قراءة في تطورات الصراع داخل الإخوان ومآلاته بعد فشل مبادرات الصلح

قراءة في تطورات الصراع داخل الإخوان ومآلاته بعد فشل مبادرات الصلح


06/12/2021

تدفع غالبية المعطيات الراهنة أزمة جماعة الإخوان إلى أفق مسدود، وسيناريوهات قاتمة، خاصة في ظل التطورات الأخيرة للصراع واحتدام التراشق الإعلامي بين طرفيه، وفشل جميع المبادرات التي قادتها أطراف نافذة داخل التنظيم الدولي لاحتوائه وتخفيف حدته.

وشهد الأسبوع الماضي تطوراً ملحوظاً في الصراع المحتدم بين إبراهيم منير ومحمود حسين على مستوى البيانات الإعلامية والتصريحات، التي حاول أصحابها كسب القواعد التنظمية لمعسكره وتشويه الآخر وفضح فساده وتزييف ادعاءته، فيما فشلت محاولة جديدة للصلح حاول من خلالها مفتي الجماعة يوسف القرضاوي وعدد من قيادات التنظيم الدولي احتواء المعركة ووقف تداولها عبر وسائل الإعلام المختلفة، ما ينعكس بشكل واضح على زيادة حالة الانشقاق والتصدع داخل التنظيم.

وأجمعت عدة مصادر مطلعة في تصريحات منفصلة لـ"حفريات" أنّ القرضاوي ومعه مجموعة من قيادات التنظيم الدولي من عدة دول عربية حاولوا من خلال اجتماعات منفصلة مع طرفي الأزمة في الجماعة تقريب وجهات النظر للتوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بوقف التصعيد الإعلامي بين الطرفين وصياغة مسودة للتفاهمات المشتركة لحين تشكيل لجنة عليا للنظر في الأمر وحله، لكن المحاولة فشلت بسبب تمسك كل طرف بموقفه والرفض القاطع من جانب الطرفين للتنازل أو التراجع من أجل إتمام المصالحة الداخلية.

 

قالت مصادر مطلعة إنّ أوراقاً متداولة داخلياً عبرت عن غضب القواعد التنظيمية إلى حد غير مسبوق من استمرار الأزمة، التي كشفت أسراراً وفضائح تتعلق برأس الهرم التنظيمي في الجماعة

 

وفي السياق قالت المصادر إنّ أوراقاً متداولة داخلياً عبرت عن غضب القواعد التنظيمية إلى حد غير مسبوق من استمرار الأزمة، التي كشفت أسراراً وفضائح تتعلق برأس الهرم التنظيمي في الجماعة، مهددين بإعلان انشقاق جماعي عن التنظيم في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه دون حل.

اقرأ أيضاً: مناورات وانشقاقات في الصراع بين جبهتي حسين ومنير.. لمن الغلبة؟

ووفق المعطيات والمعلومات المتاحة، فإنّ الأزمة الراهنة تختلف تماماً عن سابقتها التاريخية والتي نجح التنظيم في تجاوزها، وتعود الأسباب في ذلك إلى انهيار فكرة الهيكل التنظيمي التاريخي للإخوان نتيجة الصراع القائم منذ عدة سنوات على منصب المرشد، وما تبعه من تحلل لفكرة المركزية التاريخية التي حافظت على تماسك التنظيم وثباته بمواجهة الأزمات الداخلية لعدة عقود.

الانهيار الكبير

من جانبه يرى الكاتب المصري المختص بالإسلام السياسي، منير أديب، أنّ ما يمر به التنظيم الإخواني الآن هو بمثابة مقدمات "الانهيار الكبير" وتفكك البنية التنظيمية للإخوان، مشيراً إلى أنه في أزمنة سابقة مر الإخوان بأزمات كثيرة وشبه حالة انقسام وانشقاق، ولكن ما يحدث مؤخراً لا يمكن وضعه في سياق الأزمات التاريخية السابقة لعدة أسباب أهمها أن الصراع كان كاشفاً لزيف الشعارات الإخوانية وحقيقة فساد الأفكار وأنه يتعلق بوقائع فساد مالي وأخلاقي لقيادات يفترض فيها القواعد حسن السمعة والخلق، ما يعني أن الصراع تحول بالفعل إلى أزمة ثقة.

وفي تصريح لـ"حفريات"، يصف الكاتب المصري حالة الإخوان في الوقت الراهن بأنها "أقرب إلى شخص يسعى الأطباء إلى إنعاشه ولكنه ميت"،  مشيراً إلى أنّ كافة المبادارات التي تم إطلاقها من جانب القيادات التاريخية أو محاولات احتواء الأزمة فشلت جميعها في تحقيق أي تقدم أو السيطرة على الصراع الراهن.

 

اقرأ أيضاً: علماء الإخوان ينحازون إلى منير... هل ينصاع حسين وموالوه؟

وأشار أديب إلى الاتهامات المتبادلة بين طرفي الصراع في الجماعة بشأن الذمة المالية والفساد الأخلاقي، في إطار "حرب تكسير العظام بين الجانبين"، حيث يحاول كل منهم تشويه الآخر وتصدير فكرة أنه خطر على التنظيم وأنه يجب إقصاؤه لصالح الطرف الآخر، وهي حرب على السلطة والنفوذ ولن تنتهي قريباً.

مبادرات فاشلة

وحول طبيعة الأزمات التاريخية التي مرت بها الجماعة والفوارق بينها وبين الصراع الحالي يقول أديب، إنّ "ما كان يحدث قديماً كان تبايناً في الأفكار واختلافاً في وجهات النظر مثل الفصل بين ما هو سياسي وما هو دعوي، ورغبة بعض الأطراف في الجماعة في ممارسة العمل السياسي ورفض البعض الآخر، على سبيل المثال، وغيرها من الاختلافات الفكرية التي كانت قابلة للمناقشة والتبرير والإقناع، لكن ما يحدث الآن صراع على السلطة والمال مدعوم باتهامات الفساد المالي والأخلاقي".

 

اقرأ أيضاً: جماعة الإخوان في طريقها إلى الانقسام.. آخر تطورات الصراع بين حسين ومنير

ويؤكد أديب أنّ جميع المعطيات الراهنة تؤكد أنّ الجماعة تمر بمرحلة انهيار وتفكك تنظيمي نهائي، ولن يعود هيكلها التنظيمي كما كان في السابق بعد هذه الأزمة، لكنه يؤكد في الوقت ذاته على استمرار  الأفكار الإخوانية التي ستحتاج إلى عدة سنوات لتفكيكها.

وفي ختام حديثه يؤكد أديب أنّ كافة المبادارات التي حاول من خلالها قيادات الجماعة الصلح وصلت إلى آفق مسدود، مشيراً إلى وجود مبادارات أخرى في الوقت الراهن للصلح بين منير وحسين، ولكن متوقع فشلها جميعاً في ظل المعطيات الراهنة للأزمة.

ويرى مراقبون أنّ جماعة الإخوان باتت أمام خيارات محدودة جداً إذا أرادت أن تحافظ على ما تبقى لها خلال الفترة المقبلة، أبرزها، هو أن تضطر للإعلان عن تغيير الأيديولوجيا وتخفيف حدة الاعتماد على العمليات الإرهابية للضغط على الأنظمة العربية، واعتماد آليات بديلة للتأثير تستهدف الشعوب دون الاعتماد على السياسات العدائية سواء من خلال الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي.

 

منير أديب: ما يمر به التنظيم الإخواني الآن هو بمثابة مقدمات "الانهيار الكبير" وتفكك البنية التنظيمية للإخوان

 

ولا يستبعد الخبراء أن يتسبب الصراع الراهن سواء حول الأيديولوجيا أو القيادة،  بالتزامن مع الأزمات الكبرى التي تطوق الجماعة عقب سقوط آخر أذرعها في تونس، وتضييق الخناق على نشاطها في عدة دول عربية وأوروبية، في تفتت التنظيم نهائياً وتلاشي ما تبقى من هيكله التنظيمي.

ووفق المعلومات، تسببت الأزمات المتعاقبة للتنظيم، منذ السقوط المدوّي في مصر عام 2013، في تشويه الهيكل التنظيمي من قمّته، ممثلة في مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام، فضلاً عن الروابط الإقليمية والدولية، وكذلك المكاتب التنفيذية في مصر، وباتت جميعها مسؤولة عن الفشل الذي لحق بالجماعة، سواء داخل تجربة الحكم أو خارجها، فضلاً عن النبذ المجتمعي الذي زاد إلى حدٍّ غير مسبوق بعد استخدام الإخوان للعنف من أجل العودة إلى المشهد السياسي جبراً في عدد من البلدان العربية، في مقدمتها مصر.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية