أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينس ستولتنبرغ، أنّ أمن منطقة الخليج من أمن "الناتو"، مشيراً إلى تعاون أعضاء "مبادرة إسطنبول"، التي تضم الكويت والإمارات وقطر والبحرين، مع الحلف، منوّهاً في الوقت نفسه إلى مساندة كل من السعودية وسلطنة عُمان، غير الأعضاء في المبادرة، لما فيه مصلحة أمن منطقة الخليج ودول حلف شمال الأطلسي. جاء كلام ستولتنبرغ خلال مشاركته في الاجتماع الثالث الذي جمع دول مبادرة إسطنبول للتعاون مع مجلس حلف شمال الأطلسي واستضافته دولة الكويت في السادس عشر من الشهر الجاري.
وتنعقد النسخة الثالثة من اجتماع ناتو-مبادرة إسطنبول في ظل بيئة أمنية متشابكة وغير مستقرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تكثر فيها الأزمات والصراعات، وتقلّ الحلول والتسويات، ما يستحثّ تفعيل مبادرات التعاون الاستراتيجي، وتوظيف ما تتوافر عليه من نقاط قوة، ومحاولة استدراك ما أصابها من جمود وضعف الفاعلية أو التكيّف مع الحقائق الجيوبولتيكية الجديدة في المنطقة والساحة الدولية.
ميرسيا جيوانا: الكويت صاحبة المبادرة لتوسيع التعاون بين حلف الناتو ومبادرة إسطنبول للتعاون وهي أول دولة خليجية تنضم لها
ونقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن مسؤول من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لم يكشف عن هويته، قوله إنّ الهدف من اجتماع أعضاء مجلس الحلف مع شركائه الخليجيين في مجلس "ناتو" الإقليمي، ومبادرة إسطنبول للتعاون في الكويت، هو تقييم ودراسة التقدم الذي تحقق ضمن إطار مبادرة إسطنبول"، وبحث السبل للمضيّ قدماً بهذه الشراكة وجعلها أكثر كفاءة.
وأوضح أنّه تم إطلاق مبادرة إسطنبول للتعاون في قمة "الناتو" التي عقدت في مدينة إسطنبول التركية في عام 2004 "ومنذ ذلك الحين كانت حجر الأساس لعلاقة الحلف مع أربع دول خليجية هي: البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة".
اقرأ أيضاً: هل يتم إقصاء تركيا من حلف الناتو؟
وأكد تحقيق الكثير حتى الآن في إطار المجلس والمبادرة، مضيفاً "لقد قمنا بالعديد من الأنشطة العملية مثل إجراء التدريبات العسكرية والتعليمية، وإدارة الأزمات، والتعامل مع الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان". وشدد على أنّ "الناتو" الإقليمي، الذي تم افتتاحه في الكويت في عام 2017، لعب دوراً مهماً في هذا الصدد.
التدريب والتعاون
وأضاف، بحسب "الجريدة" الكويتية: "لقد استقبلنا أكثر من 1000 ضابط وخبير من حلف (الناتو) والخليج في المركز من أجل التدريب المشترك والتعاون وبناء القدرات".
وقال "إننا نعمل معاً لتطوير الخبرة الوطنية والمرونة في إدارة الأزمات والأمن السيبراني، وأمن الطاقة والأمن البحري والدفاع ضد التهديدات الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية".
وتابع أنّ "مركز ناتو الإقليمي ساعد على تواصل الحلف مع الدولتين الأخريين في مجلس التعاون الخليجي، وهما المملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان".
اقرأ أيضاً: هل يمكن تجميد عضوية تركيا بـ"الناتو"؟
واعتبر أنّ أمن شركاء مبادرة إسطنبول للتعاون "ذو أهمية استراتيجية بالنسبة لحلف (الناتو)، وتظل مبادرة إسطنبول للتعاون منصة فريدة لمناقشة القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك".
وأوضح "مع عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصبحت الشراكات التي لدى حلف (الناتو) أكثر قيمة من أي وقت مضى".
الردع ومواجهة التحديات
من جانبه، أكد رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي، الشيخ ثامر العلي، متانة العلاقات المتميزة بين الكويت وحلف الشمال الأطلسي (الناتو)، التي تخدم ترسيخ الأمن والسّلم الدوليين، لافتاً إلى أن التحديات التي تواجه المجتمع الدولي تتطلب من الجميع ترسيخ التعاون وتكثيف التنسيق لمواجهتها والتغلب عليها.
تنعقد النسخة الثالثة من اجتماع ناتو-مبادرة إسطنبول في ظل بيئة أمنية متشابكة وغير مستقرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وأضاف العلي، في كلمة ألقاها في اجتماع دول مبادرة إسطنبول والناتو في نسخته الثالثة، أن الكويت حرصت على إيلاء حلف الناتو أولوية قصوى وبذلت جهوداً لترسيخ مبدأ الشراكة معه.
وأشاد العلي بالجهود المتعددة التي يضطلع بها الحلف في عمليات حفظ السلام وضمان الأمن والسّلم الدوليين في مختلف أنحاء العالم، وهو الأمر الذي يؤكد السياسة الراسخة في الحلف، الرامية إلى ردع ومواجهة التحديات الأمنية المتعددة، سواء العسكرية منها أو المتعلقة بالإرهاب والحرب السيبرانية، مؤكداً رغبة الكويت ودول مبادرة إسطنبول في التنسيق والتعاون مع الحلف لمواجهة هذه التحديات.
إلى ذلك، حذّر ستولتنبرغ من أنّ المجموعة-التي تضم أقوى دول العالم-تواجه بيئة أمنية هي الأكثر تعقيداً منذ نشأتها قبل 70 عاماً، داعياً إلى الاستعداد للرد على التهديدات.
وقال، وفقاً لصحيفة "الجريدة" الكويتية : "في كل هذه السنوات، لم يختبر حلف الناتو بيئة أمنية أكثر تعقيداً من تلك التي يواجهها اليوم". وتابع: "من أجل الحفاظ على أمننا، علينا أن نكون مستعدين للرد على التهديدات الصادرة من كل الجهات، براً وبحراً وجواً وفي الفضاء والفضاء الخارجي، وكذلك من قبل الدول والجماعات الأخرى".
مشكلة التمويل
بدوره، قال نائب الأمين العام للحلف، ميرسيا جيوانا، إنّ الكويت صاحبة المبادرة لتوسيع التعاون بين حلف الناتو ومبادرة إسطنبول للتعاون، وكانت أول دولة خليجية تنضم إلى هذه المبادرة، لافتاً إلى أنّ وجود مقر للتحالف في الكويت يدل على الأفعال لا الأقوال فقط.
مسؤول من حلف الناتو: نعمل معاً لتطوير الخبرة الوطنية والمرونة في إدارة الأزمات والأمن السيبراني
وأضاف أنّ "الناتو" لا يقوم بتدريبات عسكرية مع جانب الكويت لتعزيز قدراتها فحسب، بل بالتعاون في الأمن السيبراني والتعليم العسكري، معرباً عن شكره لدعم الكويت المالي السخي للحلف.
وحول وجود مشكلة تمويل التحالف، خصوصاً من الولايات المتحدة، قال جيوانا: "إنّ أصدقاءنا الأمريكيين لديهم وجهة نظر جيدة في هذا الأمر، لكن شركاءنا الأوروبيين رفعوا من ميزانياتهم الدفاعية 130 مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 400 مليار في عام 2024، وقد تكون هناك مشكلة في التمويل، إلا أنّ أصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي وكندا استجابوا بالإيجاب لدعم الحلف.
وشدد على أنّ "الناتو" ينظر إلى أمن منطقة الخليج كجزء من أمن المنطقة الأوروبية والعالم.
وتوقّع أن يكون الحلف قادراً على الاستمرار 70 عاماً مقبلة، قائلاً: "نحن بصحة جيدة جداً، وسنعمل بقوة لتجاوز الخلافات الطارئة".
رضا كويتي
من جهته، قال مدير معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي، السفير عبدالعزيز الشارخ، إنّ الكويت اختارت أربعة مجالات للتعاون مع "الناتو" تتمثل في أمن الحدود البحرية والبرية ومحاربة الإرهاب والتدريب العسكري وإدارة الأزمات، لافتاً إلى أنّ الكويت راضية كل الرضا بشأن التحالف مع "الناتو"، بحسب "الجريدة" الكويتية.
اقرأ أيضاً: أردوغان يهدد باللجوء للناتو ومصر ترد.. ماذا يحدث في منطقة "المتوسط"؟
بدوره، أكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية في مملكة البحرين، الشيخ د. عبدالله الخليفة، أهمية الدور الذي تؤديه الكويت في توسيع دائرة التعاون مع "الناتو" ودول مجلس التعاون، مشيراً إلى أنّ منطقتنا تعصف بها الأزمات، والكثير من المشاكل التي تهدد أمنها، خصوصاً في وجود دولة داعمة للتطرف، مما يتطلب مزيداً من تضافر الجهود والتعاون من دول مجلس التعاون الخليجي مع "الناتو".