كيف أثرت الانشقاقات على بنية تنظيم الإخوان؟

كيف أثرت الانشقاقات على بنية تنظيم الإخوان؟

كيف أثرت الانشقاقات على بنية تنظيم الإخوان؟


05/09/2023

تعرضت جماعة الإخوان لأزمة بنيوية حادة؛ نتيجة الصراعات الداخلية على مدار الأعوام الماضية، أنتجت حركة انشقاقات تاريخية، وأدت لانهيار الهيكل التنظيمي وتآكل الترتيب الهرمي السلطوي، الذي ظل أحد أهم عوامل استمرار وقوة التنظيم لأعوام طويلة.

ويبدو أنّ الأجنحة القيادية المختلفة لجماعة الإخوان المسلمين كانت مشغولة بصراعات السلطة، لدرجة أنّ الحركة نفسها ضلّت طريقها، وفق دراسة حديثة صادرة عن المركز العربي لدراسات التطرف.

بداية النهاية

بحسب الدراسة التي أعدها جورج فهمي تحت عنوان "ماذا تبقى من جماعة الإخوان"، قدَّم الربيع العربي لجماعة الإخوان المسلمين فرصة للصعود إلى السلطة في مصر، إلا أنّه كان أيضاً بداية نهاية الحركة.

وقد فاز الإخوان المسلمون بالانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) 2012، لكنّهم فشلوا في إدارة علاقتهم مع مؤسسات الدولة والقوى السياسية الأخرى، وكذلك المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية.

جورج فهمي

ومهدت هذه الإخفاقات المتعددة، وفق الباحث، الطريق لتدخل القوات المسلحة الذي أنهى حكم الإخوان في تموز (يوليو) 2013، ومنذ إطاحتها من السلطة، طرأت على جماعة الإخوان المسلمين تغييرات جذرية، سواء على مستوى القيادة أو على مستوى الأعضاء.

وفاة التنظيم بسبب النزاعات

تشير غالبية التقديرات إلى أنّ الخلافات الداخلية قد كتبت شهادة وفاة التنظيم، وفي هذه الدراسة يعتبر الباحث أنّه في مرحلة ما بعد عام 2013 شهدت المجموعة سلسلة من النزاعات على القيادة كانت سبباً في انهيار بنية التنظيم.

 حاول قادة الإخوان المسلمين تأطير البيئة السياسية بعد عام 2013 على أنّها صراع بين جماعتهم والجيش، وقد فاجأ الغضب الشعبي على الإخوان العديد من شباب التنظيم، ممّا دفع العديد منهم إلى المساءلة عن جوهر مشروعهم السياسي

وقع أول خلاف كبير في عام 2015 بين أولئك الذين دافعوا عن استخدام العنف وسيلة للمقاومة ضد النظام المصري، وأولئك الذين عارضوها. آنذاك، تولّى عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين محمد كمال دوراً قيادياً فعلياً في الفترة ما بين 2014-2015، ونفّذ استراتيجية تصعيد الهجمات العنيفة ضد قوات الأمن والبنية التحتية والمصالح الاقتصادية للنظام، غير أنّ جزءاً من قادة الإخوان المسلمين رفضَ هذا النهج العنيف، وفق الدراسة.

وكان الأمين العام للحركة محمود حسين الذي يقيم في إسطنبول في طليعة هذه الأصوات المعارضة، وفي العامين الماضيين نشب نزاع آخر بشأن من له الحق في زعامة الجماعة، وكان هذه المرة بين حسين والقائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان المسلمين في المملكة المتحدة إبراهيم منير، وانتهت هذه الأزمة مع وفاة منير في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.

انعكاسات النزاعات على حركة الانشقاق

بحسب الدراسة، تسببت هذه النزاعات على الزعامة في خيبة أمل العديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الشباب، وتُظهر المقابلات أنّ معظمهم أصيب بخيبة أمل شديدة من الجماعات المختلفة المتنافسة على القيادة، وعدم وجود استراتيجية لدى القيادة نفسها، لدرجة أنّ الكثيرين قرروا الابتعاد عن الحركة.

كذلك يسود شعور بأنّ القيادة لا تفتقر إلى الرؤية فحسب، بل إنّ الكثيرين يعتبرونها مسؤولة عن الهزيمة السياسية للجماعة.

لقد بلغت جماعة الإخوان المسلمين في صورتها التي نعرفها نهايتها، إلّا أنّ المنظمات لا تختفي بقدر ما تفقد أهميتها، مثلما كان الحال مع حزب الرفاه في تركيا ومختلف الأحزاب الشيوعية في أوروبا

أيضاً ذهب بعض أعضاء الجماعة إلى حدّ اتهام القيادة بالفساد والخيانة، بينما حاول قادة الإخوان المسلمين تأطير البيئة السياسية بعد عام 2013 على أنّها صراع بين جماعتهم والجيش، وقد فاجأ الغضب الشعبي على الإخوان المسلمين العديد من شباب التنظيم، ممّا دفع العديد منهم إلى المساءلة عن جوهر مشروعهم السياسي، ولماذا فقد سريعاً الدعم الشعبي الذي تمتّع به بعد عام 2011، وعندما سُئل عن مواقفه تجاه استخدام العنف، أجاب أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالقول: "لم يكن السؤال ما إذا كان يجب استخدام العنف أم لا، ولكنّ السؤال الحقيقي كان لأيّ هدف؟ كان علينا أوّلاً البدء بإصلاح تنظيمنا، واتخاذ قرار بشأن مشروعنا السياسي".

هذا الافتقار إلى إطار عقائدي ترك بعض هؤلاء الشباب عرضة لأفكار أخرى مثل الجهادية السلفية، بحسب الباحث.

أين ذهب المنشقون؟

وفي حين انضم عدد قليل منهم إلى الجماعات الجهادية، فإنّ الأغلبية ما تزال تبحث عن مشروع سياسي جديد، بحسب الدراسة.

فقد كانت أجنحة القيادة المختلفة مشغولة للغاية بالصراع من أجل السيطرة على التنظيم، لدرجة أنّها لم تُولِ اهتماماً كبيراً للحركة نفسها، وأدّى هذا الصراع بين القادة المختلفين إلى انسحاب العديد من الأعضاء الشباب من التنظيم؛ بسبب افتقاره إلى مشروع واضح وتوجّه يتبعونه.

وفي حين ما يزال العديد من هؤلاء الشباب يبحث عن إجابات في مؤلفات رموز الجماعة المؤثّرة، مثل حسن البنا وسيد قطب، فإنّ عدم وجود إطار عقائدي متماسك بعد عام 2013 قد أضر بقدرتهم على التماهي مع الإخوان المسلمين.

تنظيم دون حركة

ويصف الباحث حالة الإخوان المسلمين بأنّها تنظيم من دون حركة، وحركة من دون إطار عقائدي، وهذا ما يجعل الجماعة تفقد زخمها.

حالة الإخوان المسلمين توصف بأنّها تنظيم من دون حركة، وحركة من دون إطار عقائدي، وهذا ما يجعل الجماعة تفقد زخمها

ويقول: "لقد بلغت جماعة الإخوان المسلمين في صورتها التي نعرفها نهايتها، إلّا أنّ المنظمات لا تختفي بقدر ما تفقد أهميتها، مثلما كان الحال مع حزب الرفاه في تركيا ومختلف الأحزاب الشيوعية في أوروبا."

وفي الأثناء، يبحث شباب الإخوان المسلمين عن مشروع سياسي جديد واتجاه جديد. وتبقى مسألة ما إذا كانوا سيجدون ضالّتهم، وكيف ستبدو عليه، رهناً بالزمن.

مواضيع ذات صلة:

هكذا وظف الإخوان الإعلام الرقمي لتنفيذ أجندة الجماعة

ما مدى تأثير الإعلام الرقمي في نشر ثقافة التسامح والتعايش؟

لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية