"صوت المرأة عورة": مغردون ينتقدون "صحوة مشاهير الفلس" في السعودية.. ما القصة؟

على الرغم من اتجاه السلطات السعودية إلى تقليم دور الشرطة الدينية أو "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وكذلك الحركات المتشددة التي فرضت نفسها على المجتمع السعودي منذ الثمانينيات، ولا سيّما "الصحوة" التي تبنّت تفسيراً متشدداً للنصوص الدينية فرضت تضييقات على الحياة العامة للسعوديين طوال العقود الـ4 الماضية، أطلّت "صحوة" مختلفة برأسها من جديد من خلال ما يطلق عليه السعوديون "مشاهير الفلس"، في إشارة إلى بعض "المدوّنين" و"اليوتيوبرز"، فقد أثار أحد مشاهير "تيك توك" في السعودية جدلاً واسعاً بعد رفضه تدخل أمّه هاتفياً في برنامج يشارك فيه بحجة أنّ "صوت المرأة عورة".

وعلى هاشتاغ #صوت_المرأة، تداول عدد كبير من السعوديين مقطع فيديو لـ"نجم" التيك توك السعودي حاتم الشمري، الذي يحظى بمتابعة الآلاف، أثناء مشاركته في أحد البرامج التلفزيونية ليتفاجأ بصوت والدته تتحدث للبرنامج عبر مداخلة هاتفية، لكن الأغرب كان ردّ فعله المثير للجدل، فقد طلب الشمري من إدارة البرنامج قطع اتصال أمّه بحجة أنّ "صوت المرأة عورة"، قائلاً: "الإدارة بالله اقطعوا الصوت، داري إنّها طلبت تتداخل. لكن عاد أنا تخبر صوت المرأة عورة"، ثم خاطب أمّه قائلاً: "أم حاتم، الله يبيض وجهك، أنت تعلمين ما أبي تطلعي على الشاشة، صوت المرأة ما زين يطلع على الشاشة".

انتقادات واسعة

أثار تصرف الشمري ردود فعل واسعة ومتباينة بين مؤيد ومعارض على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ولا سيّما أنّه يظهر في كثير من الأحيان رفقة بنات في بث مباشر على تيك توك، فقد انتقدت إحدى مستخدمات تويتر الشمري قائلة: "أعان الله امرأة أنجبت ذكراً، ففرحت واستبشرت به خيراً، وطلع كدا زي ما انتو شايفين".

أثار أحد مشاهير تيك توك بالسعودية جدلاً واسعاً، بعد رفضه تدخل أمّه هاتفياً في برنامج بحجة أنّ "صوت المرأة عورة"

وغرّد نايف الشمري مهاجماً نجم التيك توك السعودي قائلاً: "اللّي متصله على البرنامج هي أمّه، وتبي تفتخر به وتدعمه، وولدها يطلب يقطعون الصوت لأنّ صوت المرأة عورة، من وين جاب هالكلام!!!. يرددون أنّ الإسلام كرّمها، وهم ما زالوا يمتهنون كرامتها باسم العادات والتقاليد".

وهاجم عبد الله القحطاني نجم التيك توك السعودي الذي يظهر هو نفسه مع فتيات في فيديوهاته، ولا يطبق على نفسه المبدأ الذي طبقه على أمّه، قائلاً: "المتسابق اللّي يقول #صوت_المرأة عورة، هو نفسه اللّي يطلع ببثوث التيك توك مع البنات، ولا طبق المبدأ اللّي يبرر به..!"

التحليل والتحريم

سبق أن أثار أحد مشاهير سناب شات في السعودية جدلاً واسعاً بعد اقتحامه "مجال الفتاوى"، فقد حرّم مشهور سناب شات يدعى عبد الله مشايخ إدخال الهواتف الذكية إلى المساجد، مشيراً إلى أنّه حزن بعد أن شاهد المصاحف في المساجد مليئة بالأتربة؛ لأنّ المصلي يقرأ من مصحف الجوال. وأضاف أنّه قام بمسح المصاحف بالمناديل. وشرح أنّه لا يجب إدخال الهواتف إلى المساجد، لأنّها تحتوي على "صور نساء كاسيات عاريات وأرقام بنات وحريم"، وفق قوله، ممّا أثار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي حول مرض الشهرة على سناب شات، وفقاً لصحيفة "العرب" اللندنية.

يحاول بعض "مشاهير الفلس" سدّ فراغ تركه دعاة الصحوة الذين كانوا يحظون بمشاهدات مليونية تحت ستار الدين

وبات الكثير من مشاهير سناب شات وتيك توك يعتمدون خطابات دينية بسيطة وسطحية لمضاعفة المتابعين والتفاعلات على حساباتهم على سناب شات وزيادة الإعلانات.

أكبر سوق للسوشيال ميديا

تُعتبر السعودية أكبر سوق لوسائل الإعلام الاجتماعي في المنطقة، حيث إنّ أعمار 75% من سكانها تحت سن الـ30، على حدّ قول صحيفة "العرب" التي نقلت عن دراسة أجرتها شركة "سناب إنك" المالكة لتطبيق "سناب شات" قولها: إنّ السعوديين يشاهدون مقاطع الفيديو على التطبيق بمعدلات تفوق مشاهدتهم لمحتوى التلفزيون. وقالت الدراسة إنّ (5) من أصل كلّ (6) سعوديين (85%) يشاهدون مقاطع الفيديو القصيرة يومياً.

‏ويستحوذ المحتوى السطحي وغير الهادف، وفق المصدر السابق، على اهتمام مؤثِّري سناب شات، وعلى الرغم من وجود نسبة من المحتوى الهادف، إلا أنّ ضآلة حجمه مقارنة بالترفيهي والدعائي الإعلاني، جعلته غيرَ مرئي وسطَ الكمِ الكبير من السطحية، إضافة إلى الدعاية المباشرة لأنفسهم ولعلامات تجارية محدّدة من خلال استغفال الجمهور وإيقاعه في شباك الدعاية بطرق خادعة وغير مباشرة.

 مشاهير الفلس والدعوة

على الرغم من أنّ الغالبية العظمى من محتوى التيك توك والسناب شات ركيك وسطحي، يحمل بعضها باروداً فكرياً؛ حيث يحاول بعض المشاهير سدّ فراغ تركه دعاة متشددون كانوا يحظون في السابق بمشاهدات مليونية لحجز مكان لهم تحت ستار الدين، فيما يعتمد آخرون على التهريج والسطحية.

وفي تغريدة على حسابها الرسمي على تويتر، اتهمت الكاتبة السعودية هيلة المشوح ما أطلقت عليه "الصحوة الإخوانية"، بالتسلل لأطياف المجتمع السعودي وفرض أخلاقيات دخيلة عليه ومن بينها إقصاء المرأة، قائلة: "تسللت الصحوة الإخوانية بين أطيافنا، وتسللت معها أخلاقيات دخيلة على مجتمع متناغم وبسيط... الإقصاء والتصنيف ورفض الآخر كلها سلوكيات دخيلة لم يعرفها آباؤنا ولا أجدادنا، وبالمثل ثقافة التحريض وإسقاط المختلف التي لم تتوقف إلى يومنا هذا، حتى باتت سلوكاً مشوّهاً، مقززاً ومقرفاً".

مواضيع ذات صلة:

- مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية في مصر... هل ينصف المرأة؟

- بعد دعوته لإحياء فتوى "حق الكد والسعاية".. هل ينتصر الأزهر لحقوق المرأة؟

- تقلّد المناصب: هل تنظر الأديان بعين التمييز بين الرجل والمرأة؟