إبراهيم طالب
أثارت الجزيرة القطرية، الأحد، غضب الموريتانيين عقب استثنائها كلمة رئيس البلاد محمد ولد عبدالعزيز، من البث المباشر خلال افتتاح قمة بيروت العربية التنموية، وطالب البعض بإغلاق مكتب القناة في نواكشوط، معتبرين أن سلوكها يكشف "مدى التحكم الفاضح في خطها التحريري، وحقدها وعدائها اتجاه موريتانيا".
وكانت قناة "الجزيرة مباشر" قد عمدت اليوم خلال تغطية قمة بيروت العربية التنموية إلى قطع الصوت مع بداية خطاب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، وبثت بدلا عنه مشاهد من خارج القاعة، لتعود فور انتهاء الخطاب إلى مشاهد قاعة المؤتمر، وبقية المداخلات.
الشخصيات السياسية والكتّاب والمدونون انتقدوا بشدة التصرف، معتبرين أنه دليل على موقف عدائي ضد موريتانيا من "بوق دعائي" سعى دائما إلى زعزعة استقرار البلاد ونشر خطابات التطرف والكراهية بين مكونات الشعب.
شعارات زائفة
الشيخ سيدي محمد ولد معي، الكاتب والقيادي في الحزب الحاكم، والمدير المساعد للوكالة الموريتانية للأنباء، عبّر في تصريح خاص، لـ"العين الإخبارية"، عن عدم استغرابه لهذا السلوك مما وصفها بـ"جزيرة" قطر، أو "علبة الكبريت" التي أشعلت العالم العربي -في إشارة إلى الجزيرة القطرية- مؤكدا أن مقاطعة "القناة" لخطاب الرئيس لن يؤثر على موريتانيا، بل يكرس زيف ادعاءات مهنية هذه "القناة".
وأشار ولد معي، أن هذه "القناة" ستبقى ملاحقة من طرف المواطن العربي بما وصفها بـ"المسؤولية التاريخية القانونية والأخلاقية والدينية، جراء تصرفاتها التي دمرت العالم العربي، وشتتت شعوبه"، في إشارة إلى تحريض "الجزيرة" على أعمال العنف المصاحبة لما يعرف بـ"الربيع العربي".
وأوضح أن هذه القناة أظهرت للعالم بهذا التصرف أنها ليست حرة ولا موضوعية، ولا علاقة لها بشعاراتها الزائفة التي ترفعها، بل تمارس عملها من منظور سياسي في إشارة إلى خدمة الجزيرة لأجندات تنظيم "الإخوان".
أما محمد فال ولد بلال، وهو شخصية سياسية ووزير سابق، فقد انتقد عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الخطوة، مشيرا إلى أن ما وصفه بواجب "التحفظ" له كرئيس لجنة مستقلة للانتخابات في موريتانيا، لن يمنعه من التعبير عن "استهجان موقف الجزيرة" واصفا إياه بـ"الموقف الصبياني".
من جانبه قال الكاتب والمدون الموريتاني شيخنا ولد محمد فال، أيضا عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، إنه لم يتفاجأ من تصرف قناة "مأمورة"، مستغربا وجود "من يجادل في ذلك" في إشارة إلى موقف الإخوان المتناغم مع سلوك الجزيرة دائما، مختتما تدوينته بالقول "بعد موقفها اليوم ماذا تنتظر قبل غلق مكتبها في نواكشوط؟".
وكانت الجزيرة القطرية قد عاودت استهداف موريتانيا، من خلال برنامجها "بلا حدود"، الذي بثته في 2 يناير/ كانون الثاني الجاري، وحاورت فيه القيادي المعارض ومرشح تنظيم الإخوان الإرهابية الفاشل للرئاسيات 2007 صالح ولد حننا، مركزة هجومها الجديد ضد موريتانيا على الموضوع العرقي والطبقي.
مقدم البرنامج وضيفه خرجا في تناولهما للموضوع في تلك الحلقة عن عنوان الحلقة السياسي المتعلق بالرئاسيات المنتظرة ربيع 2019، موجهين النقاش إلى بعض التصريحات المثيرة مؤخرا حول الموضوع العرقي، التي شكلت صدمة للسياسية الموريتانية الموالية منها والمعارضة.
استهداف أفعى الدوحة الإعلامية "الجزيرة" موريتانيا لقي استنكاراً واسعاً بين أوساط المدونين الموريتانيين، الذين لم يستغربوا سقوط الجزيرة القطرية مجدداً في مستنقع النعرات العرقية، معتبرين ذلك نكاية وانتقاماً من موقف موريتانيا، الذي انضم إلى المقاطعة العربية للدوحة وإدانة تصرفاتها منذ يونيو/حزيران 2017.
هجمة الجزيرة ليست الأولى من نوعها، حيث تأتي بعد أشهر قليلة من هجمة مماثلة تعرضت لها موريتانيا إثر قرار السلطات في سبتمبر/أيلول الماضي بحظر مؤسسات تابعة للإخوان في البلاد.
وناقشت قناة "الجزيرة"، في تلك الفترة من خلال برنامج "الاتجاه المعاكس"، إغلاق مؤسسات تابعة لتنظيم الإخوان في نواكشوط، مهاجمة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، كما وصفت مسؤولاً موريتانياً بارزاً رفض المشاركة في البرنامج إلا إذا بث على الهواء مباشرة خوفاً من اجتزاء كلامه بـ"الهارب".
العبارات الجارحة التي وجهتها المنصة الإعلامية القطرية للمسؤولين الموريتانيين حينها، وهي تدافع عن تنظيم الإخوان الإرهابي، محاولة منحها تعاطفاً شعبياً، أتت بنتائج عكسية، وقوبلت بردود فعل غاضبة، حيث رأى فيها موريتانيون كثيرون "إساءة متعمدة لوطنهم" ورموزه.
وسخر رئيس حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم في موريتانيا سيدي محمد ولد محم حينها من الحديث القطري الإخواني عن غياب الديمقراطية في موريتانيا، مؤكدا أن قطر ليست مؤهلة لإعطاء دروس في الديمقراطية للآخرين.
عن "العين" الإخبارية