في ضوء مبادرة باثيلي.. هل يذهب المشهد الليبي نحو مزيد من التعقيد؟

في ضوء مبادرة باثيلي.. هل يذهب المشهد الليبي نحو مزيد من التعقيد؟

في ضوء مبادرة باثيلي.. هل يذهب المشهد الليبي نحو مزيد من التعقيد؟


14/03/2023

تماهت الأزمة الليبية، مع موجة جديدة من الجدل والتباين بين القوى الفاعلة في الفضاء الليبي، سواء على المستوى الداخلي فيما بين: مجلس النواب، والاستشاري للدولة، وحكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، وأخرى على مستوى الدول الفاعلة دولياً، وذلك على خلفية إعلان المبعوث الأممي عبد الله باثيلي، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، في السابع والعشرين من شهر شباط (فبراير) الماضي، عن مبادرة تستهدف إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام الجاري، بيد أنّ ثمة آراء ترقب تلك المبادرة، على النحو الذي يستوجب أن تمارس الضغوط الوظيفية اللازمة على الأجسام السياسية والتشريعية؛ لتمرير الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والبرلماني، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية واللوجستية لتنفيذ ذلك.

تمهيد الطريق أمام الانتخابات

نحو ذلك، قال المبعوث والسفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، خلال لقائه يوم الخميس الماضي، برئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، إنّ الطريق ممهد للقادة الرئيسيين؛ لإنتاج التفاهمات السياسية والأساس القانوني؛ الذي سيسمح بتحديد موعد محدد للانتخابات هذا العام، معرباً عن ثقته في أنّ المفوضية قادرة تقنياً، ومستعدة لإجراء الانتخابات، حسب ما نشرته السفارة الأمريكية.

وخلال اللقاء الذي عقد في العاصمة طرابلس، أكد السفير الأمريكي دعم الولايات المتحدة لجهود المفوضية؛ لإنجاز انتخابات حرة وذات مصداقية؛ تعكس إرادة الناخب الليبي، مثمناً في الوقت ذاته الجهود التي اضطلعت بها المفوضية للتعامل مع المراحل الانتخابية السابقة.

كما استعرض الاجتماع سبل تدعيم المقترحات والمساعي، التي تنشد السلام والاستقرار؛ والرامية إلى تحقيق توافق الأطراف السياسية، وصولاً لإنجاز الاستحقاقات المرتقبة.

 من جانبه، أكّد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ضرورة وجود حكومة موحدة في كافة أنحاء البلاد؛ لتنظيم الانتخابات، بالإضافة إلى جاهزية المفوضية الوطنية العليا للانتخابات؛ لإجراء هذا الاستحقاق الوطني.

 المبعوث والسفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند

جاء ذلك خلال لقاء رئيس مجلس النواب، بالمبعوث الخاص للولايات المتحدة الأمريكية ريتشارد نورلاند، رفقة القائم بالأعمال بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية، ليزلي أوردمان، وفق ما أعلنه الناطق باسم البرلمان عبد الله بليحق.

وتناول اللقاء الذي عقد بمقر مجلس النواب في بنغازي، شرق ليبيا، تطورات الأوضاع في ليبيا، سيما سبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال، حيث أكد عقيلة صالح على وفاء المجلس بكافة التشريعات اللازمة؛ لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من خلال التعديل الدستوري الثالث عشر، وقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

كما أكّد استعداد المجلس لإجراء التعديل اللازم لها، إذا ما اقتضت الحاجة لذلك، مؤكداً عدم وجود أيّ عائق لإجراء الانتخابات من جانب التشريعات اللازمة لإجرائها.

في السياق ذاته، أكّد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باثيلي، أنّ جولاته الإقليمية والدولية، ونتائج اجتماعاته في نيويورك؛ تؤيد خطته في إجراء الانتخابات؛ باعتبارها الهدف الأساسي لعمل البعثة.

أكّد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باثيلي، أنّ جولاته الإقليمية والدولية، ونتائج اجتماعاته في نيويورك؛ تؤيد خطته في إجراء الانتخابات؛ باعتبارها الهدف الأساسي لعمل البعثة

واستكمالاً لتحركاته في الداخل، اجتمع باثيلي في يوم 7 آذار (مارس) الجاري، برئيس حكومة الوحدة الوطنية، المنتهية ولايتها، عبد الحميد الدبيبة، والذي أكّد على دعم الحكومة لخطة الأول في إجراء الانتخابات.

وشهد الاجتماع مناقشة الإجراءات العملية؛ لتنفيذ مقترح إجراء الانتخابات، بحيث يكون قابلاً للتنفيذ، ويعبر عن رغبة الليبيين الحقيقية في إجراء انتخابات نزيهة وعادلة.

اتجاهات الموقف الدولي

بخصوص مضمون الموقف الدولي وترتيباته، علّق المرشح الرئاسي سليمان البيوضي، في تصريحاته لـ"حفريات"، على صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، لتحديد موعد ملزم للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفق مدة زمنية محددة بأفق منظور، لافتاً إلى أنّ روسيا لن تعترض على مشروع القرار، في ظل انخراطها في التعديلات على صيغته وطبيعة صلاحياته، ومن ينتظر غير ذلك واهم.  ويتابع البيوضي قائلاً: إنّ الولايات المتحدة وحلفاءها يريدون انتخابات على أي حال، وليس من أولوياتهم نزاهتها، أو حجم المشاركة فيها، إذ إنّ الأهم في تقديرهم ما بعد الصندوق، لا ما قبله.

ويلفت سليمان البيوضي إلى أنّ هذا الحل قد يروق للبعض، بداعي أنّ هذا الخيار الذي يحظى بدعم القوى الدولية؛ سيعمل على تفكيك الأزمة الليبية ومنع الانهيار، غير أنّ الواقع يؤكد أنّ ذلك الحل هو أسوأ ما سيقدم لليبيا، وسيفتح الباب أمام عقد جديد من الدم والدموع والبارود والأشلاء. مضيفاً: "إنّه حل ملغوم؛ سيعزز من الوصاية الدولية على ليبيا، ويكرس ارتهانها للقوى الإمبريالية"، على حد قوله.

سليمان البيوضي: رئيسا مجلسي الدولة والنواب يتقاطعان في مسألة إجراء الانتخابات؛ بسبب الضغط المحلي والدولي عليهما

ويستطرد البيوضي موجهاً دعوة لمجلس النواب الليبي، بأن يتحمل مسؤولياته الوطنية، ويتخذ قراراً شجاعاً؛ بموجبه يجري التعديلات المطلوبة على القانون رقم 1و2 لسنة 2021، ويحدّد موعداً نهائياً لاستكمال العملية الانتخابية المتوقفة، وأن يضع مقاربة حاسمة في مسألة السلطة التنفيذية، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بحكومتين ووزارة داخلية واحدة، تقودها شخصية مستقلة، وخلاف هذا الحل الوطني، بحسب رأيه، فإنّ القادم هو فرض إرادة دولية بكومبارس محلي؛ سيسمى مجلساً استشارياً أعلى.

صراع سياسي ومناورات متعددة

من جانبه، قال عبدالحميد الدبيبة، في كلمة له خلال احتفال شعبي مطلع الشهر الجاري إنّه يرفض تسليم مهام حكومته لحكومة جديدة، حتى لو اتفق مجلسا النواب والدولة على ذلك، وكذا رفضه الاتفاق الذي جرى بين المجلسين على التعديلات الدستورية الجديدة قائلاً إنّ "أيّ قاعدة دستورية للانتخابات، يجب أن تطرح للاستفتاء الشعبي".

وعبّر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عن رفضه ما وصفه بـ"تفصيل قوانين الانتخابات على مقاس شخص واحد". مشدداً على "ضرورة الاتفاق على الدستور، وتصويت الليبيين عليه، وعلى القاعدة الدستورية".

بينما نقل تلفزيون المسار الليبي، عن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، قوله يوم الإثنين السادس من شهر آذار (مارس) الجاري إنّه يتعين على رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، عدم الترشح للانتخابات القادمة، واحترام التعهدات التي قطعها.

السنوسي إسماعيل: الكتلة المعرقلة في مجلس الدولة تعمل على تعطيل تشكيل لجنة صياغة قوانين الانتخابات

وأضاف المشري أنّ مجلس الدولة يخوض معركة سياسية مع مجلس النواب، لافتاً إلى أنّ "البرلمان يحاول القفز ليكون سلطة تشريعية مطلقة، في حين أنّه سلطة مقيدة بالاتفاق السياسي". وشدّد المشري على أنّه يجب تغيير المفوضية العليا للانتخابات، قبل إجراء الانتخابات.

في هذا السياق، أكد المرشح الرئاسي، سليمان البيوضي أنّ رئيسي مجلسي الدولة والنواب، خالد المشري، وعقيلة صالح يتقاطعان في مسألة إجراء الانتخابات؛ بسبب الضغط المحلي والدولي عليهما، والذي يهدف لإيجاد مؤسسات وطنية، تكتسب شرعيتها من صناديق الاقتراع.

وقال البيوضي في سياق تصريحاته لـ"حفريات"، إنّه رغم بعض التقارب بين عقيلة والمشري، إلّا أنّهما سرعان ما يعودان لنقطة الصفر؛ بسبب إقدام الأخير على إفشال أيّ خطوة يقوم بها الأول، وتتعارض مع التيار الإسلامي الذي ينتمي له. وأضاف: "استهداف المشري لرئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، ومطالبته بضرورة تغييره، يأتي بعد قيام الأخير بتنفيذ الخطوات الأولى لانتخابات 2021، رغم رفض المشري لها".

وتابع: "لا أثق في نوايا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، حول إجراء الانتخابات، حيث إنّه يريد الاستمرار في السلطة، خاصّة بعد تآكل شعبيته؛ بسبب انتشار الفساد، وارتفاع معدلات الفقر في فترة حكمه، حيث إنّه سيجد نفسه خارج السلطة، بمجرد التوصل إلى اتفاق على حكومة جديدة".

في السياق ذاته، يشير المتحدث السابق باسم مجلس الدولة الاستشاري، السنوسي إسماعيل، في تصريحاته لـ"حفريات"، إلى أنّ "الكتلة المعرقلة في مجلس الدولة، تعمل على تعطيل تشكيل لجنة صياغة قوانين الانتخابات". مضيفاً:" تلك الكتلة المعرقلة تتناغم في ذلك مع المبعوث الأممي إلى ليبيا،  لكي يمرر مقترحه في الإحاطة؛ اعتماداً على زعمه عدم توافق مجلسي النواب والدولة". وختم تصريحاته موضحاً أنّ هدف كل هذا هو تعطيل الانتخابات.

نحو سلطة تنفيذية موحدة

أكّد عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، في الخامس والعشرين من شهر  شباط (فبراير) الماضي، خلال كلمة ألقاها ضمن فعاليات افتتاح المؤتمر الرابع والثلاثين لاتحاد البرلمان العربي، أنّ "مجلس النواب يعمل على تشكيل سلطة تنفيذية موحدة، تدعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ومساندتها أمنياً ولوجستياً، وكذلك توفير حياة كريمة للمواطن الليبي، وتحقيق المصالحة الوطنية وإخراج القوات الأجنبية من البلاد ووقف التدخلات الخارجية".

من جانبه يذهب السنوسي اسماعيل إلى قراءة مشهد تنصيب حكومة تنفيذية للاستحقاق الانتخابي، عبر ثلاثة سيناريوهات:

الأول؛ يبدو من خلال سيناريو المفاضلة بين الحكومتين، واختيار واحدة منهما. بينما السيناريو الثاني يتمثل من خلال سيناريو دمج الحكومتين، بالتوفيق بين الدبيبة وفتحي باشاغا، وتشكيل حكومة مصغرة فيما بين الحكومتين. والسيناريو الأخير في تقديره، سيكون من خلال العمل على  اختيار حكومة ثالثة، عبر التوافق بين مجلسي النواب والدولة. واختتم تصريحاته بترجيحه سيناريو الدمج بين الحكومتين؛ باعتباره أقرب إلى إمكانية التطبيق العملي.

مواضيع ذات صلة:

تأثيرات تجميد عائدات النفط على الانقسام السياسي في ليبيا

مسارات التوافق في ليبيا ورهانات القوى الدولية

الوضع العسكري والميداني في ليبيا.. حكومتان بلا دولة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية