عبر التشريعات والقوانين.. هكذا كسب قيس سعيّد حربه مع إخوان تونس

عبر التشريعات والقوانين.. هكذا كسب قيس سعيّد حربه مع إخوان تونس

عبر التشريعات والقوانين.. هكذا كسب قيس سعيّد حربه مع إخوان تونس


20/03/2024

يواصل الرئيس التونسي قيس سعيّد معركته، التي بدأها منذ انتخابه في عام 2019، ضد تنظيم الإخوان وأذرعه في تونس، مؤكداً أنّه توصل إلى حقائق خطيرة وملموسة من قبل مجلس الأمن حول تورط التنظيم في الإرهاب والاغتيالات والفساد المالي، مستنداً في حربه على جملة من التشريعات.

وإلى جانب مجموعة من التشريعات التي تتعلق بالانتخابات والعمل الحزبي والجمعياتي وتنظيم الانتدابات داخل المؤسسات الحكومية، تحدّث سعيّد، مؤخراً، عن ‏"ضرورة الإسراع في وضع تشريعات جديدة في عديدة الميادين لأنّ عديد النصوص في حاجة أكيدة إلى مراجعات عميقة، هذا فضلاً عن أنّ منهم مدعوين إلى تطبيقها يتعللون بها في كثير من الأحيان حتى تبقى الأمور على حالها."

قطع الطريق أمام الإخوان في الرئاسيات

وفيما أعلن ساسة تونسيون من داخل سجنهم نيتهم الترشح للرئاسة، قطعت السلطات الطريق أمام جماعة الإخوان للعودة للحكم، وأكدت أنّه لا نية لتغيير شروط الترشح لانتخابات الرئاسة الواردة في دستور تونس لسنة 2022 الذي جاء للقطع مع دستور الإخوان لسنة 2014.

ورداً على إعلان حركة النهضة الإخوانية عزمها المشاركة في الانتخابات الرئاسية، قال الرئيس سعيّد خلال لقائه رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر، "إنّ دستور 25 تموز/يوليو 2022 جاء بشروط جديدة للانتخابات الرئاسية وليس هناك أي مبرر للحديث عن إدخال تعديلات على القانون الانتخابي".

رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة

ويشترط القانون الانتخابي (الحالي) خلوّ السجل القضائي من السوابق العدلية شرطاً أساسياً للترشح للانتخابات الرئاسية، باعتبار أنّ المنصب يعدّ من أرفع المناصب والمسؤوليات في الدولة، وبمجرد صدور أحكام قضائية نهائية في حق الموقوفين من حركة النهضة الإخوانية وحلفائها القابعين في السجون من أجل قضايا التآمر والتخابر، سيتم إسقاط الحقوق السياسية بما فيها حق الترشح في الانتخابات.

وكانت حركة النهضة الإخوانية أعلنت مؤخرًا عزمها المشاركة في الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أنّها ستدعم مرشحاً واحداً لكنها زعمت أنّ سعيّد سيعدل في القانون الانتخابي كي يضيق الخناق على المرشحين السياسيين.

 

قطعت السلطات الطريق أمام جماعة الإخوان للعودة للحكم، وأكدت أنّه لا نية لتغيير شروط الترشح لانتخابات الرئاسة الواردة في دستور تونس لسنة 2022

 

وأعلن عصام الشابي السياسي الحليف للإخوان، والقابع في السجن منذ شباط/فبراير 2023، على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة قد أعلن منذ أيام نيته الترشح لانتخابات الرئاسة.

كما أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض عبير موسي نيتها المشاركة في الانتخابات الرئاسية من محبسها الذي تقبع فيه منذ 3 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

هذا  وعبّر كثير من النشطاء السياسيين عن نيتهم الترشح لمنصب الرئاسة، وشملت القائمة ألفة الحامدي رئيسة حزب "الجمهورية الثالثة"، ونزار الشعري رئيس حركة "قرطاج الجديدة"، وكلاهما محل ملاحَقة قضائية بتهمة تبييض وغسل الأموال.

قانون جديد خاص بالجمعيات

وكانت السلطات التونسية قد قررت إحداث لجنة لصياغة قانون جديد خاص بالجمعيات من حيث التمويل والتنظيم في تونس، ما يثير النقاشات مجدّداً حول الشبهات التي تلاحق عدداً كبيراً من المنظمات والهيئات الناشطة تحت غطاء جمعياتي، لكنّها تمثل في الواقع رصيداً مهماً لتمويل الأحزاب السياسية خاصة منها ذات التوجه الإخواني، وذلك بعد فترة من انتقادات وجهها الرئيس قيس سعيّد لبعض هذه الجمعيات بالحصول على تمويلات مشبوهة والتخابر لصالح جهات أجنبية.

 

يشترط القانون الانتخابي (الحالي) خلوّ السجل القضائي من السوابق العدلية شرطاً أساسياً للترشح للانتخابات الرئاسية

 

وتشير أرقام رسمية في تونس إلى أنّ النسيج الجمعياتي شهد منذ 2011 طفرة واضحة في عدد الجمعيات الذي تجاوز (24) ألف جمعية تنشط في قطاعات مختلفة، منها الاجتماعي والسياسي والحقوقي والثقافي والصحي والديني وغيرها، وأغلب هذه الهياكل يتم تمويل جزء كبير من مواردها من قبل جهات أجنبية.

وكانت السلطات القضائية التونسية قد قررت الشهر الماضي حل العشرات من الأحزاب والجمعيات بشبهة التمويل الأجنبي وفي قضايا ترتبط بالشفافية المالية ومصادر التمويل.

وعلقت السلطات القضائية نشاط (182) جمعية من بين (272) جمعية تم إخطارها، في حين أصدرت قرارات بحل (69) جمعية بسبب شبهات التمويل.

 

السلطات التونسية قررت إحداث لجنة لصياغة قانون جديد خاص بالجمعيات من حيث التمويل والتنظيم في تونس

 

وتحدث سعيّد أكثر من مرة عن ملف التمويل الأجنبي للجمعيات، باعتباره ملفاً يهم الأمن القومي للتونسيين ويهدد استقلالية القرار الوطني.

ومنذ وصولهم إلى الحكم، سارع الإخوان إلى وضع مرسوم منظم للجمعيات من أجل تسهيل أعمالهم وتدفق الأموال إليهم؛ حيث عادوا من سجونهم ومنافيهم محملين بأجندة تخريبية مسمومة لأدلجة المجتمع وزرع بذور التطرف والإرهاب، وتحقيق ثروات طائلة.

وبتمويلات أجنبية دخلت عن طريق جمعيات متطرفة، تمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الإجرامية على مدى أكثر من عقد، ففخخوا مفاصل الدولة التي تسللوا إليها، وعاثوا فيها فساداً، ظناً منهم أنّهم فوق المحاسبة.

وفي أيلول (سبتمبر) الماضي أوضح رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة أنّ عدداً من النواب سيقدمون في قادم الأيام مقترح قانون، بعد أن ثبت أنّ إقرار التمويل الأجنبي للجمعيات في المرسوم السابق أدى في بعض الحالات إلى تمويل الإرهاب أو الحملات الانتخابية.

وكانت دائرة المحاسبات قد كشفت عن تجاوزات وتمويلات أجنبية لعدد من الأحزاب وانتهاكات لقانون الانتخابات المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية لعدد من الأحزاب.

أمر رئاسي لتطهير مؤسسات الدولة من بقايا الإخوان

ونهاية العام 2023، أصدر سعيّد أمراً رئاسياً ينص على ضرورة البدء بمراجعة كل الانتدابات التي تمّت خلال العشرية السابقة، ضمن جهوده لتطهير مؤسسات الدولة من "الانتدابات العشوائية"، ويهدف قانون مراجعة التعيينات في المؤسسات الحكومية إلى مراجعة التعيينات التي تمّت بناء على "الولاءات والشهادات المزيفة".

وخلال السنوات العشر التي تولت خلالها حركة النهضة الحكم، تعرضت مؤسسات الدولة التونسية لاختراق إخواني، وهو ما أحدث ضغطاً كبيراً على الوظائف العمومية والقطاع العام، وتطبيقاً لنظرية "التمكين الإخواني" فقد تم إلحاق غير أكفاء وغير مؤهلين بمؤسسات الدولة، فضلاً عن تدليس وتزوير شهادات دراسية وعلمية لأتباعهم.

 

أصدر سعيّد أمراً رئاسياً ينص على ضرورة البدء بمراجعة كل الانتدابات التي تمّت خلال العشرية السابقة ضمن جهوده لتطهير مؤسسات الدولة من "الانتدابات العشوائية"

 

وعقب أحداث 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، صدر ما يُعرف بمرسوم "العفو التشريعي العام" وبمقتضاه تم انتداب نحو (7) آلاف موظف، أغلبهم من عناصر الإخوان، بالمؤسسات الحكومية، وتعمدت حركة (النهضة) تعيين أتباعها في مفاصل الدولة حسب الولاءات وليس على أساس الكفاءة والخبرة.

وفي تصريح سابق لوزير الوظيفة العمومية والحوكمة السابق عبيد البريكي، قال: إنّ عدد المنتدبين في الوظيفة العمومية قفز من (330) ألفاً خلال عام 2010 إلى أكثر من (630) ألفاً، أي إنّ عدد الانتدابات لتلك الفترة يناهز ما تم انتدابه في تونس منذ عام 1956 تاريخ الاستقلال إلى عام 2010.

يُذكر أنّه في 25 تموز/يوليو 2021 أنهى الرئيس سعيّد عقداً من حكم الإخوان أعادوا فيه البلاد عقوداً للوراء، بعدما اختار خوض المعركة مع الجماعة في العلن مسنوداً بدعم شعبي لا محدود، من خلال تجميد عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإعفاء رئيس الحكومة، مستخدماً في ذلك فقرات أعلى قانون في البلاد، وما يسمح به الفصل 80 من الدستور.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية