كمامات ومعقمات محلية الصنع تتحدى كورونا في فلسطين

كمامات ومعقمات محلية الصنع تتحدى كورونا في فلسطين


06/04/2020

في ظل انتشار فيروس كورونا وبحث الفلسطينيين عن وسائل الوقاية، حوّلت مصانع فلسطينية خطوط إنتاجها لصناعة آلاف الكمامات الطبية والمطهرات والمعقمات وكذلك البدلات الوقائية الطبية، بعد أن أصبحت هذه الوسائل الوقائية الأكثر شيوعاً التي يستخدمها الأشخاص في مختلف أنحاء العالم، لحماية أنفسهم من العدوى بوباء "كوفيد 19"، الذي تجاوز انتشاره الصين ودول شرق آسيا، ليصل إلى دول عربية وأوروبية.

وتمكنت مصانع محلية زيادة إنتاجها من المعقمات الطبية والكمامات الطبية، بعد إعلان الحكومة الفلسطينية في الخامس من الشهر الماضي حالة الطوارئ في البلاد، لتلبية حاجة السوق المتزايدة على تلك المنتجات، نتيجة انتشار وباء كورونا وما تبعه من إجراءات لاتخاذ التدابير الاحترازية، تجنباً لانتقال العدوى والحاجة إلى تعقيم الأيدي والأسطح بشكل مستمر.

تشجع الحكومة الفلسطينية المستثمرين وأصحاب المصانع لفتح خطوط إنتاج جديدة لكل ما له علاقة بوسائل الوقاية من كورونا

وكانت وزارة الاقتصاد الفلسطينية سهّلت حصول المصانع والشركات الفلسطينية على الموافقات اللازمة لفتح خطوط جديدة لإنتاج وسائل الوقاية من الوباء، وأكدت الوزارة تسجيل 3 شركات لإنتاج أقنعة الوجه (الكمامات) في الضفة الغربية، و11 شركة أخرى لتصنيع المعقمات، وذلك بعد أن أجرت الفحوصات المخبرية اللازمة، في إطار استعداد الحكومة الفلسطينية لكل الاحتمالات حال تصاعد انتشار الفيروس.

منحت وزارة الاقتصاد المصانع الفلسطينية موافقات لإنتاج وسائل الوقاية

وتشجع الحكومة الفلسطينية المستثمرين وأصحاب المصانع لفتح خطوط إنتاج جديدة لكل ما له علاقة بوسائل الوقاية من الوباء من معقمات، وأقنعة، وقفازات طبية وقائية وغيرها من المستلزمات الطبية، في ظل تزايد الطلب عليها، وذلك لتحصين المجتمع الفلسطيني من انتشار هذا الوباء.

ودفعت الأنباء المتدفقة عن الفيروس عبر وسائل الإعلام، بالكثيرين إلى التهافت على الصيدليات لشراء الكمامات ومعقمات اليدين، كإجراء احترازي وخشية نفادها من الأسواق، وذلك بعد أن كشفت وزيرة الصحة مي الكيلة أنّ الكمامات الموجودة في السوق الفلسطينية حجز عليها تجار للتلاعب في أسعارها بعد زيادة الطلب على شرائها.

اقرأ أيضاً: السعودية والإمارات تدعمان الأونروا.. وهكذا جاء الرد الفلسطيني

ومددت السلطة الفلسطينية الطوارئ لمدة 30 يوماً لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، وذلك بعدما قال متحدث باسم الحكومة إنّ إجمالي الإصابات بالفيروس بلغ 160 إصابة.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، على تويتر "مرسوم رئاسي بتمديد حالة الطوارئ لمدة 30 يوماً في جميع الأراضي الفلسطينية لمواجهة تفشي فيروس كورونا".

هناك العديد من المعيقات من بينها منع الجانب الإسرائيلي استيراد بعض الأنواع من الأقمشة المستخدمة في صناعة الكمامات

وكان المسؤول في وزارة الصحة، كمال الشخرة، قد قال في الإيجاز الصحفي للحكومة الفلسطينية في رام الله في وقت سابق إنّ "الحالات الجديدة التي تم تسجليها هي لعاملين داخل الخط الأخضر (إسرائيل) ومنطقة عطروت تحديداً ولمخالطين لهم".

واستعرض المسؤول الإمكانيات الصحية الفلسطينية. وقال، بحسب "سكاي نيوز عربية" إنّ لدى الوزارة حالياً 215 جهاز تنفس، وهي بانتظار وصول 250 جهازاً خلال الأيام القادمة.

تغطية السوق الفلسطيني

يقول أمجد سلمي، مدير أحد مصانع المنسوجات في محافظة نابلس، في حديثه لـ "حفريات"، إنّه "منذ تسجيل أولى الإصابات بفيروس كورونا في محافظة بيت لحم، وإعلان الحكومة الفلسطينية حالة الطوارئ بفعل انتشار الوباء، دفع ذلك المصنع للتحول من خياطة جميع أنواع الملابس إلى صناعة الكمامات، والقفازات، وخياطة الملابس الطبية الواقية من الفيروسات "الابرهولات"، بعد الحصول على موافقة الجهات الفلسطينية المختصة".

 

وبين أنّ "المصنع تمكن من تغطية السوق المحلي خلال الفترة الحالية، بعد توقف استيراد الوسائل الطبية اللازمة للوقاية من فيروس كورونا من الجانب الإسرائيلي، وارتفاع ثمنها بشكل ملحوظ، واحتكار عدد من التجار لها، مبيناً أنّ مئات العاملين في المصنع يعملون ليل نهار وبشكل مكثف لتلبية احتياجات السوق الفلسطيني، وزيادة القدرة الإنتاجية من الكمامات الطبية المطابقة للمواصفات الفلسطينية والأوروبية، بقدرة إنتاجية تصل إلى 9 آلاف كمامة يومياً".

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا يجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي

جودة عالية

ولفت سلمي إلى أنّ "السوق الفلسطينية بحاجة إلى أكثر من 180 ألف كمامة طبية يومياً، حيث بدأنا بزيادة الأيدي العاملة في داخل المصنع لزيادة القدرة الإنتاجية لتصل إلى أكثر من 17 ألف كمامة يومياً خلال الفترة القريبة المقبلة، ليتم بيعها بشكل رمزي إنساني لا ربحي في إطار تحملنا لمسؤوليتنا الاجتماعية تجاه أبناء شعبنا، وعدم استغلالهم خلال هذه الفترة الحرجة، ومشاركة الحكومة الفلسطينية في مواجهة هذا الوباء والذي أصاب مختلف أنحاء العالم".

دفعت الأنباء المتدفقة عن الفيروس بالكثيرين إلى التهافت على الصيدليات لشراء الكمامات ومعقمات اليدين

وتابع أنّ "الكمامات التي يتم صناعتها تتميز بجودتها العالية على حجز الجسيمات والفيروسات المنتشرة بالجو، لمنع دخولها إلى الأنف والفم"، مشيراً إلى أنّ المصنع يقوم أيضاً على صناعة ملابس العمليات الجراحية، وملابس الأطباء بجودة عالية قادرة على منافسة الأسواق العربية والأوروبية".

اقرأ أيضاً: تركيا تفشل في وقف انتشار جائحة كورونا.. هذا عدد الإصابات الجديدة

وعن المشكلات التي تواجه العمل في المصنع يقول سلمي إنّ "هناك العديد من المعيقات من بينها منع الجانب الإسرائيلي استيراد بعض الأنواع من الأقمشة المستخدمة في صناعة الكمامات والبدل الوقائية ذات المواصفات والمقاييس العالمية، كما ترفض إسرائيل تصدير منتجات المصنع إلى داخل قطاع غزة أو الأراضي المحتلة عام 1948".

تحويل خط الإنتاج

وبادر مارك زيدان من بلدة بيت جالا بمحافظة بيت لحم بتحويل مصنعه الذي كان مخصصاً لإنتاج العطور والمستحضرات التجميلية، إلى صناعة معقمات اليد الهلامية (الجل)، لتعويض العجز الذي تشهده السوق الفلسطينية منها، بعد ارتفاع أسعارها بشكل كبير نتيجة اقتصارها في وقت سابق على استيرادها من الجانب الإسرائيلي، وذلك لدعم الجهود الفلسطينية في مواجهة انتشار وباء كورونا.

 إسرائيل تعرقل استيراد الأقمشة المستخدمة في صناعة الكمامات والبدل الوقائية

ولفت زيدان في حديثه لـ "حفريات" إلى أنّ "هناك خبرة وقاسماً مشتركاً بين صناعة العطور وبعض المستحضرات الصيدلانية، والتي غالباً ما تستعمل نفس المركبات الكيميائية، ولهذا كان من الممكن أن يقوم مصنعنا بإنتاج وصناعة هذه المعقمات بأحجام صغيرة وكبيرة وفقاً للمواصفات الفلسطينية والعالمية، في ظل ارتفاع أسعارها بشكل كبير في الأراضي الفلسطينية، وزيادة الطلب عليها بشكل بارز".

التركيز على إنتاج المعقمات

وأكد أنّ "العمل في داخل المصنع يتركز على إنتاج وصناعة المعقمات على حساب خطوط إنتاجنا الأخرى، في إطار تجنيد كافة طاقتنا للوقوف إلى جانب شعبنا في محاربة وباء كورونا"، مشيراً إلى أنّ فعالية المعقمات والمطهرات في القضاء على الفيروسات والميكروبات "تتوقف على مدى فعالية بعض المواد الكيميائية التي تدخل في صناعتها، كمادة الكحول الإيثيلي بنسبة لا تقل عن 70%، وفي حال كانت النسبة أقل من ذلك فلا يعتبر المعقم ذا جدوى لقتل الفيروسات وغيرها".

تتمتع الكمامات التي يتم تصنيعها في فلسطين بقدرتها العالية على حجز الجسيمات والفيروسات المنتشرة بالجو

وأوضح زيدان أنّه "نتيجة لزيادة الطلب على شراء المعقمات، قامت بعض المصانع غير المرخصة ومجهولة المصدر وفي ظل صعوبة توفير بعض المواد الكيميائية نتيجة القيود الإسرائيلية المفروضة على دخولها، إلى اللجوء لاستخدام مادة كحول الميثانول بديلاً عن الكحول الإيثيلي، وهو مركب هيدروكربوني يتألف من الكربون والهيدروجين والأكسجين، وله استخدامات طبية أخرى، ولا يصلح لاستخدامه في صناعة المعقمات على الإطلاق، لإمكانية أن يتسبب بإصابة الشخص بسرطان الجلد وبعض الأمراض الخطيرة الأخرى".

اقرأ أيضاً: آخر إحصائيات كورونا في العالم

ارتفاع أسعار المواد الخام

بدوره، أبلغ علي برهم رئيس اتحاد الصناعات الكيماوية في فلسطين "حفريات"  أنّ "عدد المصانع المرخصة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية لصناعة المعقمات في الضفة الغربية يبلغ 35 مصنعاً، وتختلف القدرة الإنتاجية فيما بينهما على مدى توفر المواد الخام اللازمة للصناعة وأعداد الأيدي البشرية العاملة فيها"، مشيراً إلى أنّ "هناك عدة مصانع مخالفة للمواصفات والمقاييس الفلسطينية تقوم بصناعة المعقمات والمطهرات، مستغلة حالة الطوارئ التي تمر بها الأراضي الفلسطينية، وحاجة المواطنين الملحة لهذه المواد للاستمرار في عملها".

وبيّن أنّ "غالبية المصانع العاملة في صناعة المعقمات هي مغلقة حالياً، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الخام والتي يتم استيرادها من الجانب الإسرائيلي، مؤكداً ارتفاع سعر الطن الواحد من مادة الكحول الإيثيلي العنصر الأساسي لهذه الصناعة من 2000 دولار إلى ما يزيد عن 6 آلاف دولار أمريكي".

وتابع برهم أنّ على "المواصفات التي يجب أن تتوفر في المعقمات والمطهرات التي يتم صناعتها محلياً لكي تستطيع القضاء على الجراثيم والفيروسات المختلفة، أن لا تقل نسبة الكحول وهي المادة الفعالة فيها عن 70%، حتى تكون مطابقة للمواصفات الفلسطينية، وصالحة للاستخدام البشري".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية