قتلى وجرحى وخسائر مادية.. طرابلس تحت القصف والدبيبة وباشاغا يتبادلان الاتهامات.. وإدانات عربية ودولية

قتلى وجرحى وخسائر مادية.. طرابلس تحت القصف والدبيبة وباشاغا يتبادلان الاتهامات.. وإدانات عربية ودولية


28/08/2022

بعد يومين داميين شهدتهما العاصمة الليبية طرابلس جرّاء اشتباكات مسلحة بين ميليشيات؛ بعضها تابعة لرئيس الحكومة منتهية الولايه عبد الحميد الدبيبة، وبعضها الآخر لرئيس حكومة الاستقرار المعينة من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا، ما زالت أصوات الرصاص والقصف تدوي في الكثير من مناطق العاصمة، ولا تسمع إلى جانب الانفجارات سوى الأصوات المناشدة لإجلاء الجرحى والمصابين من مناطق الاشتباكات.

آخر إحصائية للخسائر البشرية

وفي آخر إحصائية أعلنت عنها وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية، في بيان مقتضب وصل "حفريات" نسخة منه مساء أمس، فإنّ إجمالي القتلى والمصابين (163) حالة.

وقالت الصحة الليبية: إنّ "عدد القتلى بلغ (23) شخصاً، إضافة إلى (140) جريحاً، و(83) حالة خرجوا من المستشفى بعد تلقي الرعاية الصحية اللازمة".

 هذا، وأمر رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهي الولاية عبد الحميد الدبيبة باتخاذ الإجراءات الفورية بالقبض على جميع المشاركين في "العدوان على العاصمة طرابلس وترويع الآمنين"، ولا يُستثنى من ذلك أحد، عسكريين كانوا أم مدنيين.

 جاء ذلك في خطاب وجّهه إلى وزير الداخلية والمدعي العام العسكري والأجهزة الأمنية ذات العلاقة، مطالباً إياهم بتنفيذ أوامره إنفاذاً لأحكام القانون، وذلك حسب ما نشرت منصة "حكومتنا" الرسمية.

 وأمر الدبيبة بالقبض على أيّ أشخاص يشتبه في تورطهم بأيّ شكل من أشكال الدعم مع هذه "العصابات الخارجة عن الشرعية"، وطالب المسؤولين بموافاته بتقرير دوري بالخصوص.

عبد الحميد الدبيبة يأمر باتخاذ الإجراءات الفورية بالقبض على جميع المشاركين في العدوان على العاصمة طرابلس

 وخلال تفقده قوات عسكرية في طرابلس، قال الدبيبة أمس: إنّ العاصمة طرابلس تعرضت لما وصفه بـ"عدوان مخطط من الداخل والخارج". وأضاف الدبيبة أنّ زمن الانقلابات ولّى، ومن يريد أن يحكم البلاد بـ"البارود والنار"، نقول له: "أنت تحلم"، مؤكداً أنّ الطريق الوحيد لحلّ الأزمة في ليبيا هو "طريق الانتخابات"، بحسب ما نقلت صحيفة "بوابة الوسط".

باشاغا والدبيبة... تبادل الاتهامات

هذا، وتبادلت الأطراف الليبية الاتهامات بالمسؤولية عن الاشتباكات الخطيرة التي ضربت العاصمة طرابلس منذ فجر السبت.

 وقالت الحكومة منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة: إنّ ما حدث من اشتباكات في العاصمة هو "غدر وخيانة" للمفاوضات التي كانت تخوضها لتجنيب العاصمة الدماء بمبادرة ذاتية.

 وتابعت في بيانها: إنّ "الطرف الممثل لفتحي باشاغا تهرّب في آخر لحظة، بعد أن كانت هناك مؤشرات إيجابية نحو الحل السلمي بدلاً من العنف والفوضى، في حين أنّها أبدت مرونة عالية مدت أيديها فيها للسلم" بحسب ما نقلت صحيفة "المرصد" الليبية.

 

وزارة الصحة تعلن أنّ إجمالي القتلى والمصابين خلال الاشتباكات في مناطق طرابلس بلغ (163) حالة؛ (23) قتيلاً و(140) جريحاً

 

 وذكرت أنّ الاشتباكات نجمت عن قيام مجموعة مسلحة بالرماية العشوائية على رتل مارّ بمنطقة شارع الزاوية، ووقعت في الوقت الذي تتحشد فيه مجموعات مسلحة في بوابتي الـ27 غرب طرابلس، والجبس جنوب طرابلس.

 وشددت حكومة الدبيبة على أنّها لن تتراجع عن تحمّلها مسؤولياتها تجاه وطنها وشعبها، وحفظ أمنه واستقراره، وقطع يد كل من أثار الفوضى والفتنة داخل المدينة.

 في المقابل، نفى المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا كل ما جاء في بيان الحكومة منتهية الولاية.

 وقالت حكومة باشاغا في بيان نشرته شبكة "الرائد" الليبية: إنّه طوال الأشهر الـ (6) الماضية بعد منح الثقة للحكومة رحبوا بكل المبادرات المحلية والدولية لحل أزمة انتقال السلطة سلمياً، دون أيّ استجابة من الحكومة منتهية الولاية.

 وأردفت أنّ "كل الجهود المبذولة من جميع الأطراف المحلية والدول الصديقة والمهتمة بالشأن الليبي، اتضح لها جلياً في كل محاولاتها تعنت وتشبّث حكومة الدبيبة بالسلطة، وأصبح واضحاً لكل الليبيين أنّ هذه الحكومة مغتصبة للشرعية وترفض كل المبادرات" وفق قوله.

آخر التطورات الميدانية

وميدانياً، تقدمت القوات الموالية لباشاغا في عدة مناطق أمام تراجع ميليشيات عبد الغني الككلي الشهير بـ"اغنيوة" الموالية للدبيية، خاصة في طريق المطار، ليفصلها عن مقر الدبيبة نحو (5) كيلومترات فقط.

نفى المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا كل ما جاء في بيان الحكومة منتهية الولاية

 وكشفت المصادر التي نقلت عنها صحيفة "العين" أنّ القيادي في "قوة حماية الدستور" أكرم حمودة، الموالي للدبيبة، أعلن انسحابه بكامل قواته من طرابلس والرجوع إلى مصراتة، وعدم المشاركة في المواجهات العسكرية مع أبناء المدينة.

 وفي ظل الفوضى الأمنية في المدينة، سقطت عدة قذائف على مناطق سكنية ومدنية، خاصة بشارع شوقي وشارع جمال عبدالناصر وسط طرابلس مع احتدام الاشتباكات في محيط بريد شارع الزاوية ووسط المدينة، وتمكن عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين من الهروب من أحد مراكز الاحتجاز قرب شيل البوعيشي بمشروع الهضبة.

 وتابعت المصادر أنّ الاشتباكات امتدت إلى عدة مناطق أخرى، بينها في الطريق الساحلي زليتن، مع إصدار قيادات الميليشيات نداءات عاجلة بالتوجه فوراً إلى المدخل الشرقي لطرابلس للتصدي لقوات اللواء (217) مصراتة الموالية لباشاغا التي تحركت باتجاه العاصمة.

الخسائر المادية التي خلفتها الاشتباكات

وتعرضت عدة مبانٍ حكومية للتدمير، بينها ما أعلنت عنه مصلحة التسجيل العقاري عبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، من تعرض مبنى إداري في شارع الجمهورية للحرق، مؤكدة أنّه مبنى إداري لا يحوي أي مستندات أو سجلات عقارية.

 وخلّفت الاشتباكات المسلحة الدائرة حالياً في العاصمة الليبية طرابلس دماراً واسعاً بالبنية التحتية، نتيجة الاستخدام المكثّف للأسلحة الثقيلة والقذائف الصاروخية من طرف الميليشيات المتنازعة.

 

الدبيبة يتهم حكومة باشاغا بافتعال الاشتباكات، والثاني ينفي كل ما جاء في بيان الحكومة منتهية الولاية

 

وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حجم الاشتباكات وآثارها الكبيرة على المدينة، فقد تسببت في تدمير عشرات المباني والعمارات السكنية وإحراق وتهشيم عدد من سيارات المواطنين، فضلاً عن انهيار واحتراق جزء من أكبر مساجد العاصمة، وكذلك تضرر مصحة الأسنان ومستشفى عام ومرافق طبية وخدمية أخرى تقع ضمن دائرة المعارك، بعد اشتعال النيران فيها نتيجة لسقوط قذائف، حسبما أوردت قناة "الحدث" الليبية.

 ووفقاً لما ظهر في الصور كذلك، فقد دفعت الاشتباكات الدائرة منذ أمس عشرات السكان إلى الهروب من منازلهم نحو أماكن آمنة، وإغلاق المحلات التجارية والإدارية والمراكز الحيوية بالمدينة والتي تضرر بعضها، وتم تعليق الدراسة والامتحانات.

 إدانات دولية وعربية

 هذا، وتوالت الإدانات الدولية للاشتباكات والمطالبات للتهدئة والعودة إلى طاولة الحوار بين كافة الأطراف السياسية والعسكرية.

تعرضت عدة مبانٍ حكومية للتدمير

فمن جانبها، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى وقف فوري للأعمال العدائية بالعاصمة طرابلس، وأعربت عن "قلقها العميق إزاء الاشتباكات المسلحة المستمرة، بما في ذلك القصف العشوائي في الأحياء المأهولة بالسكان، ممّا تسبب في إصابات وإلحاق أضرار بالمرافق المدنية بما في ذلك المستشفيات".

 وأصدرت البعثة الأممية بياناً نقله موقع "الساعة 24" جاء فيه أنّها "تُذكّر جميع الأطراف بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والمنشآت المدنية، ومن الضروري امتناع كافة الأطراف عن استخدام أي شكل من أشكال خطاب الكراهية والتحريض على العنف".

ودولياً عبّرت الولايات المتحدة عن قلقها "البالغ إزاء الاشتباكات العنيفة في طرابلس"، وذلك في تغريدة نشرت عبر الصفحة الرسمية لسفارة واشنطن على "تويتر".

 

صور ومقاطع فيديو متداولة تظهر دمار عشرات المباني السكنية والمرافق الطبية والسيارات، فضلاً عن انهيار واحتراق جزء من أكبر مساجد العاصمة

 

 وأشارت السفارة إلى ورود أنباء عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير للممتلكات، مؤكدة وقوف واشنطن بجانب الشعب الليبي في الدعوة إلى الحوار السلمي.

 من جهتها، أدانت الإمارات "أعمال العنف المسلحة" في ليبيا، ودعت الأطراف كافة إلى "وقف العمليات العسكرية بشكل فوري"، والحفاظ على سلامة المدنيين والمقرات الحكومية والممتلكات، وأن يمارس الجميع أقصى درجات ضبط النفس، للخروج من الأزمة الراهنة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام).

 بدورها، دعت قطر أمس الأطراف الليبية كافة إلى "تجنب التصعيد وحقن الدماء، وتغليب صوت الحكمة ومصلحة الشعب الليبي الشقيق وتسوية الخلافات عبر الحوار".

 جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية القطرية تعليقاً على التطورات الحالية في العاصمة طرابلس، وفق وكالة الأنباء القطرية "قنا".

 من جانبها، دعت تونس أمس إلى ضبط النفس والتهدئة والوقف الفوري للعمليات المسلحة حقناً لدماء الليبيين، ودعت إلى تغليب صوت الحكمة بين الفرقاء الليبيين كافة.

 بدورها، دعت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان لها، جميع الأطراف للسعي الفوري من أجل إيقاف العنف والاحتكام إلى لغة الحوار بكل مسؤولية.

 وشددت على أهمية الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار لاستعادة الأمن والاستقرار في ليبيا، والانخراط في مسار التسوية السياسية السلمية لتحقيق المصالحة الوطنية، وتكريس سيادة الشعب الليبي عبر انتخابات حرة ونزيهة.

 ومن جانبها، دعت المملكة المتحدة إلى الوقف الفوري للعنف في طرابلس معبرة عن إدانتها أي محاولات للاستيلاء على السلطة أو الحفاظ عليها بالقوة، وفق "بي بي سي".

 وبدوره، قال المبعوث الإيطالي إلى ليبيا نيكولا أورلاندو: إنّ بلاده تدعو جميع الأطراف الليبية إلى "وضع مصلحة الشعب قبل مصالحهم الخاصة، والموافقة على وجه السرعة على المتطلبات القانونية والعملية لإجراء الانتخابات الوطنية في أقرب وقت ممكن".

تدمير عشرات المباني والعمارات السكنية وإحراق وتهشيم عدد من سيارات المواطنين

 ودعا أولارندو في تغريدة على حسابه بتويتر إلى الوقف الفوري للتصعيد، وإلى حماية المدنيين في الاشتباكات الجارية بالعاصمة طرابلس، مضيفاً: "يجب على جميع الجماعات المسلحة المشاركة في وقف الأعمال العدائية على الفور، والعودة إلى مواقعها الأولية".

الميليشيات المشاركة في الاشتباكات وولاءاتها

يُذكر أنّه يشارك في الاشتباكات كل من "جهاز دعم الاستقرار" بقيادة عبد الغني الككلي، الذي يدعم الدبيبة، واللواء (777)، والكتيبة (92) مشاة التي تدعم باشاغا، بالإضافة إلى جهاز الردع لمكافحة الجريمة، وولاؤه غير واضح، ولكنّه نشر مجموعات من قواته في طريق الشط ومنطقة سوق الثلاثاء في طرابلس، هذا بالإضافة إلى قوات اللواء (444) تتبع الدبيبة، والتي قامت بفض الاشتباكات المسلحة التي وقعت في مرات سابقة بناء على طلب الدبيبة، إلى جانب الكتيبة (55) مشاة وبعض عناصر اللواء (217) المؤيدين لحكومة باشاغا، حيث بدؤوا الهجوم على جسر (17) غرب طرابلس.

 

إدانات دولية وعربية، ودعوات للتهدئة وعودة الميليشيات إلى ثكناتها والاحتكام إلى طاولة المفاوضات

 

كتيبة فرسان جنزور وكتيبة القوة الوطنية المتحركة ومجموعات من الأمن العام ومجموعات كتائب الزاوية، وجميعها شاركت في صد الهجوم وتؤيد حكومة الدبيبة.

وهؤلاء كانوا أيضاً في مواجهة قوات مؤيدة لحكومة باشاغا تعرف باسم اللواء (217)، توجهت إلى طرابلس قادمة من مدينة مصراتة.

 وقد واجهتها قوات مؤيدة لحكومة الوحدة الوطنية تُعرف بقوات حماية الدستور، ومنعتها من التقدم غرباً إلى طرابلس.

 أمّا جنوب طرابلس، فقد شنت قوات المنطقة الغربية العسكرية تحت قيادة اللواء أسامة الجويلي هجوماً في محور جنوب طرابلس، وتحديداً ما يعُرف بطريق المطار، وهي تؤيد حكومة باشاغا، واشتبكت معها قوات جهاز دعم الاستقرار بقيادة عبد الغني الككلي وقوات حماية الدستور.

 

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية