كيف انفجر العنف في الساحل والصحراء؟.. ما علاقة مالي؟

كيف انفجر العنف في الساحل والصحراء؟.. ما علاقة مالي؟

كيف انفجر العنف في الساحل والصحراء؟.. ما علاقة مالي؟


04/10/2023

تشهد منطقة الساحل والصحراء موجة عنف لم يسبق لها مثيل، وسط حالة من الفوضى والارتباك السياسي، بالتزامن مع إزاحة الأنظمة المتحالفة مع فرنسا، وطرد قوات الأخيرة من عدد من الدول، إثر الانقلابات التي ضربت المنطقة، وأدخلت قوات (فاغنر) ضمن المعادلة، إثر انتقال الصراع بين روسيا والغرب من المركز الأوروبي إلى الأطراف في أفريقيا والشرق الأوسط. 

وتشهد مالي، المرتبطة بـ (فاغنر)، حالة من العنف والعنف المضاد، والتوتر السياسي الشديد، في ظل تصاعد أنشطة حركة أزواد الانفصالية، والإفراط في العنف من قبل الجيش، وعناصر (فاغنر)، حيث اندلع قتال عنيف في شمال مالي، وأعلن متمردو الطوارق أنّهم سيطروا على بلدة بامبا الواقعة تحت سيطرة الجيش. وبحسب  شبكة "بي بي سي"، يأتي ذلك بعد أن أعلن المقاتلون الانفصاليون أنّهم قتلوا أكثر من (80) جندياً في وسط البلاد.

بدورها، أكدت الحكومة استهداف قاعدة عسكرية في منطقة موبتي يوم الخميس الماضي، لكنّها لم تذكر تفاصيل.

 تُعدّ الغارة التي شنت يوم الخميس الماضي على بلدة ديورا هي الأكثر توجهاً نحو الجنوب، منذ أن جدّد متمردو الطوارق الأعمال العسكرية في آب الماضي

ويأتي تصاعد العنف في مالي مع انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تم نشرها في البلاد في العام 2013، بناء على طلب المجلس العسكري الحاكم.

وجود (فاغنر) يفجر موجة من العنف

تُعدّ الغارة التي شنت يوم الخميس الماضي على بلدة ديورا هي الغارة الأكثر توجهاً نحو الجنوب، منذ أن جدّد متمردو الطوارق الأعمال العسكرية في آب (أغسطس) الماضي، بعد انهيار اتفاق السلام المبرم في العام 2015.

وتزامن تزايد أعمال العنف من قبل الجماعات الإسلامية المسلحة، مع نشر مرتزقة مجموعة (فاغنر) الروسية في كانون الأول (ديسمبر) 2021.

تشهد منطقة الساحل والصحراء موجة عنف لم يسبق لها مثيل، وسط حالة من الفوضى والارتباك السياسي

وأظهر مقطع فيديو نشر يوم الخميس 21 أيلول (سبتمبر) الماضي، على (تليغرام)، مجموعة من عناصر (فاغنر) يباشرون عملية استجواب لسجناء محتجزين في مالي، بداعي تعاونهم مع انفصاليي حركة أزواد‬، وهدّد حساب تابع لقوات (فاغنر) في مالي بشن حرب شاملة، وذكر في تدوينة أنّ الحرب ضدّ أزواد هي حرب بلا أسرى، بل إعدامات متواصلة للسكان العرب والفلان والطوارق وغيرهم؛ بتهمة "التعاون مع الإرهابيين والمتمردين".

وجاء ردّ عناصر جهادية مرتبطة بتنظيم (القاعدة) عنيفاً، باستهداف مواقع الجيش المالي، وعناصر (فاغنر)، في بامبا، في وقت سابق من أيلول (سبتمبر) الماضي، ووصف الجيش، في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي الاشتباكات في بامبا بأنّها كانت عنيفة للغاية.

على الرغم من هذه السمعة المخيفة التي تتمتع بها مجموعة (فاغنر)، إلّا أنّ فعاليتها في محاربة المسلحين، حتى لو تم تعزيزها بمقاتلين إضافيين، سوف تظل محدودة

وقال تحالف من جماعات الطوارق، بما في ذلك تنسيقية حركات أزواد، في بيان: إنّ التحالف يسيطر الآن على المنطقة المحيطة بـ (بامبا)، وهي بلدة تقع على الضفة اليسرى لنهر النيجر، بين مدينتي تمبكتو وجاو.

ويرفض متمردو الطوارق، الذين يريدون الاستقلال بشمال مالي، سيطرة الجيش على القواعد التي أخلتها قوات الأمم المتحدة. وتحالف المتمردون في السابق مع الجماعات الإسلامية المسلحة التي استولت على شمال مالي في العام 2012، وهي الخطوة التي دفعت فرنسا ثم الأمم المتحدة إلى التدخل؛ لمنعهم من التقدم جنوباً صوب العاصمة باماكو. وبينما وقّعت جماعات الطوارق على اتفاق السلام في الجزائر العاصمة، في العام 2015 مع الحكومة، واصل الجهاديون شن هجمات من قواعدهم الصحراوية.

مدى فاعلية (فاغنر)

لفتت بيانات وكالة (Acled) المختصة بالنزاعات، في بيان صدر مؤخراً، إلى أنّ العنف الذي يستهدف المدنيين في مالي زاد بنسبة 38% هذا العام، بالتزامن مع وجود عناصر (فاغنر) التي تسببت أنشطتها في 29% من الهجمات، مع انتقال عناصرها إلى الأراضي التي كانت إلى حد كبير خارج سيطرة الدولة لأكثر عقد من الزمن، ويتم استهداف المدنيين من مختلف الطوائف، بداعي أنّهم من أنصار الجماعات المسلحة والمتمردة.

ويقول تقرير (Acled): إنّ عناصر (فاغنر) يستخدمون أساليب وحشية لبث الخوف بشكل لم يسبق له مثيل في مالي من قبل، بما في ذلك "التعذيب، والإعدامات بإجراءات شنيعة، وقطع الرؤوس، وإلقاء السجناء من الطائرات، وتفخيخ الجثث".

وعلى الرغم من هذه السمعة المخيفة التي تتمتع بها مجموعة (فاغنر)، إلّا أنّ فعاليتها في محاربة المسلحين، حتى لو تم تعزيزها بمقاتلين إضافيين، سوف تظل محدودة، فهي تفتقد إلى القدرة على توجيه ضربات جوية، كما تفتقد إلى الوحدات المدرعة، والدعم اللوجستي المدعوم بمعلومات استخباراتية عبر الأقمار الصناعية الأمريكية، التي كانت تحت تصرف القوات الفرنسية التي انسحبت العام الفائت، وبالتالي اضطرت وحدات (فاغنر) إلى إعطاء الأولوية للاحتفاظ ببعض القواعد الرئيسية، وشن غارات ونشر دوريات، بدلاً من الدفع الاستراتيجي الشامل.

حمّى الإرهاب انتشرت في المنطقة بأكملها، ففي ليلة 2/3 تشرين الأول الجاري هاجم تنظيم داعش قافلة لقوات الأمن النيجرية في شمال غرب تاباتول

وشهدت الأشهر التي اعتمدت خلالها مالي على (فاغنر)، بدلاً من الدعم الفرنسي، تكثيف الجماعات الجهادية أنشطتها وتوسيع نطاق انتشارها.

من جهة أخرى، وبحسب مراسل "بي بي سي"، أدى النزاع بين مجتمعات المزارعين ورعاة الماشية إلى تفاقم أعمال العنف في أجزاء من وسط مالي، حيث دلتا نهر النيجر الداخلية الخصبة، التي تُعدّ بمثابة سلة الأرز لغرب أفريقيا.

وفي ظل انعدام الأمن، تمّ إغلاق أكثر من (1500) مدرسة في البلاد، وتضررت الحياة الاقتصادية المحلية بشدة، في ظل غياب الخدمات الأساسية عن أجزاء كثيرة من الشمال.

...

وكالة (Acled) أفادت أنّ (1576) شخصاً قتلوا، في (682) حادثاً حتى الأول من تمّوز (يوليو) من هذا العام.

وتتسم الأوضاع بالسوء بشكل خاص في الشمال الشرقي، وقد لجأ آلاف القرويين إلى المخيمات المحيطة ببلدة ميناكا الصحراوية الصغيرة، حيث إنّ المجتمعات الواقعة في الشمال هي الأكثر عرضة للمعاناة بعد انسحاب بعثة الأمم المتحدة.

حمّى الإرهاب انتشرت في المنطقة بأكملها، ففي ليلة 2/3 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري هاجم تنظيم داعش قافلة لقوات الأمن النيجرية في شمال غرب تاباتول، في وادي تاكانامات عند حدود مالي، بوساطة عبوات ناسفة وسيارات مفخخة على قافلة للجيش عائدة من عملية بحث ومراقبة، وبحسب التقارير قتل (29) جندياً، وأصيب (2) بجروح خطيرة.

‏مواضيع ذات صلة:

ماذا يحدث في مالي؟.. آخر تطورات الانقلاب

مالي بين 7 تنظيمات إرهابية... هذه هي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية