فرنسا تواصل معركة تطهير التعليم من براثن الإخوان... ما الجديد؟

فرنسا تواصل معركة تطهير التعليم من براثن الإخوان... ما الجديد؟

فرنسا تواصل معركة تطهير التعليم من براثن الإخوان... ما الجديد؟


27/04/2025

صدم الحكم القضائي الأخير بإعادة تفعيل عقد الشراكة بين الدولة ومدرسة "ابن رشد" الإخوانية في مدينة (ليل) شريحة كبيرة من الدولة الفرنسية التي تحاول مكافحة الإخوان.

وبعد أكثر من عام ونصف عام من النزاع القضائي، قضت المحكمة الإدارية في (ليل) يوم الأربعاء الماضي بإلغاء قرار محافظة الشمال الصادر في كانون الأول (ديسمبر) 2023، بفسخ عقد الشراكة بين الدولة ومدرسة "ابن رشد" الثانوية بسبب أنّ القضية "لم تكن مدعومة بأدلة كافية".

واستند قرار فسخ العقد مع الحكومة الفرنسية إلى اتهامات تتعلق بعدم الالتزام بقيم الجمهورية، وشبهات بتمويلات غير قانونية، وهي الاتهامات التي لم تتمكن النيابة من إثباتها قضائيًا، وفق (العين) الإخبارية.

ورغم هذا الحكم أعلنت وزارة التعليم الوطني أنّها "تحتفظ بحقها في الاستئناف"، مشيرة إلى أنّ "الثقة بين السلطات العامة والمؤسسة قد تضررت".

وفي ردّ فعل سريع، شنّ وزير الداخلية برونو ريتايو، هجومًا لاذعًا على ثانوية "ابن رشد"، واصفًا إيّاها بأنّها "قلعة للاختراق الإخواني"، مطالبًا الدولة باستئناف القرار القضائي، ومؤكدًا أنّ أموال الفرنسيين "يجب ألّا تُستخدم في تمويل هذا النوع من المؤسسات".

وزير الداخلية الفرنسي: برونو ريتايو

ورغم أنّ وزير العدل جيرالد دارمانان أبدى تأييده لفكرة وجود "ثانويات مسلمة ضمن التعاقد مع الدولة"، فإنّه شدد على أنّ القضية تتجاوز الجوانب القانونية، وقال: "هذا ليس مجرد صراع قانوني، بل هو أيضًا صراع ثقافي".

من جانبها، قالت الباحثة الفرنسية سيلفي بونّو، المتخصصة في شؤون الإسلام السياسي ومؤسسات التعليم الديني في فرنسا: إنّ "المدرسة لا تصرّح علنًا بعلاقتها بالتنظيم، لكن لا يمكن إنكار وجود شبكة تأثير إيديولوجي قائمة عبر المناهج والكوادر الإدارية. وهذا لا يعني مخالفة قانونية بالضرورة، لكنّه يشير إلى منطقة رمادية على الحكومة التعامل معها بحذر وذكاء".

الأكثر من ذلك، رأت الباحثة المتخصصة في شؤون الإسلام السياسي أنّ الدولة الفرنسية تفتقر حتى الآن إلى آليات رقابية محكمة وفعالة على المدارس الخاصة ذات الطابع الديني.

ويصرّ المسؤولون في الحكومة، ومنهم رئيس الوزراء فرنسوا بايرو، على احترام قرار القضاء، مؤكدين في الوقت نفسه أنّ "العمل مستمر لضمان عدم وجود أيّ انحرافات".

وأمام الحكومة الفرنسية اليوم خيارات محدودة؛ وهي الاستئناف القانوني، ومراجعة الإطار التشريعي الناظم للعقود التعليمية الخاصة، وتوسيع صلاحيات التفتيش والمراقبة على المدارس الدينية، وهو ما يُتوقع أن يثير اعتراضات من جماعات الدفاع عن الحريات، وفق مراقبين.

بونو: "الدولة الفرنسية تفتقر حتى الآن إلى آليات رقابية محكمة وفعالة على المدارس الخاصة ذات الطابع الديني".

الحكم القضائي لا يعني براءة مطلقة، بل فشل الدولة في إثبات اتهاماتها بالإجراءات القانونية المناسبة، وهو ما يستدعي، وفق خبراء، إعادة التفكير في أدوات الرقابة على مثل هذه المدارس، وفق المراقبين.

وفي كانون الأول (ديسمبر) 2023 قرر إقليم الشمال إلغاء العقد الحكومي لثانوية "ابن رشد" الإخوانية الخاصة بمدينة (ليل)، والتي تتمتع بحضور كبير بين المجتمعات المسلمة في فرنسا، وفق وكالة (الأناضول).

وأدى هذا القرار إلى خسارة الثانوية لمعلميها الدائمين، ونصف مليون يورو من المساعدات العامة من ميزانيتها السنوية.

في إطار تشديد قبضتها على إخفاقات المدارس الإسلاموية الخاصة في الالتزام بعلمانية الدولة الفرنسية وقوانينها، وخشية التغاضي عن محاولات التطرّف، أنهت الحكومة الفرنسية عقدها مع مجموعة مدارس "الكندي" الإسلامية قرب (ليون)، على أن يبدأ تنفيذ القرار مع بداية العام الدراسي 2025-2026.

وأكد محامي وزارة الداخلية أمام قُضاة المحكمة الإدارية في مدينة (ليون) خلال شهر آذار (مارس) الماضي أنّ "الثانويات الإخوانية ستُنتج كوادر الغد، لكنّها إلى جانب التدريس التربوي تحشو رؤوس الناس بمبادئ من عصر آخر"، وهو ما يعني اقتحام الإخوان للعديد من مؤسسات الدولة عبر هؤلاء الطلبة بعد تخرّجهم في الجامعة، وفق موقع (أخبار 24).

إلا أنّ إدارة مجموعة "الكندي" التابعة للإخوان في فرنسا رفعت قضية في المحاكم ضدّ وزارة الداخلية للاحتجاج على القرار، زاعمة اتخاذ إجراءات تصحيحية ردّاً على انتقادات من محافظة إقليم الرون.

 إدارة مجموعة "الكندي" التابعة للإخوان في فرنسا رفعت قضية في المحاكم ضدّ وزارة الداخلية للاحتجاج على القرار

وهو ما يعني إنهاء الاعتماد الرسمي للمدرسة، وفُقدان الاعتراف من قبل وزارة التعليم، وحرمان المدرسة من دعم حكومي يقدر بـ (1.75) مليون يورو، ممّا سيسبب أزمات مالية وعدم قدرة المدرسة على دفع رواتب معلميها، والمصروفات الإدارية فيها.

وقد تمّ التنديد بإدارة المدرسة من قبل محافظة إقليم الرون في الخريف الماضي بعد تقرير تفتيش أكاديمي سلّط الضوء على الفشل في احترام القيم الجمهورية، كما تمّ العثور على كتب تدعو إلى الجهاد العنيف وتُروّج لفكر الإخوان، هذا بالإضافة إلى عدم تقديم بياناتها المالية إلى السلطات الضريبية، وهو ما يُعدّ مخالفة للقوانين.

وكانت وزارة الداخلية الفرنسية قد حذّرت من استمرارية خطط تنظيم الإخوان الإرهابي في اقتحام الميدان التعليمي بهدف خلق جيل جديد من "سفراء" الإسلام السياسي، الذين من المُحتمل أن يتولّوا مناصب إدارية وسياسية مُهمّة في العديد من المؤسسات والوزارات الفرنسية.

يُذكر أنّ التعليم الإسلامي الخاص ينمو منذ (20) عاماً، لكنّه بات يُكافح اليوم من أجل الحفاظ على نفسه، وبعد القرارين الأخيرين حول المدرستين "ابن رشد والكندي"، ما تزال (7) مدارس إسلامية تعمل، ولديها فصول دراسية بموجب عقود مع الدولة، بما في ذلك مدرسة ثانوية واحدة، وجميعها تحت المُراقبة الأمنية والأكاديمية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية