شهدت دور نشرٍ، ومؤسسات للطباعة، ومكتبات تملكها الجماعة، سلسلةً من قرارات المنع والمصادرة والتحفّظ، وكان حرق كتبهم في 6 من نيسان (أبريل) عام 2015، فصلاً من تلك السلسلة، حين أحرق وفد من وزارة التربية والتعليم في القاهرة، كتباً للإخوان أقرّت ثلاث لجان شكّلتها الوزارة أنّها محرَّفة، وتنشر الفكر المتطرّف، واكتفت اللجان لتأكيد صحة تقريرها، بذكر أنّ المدرسة يملكها صهر القيادي الإخواني عصام العريان، ويديرها آخر متزوج من قريبة للقيادي حلمي الجزار، وأوصت اللجان بإحراق الكتب المحرَّفة، التي قُدِّرت بـ 42 كتاباً، واستبعاد 40 كتاباً رأت اللجنة أنّها أكبر من عقل الطلبة.
بدأت سلسلة القرارات بعد مرور ٦٠ يوماً فقط على ثورة ٣٠ حزيران (يونيو) عام ٢٠١٣، عندما أصدر مجلس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة لإدارة أموال جماعة الإخوان، بناءً على الحكم الذي أصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بحظر نشاط الجماعة والتحفظ على أموالها، وإلزام الحكومة بتشكيل لجنة لإدارة أموالها، وخرجت اللجنة إلى النور، ليكون أول رئيس لها المستشار عزت خميس، مساعد أول وزير العدل وقتها، وقد ترأّسها حتى نهاية خدمته في العمل القضائي، ليتولى بعده المستشار الدكتور محمد ياسر أبو الفتوح رئاسة اللجنة.
عام 2014 لم يعلن عن أي منع
حتى عام 2014، لم يعلن عن أي منع أو مصادرة لكتب الإخوان، لكنّ تخوّفات من ردود فعل المؤسسة الحكومية في القاهرة، دفعت دور النشر المصرية لإزالة كتب تعبّر عن فكر جماعة الإخوان من رفوف العرض بأجنحة معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2014، وصرّحت وزارة الثقافة المصرية أنّها لم تصدر قراراً بالمنع، مؤكّدة أنّ مصادرة أي كتاب يجب أن تتم بحكم قضائي.
وأكّدت مصادر مطلعة، أنّ دور نشر الإخوان لم تمنع من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورة عام 2018؛ لأنّ أغلبها لم يقدّم أساساً طلباً للمشاركة فيه، لافتةً إلى أنّ الوضع العام أجبر تلك الدور على تجنب المشاركة، تخوفاً من التحفظ على أموالها، وإلى مشاركة بعض دور النشر المملوكة لأعضاء في الجماعة، التي لم يصدر ضدّها أحكاماً قضائية.
بعد ستين يوماً على ثورة ٣٠ يونيو أصدر مجلس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة لإدارة أموال جماعة الإخوان
الرئيس السابق للهيئة المصرية العامة للكتاب، في دورة 2014، الدكتور أحمد مجاهد، قال لـ "حفريات" إنّ "المعرض لم يصادر كتباً، بشكل رسمي، في الدورة التي كان رئيساً لها، مؤكداً أنّه المصادرة لا تكون إلّا بحكم قضائي، لافتاً إلى أنّ ما حدث من رفع بعض دور النشر كتب سيد قطب ويوسف القرضاوي، كان بدافع الحسّ الوطني من جمهور المعرض، الذي أنكر على تلك الدور عرض كتابات سيد قطب ويوسف القرضاوي وآخرين، فاضطرت دور النشر لرفعها من العرض".
وصرّح الرئيس الحالي للهيئة المصرية العامة للكتاب، الدكتور هيثم الحج علي، لـ "حفريات": بأنّ "إعمال القانون هو أساس عمل أيّة مؤسسة حكومية، لافتاً إلى أنّ الهيئة لا يوجد في لائحتها ما له علاقة بالمنع، موضحاً أنّ دور الهيئة يقتصر على التواصل مع شرطة المصنّفات لتفعيل الأحكام القضائية بالمنع، وهو الأمر الذي يتعلّق بحكم قضائي بمنع نشاط الإخوان".
وأكّد الحج علي أنّ تصنيف انتماء دار نشر لجماعة الإخوان، يجب أن يستند إلى حكم قضائي، لافتاً إلى أنّ كتب سيد قطب والقرضاوي ومحمد الغزالي وغيرهم، تمنع لأنّها تدخل في حكم منع نشاط الإخوان.
منع مع وقف التنفيذ
في أيلول (سبتمبر) 2015؛ تحفّظت لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين، برئاسة المستشار عزت خميس، على خمس دور نشر وفروعها، مملوكة لقيادات الجماعة، وأعلنت اللجنة أنّ دور النشر المتحفَّظ عليها، هي: دار الفتح للإعلام العربي (المملوكة لمحمد السيد سابق)، ومركز الإعلام العربي للأبحاث (المملوك لصلاح عبدالمقصود، وزير الإعلام، إبان فترة حكم جماعة الإخوان)، ودار الفضيلة (المملوكة لطه أحمد عيسى عاشور)، ومؤسّسة اقرأ للنشر (المملوكة لقاسم عبد الله إبراهيم)، ومؤسسة حروف للنشر والتوزيع (المملوكة لعبد الناصر سعد عمر)، وقد تم تسليم هذه الدور إلى وزارة الثقافة، لتتولّى إدارتها.
وأكّدت اللجنة، في بيانات صحفية، أنّ "إدارة النشاط تتم عن طريق شركات متخصصة، ونشاط هذه الشركات يسير بشكل طبيعي، ويتم عمل ميزانية سنوية لكلّ شركة لتحديد الأرباح والخسائر، أما الأرباح فتسدَّد منها الضرائب المستحقة والتأمينات، وجميع مستحقات الدولة، ولو جرى العرف على توزيع أرباح على العاملين في المؤسسة، توزَّع نسبة الأرباح نفسها دون نقصان، وما يتبقى من الأرباح، بعد كلّ ذلك، يتم وضعه في حساب متحفَّظ عليه، ولا يجوز للمالك التصرف فيه، أو السحب منه، حتى يصدر حكم نهائي ببراءته من الانتماء إلى جماعة الإخوان".
دور نشر الإخوان لم تمنع من المشاركة في معرض القاهرة عام 2018، وأغلبها لم تقدم طلباً للمشاركة فيه
وقال مصدر في لجنة التحفظ على دور نشر الإخوان لــ "حفريات": إنّ "الدور المتحفَّظ عليها تجاوزت العدد المعلن عنه في الصحف المصرية؛ حيث وصل عدد الدور المتحفَّظ عليها إلى 12 دار نشر، وربما أكثر". مشيراً إلى أنّ المسألة كانت محاطة بسرية شديدة، حتى لا تثير ضجة إعلامية تؤثر في عمل اللجنة، وتدفع في صالح وقف أعمالها من قبل المناهضين لعمليات منع الكتب ومصادرتها. موضحاً أنّ اللجنة المسؤولة عن رصد دور النشر المتعاونة مع جماعة الإخوان توقفت الآن عن عملها؛ بسبب صعوبة التعرف إلى دور نشر التابعة للجماعة، لافتاً إلى أنّهم اكتشفوا أنّ دور النشر كانت على علم مسبق بعمليات المداهمة، وذلك من مصادر لها في الأجهزة الحكومية، ممّا ساعدهم على رفع الكتب الممنوعة من مخازنهم قبل المداهمة، وأنّ بعض هذه الدّور أسّست دور نشر جديدة تحمل أسماء مختلفة، يديرها موظفون في محاولة للتحايل على لجان الحصر.
وقد رصدت "حفريات" بعض الدور والمكتبات المتحفظ عليها، وهي: "دار الإبداع للطباعة والنشر، وشركة دار الوفاء للطباعة والنشر، وشركة النهر للإعلام والنشر، ودار الفتح للإعلام العربي، ومركز الإعلام العربي، ودار الفضيلة، ومؤسسة اقرأ للنشر، وحروف للنشر والتوزيع، ودار سفير للنشر، ودار الطباعة والنشر الإسلامية، وشركة بوابة القاهرة للنشر والتوزيع، وشركة بيزنس نيوز للصحافة والطباعة والنشر، والشركة العربية الدولية للتوكيلات التجارية، المالكة لسلسلة مكتبات ألف".