كما فعل مع الإخوان... هل يتخلى أردوغان عن المعارضة السورية؟

كما فعل مع الإخوان... هل يتخلى أردوغان عن المعارضة السورية؟

كما فعل مع الإخوان... هل يتخلى أردوغان عن المعارضة السورية؟


25/07/2024

على ضوء التقارب بين دمشق وأنقرة، تعيش المعارضة المسلحة في إدلب شمال غربي سوريا حالة قلق وريبة من سيناريو مشابه لما حدث مع جماعة الإخوان المصرية.

ويرى متابعون، نقل عنهم موقع (ميديل إيست أون لاين)، أنّه في الوقت الذي يواجه فيه مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة العديد من الملفات المعقدة والشائكة، يبدو أنّ الجانب التركي يمسك بورقة المعارضة المسلحة لاستخدامها في المفاوضات مع سوريا، ورغم عدم اعترافها بذلك إلا أنّ الفصائل المسلحة تدرك هذه الحقيقة، إذ ما تزال تجربة جماعة الإخوان المسلمين المصرية ماثلة للعيان بعد تقارب أنقرة مع القاهرة.

وقال محللون: إنّه رغم اختلاف تجربة المعارضة السورية المسلحة عن تجربة جماعة الإخوان المصرية في تركيا، إلا أنّهما تمّ استخدامهما ضمن المخطط التركي في المنطقة، وعندما انتهى دورهم، شنت تركيا حملة ضغط على قيادات جماعة الإخوان المسلمين، فسحبت الجنسية من أعضاء في خلية إسطنبول، بحجة الاحتيال ومخالفات إجرائية. وحدث ذلك بعد زيارة قام بها رجب طيب أردوغان هي الأولى منذ (12) عاماً إلى مصر.

تعيش المعارضة المسلحة في إدلب شمال غربي سوريا حالة قلق وريبة من سيناريو مشابه لما حدث مع جماعة الإخوان المصرية.

بالمقابل، قالت (الجبهة الوطنية) في بيانها: إنّها "تتابع موجة الإشاعات الكاذبة التي يطلقها النظام عبر وسائل إعلامه والمتعلقة بترويج جملة من الأكاذيب تدور حول بث معلومات مغلوطة عن البدء بإزالة مكوّنات البنى التحتية من مناطق إدلب كالمحوّلات الكهربائية والأجهزة الطبية من المراكز الصحية، وربط ذلك بقرب ما يسمّونه تسليم المنطقة للنظام، مستغلين التصريحات التركية الأخيرة عن إمكانية فتح حوار مع النظام".

وجاء في البيان: "ليس هناك أيّ صحة لهذه الأخبار حول نقل المعدات أو إزالتها، بل على العكس من ذلك فإنّ الوقائع على الأرض تفيد بأنّ العمل آخذ في التوسع"، وأشار إلى أنّ "الكلام عمّا يُسمّى بتسليم منطقة إدلب هو جزء من حملة نظام الأسد، وعامل في الحرب النفسية التي لم تتوقف يوماً ضد الثورة السورية وأبنائها، كما أنّ هذه البروباغندا يُقصد بها التغطية على حالة الفشل والانهيار التي تعاني منها مناطق احتلال النظام وكلّ القابعين تحت سلطته، حيث بلغت معدلات الفقر والفساد والبطالة مستويات مهولة".

الجانب التركي يمسك بورقة المعارضة المسلحة لاستخدامها في المفاوضات مع سوريا.

وذكرت مصادر مقربة من المعارضة لوكالة (أسوشيتد برس) أنّ عدداً من المسؤولين الأتراك أجروا لقاء في 16 تموز (يوليو) الجاري مع فصائل الجيش الوطني ووزير الدفاع التابع للحكومة السورية المؤقتة، وحضره من الطرف التركي رئيس الاستخبارات إبراهيم كالن، ومستشارون أمنيون مسؤولون عن الملف السوري.

ووفقاً للمصادر، فإنّ الجانب التركي أكد للوفد السوري أنّ تركيا مستمرة بمحادثاتها من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم السماح بتفكيكها نتيجة المشاريع الانفصالية، بالإضافة إلى حرصها على تفعيل الحل السياسي، بما يسمح بعودة الاستقرار في سوريا، لكنّ هذا المسار منفصل بشكل كامل عن علاقة تركيا مع المعارضة السورية، وأنقرة لن تتخلى عن هذه العلاقة، ولن تجبر المعارضة على خيارات لا تريدها.

وخلال الأسابيع الماضية أعلن العديد من كبار المسؤولين الأتراك عزم بلادهم تطبيع العلاقات مع سوريا، بهدف إيجاد حلول مشتركة لوجود حزب العمال الكردستاني شمال شرقي سوريا، وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.

الجبهة الوطنية للتحرير في إدلب تتحدث عن تطمينات تركية، بينما تقول أنقرة إنّ وضع المعارضة السورية قيد النقاش.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة على متن الطائرة أثناء عودته من برلين في 8 تموز (يوليو) الجاري: "سنوجّه دعوتنا للأسد (الرئيس السوري)، وبهذه الدعوة نريد استعادة العلاقات التركية السورية إلى المستوى نفسه الذي كانت عليه في الماضي".

ورأى خبراء تحدثوا لـ (بي بي سي) أنّ تصريح أردوغان حول استعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد أكثر جدّية من السابق، وأنّ الأمور قد تتجه قريباً باتجاه التطبيع الرسمي بين البلدين.

وقال الباحث في معهد (كارنيغي) خضر خضور في تصريح صحفي: إنّ المخرج الوحيد لتركيا حتى لا يتكرر سيناريو الإخوان المسلمين هو أن يقوم الأتراك بالخطوة الأولى لتفكيك "الثورة"، أي تفكيك كامل البنية التي تأسست هناك منذ أعوام، "بما تتضمنه من فصائل وإدارة ومنهج تعليمي واقتصاد".

خبراء: تصريح أردوغان حول استعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد أكثر جدّية من السابق، والأمور قد تتجه قريباً باتجاه التطبيع.

وفي حال قرر الأتراك القيام بهذه العملية، يستبعد خضور أن يؤدي ذلك إلى اشتباكات بين قواتهم والفصائل المعارضة، "لأنّ لدى الأتراك هيبة قوية في الشمال، لكنّي لا أرى أنّهم سيقدمون على هذه الخطوة لأنّ نتائجها غير مضمونة".

وأضاف الباحث: "لذا لا أستطيع أن أرى انعكاساً عملياً لهذا التقارب أو لمرحلة ما بعد الاعتراف السياسي، وسيبقى الوضع على ما هو عليه لفترة".

من جهته، قال الباحث في مركز تحليل السياسات في إسطنبول محمد علوش: إنّ مسار التقارب التركي السوري سيكون مساراً طويلاً ومعقداً وقائماً على مبدأ "الخطوة بخطوة" من الجانبين.

خضور: إنّ المخرج الوحيد لتركيا حتى لا يتكرر سيناريو الإخوان المسلمين هو أن يقوم الأتراك بالخطوة الأولى لتفكيك "الثورة".

لكنّه يرى أنّ الوجود العسكري التركي في سوريا سيبقى قائماً، فهي ليست بوارد التخلي عن الوجود العسكري، ولا عن مهماتها الإدارية اليومية في شمال غرب سوريا.

ووفق قناة (العربي)، فإنّ حكومة أردوغان تلعب دوراً مهمّاً في علاقاتها بين الغرب والشرق من خلال ملف سورية. وقد باتت أنقرة تستخدم هذا الملف ورقة مساومة بين حليفها الروسي والغرب، وكذلك في المحيطين الإقليمي والعربي. 

وأضافت أنّ بدء تركيا بمحادثات تقنية بوساطة روسية، من دون مراعاة تدخل أنقرة مع المعارضة و"تورطها" في الانفصال عن المحيط الإقليمي والعربي، أثار الكثير من ردود الفعل بين جمهور الثورة الذين اعتبروا أنّ هذا بمثابة تخلٍّ من طرف أنقرة عن الحراك، وهو تلاعب بتضحياتهم لتحقيق مصالح لا علاقة لها بقضيتهم.

علوش: أنقرة تستخدم الملف السوري ورقة مساومة بين حليفها الروسي والغرب، وكذلك في المحيطين الإقليمي والعربي.

وطالب جمهور الحراك والثورة بإعادة صياغة العلاقة بين المعارضة وتركيا، ودعوة أجسام المعارضة الرسمية إلى استقلال قرارها عن القرار التركي، وإلّا فالتنحي جانباً وترك الأمر لأجسام أخرى. ويستمر الدفع الشعبي في هذا الاتجاه، وقد تسفر هذه المطالبات عن نتائج في الفترة المقبلة، وفق قناة (العربي).

وأضافوا أنّ تجربة الإخوان مع تركيا أكبر دليل على أنّها قادرة على التخلي عن أيّ طرف في سبيل تحقيق مصالحها، معتبرين أنّ ملف الميليشيات الكردية وترحيل اللاجئين السوريين من تركيا يفرض على نظام أردوغان التقارب مع نظام بشار الأسد.

هذا، وتعيش جماعة الإخوان أسوأ أيامها في تركيا، بعد تشديدات أمنية أقرّتها أنقرة؛ شملت مداهمات لمقرات تتبع التنظيم، وطرد عدد من عناصره ودراسة سحب الجنسية من عناصر أخرى، والتضييق على وسائل الإعلام التابعة للجماعة وطرد الإعلاميين منها، وملاحقة قيادات إخوانية في قضايا تزوير وتهرب ضريبي. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية