
محمد طارق
بينما تتجه "قافلة الصمود" نحو الحدود المصرية من الأراضي الليبية، بهدف الوصول إلى قطاع غزة، يزداد الجدل حول انطلاق تلك القافلة البرية في هذا التوقيت، وذهب أغلب الخبراء والمحللين إلى أن هذه الأمور تهدف إلى إحراج الحكومة المصرية، والدليل الأكبر على ذلك، الحملة التي انطلقت على القنوات المعادية لمصر.
الموقف الرسمي المصري
وعلّقت مصر على "قافلة الصمود" المتجهة نحو معبر رفح لدعم قطاع غزة، مشددة على أهمية الالتزام بالضوابط التنظيمية والإجراءات الرسمية المعمول بها، وأكدت الخارجية المصرية في بيان أنها ترحب بالمواقف الدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية، وتستمر في العمل لإنهاء العدوان على القطاع.
كما شددت على ضرورة الحصول على موافقات مسبقة لزيارة المنطقة الحدودية، وأن السبيل لذلك هو عبر تقديم طلبات رسمية للسفارات المصرية أو من خلال السفارات الأجنبية بالقاهرة، وأكدت الوزارة أهمية الالتزام بالقوانين المنظمة للدخول إلى الأراضي المصرية، مشددة على موقفها الثابت في دعم صمود الشعب الفلسطيني، ورفض الانتهاكات الإسرائيلية.
وفي حديثه لـ"24"، أدلى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، بتصريحات مهمة حول الموقف المصري من "قافلة الصمود"، حيث أكد أن "الموضوع شائك" وأن الموقف المصري سيكون "رسمياً"، مشيراً إلى أن هناك ترتيبات سياسية وقانونية يجب اتباعها.
دعم عربي
وأوضح فهمي أن مصر لم تقصر في دعم القضية الفلسطينية والتعامل مع معبر رفح، مشيراً إلى أنه لا يوجد معبر رفح من الأساس على الجانب الآخر، وأن الوضع هناك يُعد "منطقة عمليات"، وبناء على ذلك تتلخص القضية في جانبين.
الجانب الأول، الذي تحدث عنه فهمي، يتمثل في الالتزام بالمحددات الرئيسية التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو أمر بالغ الأهمية، مؤكداً على الدور المصري الكبير في إيصال المساعدات لقطاع غزة، والدعم العربي أيضاً، خصوصاً الإمارات التي لعبت دوراً مهماً في محطات التحلية وإدخال المياه والشاحنات والمساعدات من معبر كرم أبوسالم.
حملة إخوانية!
وأضاف فهمي أنه تابع القنوات ووسائل الإعلام المعادية لمصر، حيث يوجد تركيز واتهام لمصر بأنها "تفرض حصاراً"، ولكنه أكد أن هذا الكلام غير صحيح، فمصر تعتبر من أهم الدول التي وقفت لدعم الشعب الفلسطيني، بدليل إدخال أكبر قدر من المساعدات من الأراضي المصرية.
وأكد فهمي أن موضوع فرض الحصار من قبل مصر هو تكرار لـ"نغمة سخيفة" تكررت في موضوع فتح وإغلاق معبر رفح، موضحاً أن هناك خطاباً ملوناً ومضللاً من تنظيم الإخوان الإرهابي، ولا يمكن البناء عليه، كما أكد أن موقف مصر مؤيد وداعم للحقوق الفلسطينية، وأنها لم تقصر تجاه الإخوة الفلسطينيين، معتبراً أن تنظيم الإخوان لن يقول الحقيقة، بل سيركز على سلبيات الموضوع بكل تفاصيله.
واتفق مع فهمي، الدكتور محمد عثمان، الباحث في العلاقات الدولية، والذي قال إن عشرات الدول والمنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية قدمت الكثير من المساعدات الإنسانية، ونظمت العديد من منظمات المجتمع المدني المصري والعربي قوافل ضخمة لدعم غزة، بعضها كان تحت رعاية الرئيس المصري نفسه.
وأوضح عثمان أن هذه التحركات كانت تتم بالتنسيق مع السلطات المصرية المختصة، مع مراعاة حساسية الموقف الأمني في المنطقة الحدودية بين مصر وغزة وإسرائيل، وأكد أن مصر قدمت أكثر من 70% من المساعدات الإنسانية والإغاثية التي دخلت القطاع، مما ينفي أي مجال للمزايدة على الدور المصري في دعم وإغاثة الشعب الفلسطيني في محنته.
علامات استفهام
وأشار عثمان إلى أن القافلة التي انطلقت من إحدى دول شمال أفريقيا باتجاه الحدود المصرية دون تنسيق مسبق أو اللجوء إلى الإجراءات القانونية والتنظيمية اللازمة لعبور تلك القافلة، تثير العديد من علامات الاستفهام، ولفت الانتباه إلى أن معبر رفح مغلق من الجانب الفلسطيني الذي يخضع لسيطرة قوات الاحتلال، مما يجعل الجدوى من إطلاق قافلة كهذه لتصل إلى منطقة مغلقة أمراً غير منطقي.
وتساءل عثمان "هل ستتم محاولة اقتحام الحدود المصرية الفلسطينية عنوة؟ وإذا كان هذا هو المخطط، ألن ترد قوات الاحتلال باستخدام القوة التي لم تتوانَ عن استخدامها ضد أسطول مادلين منذ أيام؟".
وأضاف أنه بغض النظر عن تلك الاحتمالات الخطيرة، فإنه من غير المقبول محاولة العبور من الأراضي المصرية دون الحصول على التصاريح اللازمة، كما أوضحت الخارجية المصرية في بيانها، التي أكدت أنها لن تنظر في قبول أي طلب لزيارة المنطقة الحدودية دون اللجوء إلى الأطر الوطنية المصرية المنظمة لمثل تلك الزيارات، والتي تبدأ عبر طلب رسمي لسفارات مصر في الخارج.
واختتم عثمان بالإشارة إلى أن ظهور أشخاص ضمن هذه القافلة يرددون شعارات وهتافات معادية ومسيئة للدولة المصرية يكشف عن ميولهم الإخوانية، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت غاية هذه القافلة إنسانية بحتة، أم لها أبعاد سياسية وأمنية لا تمت بصلة للتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة.
موقع "24"