كارثة إنسانية تدق أبواب الجنينة.. ما الذي يحدث في دارفور؟

كارثة إنسانية تدق أبواب الجنينة.. ما الذي يحدث في دارفور؟

كارثة إنسانية تدق أبواب الجنينة.. ما الذي يحدث في دارفور؟


01/05/2023

يبدو أنّ الوضع الإنساني في السودان أصبح على موعد مع كارثة جديدة، فقد تجدّدت الاشتباكات في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى، وإلحاق واسع النطاق بالمنطقة، بالتزامن مع نقص حاد في إمدادات المياه والغذاء الحيوية.

بعض المصادر قالت: إنّ الاشتباكات تدور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل تقارير عن وجود مخازن أسلحة تحتوي على أكثر من (6) آلاف قطعة سلاح من جميع الأنواع. بينما ذكرت مصادر أخرى أنّ المعارك الأخيرة اندلعت بين القبائل العربية وقبائل المساليت التي هددت في السابق بالانفصال عن السودان.

بدوره، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أنّ الجنينة تغرق حالياً في الفوضى؛ بسبب الاشتباكات وتواصل أعمال العنف وحرق المنازل، حيث تعرضت الأسواق للنهب، فضلاً عن العديد من مباني المنظمات الإنسانية. وأضاف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنّ "معظم المراكز الصحية بالمدينة لا تعمل".

اتحاد الأطباء يُحذّر من كارثة إنسانية

من جهته، نبّه اتحاد أطباء السودان إلى تبعات تعطل العمل في المستشفيات بمنطقة الاشتباكات في غرب دارفور، ولفت إلى صعوبة الوضع الإنساني في الجنينة وما حولها. وحذّر الاتحاد من وقوع "جرائم حرب" في غرب دارفور، وألقى باللوم على غياب العدالة، وانتشار الميليشيات المسلحة، مع استمرار فشل الجيش والحكومة في حماية المدنيين.

تجدّدت الاشتباكات في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور

وقال الاتحاد في بيان له: إنّ الاحداث الدامية ما زالت تدور في مدينة الجنينة، وإنّها خلّفت عشرات القتلى والجرحى الذين لم يتمكن الاتحاد من حصرهم بدقة؛ بسبب الوضع الأمني المتوتر، واستمرار الهجمات على المدنيين. وأضاف أنّ الملاجئ، والمستشفيات، والأسواق، والبنوك، ومكاتب المنظمات الدولية، استهدفت بالنهب والحرق.

اتحاد أطباء السودان لفت إلى أنّ 69% من المستشفيات في مناطق القتال، بما في ذلك في العاصمة السودانية الخرطوم والمدن المجاورة، لم تعد تعمل. وقالت نقابة الأطباء إنّه من بين (86) مستشفى، هناك (26) مستشفى فقط "تعمل بشكل كامل أو جزئي، وبعضها يقدم خدمة الإسعافات الأولية فقط". مضيفاً أنّها هي الأخرى أصبحت مهددة بالإغلاق؛ بسبب نقص الأطقم والإمدادات الطبية خاصّة الأكسجين، والمياه والكهرباء.

الدكتورة هويدا الحسن قالت لشبكة (CNN): إنّ المستشفيات في المنطقة تمّ استهدافها جميعاً

الدكتورة هويدا الحسن، وهي طبيبة في مستشفى بمنطقة شرق النيل، جنوب السودان، قالت لشبكة (CNN): إنّ المستشفيات في المنطقة تمّ استهدافها جميعاً. وكشفت أنّ قوات الدعم السريع تستخدم المدنيين كدروع. كما أكدت أنّ مستشفى شرق النيل، بالقرب من مكان عملها، يخضع الآن لسيطرة قوات الدعم السريع.

بدورها، قالت الدكتورة صفاء أبو وش، عضو نقابة أطباء السودان، لشبكة (CNN): إنّ جميع المستشفيات أصبحت خارج الخدمة في ولاية غرب دارفور، وإنّ مستشفى الجنينة تعرّض لأعمال نهب واسعة. كما أكدت أنّ طبيباً قُتل في أعمال العنف الأخيرة، واتهمت قوات الدعم السريع، وميليشيات الجنجويد بنهب الأحياء وانتهاكها.

وكانت قوات الدعم السريع قد ألقت باللوم في عمليات النهب على فلول وعناصر النظام البائد، وادّعت أنّها تحاول التصدي لهم.

تدهور الوضع الإنساني

بحسب أحمد جودجا، مؤسس شبكة دارفور للرصد والتوثيق، فإنّ أعمال القتال الأخير في الجنينة تتركز بين الميليشيات العربية والمدنيين، وقال جودجا: إنّ المدنيين المحليين سلّحوا أنفسهم بأسلحة كانت موجودة في مقر مركز شرطة المدينة.

مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، قال يوم الجمعة الماضي: إنّ ما لا يقل عن (96) شخصاً قتلوا منذ يوم الإثنين الماضي، في اشتباكات عرقية مميتة في الجنينة، وحذرت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شمداساني من تصاعد العنف في غرب دارفور، حيث أدّت الأعمال العدائية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية إلى انفجار أعمال العنف بين القبائل.

اتحاد أطباء السودان لفت إلى أنّ 69% من المستشفيات في مناطق القتال لم تعد تعمل

وقالت شمداساني: "قد يكون عدد القتلى أعلى من ذلك بكثير"؛ نظراً لصعوبة جمع المعلومات في الوقت الحالي. وأضافت: هناك "اشتباكات متفرقة بين المجتمعات العربية والمساليت" في غرب دارفور، ولفتت إلى أنّ هذا العنف "يعود إلى الانتماءات العرقية، المتصورة والحقيقية، لقوات الدعم السريع، والقوات المسلحة السودانية". وأضافت شمداساني أنّ البيئة الحالية في السودان "تخلق وضعاً مهيأ لمزيد من العنف، والعنف الإجرامي الانتهازي، وتفجير مثل هذه التوترات العرقية الطويلة الأمد".

استمرار أعمال القتال رغم الهدنة

شهود عيان بالعاصمة السودانية الخرطوم قالوا لشبكة (CNN): إنّ دوياً لإطلاق النار سُمع  بعد ساعات من وقف إطلاق النار الأخير يوم الجمعة الماضي، بالقرب من القصر الرئاسي في وسط المدينة ومنطقة الكفوري.

وفي غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع التركية: إنّ طائرة تركية من طراز سي (130) للإجلاء، تعرضت لإطلاق نار فوق السودان صباح الجمعة، لكنّها هبطت بسلام في وقت لاحق، دون وقوع إصابات على متنها. واتهمت القوات المسلحة السودانية قوات الدعم السريع بإطلاق النار، وإلحاق الضرر بالطائرة التركية، أثناء استعدادها للهبوط في مطار وادي سيدنا شمال الخرطوم. بينما نفت قوات الدعم السريع هذا الاتهام، قائلة إنّها لا تسيطر على المنطقة.

وزارة الدفاع التركية: إنّ طائرة تركية من طراز سي (130) للإجلاء تعرضت لإطلاق نار فوق السودان صباح الجمعة

وفي الخرطوم، قال شهود عيان وصحفيون في شبكة (CNN) في شمال المدينة: إنّ جنود قوات الدعم السريع يحتلون محطة مياه واحدة على الأقل، ممّا يتسبب في نقص إمدادات المياه الحيوية. وقال شاهد عيان: إنّ مرافق المياه معطلة بشكل أساسي منذ 16 نيسان (أبريل) الماضي، وإنّ الناس يعتمدون في الوقت الحالي على الآبار الموجودة في مواقع البناء غير المكتملة.

وبحسب شبكة الأخبار الأمريكية، حاول مهندسو المياه الوصول إلى محطة المياه لإصلاحها، إلّا أنّ قناصة قوات الدعم السريع استهدفتهم.

أندو دينج، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، قال: إنّ عمليات النهب والقتال مستمرة في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من محاولات وقف إطلاق النار. وأعرب عن بالغ قلقه بشأن توافر الغذاء، لا سيّما في دارفور، وطالب بفتح ممرات إنسانية.

مواضيع ذات صلة:

المواجهة المسلحة في السودان: الفضاء السيبراني ميدان لحرب أخرى

موقع الإخوان المسلمين في خارطة النزاع بين الفرقاء السودانيين

الإخوان يشعلون الحرب في السودان... ما أهدافهم؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية