"فيك تحل عن سمانا"

"فيك تحل عن سمانا"


17/07/2022

عبدالله العليمي

تجاوز أمين حزب الله حسن نصرالله في خطبته الركيكة، الدولة اللبنانية بأركانها السياسية والعسكرية والدستورية. الهدف من الخطاب هو التغطية الهشة على الأزمات اللبنانية ومن ضمنها تدهور المرافق، ومعضلة تأليف الحكومة، والانتخابات، والإقتصاد، والتحركات المشبوهة لحزب الله.

حالات تدهور المرافق في لبنان عديدة، ومن ضمنها غابة السنديان في بلدة البيرة، واحتمال انقطاع المياه عن كل لبنان بعد شهرين، وحجب التمويل عن سد "بسري" بالضربة القاضية. لم يذكر نصرالله في مداخلته هذه المشاكل من قريب أو بعيد، بل صب جام غضبه على أميركا وإسرائيل. هذا ليس كل شيء، بل  قال إنه عازم جدياً على خوض غمار حرب فعلية "لفرض شروطنا" على إسرائيل. طبعاً هذا كله كلام فارغ من أي مضمون.

معضلة تأليف الحكومة لا تقل تعقيداً. الثلث المعطل يتجاذب الحقائب، بينما العهد القوي متمسك بحصته، والآخرون يصرون على الاحتفاظ بالحقيبة السيادية. لا يبدو الحل قريباً في ظل التنازع على الحصة الوازنة، وتمسك الطائفة القوية بقائمتها المعروفة، واتهام باسيل لميقاتي بأنه لا يريد تشكيل الحكومة. كل هذا بينما القوى السياسية تتراشق الفضائح، وبيروت تنقسم إلى مجلسين، ولا أحد يتحمل المسؤولية.

أما الانتخابات، فقد اختصرها سمير جعجع بجملة مفيدة؛ أن المفترق الأساسي الذي سيحدد مصير لبنان للسنوات الست المقبلة هو انتخابات رئاسة الجمهورية. السؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا يأتي أولاً، الاستحقاق الرئاسي أم تشكيل الحكومة؟

لا تسأل عزيزي القارئ عن الوضع الإقتصادي. حاكم مصرف لبنان نفى مزاعم اصداره ورقة نقدية من فئة المليون ليرة بعد تداولها على مواقع التواصل. ربما يسجل الدولار أو (اللولار) ارقاما قياسية قريباً، يليها ارتطام الإقتصاد اللبناني بالقاع في حال لم تشمل التسويات كل العقبات الحالية. من التطورات الأخيرة، تصدر لبنان قائمة الدول العربية بأسعار اللحوم، حيث بلغ متوسّط سعر كيلوغرام اللحمة في البلاد 37.71 دولاراً أميركياً فقط لاغير.

في خضم كل هذه التعقيدات، يتهم عضو حزب الله  نبيل قاووق السعودية بأنها "تطعن الأمة العربية والإسلامية بالظهر". طبعاً هذا الهراء مردود عليه، فبفضل قاووق وحزبه، مازال لبنان يتصدر لائحة الإنتربول. طبعاً لن يذكر قاووق أو سيده جهود الحكومة السعودية لإنجاح حج هذا العام، أو أن السلطات السعودية أنقذت حياة رئيس البعثة الطبية الايرانية، محمد رضا غلام رضا رفعتياني، إثر تعرضه لأزمة قلبية خلال أدائه شعائر الحج.

خطاب حسن نصرالله جاء كالعادة مدججاً بالخناجر والمتفجرات. هذه هي الضريبة التي يستمر لبنان بدفعها في غياب إرادة سياسية مستقلة قوية. أكد نصرالله جهوزيته وعزمه على "قلب الطاولة" إذا لم يقم الأميركيون والإٍسرائيليون بأخذ تهديداته على محمل الجد، وأنّ "رسالة المسيّرات" لم تكن سوى "بداية متواضعة".

عوضاً عن توظيف عقله العبقري لإنقاذ الدولة اللبنانية من مشاكلها، بما فيها كابيتال كونترول واقتراحات للتعافي الماليّ وإعادة هيكلة المصارف، اختار نصرالله أن يُبَشِر اللبنانيين بقرب اندلاع حرب طاحنة جديدة مع إسرائيل. الأجدر به أن يحل مشكلة اعتصام أصحاب المولدات في صيدا، أو تراكم النفايات داخل أسواق الخضرة.

مرة أخرى، يقدم حسن نصرالله رسالة فجّة بدون اقتراح أي حلول عملية للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، أو لتسهيل إخراجات القيد أو إنهاء حالة "العتمة" الحالية. لم يقدم أي خطة تعافي لملف الترسيم، أو لملاحقة مروجي العملات والمخدرات، أو إنهاء إضراب (الوكالة الوطنية)، أو لحل أوضاع المستوصفات السيئة.

آخر الكلام. رداً على كلمة نصرالله، غرّدت الوزيرة السابقة مي شدياق عبر "تويتر"، قائلةً: "فيك تحل عن سمانا وتترك الديبلوماسية تشتغل. فيك حاج تتبهور وتعتبر موتنا أشرف وتحضّرنا لحرب بتموز وآب، أي ادعاء مقاومة عطاك حق تسرق مستقبلنا؟".

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية