بعدم التحديد والغموض والتعدد والتناقض.

ويؤكد الكاتب أنّه من الأهمية بمكان أن نفهم التفاعل المعقد بين جماعة الإخوان المسلمين والكيانات الغربية، ولا سيّما في الولايات المتحدة. فمع مرور الوقت شكلت التحولات الجيوسياسية هذه العلاقة، حيث أثرت فترات التعاون والصراع على الاستراتيجيات العملياتية لجماعة الإخوان المسلمين في بلجيكا وخارجها. ويشكل فهم هذا السياق أهمية بالغة لفهم التحديات التي تواجهها بلجيكا في معالجة نفوذ الجماعة داخل حدودها.

ويستعرض الكاتب النماذج التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين من خلال أطر تنظيمية مختلفة، كل منها يتكيف مع سياقها الإقليمي. وفي بلجيكا برز نموذجان رئيسيان:

 

-المجلس الإسلامي الأوروبي  (EMC): كان يُعرف سابقاً باسم اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE)، ويمثل المجلس الإسلامي الأوروبي مصالح الإخوان المسلمين على المستوى الأوروبي. ويعمل كشبكة لمختلف المنظمات الإسلامية، ويعزز التعاون والدعوة في المجالات السياسية الأوروبية. ويعزز دور المجلس الإسلامي الأوروبي في تسهيل الحوار بين الجماعات الإسلامية المختلفة نفوذه، ويعمل كجسر بين المجتمعات المحلية وصناع السياسات الأوروبيين.  

-رابطة المسلمين في بلجيكا (LMB) : تعمل هذه الهيئة كممثل مباشر لمصالح الإخوان المسلمين داخل بلجيكا، وتشارك رابطة المسلمين في بلجيكا في التواصل المجتمعي والبرامج التعليمية والدعوة السياسية، بهدف تقديم نفسها كصوت شرعي للمسلمين في المجتمع البلجيكي، من خلال تنظيم الأحداث ودعم المبادرات الثقافية وتعزيز الحوار بين الأديان، وتعمل رابطة المسلمين في بلجيكا على تحسين تصور المسلمين في بلجيكا والدعوة لحقوقهم.

تشارك رابطة المسلمين في بلجيكا في التواصل المجتمعي والبرامج التعليمية والدعوة السياسية

وتؤكد الدراسة أنّ كلتا المنظمتين تظهران الاستراتيجية المزدوجة، التي تنتهجها جماعة الإخوان المسلمين من أجل الحفاظ على إطار إيديولوجي واسع النطاق، مع التكيف مع السياقات المحلية. وقد سمح هذا التكيف لجماعة الإخوان المسلمين بتوسيع نفوذها بشكل فعال بين المجتمعات المسلمة في بلجيكا

تحديات متعددة 

ترى الدراسة أنّ النهج الذي تتبعه بلجيكا في التعامل مع الإخوان المسلمين يطرح عدداً من التحديات، تتراوح بين الاعتبارات القانونية والسياسية والأكاديمية والأمنية. وتضيف: "لوحظ أنّ بعض الجماعات الإسلامية السياسية تستغل بشكل خاطئ بعض الحقوق والحريات الأوروبية والوطنية، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في الدستور البلجيكي، مثل المادة (26) "الحق في التجمع"، والمادة (27) "الحق في تكوين الجمعيات". ويتم ذلك بهدف تعزيز برامجها الخاصة والترويج لإيديولوجياتها".

وتؤكد الدراسة أنّ (30) مسجداً من أصل (400) مسجد تقريباً أنشئت في بلجيكا، تستحق أن توصف بأنّها "متطرفة"، منها (100) مسجد تركي، تتبع إيديولوجية حزب العدالة والتنمية، مع وجود أكثر من (40) جمعية أخرى مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين. 

وبحسب الدراسة، لاحظت أجهزة أمن الدولة، على مدى الأعوام القليلة الماضية، وجود أنشطة محددة لتجنيد وتدريب الشباب المسلمين من قبل الإخوان. حيث تعمل جماعة الإخوان المسلمين في منطقة رمادية من الناحية القانونية، ورغم أنّها لا تُصنَّف كمنظمة إرهابية، فإنّ جذورها الإيديولوجية وبعض المنظمات التابعة لها تعرضت للتدقيق. وقد أدى هذا إلى نشوء توترات بين الحكومة والمنظمات الإسلامية المختلفة، الأمر الذي أدى إلى تعقيد المشهد السياسي.

آليات التمويل

تكشف الدراسة أنّ جماعة الإخوان اعتمدت تاريخياً على مزيج من جمع التبرعات المحلية، والتبرعات من الأفراد الأثرياء، والدعم المالي من الشبكات الدولية، عبر الآليات التالية:

-المشاركة المجتمعية: تتواصل الجماعة مع المجتمعات المسلمة المحلية من خلال المساجد والمؤسسات التعليمية والمنظمات الثقافية، وبالتالي تؤسس حضوراً قوياً لها. ولا توفر هذه السبل الموارد المالية فحسب، بل تساعد أيضاً على تجنيد أعضاء جدد وتوسيع النفوذ. وكثيراً ما تعمل المراكز المجتمعية والمساجد كنقاط محورية للتواصل والتعبئة، ممّا يخلق شبكات دعم تسهل تحقيق أهداف الجماعة.

تتواصل الجماعة مع المجتمعات المسلمة المحلية من خلال المساجد والمؤسسات التعليمية والمنظمات الثقافية

ـإعادة التموضع الاستراتيجي: في الأعوام الأخيرة أعادت جماعة الإخوان المسلمين تموضعها استراتيجياً في أعقاب أحداث مثل: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصعود الحركات الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا. ويشمل هذا جهود تعديل صورتها العامة لتتماشى بشكل أفضل مع القيم الأوروبية، وفي الوقت نفسه توسيع نطاق وصولها داخل المجتمعات الإسلامية. ومن خلال تبنّي نبرة أكثر اعتدالاً والتركيز على القضايا الاجتماعية، تهدف جماعة الإخوان المسلمين إلى مواجهة التصورات السلبية وتعزيز الشعور بالانتماء بين المسلمين البلجيكيين.

وتوصي الدراسة بضرورة تعزيز المراقبة على أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، مع التركيز على التمييز بين الممارسات الدينية، وبين الأعمال ذات الدوافع الإيديولوجية التي تشكل مخاطر أمنية. ويتطلب هذا النهج التعاون مع المنظمات المجتمعية لتعزيز الشفافية والثقة، والمشاركة المجتمعية عبر بناء الشراكات مع المنظمات الإسلامية المعتدلة، وهو أمر من شأنه، بحسب الدراسة، أن يسهل الحوار ويخفف من حدة التوترات. كما أنّ المشاركة مع قادة المجتمع لمعالجة المخاوف من شأنها أن تعزز التكامل وتعزز التفاهم المتبادل. أضف إلى ذلك المبادرات التعليمية، والاستثمار في البرامج التعليمية التي تعزز القيم المدنية والتسامح والتفكير النقدي داخل المجتمعات الإسلامية، وهو أمر يمكن أن يكون بمثابة تدبير استباقي ضد التطرف. مع تشجيع البحث الأكاديمي، وحملات التوعية العامة، لتعريف عامة الناس بالأصوات المتنوعة داخل المجتمع الإسلامي، ومقاومة الصور النمطية، من أجل تعزيز التماسك الاجتماعي، مع تسليط الضوء على مساهمات المسلمين المعتدلين.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية