بعد دعوته لإحياء فتوى "حق الكد والسعاية".. هل ينتصر الأزهر لحقوق المرأة؟

بعد دعوته لإحياء فتوى "حق الكد والسعاية".. هل ينتصر الأزهر لحقوق المرأة؟


16/02/2022

في خطوة لاقت استحساناً وإشادة من مختلف الجهات، دعا الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إلى إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من التراث الإسلامي لـ"حفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها".

 ووفقاً لبيان للأزهر على موقع "بوابة الأزهر"، أدلى الطيب بهذه التصريحات خلال استقباله الشيخ عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي؛ لبحث التعاون المشترك بين الطرفين.

 

الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر يدعو إلى إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من التراث الإسلامي لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها

 

وتطرّق الجانبان إلى الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام، حيث شدد الطيب على "ضرورة إحياء فتوى حق الكد والسعاية من تراثنا الإسلامي؛ لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها، خاصة في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة".

وأكد الطيب أنّ "التراث الإسلامي غني بمعالجات لقضايا شتى، وإذا تأملناها، فسوف نقف على مدى غزارة هذا التراث وعمقه، وحرص الشريعة الإسلامية على صون حقوق المرأة وكفالة كلّ ما من شأنه حفظ كرامتها."

 ما هي فتوى حق الكد والسعاية؟

تعود قصة فتوى "حق الكد والسعاية" إلى عهد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ثاني الخلفاء الراشدين، حين ذهبت إليه حبيبة بنت زريق عندما توفي زوجها عمرو بن الحارث، وقد استولى أهله على ما ترك من مال وعقار اكتسباه معاً، هي بعملها في النسج والتطريز وهو بعمله في التجارة، وكسبا مالاً وفيراً من ذلك، فقضى عمر بن الخطاب بقسمة المال إلى نصفين، فأخذت حبيبة النصف، ثم الربع من مال الزوج بالميراث، لأنّه لم يكن لديه أولاد، وأخذ الورثة الباقي.

...

وفي هذا الشأن، قال أسامة الحديدي المدير التنفيذي لمركز الفتوى الإلكترونية، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج مساء dmc المذاع على فضائية DMC المصرية ليلة أمس: إنّ مسألة أو مبدأ الكد والسعاية، أو إعادة العمل بفتوى الكد والسعاية، هذه الكلمة لها دلالة واضحة تدل على أنّ المرأة ساهمت بشكل كبير في تنمية الثروة أو زيادة المال، أو مثلاً قد تساهم المرأة في بناء بيت للأبناء أو زيادة في ثروة زوجها، يعني أصبح لديهم شركة أو مصنع أو أيّ أمر من الأمور التي ترتب عليه زيادة الثروة التي لهذه الأسرة.

 

أسامة الحديدي المدير التنفيذي لمركز الفتوى الإلكترونية: مسألة الكد والسعاية دلالة واضحة على أنّ المرأة ساهمت بشكل كبير في تنمية الثروة أو زيادة المال

 

وتابع: في بعض القضايا التي تعرض علينا، والتي يحدث بها خلافات أسرية، نلاقي بعض الناس يجحد هذا الحق للمرأة، من باب إنّه يقول هي زوجتي وبنساهم، هنا فضيلة الإمام الأكبر أراد أن يؤكد على الذمم المالية المستقلة، وهذا الأمر ينبغي أن يكون بمعزل عن الود والرحمة، والسكن والألفة، ولكن الحقوق والواجبات الموجودة في الحياة".

وأردف الحديدي: المعنى أنّ المرأة يكون لها جهد واضح من خلال هذا الكد وتلك السعاية في اكتساب هذه الأموال ونمو الثروة من خلال العمل أو من خلال الميراث الذي ورثته من أبيها أو أمها أو أخيها، أو مال مملوك لها، لها ذمة مالية قبل الزواج أو بعد الزواج، وأنفقت هذا المال على حياتها الأسرية الجديدة، أو منحته لزوجها ليقوم بمشروع، أو وضعته في حسابه في البنك أو غيره، والذي يحدث هنا يقدّر هذا المال أو هذا الجهد كذمة مالية مستقلة للزوجة منفصلة عن حقها في الميراث أو التركة، يعني لا يكون هذ المال المترتب على الكد والسعاية داخلاً ضمن التركة.

اقرأ أيضاً: الأزهر يرد على رئيسة المجلس القومي للمرأة بخصوص ضرب الزوجات

واستطرد: كدّها وسعيها مقدّر، إذا استطاعت أن تثبت ذلك بشكل أو بآخر، أو أن يكون الرجل عنده إنصاف للجميل الذي ساهمت به زوجته.

خطوة مرحب بها وهجمة سلفية مرتدة

وقد توجهت مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة بالشكر لشيخ الأزهر لحفظ حقوق المرأة العاملة التي شاركت في تنمية ثروة زوجها، من خلال دعوته الأخيرة الداعية لإحياء فتوى "حق الكد والسعاية".

وكتبت مرسي على صفحتها الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "خالص الشكر والتقدير إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على تأكيده ضرورة إحياء فتوى حق الكد والسعاية من تراثنا الإسلامي؛ لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها، خاصة في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة."

أثارت دعوة الإمام الأكبر أحمد الطيب ردود فعل واسعة بين نساء ورجال العالم العربي، ففي حين أيد الدعوة كثيرون من الرجال والنساء على حدٍّ سواء، معترفين بأنّ جزءاً كبيراً من النساء العاملات يهدر حقهن في حياة الزوج وبعد وفاته، ذهب آخرون من المحسوبين على التيار السلفي إلى إنكار الفتوى نفسها، وعدم وجودها في التراث الإسلامي.

اقرأ أيضاً: هذا ما قاله شيخ الأزهر عن "هوس التحول الجنسي"

ودعا أحد رواد موقع التواصل الاجتماعي تويتر إلى إنصاف هذه الفئة من النساء العاملات، وغرّد قائلاً: "بمناسبة مرور (18) عاماً على مدوّنة الأسرة... هناك مطالبات لحركات نسائية بإنصاف هذه الفئة من النساء، وإلحاقهن بحق الكد والسعاية، أو اقتسام الأموال المشتركة بين الزوجين، نرجو أن تتمّ الاستجابة لهذه المطالب".

...

وتعبيراً عن فرحتها بالفتوى، غرّدت المحامية المصرية نبيلة السيد على حسابها عبر تويتر قائلة: "يعني إحنا عندنا في الإسلام مبدأ الكد والسعاية اللي الست بتاخد فيه نصف ثروة زوجها أو جزء منها نتيجة مشاركتها وعملها معه في تنمية ثروته! الكلام اللي بيطبق في الغرب أساسه عندنا"، وفتحت السيد النيران على من تعمّد طمس مثل هذه الفتوى على مدار قرون مضت، قائلة: "بجهل متعمّد تمّ طمس أيّ حقوق للمرأة."

 

مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة تتوجه بالشكر لشيخ الأزهر لحفظ حقوق المرأة العاملة التي شاركت في تنمية ثروة زوجها، من خلال دعوته الأخيرة الداعية لإحياء فتوى "حق الكد والسعاية"

 

وكعادة التيار السلفي التشكيك في كلّ ما ينصف المرأة من نصوص في التراث الإسلامي، أنكر خالد الحويني مدرس الشريعة الإسلامية، صحة الفتوى، وكتب على حسابه الرسمي عبر موقع تويتر: "لا يوجد في الإسلام ما يُسمّى بحقّ الكد والسعاية، وقصة حكم عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لزوجة بنصف تركة زوجها المتوفى واقعة عين كانت الزوجة شريكة لزوجها في تجارته، فهو من باب الديون يستحقه صاحبه رجلاً كان أو امرأة، قبل تقسيم تركة الميت."

ولم يقف ردّ فعل الحويني عند هذا الحدّ من إنكار صحة الفتوى، بل تهكم على ردّ فعل شريحة عريضة من النساء اللائي فرحن بإنصاف الدين الإسلامي لهنّ، وتأكدن أنّ سعيهنّ وكدهنّ لن يذهب سدى، حيث قال: "فرح الجمعيات النسوية بهذا، والمطالبة بسنّ قانون به".

كانت دعوة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر لإعادة تفعيل فتوى "حق الكد والسعاية" موضع نقاش على صفحة "مصر مدنية" عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، حيث اعتبر بعض المعلقين أنّ الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أوّل المجددين بفتاوى توافق الواقع والمصلحة، بينما تناول البعض الآخر الدعوة لإحياء تلك الفتوى بالهجوم على التراث واتهامه بأنّه يصبّ في صالح الرجل فقط.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية