كتاب يتناول 10 أسباب للجهاد العالمي.. ما هي؟

كتاب يتناول 10 أسباب للجهاد العالمي.. ما هي؟

كتاب يتناول 10 أسباب للجهاد العالمي.. ما هي؟


13/04/2024

"الجهاد العالمي في السياقات الإسلامية وغير الإسلامية" هو عنوان كتاب الباحث والأستاذ الجامعي البلجيكي جوناثان ماتوفيتز المقيم  في أمريكا منذ العام 2000، ويعمل حالياً في كلية نيكلسون للاتصالات ‏والإعلام في جامعة سنترال فلوريدا، الولايات المتحدة الأمريكية.

تركز أبحاثه ومؤلفاته على دور التواصل في الإرهاب، والرمزية في الإرهاب، ‏وعولمة الثقافة والإعلام الجديد، و‏تشمل منهجيات بحثه المقابلات النوعية، وتحليل المحتوى، والسيميائية، والتحليل ‏النظري.‎

اقرأ أيضاً: من الدعوة إلى السياسة: تاريخ الإخوان المسلمين في الأردن وأفكارهم

وتشمل قائمة كتبه السابقة المجلات الجهادية على الإنترنت ‏لتعزيز الخلافة: وجهات النظر التواصلية (2019)، والرمزية في الإرهاب: التحفيز والاتصال والسلوك (2015)، والإرهاب ‏والاتصال: مقدمة حاسمة (2013).‏

في تقديم الكتاب نلاحظ أنّ كتاب الجهاد العالمي في السياقات الإسلامية وغير الإسلامية الصادر العام 2020 باللغة الإنجليزية عن دار بالغريف مكملين ـ نيويورك،  في 399 صفحة  و13 فصلاً، يتناول 10 أسباب للجهاد العالمي اليوم، وعلى وجه التحديد، فإنّ الأسباب حسب المؤلف هي:

(1) التطرف، (2) ديناميات المجموعات والتنشئة الاجتماعية، (3) الاغتراب الاجتماعي، (4) الدوافع الدينية، (5) الدوافع القانونية، (6) الدوافع السياسية، (7) صراع الحضارات، (8) الظروف الاقتصادية، (9) التعلم التحويلي، (10) المزايدة والتصدعات الداخلية.

غلاف الكتاب

ولفحص هذه الأسباب، تشمل جميع فصول الكتاب الخلفية التاريخية، ودراسات حالة محددة (سابقة وحديثة)، وإحصاءات، ومناهج ومقاربات نظرية لموضوع الجهاد العالمي. وقد نجح المؤلف بدمج الأسباب الـ10 في إطار متماسك جداً، في فصول الكتاب يلقي الضوء على القوى الدافعة وراء انتشار حركة الجهاد العالمية منذ فجر القرن الـ21؛ ليصل إلى استنتاج خطير ومهم هو أنّ الغرض الرئيسي من الحركة الجهادية هو تحقيق الهيمنة العالمية - بأي وسيلة، بما في ذلك العنف - وإقامة الخلافة.

ويبدو أنّ هذا الاستنتاج لدى منظّري وأكاديميي الغرب أخذ يترسخ بعمق في المنظومة المعرفية الغربية، وتساق لدعمه كل الحجج والبراهين يوماً بعد يوم، حتى يصبح حقيقة متخيلة لا يمكن الفكاك منها.

كتاب الجهاد العالمي في السياقات الإسلامية وغير الإسلامية الصادر العام 2020 يتناول 10 أسباب للجهاد العالمي اليوم

وهذا لا يعني أنّ جميع الأسباب الـ10 تحدث في الوقت نفسه، أو أنها مدرجة في كل حادث إرهابي كبير داخل مشهد الجهاد العالمي. وفي الواقع، يوضح المؤلف أنه "من الأهمية بمكان عدم الانخراط في الاختزال وعدم تحويل جميع الجماعات الجهادية إلى منظمات أو فصائل لديها جميعاً التكتيكات والمعاني نفسها" (ص 3). وفي الأساس، كما يقول المؤلف حسب قراءة حديثة للكتاب في مجلة وجهات نظر في الإرهاب: "لا يوجد تفسير واحد للجهاد" (ص 9).

اقرأ أيضاً: رواية آلموت.. رحلة أدبية في مجاهل الإرهاب المقدس

وسيقدّر القرّاء التطبيقات النظرية الحديثة والإحصاءات ودراسات الحالة المتعلقة بالحركة الجهادية اليوم، والتي تدعمها الأدلة وأكثر من 1000 تعليق ختامي في الكتاب، وعلى وجه الخصوص دراسة الحالة التفصيلية لتفجيرات عيد الفصح الإرهابية في سريلانكا التي وقعت في 21 نيسان (أبريل) 2019، حيث تم اقتراح أسباب رئيسية "اثنين ونصف" لتفسير تطور هذا الهجوم الجماعي الذي أودى بحياة حوالي 260 مدنياً: الدوافع السياسية، والدوافع الدينية، وربما الظروف الاقتصادية التي تؤثر على المهاجمين المسلمين، فإحدى صفات أو طبائع السلفية الأصولية هو انشغالها بالانقسام الدوغمائي "نحن ضدهم"، أو نحن والآخر المختلف، وهذا هو السبب في أنّ معظم أهداف تفجيرات عيد الفصح في سريلانكا كانت كنائس وفنادق فخمة.

هذا، ويُعدّ المؤلف واحداً من الأكاديميين والخبراء الغربيين القلائل الذين طبقوا بشكل شامل مجال الاتصال بموضوع الإسلام والجهاد، فهو يدرس من الناحية المفاهيمية دور التواصل في الجهاد العالمي من وجهات نظر متعددة. والفرضية الرئيسية التي يركز عليها المؤلف في كتبه السابقة هي أنّ التواصل أمر حيوي للحركة الجهادية العالمية اليوم، لدرجة أنّ الجهاديين سيستخدمون أي أداة وأي تكتيك أو نهج للتواصل للتأثير على الناس والجمهور بشكل عام أو تحويلهم. ويستكشف المؤلف كيف ولماذا تشكل فوائد الاتصال نعمة كبيرة للعمليات الجهادية، حيث يتواصل الجهاديون مع برامجهم الإيديولوجية لتطوير قاعدة قوية للقيام بالعنف الإرهابي.

اقرأ أيضاً: "الاعتدال والتطرف".. محاولة للفهم والمواجهة

ويتجلى ذلك في مناقشته للجهاد المدفوع بـ "التواصل الجماعي"، الذي يغطيه الفصل الـ4 ("ديناميات المجموعة والتنشئة الاجتماعية")، والفصل الـ5 ("الاغتراب الاجتماعي")، في الفصل الـ4، تعمل المقاربات النظرية الراسخة ـ مثل التفكير الجماعي ونظرية الهوية الاجتماعية والمرونة النفسية ـ على توضيح كيف لجأت أقلية كبيرة من المسلمين الأوروبيين والشباب الفلسطيني المسلم إلى الهجمات الجهادية على أهداف سهلة وصعبة في أوروبا الغربية وإسرائيل.

اقرأ أيضاً: هل ينجح الإرهاب في تحقيق أهدافه؟

في الفصل الـ5، يدعم المؤلف مفهوم عالم الاجتماع  أميل دوركايم  للاغتراب الاجتماعي في نموذج "الاندماج الفاشل"، ونظرية الإغلاق الاجتماعي، والتمييز البنيوي، ومع ذلك، في نهاية بعض الفصول يُضمّن المؤلف أيضاً دراسات أكاديمية وتقارير رسمية تشكك في المواقف السائدة في هذا التخصص، مثل استجواب ما يُسمّى "مشاكل الاندماج الاجتماعي" الموجودة في الفصل الـ5.

اقرأ أيضاً: صور الجهاد.. من تنظيم القاعدة إلى داعش: وجهة نظر ماركسية

 في الفصل الأخير (الفصل 13)، يقدّم المؤلف 4 استنتاجات شاملة استخلصت من الأسباب الـ10 لانتشار الجهادية  العالمية اليوم: "(1) حرب عالمية ضد المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، (2) قوى تقارب متنوعة، (3) السلفية بالفاشية، و(4) الإصلاح في الإسلام: اتجاهان متعارضان.

أمّا بالنسبة إلى مسألة "السلفية باعتبارها فاشية"، فقد كان من المثير للاهتمام أن نلاحظ تشبيه استنتاج المؤلف بالخصائص العامة للإيديولوجية الفاشية لأومبرتو إيكو - أحدهما هو "نظام الدولة الواحدة بقيادة زعيم شمولي [أو الخلافة]". في الجزء الثاني من الفصل يلخص المؤلف  استنتاجه من خلال إنشاء نظريته الخاصة: نظرية الاختلاف العالمي (GDT)، وعلى هذا النحو يقول: إنّ "التهديد المتزايد الذي يشكّله الجهاديون على البشرية يشير إلى الترسيم والاستقطاب المتزايدين والداهمين اللذين تخلقهما حركة الجهاد العالمية تجاه بقية العالم" (ص 322).

يُعدّ المؤلف واحداً من الأكاديميين والخبراء الغربيين القلائل الذين طبقوا بشكل شامل مجال الاتصال بموضوع الإسلام والجهاد

تقول الدكتورة المُستعربة نانسي هارتفلت كوبرين، وهي محللة نفسية، وخبيرة خارجية في شؤون الجهاد، في جامعة غرناطة، قسم اللغويات، وقد قدّمت قراءة للكتاب باللغة الإنجليزية في مجلة وجهات نظر في الإرهاب التي تصدر عن جامعة ليدن ـ هولندا، ويرأس تحريرها مُنظّر الإرهاب الشهير إليكس شميد: إنّ هذه النظرية التي صيغت حديثاً هي ملء الفجوة الأساسية في الأدبيات الحالية، بمعنى أنها تؤكد كيف تنأى حركة اجتماعية عن بقية العالم لرفع مستوى نفسها وحمايتها من تهديد القوى الخارجية، ويمثل هذا الانعطاف انحرافاً طفيفاً عن أطروحة صموئيل هنتنغتون في كتابه "صراع الحضارات" في أنّ الجهاد العالمي اليوم لا يتعلق بالصراعات الحضارية على الثقافة، وهذه مسألة مهمّة وإضافة نوعية إلى عمل المؤلف (ص 324).

اقرأ أيضاً: كيف استغل الإرهاب وسائل الإعلام المعاصرة؟

كما أنّ الأمر لا يتعلق فقط بمواجهة بين الشرق والغرب، أو حتى صراع إسلامي مسيحي، وهي ليست أطروحة عن القيم العليا للغرب" (ص 324)، بل إنه يمثل نقلة نوعية في تفسير الجهادية على أنها مستقلة عن الصدام مع الحضارات الأخرى.   

في الخلاصة، فقد كتب المؤلف جوناثان ماتوفيتز نصاً بالغ الأهمية من خلال كتابه "الجهاد العالمي في السياقات الإسلامية وغير الإسلامية"، بل إنه بالفعل جولة قوة يتعيّن على الطلاب والعلماء في تخصصات العلوم السياسية والعلاقات الدولية والدراسات الدينية والاتصالات، وعلى المهنيين والخبراء في وكالات الأمن القومي والدولة، وإنفاذ القانون المحلي، فضلاً عن وسائل الإعلام المحلية والوطنية، أن يقرؤوا هذا الكتاب، لكي يواكبوا ظاهرة متزايدة الانتشار وحقيقية بالتأكيد، ولكن يبدو أنّ هذا الموضوع ما يزال مثيراً للجدل والحساسية بالنسبة إلى الكثيرين جداً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية