قلق من ارتفاع عدد حالات الطلاق في العراق ومطالبات بمحاصرة أسبابه

قلق من ارتفاع عدد حالات الطلاق في العراق ومطالبات بمحاصرة أسبابه


17/02/2022

يشهد العراق تزايداً ملحوظاً في حالات الطلاق والتفريق القانوني، فقد نشرت الجهات القضائية العراقية، إحصائية عن عدد حالات الطلاق في البلاد خلال كانون الثاني (يناير) الماضي، ووصلت إلى 6486 حالة طلاق، بواقع 10 حالات كل ساعة تقريباً، وأثارت هذه النسبة المرتفعة القلق من تصاعد ظاهرة الطلاق في المجتمع، وتأثيرها سلباً على أمنه واستقراره.

ووفق الإحصائية التي ضمت 16 محكمة استئناف، احتلت العاصمة بغداد المركز الأول من حيث حالات الطلاق، بواقع 2390 حالة طلاق خلال الشهر الماضي فقط.

أما حالات الزواج في العراق خلال كانون الثاني (يناير) الماضي فقد بلغت 26000 حالة زواج، وجاءت محافظة بغداد بالمرتبة الأولى أيضاً بواقع 6329 حالة زواج.

 احتلت العاصمة بغداد المركز الأول من حيث حالات الطلاق

وليست هذه المرة الأولى التي تسجل فيها المحاكم العراقية هذا العدد الكبير من حالات الطلاق بين الأزواج؛ إذ إنّ البلاد تشهد ومنذ عقد ارتفاعاً كبيراً في حالات الطلاق، مما حدا بالكثير من المنظمات والفرق التي تعنى بالمجتمع بدق ناقوس الخطر ومطالبة السلطات المختصة بإيجاد المعالجات والحلول للتقليل من تلك النسب.

وسجل العراق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، أعلى معدل لحالات الطلاق بإجمالي وصل 8245 حالة طلاق في 15 محافظة عراقية باستثناء مدن إقليم كردستان.

الزواج المبكر

ويعبر الارتفاع بأعداد حالات الطلاق، بحسب المختصين، عن اتساع نطاق دائرة التفكك الأسري، وما ينجم عنه من مشاكل وأزمات اجتماعية حادة.

وتقول أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز في حديث لصحيفة "المدى" العراقية، إنّ "حالات الطلاق تتجه نحو تصاعد مستمر في العراق"، مستدركة "قياساً بالدول المجاورة فإنّ الطلاق في العراق أصبح ظاهرة".

 

أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز: من الأسباب التي فاقمت حالات الطلاق هو الزواج المبكر للفتيات ورغبة الأهل بتزويج بناتهم فقط دون التفكير في النتائج التي ستحصل عقب الزواج

 

وترى عبدالعزيز أنّ "من الأسباب التي فاقمت تلك الحالات هو الزواج المبكر للفتيات ورغبة الأهل بتزويج بناتهم فقط دون التفكير في النتائج التي ستحصل عقب الزواج".

وتضيف أستاذة علم النفس، أنّ "الإحصائيات الحقيقية لحالات الطلاق تفوق المسجلة رسمياً؛ إذ إنّ الكثير من الحالات تكون في البيوت كأن يكون طلاقاً عاطفياً وطلاقاً نفسياً، وهي حالات غير مسجلة في المحاكم".

وتشير عبد العزيز إلى أنّ هناك أسباباً أخرى للطلاق منها، الحالة الاقتصادية التي "تلعب دوراً كبيراً في استقرار الأسر واستمرار الحياة بصورة طبيعية"، لافتة إلى أنّ "أغلب الشباب يعانون من البطالة أو يكون عملهم بأجور يومية تقتصر على تيسير أمورهم اليومية فقط دون ضمانات مستقبلية وهذا بدوره يؤثر بصورة كبيرة على دخل الفرد والأسرة بصورة عامة".

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ آخر الإحصائيات التي كشفت عنها وزارة التخطيط، تُفيد بأنّ نسبة البطالة في العراق بلغت نحو 13.8 بالمائة، فيما كشف تقرير للبنك الدولي، منتصف العام الماضي، أنّ نحو 13 مليون عراقي، يكسبون يومياً أقل من دولارين.

وسجل العراق خلال عام 2020، ارتفاعاً في معدلات الفقر على وقع جائحة كورونا بلغ 31.7 بالمائة، قبل أن يسجل انخفاضاً نسبياً خلال العام الماضي إلى نحو 29 بالمائة.

 

الناشطة الحقوقية العراقية نور نافع: لا يمكن الحد من ظاهرة الطلاق دون أن نؤسس لوعي مجتمعي قائم على أساس احترام المرأة وعدم تزويج القاصرين وأن يكون هناك رخاء اقتصادي في البلد

 

ومن الأسباب التي زادت حالات الطلاق أيضاً، استخدام التكنولوجيا بصورة سلبية، إذ إنّ بعض الأزواج يقضون وقتاً طويلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ويهملون أسرهم، وهو أحد عوامل ازدياد ظاهرة الطلاق، بحسب عبد العزيز التي تنوّه إلى أنّ "الحفاظ على المجتمع يبدأ من الأسرة فنواة المجتمع هي الأسرة وتفككها يعني تفكك المجتمع".

ووفق الكثير من الصحف العراقية، فإنّ "الفئة الأكثر من المطلقين هم من الشباب، معيدة ذلك إلى الأسباب المذكورة بالإضافة إلى تدخل أسر الزوج والزوجة بحياة الزوجين، فضلاً عن العنف الأسري.

وتأتي أغلب حالات الطلاق إلى المحاكم بسبب السكن المشترك مع أهل الزوج واكتظاظ المنزل بالعوائل، فالمتزوجون يخضعون لضغوط قاسية خلال فترة التحضير للزواج منها ضغوط اقتصادية واجتماعية تلقي بظلالها لاحقاً على الزواج الهش أصلاً، وفق ما أورده موقع "صوت العراق".

ما الحل؟

وعن الحلول المطلوبة لكبح هذه الظاهرة، تقول الناشطة الحقوقية العراقية، نور نافع، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية: "لا يمكن الحد من ظاهرة الطلاق دون أن نؤسس لوعي مجتمعي قائم على أساس احترام المرأة وعدم تزويج القاصرين وأن يكون هناك رخاء اقتصادي في البلد".

أما عضو منظمة حقوق المرأة العراقية، سارة الحسني، فترى أنّ أهم سبل الحل لهذه الآفة الاجتماعية، محاصرة حالات العنف المنزلي ومكافحتها كأحد أبرز مسببات الطلاق الرئيسية، قائلة: "يكون ذلك عبر إلغاء المادة 41 من قانون العقوبات العراقي، التي تبيح ما تسميه تأديب الزوجة، وتشريع قوانين مثل حماية الطفل ومناهضة العنف الأسري، ما سيسهم بالحد من تصاعد حالات العنف والطلاق تالياً".

يذكر أنّ المادة 41 من قانون العقوبات العراقي، تنص على أنه "لا جريمة إذا وقع الفعل (الضرب) استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالاً للحق، تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعاً أو قانوناً أو عرفاً"، وفق ما أورده موقع "قاعدة التشريعات العراقية".

وشددت على أنّ الزواج "ليس فقط علاقة جنسية وإنجاب أطفال، ذلك أنّ تسلسل مراحل اختيار شريك الحياة، أمر يتطلب وعياً ورشداً ومواجهة تلك المراحل بحلوها ومرها ليتمكن المرء من الاختيار الصحيح في النهاية، وهذا ما هو غير متاح بداهة لمن هم في سني الطفولة والمراهقة".

التغيير يبدأ من القوانين والتنظيم للمجتمع ثم الأفراد من خلال التوعية، وإلا فسنشاهد ارتفاع هذه الأرقام المفزعة في حالات الطلاق والعنف باستمرار وعلى مدار الأعوام القادمة، كما تختم عضو منظمة المرأة العراقية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية