فرنسا تواصل ملاحقة دعاة الإخوان، وتقوض هيمنة الجماعة على المساجد

فرنسا تواصل ملاحقة دعاة الإخوان، وتقوض هيمنة الجماعة على المساجد

فرنسا تواصل ملاحقة دعاة الإخوان، وتقوض هيمنة الجماعة على المساجد


10/06/2024

تواصل وزارة الداخلية الفرنسية إجراءاتها الرامية إلى تقليص نفوذ جماعة الإخوان، وتقويض سيطرة التنظيم على المساجد الكبرى في البلاد. وفي هذا السياق تم وضع عبد الرحمن رضوان، إمام أحد المساجد في جنوب غرب فرنسا، تحت الإقامة الجبرية، وبحث إجراءات ترحيله من قبل الدولة الفرنسية. 

تأتي هذه الإجراءات في أعقاب إعلان وزارة الداخلية في أيّار (مايو) الماضي  الدخول في مواجهة ضدّ الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين.

الإخوان ولعبة السيطرة على المساجد

جرت عدة محاولات من قبل السلطات الفرنسية في الماضي من أجل إغلاق المسجد الذي يرأسه الداعية عبد الرحمن رضوان، القادم من النيجر منذ العام 2022، دون جدوى. لكنّ تزايد وتيرة خطاب الكراهية، ومحاولات الإمام بسط هيمنة المتشددين على المسجد في الآونة الأخيرة، دفعت إلى اتخاذ قرار بتحديد إقامته، على أن يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن طرده قبل 22 حزيران (يونيو) الجاري.

وتهدف الإجراءات الفرنسية الأخيرة إلى حماية الألعاب الأولمبية ضد التهديد الإسلاموي، وفق تدابير صارمة. 

ولعل في استهداف أئمة المساجد المتشددين ضربة قوية للإخوان الذين اتخذوا منها مراكز للهيمنة على الجاليات المسلمة، وتكريس النزعة الانفصالية.

جرت عدة محاولات من قبل السلطات الفرنسية في الماضي من أجل إغلاق المسجد الذي يرأسه الداعية عبد الرحمن رضوان، القادم من النيجر منذ العام 2022

وكانت السلطات الفرنسية قد انتبهت للعبة الإخوانية بالهيمنة على المساجد، فقامت في 20 نيسان (أبريل) الفائت بترحيل محمد تاتيات إلى الجزائر، وهو مواطن جزائري يعمل إماماً في تولوز بفرنسا، بعد إدانته بالتحريض على الكراهية والعنف، وتكريس خطاب الانفصالية.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الفريق القانوني للإمام للطعن في أمر الترحيل، إلا أنّ جلسة الاستماع التي تمّ عقدها في المحكمة الإدارية بباريس صدقت على قرار الترحيل.

وصل محمد تاتيات إلى فرنسا عام 1985، وعمل إماماً في تولوز منذ عام 1987، وهو أحد أبرز دعاة الإخوان في المدينة، وخضع لأول مرة للتدقيق القانوني في حزيران (يونيو) 2018 بعد تصريحات ألقيت خلال خطبة في مسجد النور، اعتبرت تحض على الكراهية. وبعد معركة قانونية امتدت عدة أعوام أُدين الإمام في 31 آب (أغسطس) 2022، وحكم عليه بالسجن مدة (4) أشهر مع وقف التنفيذ. وعلى الرغم من الاستئناف أمام محكمة التمييز، تم تأييد إدانته في 19 كانون الأول (ديسمبر) من العام نفسه، ممّا أدى إلى توقيع وزير الداخلية على أمر ترحيله في 5 نيسان (أبريل).

عنصرية ضدّ النساء

كان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين قد أعلن في 23 شباط (فبراير) الماضي  أنّ السلطات الفرنسية طردت الإمام التونسي محجوب محجوبي، المتهم بالتحريض على الكراهية والعنصرية ضدّ النساء. وقال دارمانين في منشور على موقع (X): إنّ محجوب محجوبي، إمام بلدة باجنول سور سيزي الصغيرة بجنوب فرنسا، أعيد إلى تونس، بعد أقل من (12) ساعة من اعتقاله. وأضاف أنّ ذلك دليل على أنّ قانون الهجرة الذي تم التصويت عليه مؤخراً يجعل فرنسا أقوى.

واعتبر القانون الذي يشدد شروط الهجرة جزءاً من تفاعل الحكومة مع صعود اليمين المتطرف، وقد لقي معارضة قوية من قبل الأحزاب اليسارية. وقال دارمانين: إنّ "الحزم هو القاعدة". وانتقد من وصفه بـ "الإمام المتطرف الذي أدلى بتصريحات غير مقبولة".

وجاء في الأمر الرسمي بطرد محجوبي؛ "بعد أن ثبت أنّه أعطى في خطبه في شباط (فبراير) صورة رجعية وغير متسامحة وعنيفة عن الإسلام، من شأنها أن تشجع السلوك ضد القيم الفرنسية، والتمييز ضد المرأة والتطرف الجهادي".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أكد في العام 2020 أنّه يريد إنهاء إقامة حوالي (300) إمام، أرسلتهم دول أخرى في فرنسا. ولم يتم قبول أيّ إمام من الخارج منذ كانون الثاني (يناير) من هذا العام.

الإطار المنظم لاختيار الأئمة

جدير بالذكر أنّه بعد طرد الإمام محجوب محجوبي إلى تونس، كشف وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين عن إجراءات اختيار الأئمة في فرنسا، وجاء ذلك في كلمة ألقاها الوزير خلال الدورة الثانية لمنتدى الإسلام الفرنسي (فوريف).

كان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين قد أعلن في 23 شباط (فبراير) الماضي  أنّ السلطات الفرنسية طردت الإمام التونسي محجوب محجوبي

ومنذ الأول من كانون الثاني (يناير) منعت فرنسا وصول الأئمة الجدد على سبيل الإعارة، وحتى الآن تم إرسال نحو (300) داعية أجنبي، يتقاضون أجورهم من بلدانهم الأصلية، لمدة (4) أعوام بموجب اتفاقيات ثنائية بين فرنسا والجزائر والمغرب وتركيا.

وفي تصريحاته؛ أكد دارمانين على أهمية مكافحة التحيز من خلال الاعتراف بالإسلام كدين فرنسي، مؤكداً أنّ 60% من المسلمين في فرنسا ولدوا في فرنسا.

واعترافاً بالحاجة الملحة إلى إطار منظم، حث الوزير دارمانين منتدى الإسلام الفرنسي على التعاون مع وزارة الداخلية؛ من أجل إنشاء وضع معايير لاختيار الأئمة. وقال دارمانين: إنّ عدداً من الأحداث الأخيرة أبرز مدى إلحاح مثل هذه الخطوة، مذكّراً بطرد الإمام محجوب محجوبي بسبب تصريحاته المثيرة للجدل في وقت سابق.

يُذكر أنّ تحديد الوضع الديني في فرنسا ما زال في المقام الأول داخل المجتمع الإسلامي، فقد شدد دارمانين على أهمية الحماية الاجتماعية، والكفاءة اللغوية، والصرامة الأكاديمية للأئمة، والاستفادة من موارد التعليم العلماني الحالية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية