كلما ضاق الخناق لجؤوا إلى الخارج... لمن توجّه إخوان تونس هذه المرة؟

كلما ضاق الخناق لجؤوا إلى الخارج... لمن توجّه إخوان تونس هذه المرة؟

كلما ضاق الخناق لجؤوا إلى الخارج... لمن توجّه إخوان تونس هذه المرة؟


24/05/2023

بعد أن حاصرتهم تهم الإرهاب والاغتيالات والفساد المالي والسياسي، صعّدت قيادات الإخوان في تونس باللعب على وتر المظلومية وحقوق الإنسان لتشويه العملية السياسية في تونس، ما بعد 25 تموز (يوليو) 2021، مستقوية في ذلك بقوى خارجية لضرب مسار الرئيس قيس سعيّد، برغم تخلي أغلبها عنها.

 هذا، وتتداول أوساط تونسية وتلميحات رئاسية لجوء حركة النهضة الإخوانية إلى الخارج، سواء حين كانت على رأس الحكم، أو بعد فشلها في تحقيق تعبئة شعبية وسياسية داخلية ضد قرارات سعيّد تجميد البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإقالة الحكومة، وأيضاً بعد اعتقال عدد من القيادات الإخوانية.

محاولات الارتماء في أحضان القوى الأجنبية تحدّث عنها الرئيس سعيّد مراراً، وحذّر من الخيانة والاستقواء بالخارج والإضرار بالسيادة الوطنية، التي أكد على أنّها ملك للشعب التونسي وحده دون سواه.

بعد بريطانيا... الإخوان يتجهون نحو أفريقيا

الفرع الإخواني في تونس اعتاد، منذ سيطرته على حكم البلاد في 2011، على اللجوء إلى القوى الخارجية لإنقاذ نفسه من كل الأزمات التي وقع فيها، وبرغم تغيّر ظروف نشاطه فقد لجأ أهالي الموقوفين من قيادات الإخوان في أحدث تحركاتهم إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب للمطالبة، عبر تقديم شكوى، بالإفراج الفوري عن أحبائهم.

ومنذ مطلع شباط (فبراير) الماضي سجنت السلطات التونسية أكثر من (20) شخصية أغلبهم من القيادات الإخوانية بينهم وزراء سابقون، بتهمة التآمر على أمن الدولة، والتخطيط لتنفيذ انقلاب بتونس، وتأجيج الأوضاع الاجتماعية.

وفي 20 نيسان (أبريل) الماضي أصدر قاضي التحقيق قراراً بإيداع زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي في السجن بتهمة التآمر على أمن الدولة، ويواجه الأخير عدداً من القضايا؛ أبرزها "الفساد المالي، والإرهاب، والاغتيالات، وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، والتخابر على أمن الدولة التونسية".

وقالت يسرى الغنوشي (45 عاماً)، ابنة راشد الغنوشي التي تعيش في المملكة المتحدة، لوكالة "فرانس برس": إنّ الاتهامات الموجهة إلى والدها رئيس البرلمان السابق مدفوعة "بأهداف سياسية وملفقة"، وهي جزء من محاولة لسعيّد من أجل "القضاء على المعارضة".

 ووصف "المعارضون" التوقيفات والإدانات بأنّها "انقلاب"، وعودة إلى الحكم الاستبدادي، في الديموقراطية الوحيدة التي ظهرت بعد انتفاضات "الربيع العربي" قبل أكثر من عقد.

 كما دعت يسرا الغنوشي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى فرض عقوبات مستهدفة على سعيّد وعدد من الوزراء "المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان".

محاولات الارتماء في أحضان القوى الأجنبية تحدّث عنها الرئيس سعيّد مراراً، وحذّر من الخيانة والاستقواء بالخارج والإضرار بالسيادة الوطنية

 

 وقد سُجن الغنوشي مرتين في الثمانينيات بتهم تتعلق بممارسة نشاطات سياسية سرية واغتيالات وإرهاب، قبل أن يغادر البلد، ويبقى في المنفى (20) عاماً، ثم يعود بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في ثورة 2011.

 الجنايات الدولية

وسابقاً، أعلنت عائلات عدد من الموقوفين في تونس التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية لرفع قضية ضد الرئيس سعيّد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين وعدد من المسؤولين الآخرين بسبب ما سمتها "الاعتقالات السياسية".

 وقال نجل القيادي في حركة النهضة السيد الفرجاني في رسالة وجهها إلى عدد من وسائل الإعلام التونسية والعربية: إنّ كلاً من والده ووزير العدل السابق نور الدين البحيري والقاضي المعزول قرروا التوجه إلى المحكمة عن طريق محامٍ بريطاني، مشيراً إلى إمكانية التحاق عدد من الموقوفين الآخرين.

 وأضاف نجل الفرجاني أنّ المحامي البريطاني بدأ بإعداد ملف يحتوي تفاصيل الإيقافات للتوجه به إلى المحكمة الدولية وسيقوم بتوجيه إفادة إعلامية إلى وسائل الإعلام في بريطانيا وتونس.

 وأشار إلى أنّ تونس اعترفت بمحكمة الجنايات الدولية منذ حزيران (يونيو) 2011، ممّا يجعل مسؤوليها السياسيين محل مساءلة في صورة تجاوزهم لصلاحياتهم المخولة لهم قانوناً.

 سعيّد يُحذّر

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد حذّر بداية أيار (مايو) الحالي من أنّه "لا أحد فوق القانون، وأنّ خيانة البعض ولجوءهم إلى الخارج لن يشفع لهم أو يحصّنهم"، في إشارة إلى الإخوان.

 وأضاف سعيّد أنّه "يسعى لتأسيس دولة القانون ومجتمع القانون"، مشدّداً على "دور القضاء في مواجهة كل التحديات بالنسبة إلى ملفات الفساد"، وقال: "أتلقى يومياً عشرات ملفات الفساد، ولا بدّ من حماية المبلغين عن الفساد".

سجنت السلطات التونسية أكثر من (20) شخصية أغلبهم من القيادات الإخوانية بينهم وزراء سابقون، بتهمة التآمر على أمن الدولة

 

 وتابع: "لا يمكن أن تستقيم الدولة إلّا بوضع حدٍّ لهذه الشبكات التي تعربد داخل أجهزة الدولة"، في إشارة إلى اختراقات الإخوان لأجهزة الدولة.

 وتابع: "يكفي هذا الفساد في تونس...، شبكات ما زالت حتى اليوم تعمل على تخريب البلاد، ولا يمكن أن يتواصل الوضع على ما هو عليه".

 وقد حاول زعيم الحركة خلال الأعوام الأخيرة استغلال منصبه كرئيس للبرلمان التونسي لتمرير اتفاقيات مشبوهة تمكن الدول الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين من إحكام السيطرة على الاقتصاد المحلي.

 معاذ الغنوشي يضغط من لندن

هذا، وقاد معاذ الغنوشي نجل راشد الغنوشي مسيرة من أمام السفارة التونسية بلندن، جمع خلالها بعض الناشطين التونسيين ومن الجاليات الأخرى، من أجل حشد تضامن مع والده والمعتقلين السياسيين الآخرين.

 وتحدث في التظاهرة نجل الغنوشي: "نحضر اليوم لكي نقول للعالم إنّ جرائم نظام قيس سعيّد لن تمر في الظلام (...)، وللتعبير عن التضامن مع المساجين السياسيين، وللشدّ على أيديهم لكي يواصلوا مسيرتهم من أجل تونس ديمقراطية... تونس حرة... تونس دولة المواطنين... دولة الحقوق والحريات".

ويُعرف عن معاذ الغنوشي أنّه رجل الكواليس، وأحد الممرات الأكيدة للوصول إلى رئيس حركة النهضة، وصانع "مبادرات" التسويات والصلح، ومقرّب وجهات النظر، والمؤثر عبر "لوبيينغ" داخل الحزب وخارجه، بحسب مصادر "الشارع المغاربي" التونسي.

 وتفيد هذه المصادر بأنّه كان مشاركاً محورياً في كل الطبخات السياسية التي عرفها المشهد السياسي، خصوصاً بعد انتخابات 2019، وأنّ "القرارات المهمّة المحالة على مصادقة مجلس شورى الحركة كانت ترتب عند معاذ وبتنسيق منه"، وأنّه أصبح للابن دور سياسي مركزي لا يمكن إنكاره، وأنّ مواقفه باتت معلومة، على غرار دفاعه عن "التحالف مع المنظومة السابقة".

 سجل من الاحتماء بالأجنبي

وقبيل الانتخابات، تحوّل عدد من قيادات الحركة إلى جنيف السويسرية للمشاركة في الدورة الـ (41) لعرض التقرير الدوري الشامل للدولة التونسية أمام مجلس حقوق الإنسان، لمدة (3) أيام.

 وشارك في هذه الدورة المنظمة بجنيف عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني (محامي الوزير الإخواني السابق نور الدين البحيري)، وعضو جبهة الخلاص رضا بلحاج، والناشطة السياسية والقيادية بجبهة الخلاص شيماء عيسى، وأمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، وعدّة وجوه أخرى.

قيس سعيّد: لا أحد فوق القانون... وخيانة البعض ولجوؤهم إلى الخارج لن يشفع لهم أو يحصّنهم

 

 وفي 2021، شارك الناطق الرسمي باسم الحركة فتحي العيادي في اجتماع لاتحاد البرلمانات الدولية بتكليف من زعيم حزبه راشد الغنوشي، إلى جانب رئيس كتلة حزب قلب تونس البرلمانية أسامة الخليفي، وقد تلا الأخير بياناً للغنوشي بشأن الوضع السياسي في تونس.

 وبالرغم من أنّها تنفي علناً طلبها أيّ دعم أجنبي، إلّا أنّ مصادر أشارت حينها إلى أنّ نواباً من حركة النهضة طلبوا من وفد أمريكي زار تونس آنذاك الضغط على سعيّد لإنهاء العمل بالإجراءات المذكورة.

 

مواضيع ذات صلة:

لماذا يسعى الاتحاد التونسي للشغل لفتح قنوات حوار مع الحكومة؟

إيقاف الغنوشي.. للإخوان تاريخ طويل من التحريض على أمن الدولة في تونس

انحاز للفئات التونسية الفقيرة... ما تداعيات رفض سعيد لشروط النقد الدولي؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية